|
كاتب الموضوع | عبدالله الخليفي | مشاركات | 1 | المشاهدات | 1038 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أصول الفقه الحركي !
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد : فإن لكل فقيه أصولاً ينطلق منها في فتاويه واختياراته ، يبصرها المعتني بها ، وتكون محلاً للإلزام عند الخلاف ، ولما كان الحركيون يكثرون الكلام في النوازل ومخالفة العلماء ، كان لا بد لهم من أصولٍ ينطلقون منها ، وقد حاولت تلخيص هذه الأصول وأسميتها ( أصول الفقه الحركي ) الأصل الأول : تغييب فقه سد الذرائع الحركيون الذين عرفوا بما يسمى ب ( فقه التيسير ) ، لا يعتبرون هذا الأصل في الفقه الإسلامي شيئاً ومما ينبغي معرفته أن ( سد الذرائع ) أمرٌ متفق عليه عند أئمة الإسلام ولا خصوصية لمذهبٍ فيه دون مذهب كما يدعيه بعضهم ، وإنما خالف في ذلك أصحاب الحيل الذين اتفق السلف على ذمهم قال ابن القيم في إعلام الموقعين بعد أن سرد أدلة سد الذرائع في الشريعة الإسلامية من أكثر من مائة وجه (3/ 159) : وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف فإنه أمر ونهى والأمر نوعان أحدهما مقصود لنفسه والثاني وسيلة إلى المقصود والنهي نوعان أحدهما ما يكون المنهى عنه مفسدة في نفسه والثاني ما يكون وسيلة إلى المفسدة فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين.اهـ أقول : ولا خصوصية للإمام مالك بالقول بسد الذرائع وإنما خصوصيته في أنه - رحمه الله - كان يبالغ فيها حتى أنه ليمنع مما دعت إليه الحاجة أو المصلحة الراجحة سداً للذريعة قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 215) : وأما مالك فإنه يبالغ في سد الذرائع حتى ينهى عنها مع الحاجة إليها .اهـ وأهل الرأي أنفسهم صرحوا في كتبهم بإباحة خروج المرأة العجوز دون الشابة للصلوات ، واختلفوا في ماهية الصلوات التي يجوز الخروج فيها عندهم قال أبو بكر الزبيدي في الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري : قَوْلُهُ : (وَلَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ الْعَجُوزُ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَتَخْرُجُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا فِتْنَةَ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِيهِنَّ وَلَهُ أَنَّ شِدَّةَ الْغُلْمَةِ حَامِلَةٌ عَلَى الِارْتِكَابِ وَلِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْفُسَّاقَ انْتِشَارُهُمْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، أَمَّا فِي الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ فَهُمْ نَائِمُونَ وَفِي الْمَغْرِبِ بِالطَّعَامِ مَشْغُولُونَ وَفِي الْعِيدِ الْجَبَّانَةُ مُتَّسِعَةٌ فَيُمْكِنُهَا الِاعْتِزَالُ عَنْ الرِّجَالِ فَلَا يُكْرَهُ وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ الْفِسْقِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَلَا يُبَاحُ لَهُنَّ الْخُرُوجُ إلَى الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَجَعَلَهَا كَالظُّهْرِ . وَفِي الْمَبْسُوطِ جَعَلَهَا كَالْعِيدَيْنِ حَتَّى إنَّهُ يُبَاحُ لَهُنَّ الْخُرُوجُ إلَيْهَا بِالْإِجْمَاعِ إلَيْهَا بِالْجَمَاعَةِ.اهـ أقول : وهذا هو عين فقه سد الذريعة بغض النظر عن تطبيقهم له ، فإنه مصادم للنص والكلام في أدلة هذا الأصل يطول ، فليراجع من أراده إعلام الموقعين ، وإنما أردت هنا بيان أمرٍ مهم في هذا الباب يهمله الحركيون المنتهجون لما يسمى بـ( فقه التيسير ) وهو أن فقه سد الذريعة يصير أقوى في أزمنة الفتن ، التي يقوى فيها احتمال وقوع ما سد الشارع ذريعة التوصل إليه قال الحكيم الترمذي في كتاب المنهيات : فلما ابتعث الله رسوله الله صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام، أمرهم بالصبر والنزول على حكمه، وأكرم الأمة ببعثه، وبشرهم، وبين لهم الثواب في الأجل - وزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النياحة، وعن كل ما أشبه النياحة، وكل سبب من أسبابها؛ حتى نهى عن البكاء؛ فقال في شأن ميت مات بحضرته: (إذا وجب فلا تبكين باكية). أراد بذلك حسم هذا الباب على المسلمين لحداثة عهدهم بأمر الجاهلية، حتى بلغ من حسمه أن نهاهم عن زيارة القبور. فكذلك كل أمر حرمه الله، وكان لذلك الأمر أسباب، حرم تلك الأسباب