|
كاتب الموضوع | عبد الغني بن أحمد الأثري | مشاركات | 0 | المشاهدات | 905 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
محاضرة مفرَّغة بِعنوان: ملامح الفرقة الناجية
محاضرة مفرَّغة بِعنوان: ملامح الفرقة الناجية لفضيلة الشـيخ الدكـتور: موجِّه الدعاة بفرعِ وزارةِ الشُّؤون الإسلاميِّة بالمدينةِ النبويِّة والمُدرِّس بالمسجدِ النبويِّ فرغها: أبو أنس محمد لعناصري الجزائري غفر الله له ولوالديه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[1]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[2]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[3]. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أّصْدّقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وّكُلَّ مُحْدّثّةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ. أَمَّا بَعْدُ: أيُّهَا الإخْوَةُ في الله! إنها لفرصة طيبة، نسأل الله -تبارك وتعالىٰ- أن يجعل رائدنا وإياكم فيها؛ هو ابتغاء وجهه الكريم، وأنْ يرزقنا وإياكم التوفيق والسداد في القول والعمل، وأنْ يجعلنا مِمِّنْ يستمع القول فيتبع أحسنه. أيُّها الإخْوَةُ في الله! هذا العنوان الذي استمعتم إليه من الْمُقدِّم -وفقه الله- أجِدُ نفسي لست في مقام من يوفيه حقه؛ لأنه لأهل العلم الكبار، ومشايخنا الأفاضل الذين هم فُرسَان مثل هذا الميدان؛ ولكننا بناءً على رغبة الإخوة أحببنا أن نزورهم ونتذاكر معهم بما يفتح الله -تبارك وتعالى- به علينا؛ ثم نترك الميدان لأهله، ونعطي القوس باريها. فأقول وبالله التوفيق: أن هذا الموضوع الهام؛ -أعني: معالم الفرقة الناجية- من الموضوعات التي لابدَّ من تجليتها، خصوصًا في هذا الزمان الذي كثر فيه الغبش، وكثُرت فيه التيارات، وكثر فيه الأدعياء، وكثر فيه الخوض والقيل والقال، وإنَّ تجلية هذه المعالم أو بعضها؛ لأننا مهما قلنا لن نوفيها حقها -كما قلت-. ولعلِّي أتعرض لأبرز المعالم الهامة، التي هي معالم الفرقة الناجية، أو معالم المنهج السلفي، أو معالم منهج أهل السنة والجماعة؛ لأن كل هذه المسميات تؤدي معنىً واحدًا؛ فالفرقة الناجية؛ هي الطائفة المنصورة؛ هم السلفيون؛ هم أتباع السلف؛ هم أهل السنة والجماعة؛ هم أهل التقوى؛ هم أهل الحق؛ هم الطائفة المنصورة، الذين ينهلون من الكتاب والسنة وفق منهج السلف الصالح بلا إفراط ولا تفريط، هم الجماعة: كل هذه التسميات دلت عليها نصوص القرآن والسنة وهم الذين يتبعون منهج الأنبياء والمرسلين؛ لأنه المنهج الذي اختاره الله لرسله وهو العالم بما يصلح عباده، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[4]؛ ولأن الله -تبارك وتعالى- أمر رسوله عليه الصلاة والسلام أن يسلكه، {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[5]؛ ولأنه المنهج الذي يعصم الله -تبارك وتعالىٰ- به من الزلل والشطح ذات اليمين وذات الشمال؛ ولأنه المنهج الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ ولأنه سبب النصر والتمكين على الأعداء؛ ولأنه سبب وحدة الكلمة، واجتماع الأمة، وجمع الشمل، ولم الصف؛ ولأنه دين الله الحق الذي لا يقبل دينًا سواه ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[6]؛ لهذا كله فقد أردت أن أشارك بجهدِ الْمُقِلِّ، في هذا المخيم الموفق -إن شاء الله تعالىٰ-، ونسأل الله -تبارك وتعالىٰ- أن يجعل اجتماعنا فيه خالصًا لوجهه الكريم. وإن من أبرز تلك المعالم: -لعلِّي أُلَخِّصَ بعض الأمور؛ ثم نتكلم عن كل فقرة بما يفتح الله علينا به بإيجاز-. أولها: الاعتصام بالكتاب والسنة. وثانيها: لُزومُ السُّنة النبويِّة. وثالثها: لُزومُ الجماعة. ورابعها: تقديم النقْلِ على العقلِ. وخامسها: السير على منهج السلف الصالح في القرونِ المفضلةِ. وسادسها: أخذ الدِّين كاملاً. وسابعها: البدء بما بدأ الله به؛ وهو توحيد الله. وثامنها: وسطية هذا المنهج بين أهلِ الإفراط وأهل والتفريط. وتاسعها: الحبُّ في اللهِ والبغض في اللهِ. وعاشرها: تقديمُ الحقّ، أنَّ الحقَّ أحقُّ بالاتباع؛ ولو خالف الهوى والأعراف والعادات. الحادي عشر: أنَّ الحقَّ واحد لا يتعدد. الثاني عشر: أنَّ الحقَّ لا يُعرف بكثرة الأتباع. الثالث عشر: أنَّ الحقَّ لا يُعرف بالرجال؛ وإنما هم الذين يعرفون بالحقِّ. الرابع عشر: توقير العلماء الربَّانين الذين يقولون بالحق وبه يعدلون. وهذه الأمور أو هذه النقاط ليست علىٰ سبيل الحصر؛ وإنما هي من أبرز المعَالِم التي سأتحدث عنها، علمًا بأن كل مَعْلَمٍ يحتاج إلىٰ وقفاتٍ طويلة وإلىٰ محاضرةٍ خاصة؛ ولكن نتكلم بما ييسره الله -تبارك وتعالىٰ- في هذه الأمور. فأولها وأساسها وقطب