العودة   منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري > مرحباً بكم في منتديات الشعر السلفي > الـمنـتــــــدى الإســـــــلامـــــي الــعــــــــــــام

كاتب الموضوع أكرم بن نجيب التونسي مشاركات 0 المشاهدات 1388  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
  #1  
قديم 01-30-2010, 12:11 AM
أكرم بن نجيب التونسي أكرم بن نجيب التونسي غير متواجد حالياً
مراقب - وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 684
أكرم بن نجيب التونسي is on a distinguished road
افتراضي موقف السلف الصالح من النمام للشيخ الفاضل عبد الحميد الجهني حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم



موقف السلف الصالح من النمام



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد :

فإن من أسوأ ما يُبتلى به الإنسان من رذائل الأخلاق وقبيح الصفات : النميمة , وهي الوشاية بين الناس , ونقل القيل والقال بقصد الإفساد بينهم , ولما كانت النميمةُ نجاسةً في الأخلاق , فقد قُرنتْ بالنجاسة في البدن , وذلك في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : ( إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ) الحديث , وهو متفق على صحته .


وأخرجه الحافظ ابن حبان في صحيحه ( 3/106 الرسالة ) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا نَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَمَرَرْنَا عَلَى قَبْرَيْنِ ، فَقَامَ فَقُمْنَا مَعَهُ ، فَجَعَلَ لَوْنَهُ يَتَغَيَّرُ حَتَّى رَعَدَ كُمُّ قَمِيصِهِ ، فَقُلْنَا : مَا لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( أَمَا تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ ؟ ) فَقُلْنَا : وَمَا ذَاكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( هَذَانِ رَجُلانِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ ) قُلْنَا : فِيمَ ذَاكَ ؟ قَالَ : ( كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ ، وَكَانَ الآخَرُ يُؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ وَيَمْشِي بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ ) الحديث , قال محقق الكتاب : إسناده صحيح .


قال العلامة السفاريني : وَقَدْ أَبْدَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ نُكْتَةَ ذَلِكَ وَهِيَ مِمَّا يُكْتَبُ بِالذَّهَبِ عَلَى صَفَحَاتِ الْقُلُوبِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الإِنْسَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَقْضِي فِيهِ الْحَقُّ جَلَّ جَلالُهُ الصَّلاةُ وَالدِّمَاءُ .


وَالطَّهَارَةُ أَقْوَى شُرُوطِ الصَّلاةِ وَمُقَدِّمَتُهَا ، فَإِذَا لَمْ يَتَنَزَّهْ مِنْ الْبَوْلِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ مِنْهُ فَقَدْ فَرَّطَ فِي شَرْطِ الصَّلاةِ .


وَسَبَبُ وُقُوعِ النَّاسِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ وَإِرَاقَتِهَا بِغَيْرِ حَقِّ : الْعَدَاوَةُ ، وَمُقَدِّمَتُهَا النَّمِيمَةُ ، فَإِنَّهَا سَبَبُ الْعَدَاوَةِ ، وَعَذَابُ الْقَبْرِ مُقَدِّمَةُ عَذَابِ النَّارِ ، فَنَاسَبَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمُقَدِّمَاتِ أَوَّلا .


فَانْظُرْ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةَ وَتَأَمَّلْهَا تَجِدْهَا فِي غَايَةِ الْمُطَابَقَةِ جَزَاءً وِفَاقًا . ا.هـ ( غذاء الألباب 1/112 )


قلت : وجزاء النمام يوم القيامة هو ما جاء في الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا يَنُمُّ الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ ) متفق عليه ولفظه لمسلم .


وهذه العقوبة الشديدة في الآخرة مع ما يناله النمام من عذاب في قبره والعياذ بالله , من أجل ما في النميمة من آثار سيئة وعواقب مدمرة على الأفراد والمجتمعات , ففي ( الزهد ) لهناد بن السَّري عن عطاء بن السائب قال : قدمت من مكة , فلقيني الشعبي فقال لي يا أبا زيد أطرفنا ما سمعت قال قلت : لا إلا أني سمعت عبدالرحمن بن عبدالله بن سابط يقول : لا يسكن مكة سافك دم , ولاآكل ربا , ولا مشاء بنميم . قال : فعجبت منه حين عدل النميمة بسفك الدم وأكل الربا . قال فقال الشعبي : وما تعجب من ذلك وهل تُسفك الدماء وتُستحل المحارم إلا بالنميمة .


قال يحيى بن أبى كثير : يفسد النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر.