الداعية إلى ذلك الأمر، منها تحريم الخمر؛ فلما حرمت الخمر زجر عن كل شراب في دباء، أو حنتم، أو مزفت، أو مقير، أو نقير؛ مخافة أن يشتد الشراب وهم لا يعلمون. وإن كان في زق فاشتد انشق الزق. فلما هدأت النفس،ومرنت عن الانتهاء عما نهوا عنه، أطلق لهم فقال:كنت نهيتكم عن النبيذ فاشربوا، ولا تشربوا مسكراً، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن فيها معتبراً. ثم قال: (ولا تقولوا هجراً) فبين عليه السلام علة النهى أنهم كانوا إذا زاروا القبور قالوا هجرا، فصاروا إلى النياحة، فلما تمسكوا وعقلوا الإسلام أطلق لهم الزيارة. وحسم عليهم أبواب النياحة حتى إذا اهتدوا وفقهوا أطلق لهم من ذلك ما لم يكن به بأس.اهـ أقول : والحكيم الترمذي على تصوفه إلى أن كلامه هنا غاية في القوة ، وقد سمعت الشيخ الألباني يقول كلاماً نحوه في شرح الأدب المفرد وجاء في مجموع فتاوى نور على الدرب (14/ 463) لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز ما يلي : 297 - بيان صحة حديث تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي الله عنها دعاء زيارة القبور س: يستفسر السائل عن درجة الحديث الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سألته عائشة رضي الله عنها أن يعلمها الدعاء الذي تقول حينما تزور القبور، فعلمها. هل هذا حديث صحيح، وهل يدل هذا على جواز زيارة القبور للنساء ؟ ج: الحديث صحيح، ولكن كان في وقت الإذن، كان نهى الجميع، ثم أذن للجميع، ثم جاءت السنة الأخيرة بمنع النساء، وأمر الرجال بالزيارة، كان أول ما أسلم الناس نهاهم عن زيارة القبور؛ لأنهم حديثو عهد بكفر، فصار هذا حماية لهم من الشرك، وإبعادا لهم منه، ثم أذن.اهــ أقول : فخلاصة كلام المشايخ أن النهي عن زيارة القبور في أول الأمر ، كان لحداثة الصحابة بأمر الجاهلية ، فنهوا عن زيارة القبور سداً للذريعة ، ثم وقع الإذن بعد ذلك ، وكذلك الانتباذ في الأسقية كان لقرب عهدهم من الخمر فيستفاد من هذا قاعدة عامة ، وهي أن فقه سد الذرائع يقوى في أزمنة الفتن ، وهذا لا يعقله الحركيون ففي الوقت التي ينتشر فيه التبرج بين كثيرٍ من نساء المسلمين وتنتشر العزوبة بين الكثير من شباب المسلمين بسبب غلاء المهور ، ويكثر التهييج الغرائزي في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة يأتي من يفتي بجواز الاختلاط أو الدراسة في الجامعات الاختلاطية ، بل ويرسل بعضهم النصائح التي يدعو بها للسماح للمرأة بقيادة السيارة وفي الوقت الذي تنتشر فيه البدع ، ويقل فيه العلم يأتي من يدعو لمجالسة أهل البدع ومخالطتهم ( وهذه لأهل التمييع لا الحركيين ) وفي الوقت الذي ينتشر فيه الجهل بين المسلمين بالعقيدة السليمة ، يأتي من يشغل الناس بمناظرات الرافضة ، وينشرها أمام العوام ممكناً الرافضة من أسماع العوام قال الخلال في السنة 801: أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخُو أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ : كُنْتُ رَفِيقَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , قَالَ : فَجَعَلْنَا نَسْمَعُ , فَلَمَّا جَاءَتْ تِلْكَ الأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا بَعْضُ مَا فِيهَا قَامَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَاعْتَزَلَ نَاحِيَةً , وَقَالَ : مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ , فَلَمَّا انْقَطَعَتْ تِلْكَ الأَحَادِيثُ , فَجَاءَ , فَجَعَلَ يَسْمَعُ. 802: وَأَخْبَرَنَا مُقَاتِلُ بْنُ صَالِحٍ الأَنْمَاطِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ عَبَّاسًا الدُّورِيَّ , يَقُولُ : كُنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَجَاءَتْ هَذِهِ الأَحَادِيثُ فِي الْمَثَالِبِ , اعْتَزَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَتَّى نَفْرُغَ , فَإِذَا فَرَغَ الْمُحَدِّثُ رَجَعَ فَسَمِعَ , قَالَ مُقَاتِلٌ : وَسَمِعْتُ غَيْرَ شَيْخٍ يَحْكِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هَذَا. فهذا الإمام أحمد مع كل ما حباه الله به من العلم ، كان حريصاً على ألا تطرق سمعه الشبهات حول الصحابة ، فما بالك بمن هو دونه ، وما بالك بالعوام وفي الوقت الذي افتتن فيه الكثير من الناس ب( الديمقراطية ) ، يهجم الحركيون بكلهم وكلكلهم على الانتخابات ، دون بيان