رُحاها؛ هو: الاعتصام بحبلِ الله المتين وصراطه المستقيم؛ ألا وهو: كتابُ ربنا -سبحانه وتعالىٰ- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فأي عملٍ لا ينطلقُ ولا يُبنى على هٰذيْنِ الأساسين؛ فإنه عملٌ خاسِر، ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾[7]، وقال -تبارك وتعالى-: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[8] ويقول -تبارك وتعالى-: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾[9]، ويقول -تبارك وتعالى-: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾[10]، ويقول -جلَّ وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾[11]، ويقول -تبارك وتعالى-: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾[12]،والآيات في هذا الباب كثيرة. ومن السُنَّة ما رواه مسلمٌ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا؛ فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ))[13]ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إني تاركٌ فيكم أمريْنِ لَنْ تَضِلُّوا بعدِي مَا تَمَسَّكْتُم بهما: كِتَابُ اللهِ وَسُنَّتِي))[14]. لذا فإن الاعتصام بحبل الله؛ وهو الإسلام، كما قال ابن عباس وغيره من السلف؛ أنَّ المقصود بحبل الله: الإسلام، وقال آخرون: القرآن، ولا فرق بين الأمرين؛ فإن أساس الإسلام هو القرآن والسنة، فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، الذي من تمسك به نجا، ومن حاد عنه هلك، ولا صلاح لنا ولا فلاح؛ إلا بالتمسك بكتاب الله -تبارك وتعالىٰ- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وثانيًا: تطبيق السُّنة ولزومها في كافة نواحي الحياة؛ بأن يجعل المسلم هديَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق كل شيء، يقدمه على كل شيء؛ فيلزم السنة ويطبقها تطبيقًا عمليًا في نفسه في كافة تصرفاته إلىٰ أن يلقى الله -عزَّ وجل- في تعامله مع ربه، وفي تعامله مع نفسه، وفي تعامله مع الآخرين، يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي هو قدوتنا أولاً وآخرًا؛ قال الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾[15], وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[16]، ويقول -تبارك وتعالىٰ-: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[17]. ومن الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم، في خطبة الحاجة التي كثيرًا ما كان يفتتح بها كلامه عليه الصلاة والسلام وخطبه ودروسه: ((إِنَّ أصْدّقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وّكُلَّ مُحْدّثّةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ))[18]وقوله عليه الصلاة والسلام: ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ [من بعدي] عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))[19]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ))[20] والأحاديث كثيرة في هذا الباب. ومن أقوال السلف في هذا الباب: قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "سيكون أقوامٌ يأتونكم فيتكلمون بشبه القرآن، فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السُّنة هم أعلم الناس بالقرآن" أو كما قال -رضي الله عنه-، ويقول يوسف بن أسباط -رحمه الله تعالى-: "إذا سمعت بصاحب سنة في المشرق، فابعث إليه بالسلام، فقد قلَّ أصحاب السنة"[21]، ويقول عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: "سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سُننًا الأخذ بها؛ تصديقٌ لكتاب الله واستكمال الطاعة لله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتدي، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاَّهُ الله ما تَوَلىٰ وأصْلاَهُ جهنَّمَ وسَاءتْ مَصِيرًا". فالله الله في اتباع السنة في كافة الأمور، وفي جميع الأحوال إلىٰ أن نلقى الله -تبارك وتعالىٰ-، وقال بعض السلف: "اقتصادٌ في سنَّة خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة"[22] والسُّنة؛ هي: ما كان عليه النبي صلىٰ الله عليه وسلم وأصحابه بمعناه العام؛ ولذلك لما سُئِلَ الإمام مالك -رحمه الله تعالىٰ- عن أهل السنة قال: "هم الذين ليس لهم اسم سوى السُنَّة وليس لهم لقب لا جهميٌّ ولا معتزليٌّ ولا قدريّ"، وفي هذا المعنى يقول ابن القيم -رحمه الله-: "إذا سألوني عن شيخي؛ قلت لهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا سألوني عن فرقتي؛ قلتُ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾[23]، وإذا سألوني عن رباطي