ذَكَرَه المقدسي في ( مختصر منهاج القاصدين ) وذَكَرَ له قصةً شاهدةً عليه فقال : وقد حكى أن رجلا ساوم بعبد، فقال مولاه : إني أبرأ منك من النميمة والكذب، ( يعني أن هذا العبد كذاب ونمام ) فقال : نعم، أنت برئ منهما، فاشتراه . فجعل يقول لمولاه إن امرأتك تبغي وتفعل، وإنها تريد أن تقتلك، ويقول للمرأة : إن زوجك يريد أن يتزوج عليك ويتسرى، فان أردت أن أعطفه عليك، فلا يتزوج ولا يتسرى، فخذ الموسى واحلقي شعرة من حلقه إذا نام ، وقال للزوج : إنها تريد أن تقتلك إذا نمت . قال فذهب ( أي الزوج ) فتناوم لها، فجاءت بموسى لتحلق شعرة من حلقه، فأخذ بيدها فقتلها، فجاء أهلها فاستعدوا عليه فقتلوه .ا.هـ


هذه هي خاتمة النميمة !





قال ابن حزم في ( طوق الحمامة ) : وما في جميع الناس شرٌ من الوشاة ، وهم النمامون ، وإن النميمة لطبعٌ يدل على نتن الأصل ، ورداءة الفرع ، وفساد الطبع ، وخبث النشأة ، ولابد لصاحبه من الكذب ؛ والنميمة فرع من فروع الكذب ونوع من أنواعه ، وكل نمام كذاب ، وما أحببت كذاباً قط ، وإني لأسامح في إخاء كلِّ ذي عيب وإن كان عظيماً ، وأَكِلُ أمره إلى خالقه عز وجل ، وآخذ ما ظهر من أخلاقه حاشا من أعلمه يكذب ، فهو عندي ماحٍ لكل محاسنه ، وذلك لأن كل ذنب فهو يتوب عنه صاحبه وكل ذام فقد يمكن الاستتار به والتوبة منه ، حاشا الكذب فلا سبيل إلى الرجعة عنه ولا إلى كتمانه حيث كان . وما رأيت قط ولا أخبرني من رأى كذاباً ترك الكذب ولم يعد إليه ، ولا بدأتُ قط بقطيعة ذي معرفة إلا أن أطلع له على الكذب ، فحينئذ أكون أنا القاصد إلى مجانبته والمتعرض لمتاركته ، وهي سمة ما رأيتها قط في أحد إلا وهو مزنون إليه بِشَرٍّ في نفسه ، مغموز عليه لعاهة سوء في ذاته ، نعود بالله من الخذلان . ا.هـ





فينبغي لمن نُقلت إليه نميمة أن يتعامل معها التعامل الشرعي الصحيح , كما بيَّنه صاحب ( مختصر منهاج القاصدين ) رحمه الله فقال : وكل من نقلت إليه النميمة، مثل أن يقال له : قال فيك فلان كذا وكذا , أو فعل في حقك كذا، ونحو ذلك ؛ فعليه ستة أشياء :


الأول : أن لا يصدق الناقل، لأن النمام فاسق مردود الشهادة .


الثانى : أن ينهاه عن ذلك وينصحه .


الثالث أن يبغضه في الله، فإنه بغيض عند الله .


الرابع : أن لا يظن بأخيه الغائب السوء .


الخامس : أن لا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث، لقوله تعالى : { ولاتجسسوا } [ الحجرات 12 ]


السادس : أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه، فلا يحكى نميمته .


ويروى أن سليمان بن عبد الملك قال لرجل : بلغني أنك وقعت فىَّ، وقلت كذا وكذا . فقال الرجل : ما فعلتُ، فقال سليمان : إن الذي أخبرني صادق . فقال الرجل : لا يكون النمامُ صادقاً . فقال سليمان : صدقتَ، اذهب بسلام .





أما موقف السلف الصالح من صاحب النميمة والوشاية بين الناس والتفريق بين الأحبة فيتجلَّى في هذا الموقف من التابعي الجليل وهب بن منبِّه رحمه الله ,


قال أبو نعيم في ( الحلية 4/71 ) : حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا نوح بن حبيب ثنا عنبر مولى الفضل بن أبي عياش قال : كنت جالسا مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال إني مررت بفلان وهو يشتمك . فغضب , فقال : ما وجد الشيطان رسولا غيرك ! فما برحتُ من عنده حتى جاءه ذلك الرجلُ الشاتمُ فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه وأجلسه الى جنبه .


قلت : هكذا فلتكن الأخلاق !





وكتبه / عبدالحميد بن خليوي الجهني


ليلة الثلاثاء 14/ شوال / 1429 هـ


محافظة ينبع _ المملكة العربية السعودية _ أعَزَّها الله بالتوحيد والسنة .

 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

.: عدد زوار المنتدى:.




جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 01:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي

Security byi.s.s.w

 

منتديات الشعر السلفي