لمفاسد العملية الديمقراطية ، مما أدى بالكثيرين إلى الاقتناع بالديمقراطية ، وأنه لا صلاح ولا نجاح لنا إلا بها بل ومع هذا وذاك يدعو كثيرٌ منهم إلى خروج النساء في المظاهرات ، ويسمي المظاهرات التي يختلط بها الرجال والنساء من أجل الديمقراطية ب( المباركة ) و ( الثورة النظيفة ) ، فهكذا بلغ كلف القوم بالديمقراطية إلى أن صارت أعراض المسلمين ثمناً بخساً في سبيل تحصيلها بل بلغ الكلف بالديمقراطية أن يفتي القرضاوي بوجوب النزول في المظاهرات التي تدعو إليها ، وما أظنه يفتي بوجوب صلاة الجماعة ؟! بل كثيراً ما يتهم السلفيون بالتشديد لأن عامتهم يقولون بوجوب إطلاق اللحية وتقصير الإزار ، ثم يأتي الحركيون ويفتون بوجوب المظاهرات ، ووجوب المشاركة في العمليات الانتخابية مع كل ما فيها من إشكالات شرعية ومشقة على الناس ، ولا يكونون بذلك متشددين ! وفي الوقت الذي ينتشر فيه الجهل بين المسلمين ، يدعو بعضهم عوام الناس وأشباههم إلى الاشتغال بالسياسة ومتابعة القنوات الاخبارية الفاجرة بحجة الاهتمام لأمر المسلمين ، مما أدى إلى انتشار الكثير من أخبار الكفار والفساق الكاذبة بين الناس ، وكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع وقال ابن أبي شيبة في المصنف 38197: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يُحَدِّثُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : حَجَّ عُمَرُ فَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ خُطْبَةً ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : إِنَّهُ قَدَ اجْتَمَعَ عِنْدَكَ رِعَاعُ النَّاسِ وَسِفْلَتُهُمْ ، فَأَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَنَوْتُ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ ، أَنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ : إِنَّ خِلاَفَةَ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةٌ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فَلْتَةً ، وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا ، إِنَّهُ لاَ خِلاَفَةَ إِلاَ عَنْ مَشُورَةٍ,, وهذا قد رواه البخاري (6830) وفي هذا من الفقه أن أمور السياسة والحكم ، لا ينبغي إدخال رعاع الناس فيها ، خلافاً لدعاة حكم الدهماء أو ما يسمونه بالديمقراطية ! ، فكيف بإدخال العامة في متابعة وكالات الأنباء الكافرة ، التي لا يوثق بما تنقل للمسلمين ، وإذا كان الله عز وجل أمر بالتثبت من خبر الفاسق فما بالك بخبر الكافر ومن ذلك أن فقيهاً حركياً لما سألوه عن الموسيقى التي تصاحب نشرات الأخبار ، فأجاب بأن هذا يعفى عنه لأنه من اليسير ، ولأن السماع غير الاستماع ، وتغافل الفقيه الحركي عن أن كثرة السماع تؤدي بالنتيجة إلى الاستماع ، وأن السماع أمرٌ عارض يعرض للمرء ، وأما موسيقى الأخبار فالمرء يعرف متى تبدأ ومتى تنتهي ! ولا حجة لهم بقاعدة ( ما حرم سداً للذريعة فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة ) ، فإن ذلك مقيد بكون المصلحة ( راجحةً ) ، ولا تكون ( راجحةً ) إذا كانت المفاسد التي تقابلها أرجح ، فكيف إذا كانت المصلحة متوهمة ، والمفسدة متحققة أو قريبة التحقق لفساد كثيرٍ من أهل الزمان ؟ بل ربما نهى الفقيه عن الأمر المباح شرعاً ، سداً للذريعة لما يرى من فساد أهل زمانه قال البخاري في صحيحه 869 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَمُنِعْنَ قَالَتْ نَعَمْ أقول : فهذه أم المؤمنين وهي الفقيهة العاقلة ، جعلت ما أحدث النساء سبباً في منعهن مما كان مباحاً لهن أصلاً ، فكيف بما هو محرمٌ في الأصل ؟! ، مثل الاختلاط في المظاهرات والجامعات ومصافحة الأجنبية للرجل ، ووضع مساحيق التجميل ثم الجلوس أمام الرجال كما تصنع المذيعات في بعض القنوات ( الإسلامية )! قال بدر الدين العيني في عمدة القاري (9/480) : لو شاهدت عائشة رضي الله تعالى عنهما ما أحدث نساء هذا الزمان من أنواع البدع والمنكرات لكانت أشد إنكارا ولا سيما نساء مصر فإن فيهن بدعا لا توصف ومنكرات لا تمنع منها ثيابهن من أنواع الحرير المنسوجة أطرافها من الذهب والمرصعة باللآلىء وأنواع الجواهر وما على رءوسهن من الأقراص المذهبة المرصعة باللآلىء والجواهر الثمينة والمناديل الحرير المنسوج بالذهب والفضة الممدودة وقمصانهن من أنواع الحرير الواسعة الأكمام جدا السابلة أذيالها على الأرض مقدار أذرع كثيرة بحيث يمكن أن يجعل من قميص واحد ثلاثة قمصان وأكثر ومنها مشيهن في الأسواق في ثياب فاخرة وهن متبخترات متعطرات مائلات متبخترات متزاحمات مع الرجال مكشوفات الوجوه في غالب الأوقات .