قلتُ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا﴾[24]، وهكذا استطرد -رحمه الله-؛ ليُبيِّنَ ويُؤكد على قاعدة هامة؛ وهي أن السنة هي التي يجب اتباعها والسير عليها ولو وجدت نفسك وحدك عليها، وإتباعها ليس بالدعاوى ولا بالشعارات، والدعاوى إن لم تقيموا عليها بيِّنات أبناؤها أدعياءُ؛ وإنما بالسير عليها قولاً وعملاً واعتقادًا وآدابًا وأخلاقًا وأحكامًا ومنهج حياة. ومما يتعلق بذلك؛ ثالثًا: لزوم جماعة المسلمين، الذين يسيرون على هدي رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم، والذين هم الفرقة الناجية، والذين يقول فيهم النبي صلىٰ الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة منصورة لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله))[25] وهي الجماعة؛ وهي الفرقة الناجية المنصورة؛ لذا فإن من يفرِّقُ بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؛ فإن هذا التفريق من البدع المحدثة التي أحدثها بعض الناس. فالجماعة، وأهل السنة، والفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، وأهل الحق، وجماعة المسلمين، وأتباع السلف، والسلفيون، وإن كان كثير من الناس قد بدأ يتبرم للفظة السلفية والسلفيين، وأخذ يتنقصها ويلوكها بطريقة يُخشى عليه من أن يكون ذلك استهزاءً بدين الله -سبحانه وتعالىٰ-؛ لأن هذه المسمَّيات فيما هو معلوم لدى الجميع تعني مسمىً واحدًا؛ وهم الجماعة الذين ساروا على ما كان علية النبي صلىٰ الله عليه وسلم وأصحابه؛ ولذلك لما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية من هذه الأمة؛ قال: ((هي الجماعة))[26] كما ثبت من حديث معاوية -رضي الله عنه-: ((وهي الجماعة))، وفي رواية أخرى: ((من كان مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي))، والرواية الأولىٰ أصح كما يعرفه أهل العلم: ((وهي الجماعة)). فقد سماها جماعة وليست جماعات، الجماعة واحدة، ويجب أن تسير على منهج واحد، ولا يجوز تعدد الجماعات، ولا سيِّمَا إن وصل هذا التعدد إلى التناحر والتشاحن واختلاف المناهج والمشارب، فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فيُخشى أن ينطبق عليهم قول الله عز وجل-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[27]. ومعلومٌ أن اتباع السُنَّة مقرونٌ بالجماعة، والفرقة مقرونة بالبدعة؛ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالىٰ- في الاستقامة: "السُنَّة مقرونة بالجماعة والبدعة مقرونة بالفرقة"؛ لذا فإن لزوم الجماعة ولزوم طريق الفرقة الناجية؛ هو المنهج الذي يجب أن يجتمع عليه المسلمون، وأن يعضوا عليه بالنواجذ، ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ [من بعدي] عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))[28]؛ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة، بعد أن ذكر ما يحصل من تقلبٍ بين أطوار الخير وأطوار الشر؛ قال في نهاية المطاف: ((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ))[29]. فلابدَّ من لزوم الجماعة؛ وهي موجودة بحمد الله في كل بلاد الله؛ حتى بين الأقليات الإسلامية في البلاد غير المسلمة، يوجد من يسير على هذا المنهج، ومن يطبق هذا النهج القويم. وهٰذا الأمر يتطلب الاعتماد على النقل وعلى النص، وتقديمه على العقل القاصر فمن أعظم أسباب ضلال من ضلَّ الاعتماد على العقل المجرد، وتقديمه على النص الأمر الذي فرَّقَ الأمة وشتَّتَ كيانها؛ نظرًا لاختلاف العقول واختلاف المشارب؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فيا ليت شعري بأي عقلٍ يوزن الكتاب والسنة"؛ أيُّ عقل هذا الذي يقدم على الكتاب والسنة؟! فتقديمُ النصِّ لابدَّ منه، إذا جاء نهرُ الله بَطَل نهرُ مَعْقِل. إذا ثبت النص واتضح فليس لأحدٍ مخالفته لقول أحد كائنًا من كان؛ يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالىٰ-: "أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس لأحدٍ مخالفتها لقول أحد كائنًا من كان". ويقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"[30] ويقول أيضًا –أعني عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "إنا نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع" وهذا تطبيق منه -رضي الله عنه- لقول الله -عز وجل-: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾[31] وقوله عز وجل-: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[32] وقوله -تبارك وتعالى-: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[33]. جاء رجلٌ إلىٰ الإمام مالك -رحمه الله تعالىٰ- فقال له: يا أبا عبد الله! من أين أُحْرِم؟ قال: "أَحرِم من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال: ولكني أريد أن أحرم من المسجد من جوار القبر، قال: "لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة" قال: وأية فتنة إنما هي أميال أزيدها؟! –يعني يتقرب بها-؛ فقال: "إنها الفتنة؛ لأن الله -تبارك وتعالىٰ- يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[34] وهذا يتطلب منا الانتقال إلىٰ الأمر الخامس؛ ألا وهو: اتباع أصحاب القرون المفضلة، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بهم قام القرآن وبهم قاموا، وبهم نطق القرآن وبه نطوا، السائرون على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثنىٰ الله -تبارك وتعالىٰ- عليهم وعلىٰ أتباعهم في كتابه؛ فقال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ﴾[35]، أولٰئك الذين صدقوا الله ما عاهدوا عليه، أولٰئك الذين أخذوا الوحي طريًّا من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "من كان متأسيًا فليتأسى بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأقومها منهجًا، وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا، وأحسنها حالاً، أولٰئك الذين اختارهم الله لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعرفوا لهم قدرهم، فقد حَفِظَ الله بهم دينه فهم على الصراط المستقيم". ويقول حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- في هذا الباب: "كل عبادة لم يتعبَّدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعَبَّدُوهَا فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً فاتقوا الله يا معشر القراء! اتبعوا طريق من كان قبلكم" وقال أيضًا-أعني حذيفة -رضي الله عنه-: "يا معشر القراء! اتقوا الله! وخذوا طريق من كان قبلكم فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا ولئن تركتموه يمينًا أو شمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا" [36]، أو كما قال -رضي الله عنه-، فاتباع أصحاب القرون المفضلة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) من حديث عمران بن حصين، هو المتعين، أما من يترك أقوالهم ويتنكر لهم ويدعي الاستقلال عنهم ويدعي بعد ذلك أنه سيأتي بما لم تأتي به الأوائل فهذا يُخشى عليه الزيغ، ويُخشى عليه الانحراف؛ لأن كل خيرٍ في إتباع من سلف وكل شر في إتباع من خلف. هذا ينقلنا إلى الأمر السادس؛ وهو أن من معالم الفرقة الناجية: أخذ الدين كاملاً بكل ما يحتويه: عقيدة، وعبادة، وآداب، وأخلاق، وأحكام، وحدود، وعدم التجزئة كما يفعله كثير من الناس، الذين يختطون لأنفسهم مناهج تُبنىٰ على بعض المسائل، أو تُبنىٰ على بعض التصورات تاركين كثيرًا من مسائل الدين وراءه ظِهريًّا، فالدين كامل ولابدَّ من أخذه كاملاً، لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بيِّنَه كل البيان، فبيَّنه وبلَّغه للصحابة، ولم يكتم شيئًا منه وأشهد على ذلك يوم الحج الأكبر، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[37] فليس لنا أن نزيد أو ننقص فيه؛ يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "من ابتدع بدعة في الدين يرىٰ أنها حسنة فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة؛ لأن الله -تبارك وتعالىٰ- يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾" وكانوا يطبقون الدين في كافة نواحي الحياة، ولا يختارون ما يروق لأمزجتهم أو يتمشى مع أهوائهم وآرائهم وميولهم؛ وإنما يطبقون شرع الله في كافة نواحي الحياة على أساس متين من كتاب الله -تبارك وتعالىٰ- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيبدؤون بما بدأ الله به، ويبدؤون بتوحيد الله -عزَّ وجلَّ-، يدعون إليه، ويبيِّنُونه للناس، ويؤسِّسُون جميع أمورهم عليه، كما أسسه رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم،كما قال الله -تبارك وتعالىٰ- مُبيِّنًا أن هذا هو أساس الدين-: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾[38]، ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾[39]، ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[40]. وقد مكث رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم ثلاثة عشر عامًا يدعو إلى التوحيد الخالص، وتصفيته مما شابه وخالطه من الشرك وألوان البدع، وإذا بعث أحدًا من الدعاة فإنهم يأمرهم بأن يبدؤوا بهذا الأمر الذي بدأ الله به؛ فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذًا إلىٰ اليمن قال: ((إنَّكَ تَأتِيِ قَوْمًا مِنْ أَهْلَ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللهَ))[41]، وفي رواية: ((إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ))[42]، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أصحابه على هذا المنهج، يبدؤون بتوحيد الله ويركزون عليه وينطلقون منه ويجعلونه أساسًا لدعوتهم ومُنطلقًا لدعوتهم، ولم يقل في أحدٌ يومًا من الأيام من السلف أن الدعوة إلىٰ التوحيد تفرق الأمة، أو أننا نبدأ ببعض الأمور؛ كالتركيز على الجوانب السياسية والاقتصادية مثلاً؛ ثم بعد ذلك نستطيع أن نُعِيد الناس إلىٰ توحيد الله الخالص أو نبدأ بأمور الحاكمية وما يتعلق بها؛ ثم نقصر الناس على التوحيد قصرًا، ولو كان الأمر كذلك لقبل النبي صلى الله عليه وسلم عرض قريش عندما عرضت عليه الملك مقابل أن يتركهم وشأنهم وأن لا يُسفِّهَ أحلامهم ولا أصنامهم، فلو كانت الغاية عنده تبرر الوسيلة؛ لقبل هذا العرض؛ ثم بعد أن يحكم يقصر الناس على التوحيد قصرًا؛ ولكنه يُبيِّن المنهج الحق الذي يكفل للأمة سعادتها، متى تمسكت به واعتصمت به إلى أن تلقى الله -تبارك وتعالىٰ- فلابدَّ من البدء بما بدأ الله به، ولابدَّ من الانطلاق من ترسيخِ التوحيدِ في نفوس الناس، ولابدَّ من إزالة ما شَابَهُ؛ حيث عاد كثيرٌ من الناس إلى عبادة الأصنام والأوثان، خصوصًا حول القبور، وما أدراك ما يدور حول القبور! هذا الأمر الذي يهوِّنُ من شأنه كثيرٌ من الناس، ويرى أنه أمرٌ ثانويٌّ، وأن التركيز عليه أمرٌ ثانويٌّ، وأنه لا يجوز الاشتغال به؛ بل نشتغل بهموم الأمَّةِ الأُخرى، مع أن تلك الهموم وتلك المصائب وتلك الفرقة وذلك التشرذم ما حصل للأمة إلا عندما أهملت هذا الجانب؛ ألا وهو توحيد الله الخالص الذي يجب أن تنطلق منه كل دعوة يريد أن يدعو صاحبها إلى الله تبارك وتعالىٰ-: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[43]؛ لذٰلك كانت هذه الأمة وسطًا بين سائر هذه الأمم،كما كان أهل السنة وسطًا بين أهل الإفراط والتفريط، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[44]، قال أهل العلم: وسطًا؛ أي: عدلاً خيارًا. ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾[45]. ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[46]. فالأمةُ وسطٌ بين الأمم، وأهل السنة وسطٌ بين سائر أهل الإفراط والتفريط؛ ففي باب الأسماء والصفات مثلاً وسط بين المعطلة والمشبهة، وفي باب الوعد والوعيد وسطٌ بين المرجئة والخوارج، وفي باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسطٌ بين المرجئة والخوارج أيضًا، وفي باب القدر وسطٌ بين القدرية النُفَاة وبين الجبرية، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطٌ بين الرافضة والنواصب، وفي المال والاقتصاد وسطٌ بين الشيوعية والرأسمالية مثلاً، وهكذا هم وسطٌ في كل شيء، يسيرون على المنهج الحق الذي لا وكس فيه لا شطط، من هذا المنطلق فإنهم يتوسطون أهل الإسلام أو من ينتسبون إلىٰ الإسلام، كما أن الأمة وسطٌ بين سائر الأمم، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير، وخير الأمور أوساطها؛ لذا فإنهم يَبْنُون تعاملهم مع الآخرين على هذا الأساس المتين. وننتقل إلى الأمر التاسع: -والذي هو من أبرز معالم أهل السنة والجماعة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة-؛ ألا وهو: الحب في الله والبغض في الله، هذه سمات المؤمنين يحبون في الله، ويبغضون في الله، ويوالون في الله، ويعادون في الله، يحبون من أحب الله ورسوله، ويبغضون من أبغض الله ورسوله، يحبون كل عملٍ يقرب إلى الله، مؤسسٍ على منهج الله الحق، ويكرهون ما يخالف ذلك، ويوالون ويعادون على قدر ما يحصل عند خصومهم من الولاء والبراء في هذا الباب، يطبقون قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَوْثَقَ عُرَىٰ الإيمَانِ: الْحُبُّ فِي اللهِ وِالْبُغْضُ فِي اللهِ وَالْمُوَالاَةُ فِي اللهِ والْمُعَادَاةُ فِي اللهِ))[47]. والولاء والبراء من المسائل التي حصل فيها خلط أيضًا بين الناس؛ فالخوارج وأذنابهم من التكفيريين لهم ولاء وبراء على نهج معين، من هنا استحلوا دماء الأبرياء، ومنهم الصحابة والتابعين الذين يخالفون منهجهم، والمنحرفون المنحلون لهم ولاء وبراء وفق مصالحهم الشخصية، والمؤمنون المخلصون يوالون ويعادون في الله، ولا يخلطون بين الموالاة والمعاداة في الله، والحب والبغض في الله، وبين التعامل مع الناس أيًّا كانوا في أمور الدنيا وما يتعلق بها، التي يمكن التعامل فيها مع سائر الناس مؤمنهم وكافرهم على أن لا يكون ذلك على حساب تضييع أيِّ أمرٍ من أمور الشرع. المعلم العاشر: كما أن هذه الطائفة -أعني الطائفة المنصورة والفرقة الناجية- رائدها هو الحق؛ أنىٰ وجدوه اتبعوه، وقدَّموه