اهــ ثم قال [9/ 481] : فانظر إلى ما قالت الصديقة رضي الله تعالى عنها من قولها لو أدرك رسول الله ما أحدثت النساء وليس بين هذا القول وبين وفاة النبي إلا مدة يسيرة على أن نساء ذلك الزمان ما أحدثن جزأ من ألف جزء مما أحدثت نساء هذا الزمان .اهــ أقول : وهذا يبطل احتجاجهم ب( تغير الزمان ) ، الذي اتخذوه مطيةً لإباحة العديد من المحرمات فالجواب عليه بهذا : وهو أن تغير الزمان لا يعني بالضرورة إباحة المحظور ، بل ربما دل على توكيد النهي إذا كان الزمان زمان فتنة كما تقدم ، مثال ذلك تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين ، ولا يخفاك أن كثيراً من الحركيين يقيمون في بلاد الكفار النهي معلل بعللٍ عديدة منها أن الإقامة بين الكفار مظنةٌ للتخلق بأخلاقهم ، بل ووقوع محبتهم في قلب المسلم والمرء مع من أحب كما صح الحديث بذلك قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ [2/155] : حدثنا أبو اليمان حدثنا حريز عن سليم عن الحارث بن معاوية أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له كيف تركت أهل الشام فأخبره عن حالهم فحمد الله عز وجل ثم قال لعلكم تجالسون أهل الشرك فقال لا يا أمير المؤمنين قال إنكم إن جالستوهم أكلتم وشربتم معهم ولن تزالوا بخير ما لم تفعلوا ذلك . أقول : فتأمل نهي عمر بن الخطاب عن مجالستهم ، وهم أهل ذمة وخوفه من مؤاكلتهم ، التي تؤدي إلى محبتهم والمحبة داعيةٌ إلى المشاكلة ، فكيف بمن يقيم معهم في ديارهم ؟ وقال ابن المبارك في الزهد 578 : قال أخبرنا اسماعيل بن عياش قال حدثنى يحيى الطويل عن نافع قال سمعت ابن عمر يحدث سعيد بن جبير قال بلغ عمر بن الخطاب ان يزيد ابن أبي سفيان ياكل الوان الطعام فقال عمر لمولى له يقال له يرفأ اذا علمت انه قد حضر عشاؤه فأعلمنى فلما حضر عشاؤه اعلمه فاتى عمر فسلم واستاذن فأذن له فدخل فقرب عشاؤه فجاء بثريدة لحم فاكل عمر معه منها ثم قرب شواء فبسط يزيد يده فكف عمر ثم قال عمر والله يا يزيد بن أبي سفيان أطعام بعد طعام والذي نفس عمر بيده لأن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقتهم.اهـ أقول : فيه أن ترك التشبه بالكفار في الأمور التي يستصغرها الناس ، ذريعة إلى ترك التشبه بما هو أكبر ، والعكس بالعكس والآن نعود إلى موضوعنا الأصل ، وهو ( هل تغير الزمان دل على إباحة هذا المحظور ؟) الجواب : أن تغير الزمان جعل الهجرة إلى بلاد الإسلام آكد و آكد ، فإذا كان عمر بن الخطاب ينهى عن مخالطة أهل الذمة ، وهم تحت حكم أهل الإسلام ، فكيف نذهب اليوم إلى بلاد المشركين ولهم قوانينهم التي يفرضونها على المسلمين وفيها ما فيها ؟ ففي الكثير من بلدان الكفر ، يفرضون على الرجل أن يخلي بين ابنته أو أخته والزنا إذا هي أرادت ذلك ، على أن تكون قد بلغت السن القانونية لذلك ، ولها أن تقاضيه إذا منعها من ذلك ، وساعتئذٍ سينال العقوبة التي يستحقها لأنه حد من حريتها ، وبعد ذلك سيتم إخراجها من تحت وصايته ، وتكون تحت وصاية الحكومة لتفعل ما تشاء ، هذا مع كون عامة المدارس والجامعات هناك اختلاطية ، فالخطر أقرب إلى المرء من شراك نعله هذا القانون الذي يفرض على المرء أن يكون ديوثاً ، لم يكن موجوداً في بلدان الكفر التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإقامة مع أهلها ، فهذا يؤكد النهي لا يلغيه بل اليوم تمتحن بعض دول الكفر نساء المسلمين بلباسهن ، فيمنعوهن مما شاءوا ، ويفرضون ترك الحجاب ، فبدلاً من الهجرة تخرج النساء اللواتي تشبعن بالفقه الحركي إلى الشارع في مظاهرة للتنديد بالتضييق عليهن ، وتأتي طغمة من العلوج ويقومون بتفريق المظاهرة ، وأنت خبيرٌ بما يحصل في تفريق المظاهرات من الهرج والمرج والتدافع ، فإلى الله المشتكى من جناية الحركيين على أعراض المسلمين بل ربما كان تغير الزمان سبباً في المنع ، مما كان مباحاً في الأصل ، فالزواج من الكتابية المحصنة مباحٌ عند عامة الفقهاء ، ولكن في العديد من البلدان اليوم حق الحضانة عند الطلاق يكون للأم ،وهذا يعرض الولد للتنصير أو التهويد وقد وقع ذلك في عدد من الحالات ، فهنا يمنع الفقيه الحاذق من هذا لهذه العلة والمراد قوله هنا أن تغير الزمان لا يدل دائماً على إباحة المحظور ، كما نشره فقهاء ( التيسير ) بين الناس ، وتلقاه عنهم الكثير من العوام الأصل الثاني : تتبع رخص العلماء ، والاحتجاج بالخلاف تسمع الحركيين كثيراً إذا ما حوججوا في بعض وسائلهم الدعوية سمعته يقول ( هذه فيها خلاف ) ، و ( هذه أفتى الشيخ فلان بإباحتها ) ،( ونحن ننطلق من فتاوى مشايخ ) قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ص196: الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله.اهـ والواقع أن منهجهم تلفيقي يأخذون من كل عالمٍ ما يروقهم فعلى سبيل المثال تجد أحدهم يقول ( أنا سمعت الشيخ ابن باز بأذني يبيح الأناشيد ) وأذناه سمع فيهما الكثير من فتاوى التحريم من المشايخ ، ثم هو يهمل فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز في التصوير والتمثيل والمظاهرات فإذا كان مقلداً للشيخ ابن باز فلماذا لا يأخذ بكل فتاويه ؟ ومثله قول من يقول ( الشيخ ابن باز أفتى بجواز الخروج على التلفاز للمصلحة الراجحة ) فيقال له : والشيخ ابن باز أفتى بحرمة صور المجلات ، فلماذا تملأ صوركم المجلات والجرائد ؟ قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (6/ 92) : واعتبر ذلك بمناظرة الإمام عبدالله بن المبارك قال : كنا بالكوفة فناظروني في ذلك يعني النبيذ المختلف فيه فقلت لهم : تعالوا فليحتج المحتج منكم عن من يشاء من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم في بالرخصة فإن لم يتبين الرد عليه عن ذلك الرجل بشدة صحت عنه فاحتجوا فما جاؤوا عن أحد برخصة إلا جئناهم بشدة فلما لم يبق في يد أحد منهم إلا عبد الله بن مسعود وليس احتجاجهم عنه في شدة النبيذ بشيء يصح عنه إنما يصح عنه أنه لم ينبذ له في الجر إلا حذر قال ابن المبارك : فقلت للمحتج عنه في الرخصة : يا أحمق عد إن ابن مسعود لو كان ها هنا جالسا فقال هو لك حلال وما وصفنا عن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه في الشدة كان ينبغي لك أن تحذر أو تجر أو تخشى فقال قائلهم يا أبا عبد الرحمن فالنخعي والشعبي وسمى عدة معهما كانوا يشربون الحرام فقلت لهم عدوا عند الاحتجاج تسمية الرجال قرب رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا وعسى أن يكون منه زلة أفللأحد أن يحتج بها فإن أبيتم فما قولكم في عطاء وطاوس وجابر بن زيد وسعيد بن جبير وعكرمة قالوا : كانوا خيارا قلت : فما قولكم في الدرهم بالدرهمين يدا بيد فقالوا : حرام فقال ابن المبارك إن هؤلاء رأوه حلالا فماتوا وهم يأكلون الحرام فبقوا وانقطعت حجتهم قال ابن المبارك : ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال : رآني أبي وأنا أنشد الشعر فقال لي يا بني لا تنشد الشعر فقلت له يا أبت كان الحسن ينشد وكان ابن سيرين ينشد فقال لي : أي بني إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله وهذا الذي ذكره ابن المبارك متفق عليه بين العلماء فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ إتباعهم فيها كما قال سبحانه : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } قال ابن مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه و سلم وقال سليمان التيمي إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله قال ابن عبد البر هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه في هذا المعنى ما ينبغي تأمله فروى كثير بن عبد الله بن عمر وابن عوف المزني عن أبيه عن جده قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة قالوا : وما هي يا رسول الله ؟ قال : أخاف عليهم من زلة العالم ومن حكم جائر ومن هوى متبع ] وقال زياد بن حدير : قال عمر : ثلاث يهدمن الدين زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن وأئمة مضلون.اهـ قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 171 : وأخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت محمد بن يحيى القطان ، يقول : « لو أن رجلا ، عمل بكل رخصة : بقول أهل الكوفة في النبيذ ، وأهل المدينة في السماع - يعني الغناء - وأهل مكة في المتعة ، أو كما قال : لكان به فاسقا . 172 - قال أبو عبد الرحمن : ووجدت في كتاب أبي : ثنا أبو معاوية الغلابي ، قال : حدثني خالد بن الحارث ، قال : قال سليمان التيمي : لو أخذت برخصة كل عالم - أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله 173 - أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو غسان ، حدثنا معتمر ، عن أبيه ، قال : إذا أخذت برخصة العلماء كان فيك شر الخصال . 174 - أخبرنا يحيى بن طالب الأنطاكي ، حدثنا محمد بن مسعود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، قال : لو أن رجلا ، أخذ بقول أهل المدينة في السماع - يعني الغناء - وإتيان النساء في أدبارهن ، وبقول أهل مكة في المتعة والصرف ، وبقول أهل الكوفة في السكر ، كان شر عباد الله 175 - أخبرني حرب بن إسماعيل ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا ابن خمير ، حدثنا إبراهيم بن أدهم ، قال : من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا .اهـ عامة الأسانيد السابقة صحاح ، وهذا مثل صاحبٍ لنا صار يكتب الأناشيد للحزبيين ، التي يمثلونها بعد ذلك ب( الفيديو كليب ) ، ثم يلفق بعد ذلك متتبعاً لرخص العلماء قال شيخ الإسلام في الاستقامة ص386 : فهذا ونحوه هو الذي أشار إليه الأئمة كالشافعي في قوله خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن فيكون ذو النون هو أحد الذين حضروا التغبير الذي أنكره الأئمة وشيوخ السلف ويكون هو أحد المتأولين في ذلك وقوله فيه كقول شيوخ الكوفة وعلمائها في النبيذ الذين استحلوه مثل سفيان الثوري وشريك ابن عبد الله وأبي حنيفة ومسعر بن كدام ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم من أهل العلم وكقول علماء مكة وشيوخها فيما استحلوه من المتعة والصرف كقول عطاء بن أبي رباح وابن جريج وغيرهما وكقول طائفة من شيوخ المدينة وعلمائها فيما استحلوه من الحشوش وكقول طائفة من شيوخ الشاميين وعلمائها فيما كانوا استحلوه من القتال في الفتنة لعلي بن أبي طالب وأصحابه وكقول طوائف من أتباع الذين قاتلوا مع علي من أهل الحجاز والعراق وغيرهم في الفتنة إلى أمثال ذلك مما تنازعت فيه الأمة وكان في كل شق طائفة من أهل العلم والدين فليس لأحد أن يحتج لأحد الطريقين بمجرد قول أصحابه وإن كانوا من أعظم الناس علما ودينا لان المنازعين لهم هم أهل العلم والدين وقد قال الله تعالى فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر سورة النساء 59 فالرد عند التنازع إنما يكون إلى كتاب الله وسنة رسوله.اهـ وقال أيضاً في الاستقامة ص282 : ومن احتج بفعل مثل عبد الله في الدين في مثل هذا لزمه أن يحتج بفعل معاوية في قتاله لعلى وبفعل ابن الزبير في قتاله في الفرقة وأمثال ذلك مما لايصلح لأهل العلم والدين أن يدخلوه في أدلة الدين والشرع لا سيما النساك والزهاد وأهل الحقائق لا يصلح لهم أن يتركوا سبيل المشهورين بالنسك والزهد بين الصحابة ويتبعوا سبيل غيرهم وما أحسن ما قال حذيفة رضي الله عنه يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق من كان قبلكم فوالله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا.اهـ وقال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم ص91 : ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة ، والصور الجميلة ، فلا يهتمون بأمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات ، ثم تجد قد ابتليت هذه الأمة من اتخاذ السماع المطرب ، بسماع القصائد ، وإصلاح القلوب والأحوال به ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين.اهـ وقال أيضاً في اقتضاء الصراط المستقيم ص442 : ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه ؛ تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه.اهـ أقول : رحم الله الشيخ كأنه يصف أصحاب الأناشيد ، وهذا ينجر على عامة وسائل القوم الدعوية المحدثة لو أمعنت النظر . وهنا لا بد من وقفة مع ما يدعيه بعض الحركيين من أنه لا بد من توفير ( البديل ) ، عند الكلام على تحريم الغناء والتمثيل وغيرها ، وهذا تجاهلٌ لكون الشريعة سمحة دائرة المباحات فيها أوسع من دائرة المحرمات ، فلا حاجة لتبرع القوم خصوصاً مع المحرمات التي دل النص على حرمتها وتكلم الفقهاء في حرمتها على مدى أربعة عشر قرناً ، ثم إن الجنة حفت بالمكاره ، والنار حفت بالشهوات فلا بد من امتحان المكلف ولله في ذلك حكمة بالغة ، وحقيقة أمر القوم أنهم أوجدوا بدائل عن الوسائل الشرعية التي سار عليها السلف كما يشير إليه كلام شيخ الإسلام السابق الأصل الثالث : الغلو في فقه المصلحة كثيراً ما تسمع القوم يرددون ( هذا فيه مصلحة ) و ( هذه مصلحة الدعوة ) ولا يعتبرون المفاسد المقترنة بتلك المصلحة . قال العلامة ربيع المدخلي في جناية أبي الحسن على الأصول السلفية : 13- يسيء أبو الحسن استخدام المصالح والمفاسد، فهو ينادي كثيراً بها ثم يطبقها بدون مراعاة لشروطها، مثل : أ- أن لا تكون المصلحة مصادمة لنص أو إجماع. ب- أن تعود على مقاصد الشريعة بالصيانة والحفظ ومن هذه المقاصد حفظ الدين والعرض والمال. ج- أن لا تكون في الأحكام الواجبة مثل وجوب الواجبات وتحريم المحرمات.