على هوى النفس، وعلى العادات والأعراف؛ لأن الحق ضالة المؤمن أنىٰ وجده اتبعه، دائمًا ينشد الحق ويرجع إليه؛ ولذلك متى اتضح له وكان عنده لبس فيه؛ سُرعَان ما يرجع ويرعوي ويعود إلى الله -سبحانه وتعالىٰ-. -[ولعلنا نستكمل بعد الآذان إن شاء الله تعالى]- قلنا في المعلم العاشر؛ ألا وهو: أن الحق ضالة المؤمن أنىٰ وجده اتبعه، لا يتعصب لأي مذهبٍ أو نِحلةٍ أو مبدأ أو حزبٍ أو أيّ أمر كان إلا ما عليه أهل السنة والجماعة؛ إلا لكتاب الله -تبارك وتعالىٰ- وسنة رسوله صلىٰ الله عليه وسلم، فبذٰلك يسعد في الدنيا والآخرة، ويسود في الدنيا والآخرة، ويهديه الله -تبارك وتعالىٰ- للتي هي أقوم إذا علم صدق نيته ((إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))[48]، وهو مأجور سواء أخطأ أم أصاب في الأمور الاجتهادية الفقهية؛ لأن الأصول لا اختلاف عليها بين أهل الحق وبين أهل السنة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة . المعلم الحادي عشر: من هنا لا يتعصبون لأحد كائنًا من كان؛ لأن الحق لا يُعرف بالرجال؛ وإنما الرجال هم الذين يُعرفون بالحق، والحق لا يُوزن بالأشخاص؛ وإنما الأشخاص هم الذين يوزنون بالحق؛ وإنما ابتُلي كثيرٌ من الناس قديمًا وحديثًا من أصحاب النحل والطوائف بسبب تقديسهم للأشخاص فوق قدرهم وبسبب غلوهم فيهم؛ بل لو أننا رجعنا إلى القرون الأولىٰ قبل مبعث الرسل عليهم الصلاة والسلام، لوجدنا أن سبب ضلال من ضلَّ عن سبيل الله؛ إنما هو الغلو في الأشخاص؛ كما تعلمون من قصة قوم نوح مع ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرًا؛ حيث روى الإمام البخاري، عن ابن عباس -رضي الله عنهما؛ قوله –وهو حبر الأمة وترجمان القرآن ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالفقه بالدين-؛ قال: "كانت هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن اتخذوا لهم أنصابا في مجالسهم التي كانوا يجلسونها -أي تماثيل- ولم تعبد في بداية الأمر حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت" بعد أن طال عليهم الأمد وذهب العلم والعلماء؛ جاءهم الشيطان وأوحى إليهم أن آباءكم كانوا يتخذونها شفعاء ووسطاء، وأنها تقربكم إلى الله زُلفى، وهكذا سنة الله في خلقه في كل زمان أكثر ما ضلَّ الناس بسبب الغلو في الأشخاص والإفراط في إطرائهم، مع أننا منهيون عن الإطراء حتى في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال الله -تبارك وتعالىٰ-: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ﴾[49]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ))[50]، ومما يندى له الجبين في هذا الزمان أن كثيرًا من الناس لو سمع أحدًا ينال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ينال من السلف الصالح، أو حتى ينال من هدي الكتاب والسنة؛ فإنه لا يحرك ساكنًا ولا يتحرك لذلك؛ ولكن لو أنك قلتَ إنَّ فلانًا عنده من الخطأ كيت وكيت فإنه بسبب تعصبه الأعمى؛ فإنه يتنكر لك ويُزمجر ويغضب لذلك، وربما نالك من شره ما نالك، كلُّ هذا بسبب التعصب، فلو قلتَ في صحابي مهما قلت فإنه لا يحرك ساكنًا، ولو قلتَ إن شيخ الطريقة قد أخطأ في هذا الأمر، أو أن شيخ الطائفة قد أخطأ في هذا الأمر؛ الويل لك ثم الويل لك، قلَّ أن تسلم من شره، وهذا كله بسبب التعصب الأعمى للأشخاص، وعدم وزن ذلك بميزان الشرع. والرسول صلىٰ الله عليه وسلم قد أمرنا بالتجرد لله -تبارك وتعالىٰ- وعدم التعصب لأي شخص كائنًا من كان، يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "كلٌ يُؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر"، ويشير بذلك إلى رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم، كلٌّ يُؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما منَّا إلا من هو رادٌّ ومردودٌ عليه؛ إلا رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؛ لذلك ترون الصحابة وبعدهم السلف الصالح يهتمون بتقديم قول الله -تبارك وتعالىٰ- وقول رسوله صلىٰ الله عليه وسلم على أقوال الأشخاص كائنًا من كانوا؛ هذا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عندما كان يجادله أحد في مسالة متعة الحج وتفضيلها على سائر النسك، واحتج هذا المجادل بقول أبي بكر و عمر -رضي الله عنهما-؛ فقال: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!" وهو لا يتنقص أبا بكر ولا يتنقص عمر؛ بل هدا لا ينقص من قدرهما شيئًا، ولا من قدر جميع الصحابة شيئًا، إذا قدم قول الله وقول رسوله على قول أحد منهم؛ بل هذا هو الذي يدعوننا إليه، ويدعون الأمة إليه -رضوان الله عليهم أجمعين-؛ لذا فإننا لا ننظر إلى دَهْمَاءِ الناس، وكثرة الأتباع فإن من سنن الله الكونية في خلقه إن أهل الشر والانحراف ومنهم أهل البدع هم الأكثر؛ قال الله -تبارك وتعالىٰ-: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾[51]. وقال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾[52]. ويقول -عز وجل-: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[53]، ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾[54]. إذا جئت تنصح زيدًا من الناس عن بدعة يرتكبها مخالفة لهدي رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم؛ يقول لك بملء فيه: كيف تقول هذا, وكل المسلمين يعملون هذا؟! ونسي هذا المسكين أن الكثرة ليست دليلاً علىٰ موافقة الحق وما يرددونه من حديث: عليكم بالسواد الأعظم؛ فإنه حديثٌ لا يصح؛ وإنما ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ [من بعدي] عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))[55] هذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ننظر إلى دهماء الناس، ولا إلىٰ كثرة ما يفعله الناس، وقد تقدم لنا قول الإمام مالك: "أهل السنة هم الذين ليس لهم اسم هو السنة؛ ولو كنت وحدك" والسنة قد عزَّت في كثير من الأماكن، وتقلصت؛ يقول أبو بكر بن عياش -رحمه الله تعالىٰ-: "السُنَّة في الإسلام أعزُّ من الإسلام في سائرِ الأديان" وهذا في عهده، في عهد ذلك التابعيِّ الجليل، فما بالكم بعصرنا هذا! وإن كنَّا والحمد لله لسنا يائسين، فالأمة مازالت بخير، وما زال يوجد كثيرٌ وكثير ممن يقوم لله بحجة ولازال يوجد العلماء الربَّانِيون الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، والذين يتبعون منهج الأنبياء والمرسلين، والذين يذبون عن هذا الدين ويحملونه للأمة صافيًا مصفَّىٰ، ينفون عنه تحريفَ الغالِين وانتحال الْمُبْطِلِين وتأويل الجَاهلين، فيجب أن نَقْدِرَ لهم قدرهم، وأن نعرف لهم فضلهم، وأن نتتلمذ عليهم، وأن نأخذ العلم عن أهله، بلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير؛ لأن العلماء هم ورثة الأنبياء، وتنقصهم تنقص للدين، ومن يغمزهم أو يلمزهم أو يتكلم فيهم أو يحط من قدرهم؛ فإنما يحطُّ من قدْرِ الدين؛ لذا فإن توقيرهم لابدَّ منه، دون غلوٍ ودون إطراءٍ ودون مبالغةٍ؛ لأنهم أهل العلم وأهل ميراث النبوة، والعلم إنما هو بالتعلم؛ كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما العلم بالتعلم))[56]. ولا شك أن كثيرًا من الناس إنما أُتِيَ من قبل تطفله على العلم، وعدم أخذه العلم عن مصادره وعن أهله وعن العلماء الربانيين، الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، نرى كثيرًا من الشباب في هذا الزمان –وللأسف-، إذا قلت لهم هذا الكلام؛ قالوا: هم رجال ونحن رجال. نعم؛ ولكن الرجال غير الرجال، أنا لا أدعو إلىٰ التعصب لأي شخص بعد رسول صلى الله عليه وسلم كائنًا من كان؛ ولكن يجب أن يُعرَفَ للعلماء فضلهم، ويجب أن يُرجع إليهم ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾[57]. وأما الذي يأتي ممن لا علم عنده ولا فقه في الدين، ويصفهم بما ليس فيهم، ويريد أن يأخذ العلم من الكتب، فمن كان علمه من كتابه؛ فخطؤه أكثر من صوابه، وقد أمر الله -تبارك وتعالىٰ- بطلب العلم؛ بل الهجرة من أجل طلبه قال تعالىٰ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[58]. في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوجهون إليه، ثم إلىٰ الصحابة، ثم إلىٰ التابعين، ثم إلىٰ حملة هذا الميراث، إلىٰ أن يرثَ اللهُ الأرض ومن عليها، لا ندعو إلىٰ أن يتعلق بهم تعلُّقَ المريد مع شيخ الطريقة؛ وإنما ندعو إلىٰ ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم))[59] فإننا في زمن كثرت فيه الفتن، وكثرت فيه الانحرافات عن الصراط المستقيم وعن هدي الله القويم؛ بسبب أدعياء العلم مثلما حصل أن بعض الشباب، اتخذوا العلم مهنة وصناعة، من أجل الكسب، ومن أجل الحصول على المناصب والكراسي والجاه وما إلىٰ ذلك، ونسوا أن الله -تبارك وتعالىٰ- سائلهم يوم القيامة عندما يتطفلون على العلم ويأخذونه عن غير أهله، ويقولون على الله بغير علم، وما وقعوا فيه من مخالفات شرعية، وشطحات كثيرة منذ زمن بعيد، وأنا لا أعني أحد بعينه؛ وإنما أعني ظاهرةً موجودة في هذا الزمان، والله لقد لقيت شبابًا في داخل المسجد الحرام يومًا من الأيام، وهم ينالون من علماء الأمة القدامىٰ والمتأخرين، ويسبونهم ويشتمونهم ويريدون أن يؤلِّبوا في مثالبهم، ويريدون أن يحطوا من قدرهم، وأن يحذروا من كتبهم، فلما سُئِلَ هؤلاء: من أين أخذتم العلم؟ قالوا: نأخذه من الكتب، ولما قيل لهم: لما لا تتلمذون على العلماء، الذين هم ورثة الأنبياء؟ قال أحدهم بملء فيه: لا أريد أن أضيِّعَ وقتي! فعلينا إخواني أن نتنبه لهذه الأمور، وأن نعرف ملامح المنهج السلفي القويم، وأن نسير على صراط الله المستقيم، الذي قال فيه عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[60]، وقد فسَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية، كما ثبت عن عبد الله مسعود -رضي الله عنه-: ((أن رسول الله خطَّ خطًا مستقيمًا ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطًا؛ فقال: هذا سبيل الله وتلك هي السبل، وعلى كل سبيل شيطانٌ يدعو إليه))[61]. فالله الله أيها الإخوة! في سلوك سبيل المؤمنين، الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ذٰلكم هو الصراط المستقيم الذي صار عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين والتابعين لهم بإحسان؛ فإنه لا فلاح لنا ولا صلاح إلا بسلوك هذا المنهج، والسير عليه، والعضُّ عليه بالنواجذ؛ كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-: "لن يصلُحَ آخر هذه الأمة إلا بما صَلُحَ به أولها". أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا الاستقامة على دينه، والسير على منهج نبيه صلى الله عليه وسلم، واتباع السلف الصالح وأن يحيينا مسلمين وأن يميتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين. أقول قولي هذا وأسال الله -تبارك وتعالىٰ- أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلىٰ الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. [1] [آل عمران: 102]. [2] [النساء: 1]. [3] [الأحزاب: 70-71]. [4] [الملك 14]. [5] [الأنعام 90]. [6] [آل عمران: 85]. [7] [التوبة: 109]. [8] [آل عمران: 103]. [9] [النساء: 59]. [10] [الشورى: 10]. [11] [الأنفال: 24]. [12] [الأعراف: 170]. [13] رواه مسلم: 3236. [14] رواه مالك، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2937. [15] [الأحزاب: 21]. [16] [الحشر: 7]. [17] [النساء: 65]. [18] رواه النسائي: 1578، وصححه الألباني. [19] رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني. [20] رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني في المشكاة: ( 163 و4247 ) [21] [اللالكائي: (1/64رقم 50،49] [22] [السنة لابن نصر: 30 واللاكائي: 1/88رقم 114، والغبانة: 1/320]. [23] [الأعراف: 26]. [24] [النور: 36]. [25] أخرجه مسلم ( 6 / 52 - 53 ). [26] رواه أبو داود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 204. [27] [الأنعام: 159]. [28]رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني. [29] رواه البخاري: 6557، ومسلم: 3434. [30] [ البدع والنهي عنا لابن وضاح : 17، والسنة لابن نصر : 28]. [31] [آل عمران: 31]. [32] [الأحزاب: 21]. [33] [النور: 63]. [34][النور: 63]. [35] [التوبة100]. [36] [اللاكائي(1/90 رقم 119، والبدع والنهي عنها لابن وضاح: 17 ، والسنة لابن نصر: 30]. [37] [المائدة3]. [38] [الشورى: 13]. [39] [محمد: 19]. [40] [البقرة: 256]. [41] متفقٌ عليه. [42] رواه البخاري: 6824. [43] [يوسف: 108]. [44] [البقرة: 143]. [45] [آل عمران: 110]. [46] [آل عمران: 104]. [47] أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 11537 )، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1728. [48]رواه البخاري (6/2551 ، رقم 6553) ، ومسلم (3/1515 ، رقم 1907). [49] [النساء: 171]. [50] رواه البخاري: 3189. [51] [يوسف: 103 ]. [52] [يوسف: 106]. [53] [سبأ: 13]. [54] [الأنعام: 116] [56] رواه الدارقطنيّ، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 342. [57] [النساء: 83]. [58] [التوبة: 122]. [59] رواه الدارقطنيّ، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 342 [60] [الأنعام: 153]. [61] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِنْ مَسْعُودٍ، قَالَ: ((خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، وَقَالَ : هَذِهِ سُبُلٌ ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، وَقَرَأَ : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ الآيَةَ)) رواه أحمد، وصححه الألباني في شرح الطحاوية (1/ 587). موقع المكتبة الصوتية للشيخ: صَالح بِنْ سَعد السُّحيْميّ –حفظه الله- www.alsoheemy.net
الموضوع الأصلي :
محاضرة مفرَّغة بِعنوان: ملامح الفرقة الناجية
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
عبد الغني بن أحمد الأثري
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.