اهـ وهنا سأذكر مثالاً واحداً ، وهو دعوتهم للمظاهرات والخروج على أئمة الجور مع ما يترتب على ذلك من سفك الدماء قال البخاري في صحيحه 4513: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ فَقَالَ يَمْنَعُنِي أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي. فَقَالَا أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ }؟ فَقَالَ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ. وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا وَتَعْتَمِرَ عَامًا وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالصَّلَاةِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } { قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ } قَالَ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ . أقول : فتأمل قول ابن عمر (وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ ) ، ولم يكن أحدٌ من هؤلاء يرفع شعار الديمقراطية ، وعامتهم من الأخيار المتأولين وقال الإمام مسلم في صحيحه 190- [158-96] : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كِلاَهُمَا ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ ، قَالَ : أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ ؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ : وَأَنَا وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ. فهذا كلام سعد الأنصاري ككلام ابن عمر ، لقومٍ لم يرفعوا شعارات مشبوهة مثل ( المساواة ) و ( الحرية ) و ( الديمقراطية ) و ( الوحدة الوطنية ) و ( الهلال مع الصليب ) ، بل كانوا لا يدعون لغير التوحيد وتحكيم شرع الله ، ومع ذلك لم يقولوا لهم ( قتلاكم شهداء ) كما يغرر الحركيون بالناس اليوم ، حتى وصفوا من أحرق نفسه بالشهادة قال البخاري 4234 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ أقول : سبحان الله هذا الرجل جاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ، جهاداً شرعياً ولم يوصف بالشهادة لأمرٍ وقع منه ، فكيف يوصف بالشهادة من خرج أجل الديمقراطية ، ومن انتحر بحرق نفسه ؟! قال البخاري في صحيحه بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ قال 7085 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ } أقول : فانظر إلى فقه هذا الإمام الذي نهى عن الدخول في القتال بين المسلمين الذي يكون ظاهره أنه على الملك ، وإن كان كلٌ منهم يزعم أنه مصلح ، فكيف بالقتال في صف من يدعو للديمقراطية ، أو الخروج على الولاة من أجل المظالم المالية والاستبداد وقال ابن أبي شيبة في المصنف 38512: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْغَرِيف قَالَ : كُنَّا مُقَدَّمَةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا بِمَسْكَنٍ مُسْتَمِيتِينَ تَقْطُرُ سُيُوفُنَا مِنَ الْجِدِّ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ وَعَلَيْنَا أَبُو الْعَمَرَّطة . قَالَ : فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْحُزْنِ وَالْغَيْظِ ، قَالَ : فَلَمَّا قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفَةَ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا يُكْنَى أَبَا عَامِرٍ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْك يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : لاَ تَقُلْ ذَاكَ يَا أَبَا عَامِرٍ ، وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ أَقْتُلَهُمْ طَلَبَ الْمُلْكِ ، أَوْ عَلَى الْمُلْكِ. أقول : فليعتبر بهذا من ينسب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مذهب الخوارج ، فهذا الحسن بن علي ومعه هذا الجيش العرمرم ، وقد ذكر لك أبو الغريف من أوصافهم ما ذكر . كره الحسن إدخالهم في القتال ورأى أن حقن الدماء أولى ، ولا يخفى ثناء صلى الله عليه وسلم على هذا الصلح بقوله (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) ، أفترى الحسن الذي ترك القتال والحال هذه مقاتلاً لو لم يكن له شوكة ولا منعة أميراً ممكناً ، وهو الذي ترك القتال ومعه هذا الجيش العرمرم فاعتبروا يا أولي الأبصار . وأمر الدماء عظيم قال ابن أبي شيبة في المصنف 31191: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ : قَالَ لِي الْحَسَنُ : أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ! دَخَلَ عَلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ قِتَالِ الْحَجَّاجِ وَمَعَهُ بَعْضُ الرُّؤَسَاءِ ، يَعْنِي : أَصْحَابَ ابْنِ الأَشْعَثِ. أقول : سبب تعجب الحسن أنه نهاهم عن ذلك ، ومع ذلك خرجوا وكان ما كان من سفك الدماء ، والحجاج كان ظلوماً غشوماً سفاكاً للدماء ، فاسد الاعتقاد صح عنه الطعن في ابن مسعود ورميه بالنفاق ، وقد كفره جمع من أهل العلم ، وصح أن جابر بن عبد الله لم يكن يسلم عليه ولا يصلي خلفه ، كما في الطبقات لابن سعد ، وهذا محمول على أنه قد أمن أذاه قال ابن عبد البر في التمهيد (10/10) : الحجاج بن يوسف..ومن أهل العلم طائفة تكفره وقد ذكرنا أخبارهم في كتاب مفرد.اهـ ومع كل هذا نهى الحسن عن الخروج عليه ، وهنا فائدة على الهامش وهي أن الحجاج مع كل ما له من سيئات كان الإمام أحمد يرى دعاة البدعة شراً منه ، لأنهم يريدون تبديل الدين قال الخلال في السنة 1769: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ , فَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ يُرَادُ بِهِمُ الْمَطَابِقَ , تَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ عَمِلُوا هَؤُلاَءِ فِي الإِسْلاَمِ ؟ قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : الرَّجُلُ يَفْرَحُ بِمَا يَنْزِلُ بِأَصْحَابِ ابْنِ أَبِي دُؤَادَ , عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِثْمٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ لاَ يَفْرَحُ بِهَذَا ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ : الَّذِي يَنْتَقِمُ مِنَ الْحَجَّاجِ , هُوَ يَنْتَقِمُ لِلْحَجَّاجِ مِنَ النَّاسِ . قَالَ : أَيَّ شَيْءٍ يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الْحَجَّاجِ ؟ هَؤُلاَءِ أَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ. والآن نرجع إلى المقصود قال المزي في تهذيب الكمال (28/ 247) : وقَال البُخارِيُّ فِي التاريخ الصغير : حَدَّثَنَا موسى بْن إسماعيل عَن جعفر، يعني ابْن سُلَيْمان، قال: حَدَّثَنَا مالك بن دينار، قال: لقيت معبدا الجهني بمكة بعد ابْن الأشعث وهو جريح، وقد قاتل الحجاج فِي المواطن كلها، فقال: لقيت الفقهاء والناس لم أر مثل الحسن، يَا ليتنا أطعناه - كأنه نادم على قتال الحجاج.اهـ وقال الخلال في السنة 89: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي أَمْرٍ كَانَ حَدَثَ بِبَغْدَادَ , وَهَمَّ قَوْمٌ بِالْخُرُوجِ . فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , مَا تَقُولُ فِي الْخُرُوجِ مَعَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَجَعَلَ يَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ , الدِّمَاءَ , الدِّمَاءَ , لاَ أَرَى ذَلِكَ , وَلاَ آمُرُ بِهِ , الصَّبْرُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ يُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ , وَيُسْتَبَاحُ فِيهَا الأَمْوَالُ , وَيُنْتَهَكُ فِيهَا الْمَحَارِمُ , أَمَا عَلِمْتَ مَا كَانَ النَّاسُ فِيهِ , يَعْنِي أَيَّامَ الْفِتْنَةِ ؟ قُلْتُ : وَالنَّاسُ الْيَوْمَ , أَلَيْسَ هُمْ فِي فِتْنَةٍ . يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَإِنْ كَانَ , فَإِنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ خَاصَّةٌ , فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ عَمَّتِ الْفِتْنَةُ , وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ , الصَّبْرَ عَلَى هَذَا , وَيَسْلَمُ لَكَ دِينُكَ خَيْرٌ لَكَ , وَرَأَيْتُهُ يُنْكِرُ الْخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ , وَقَالَ : الدِّمَاءَ , لاَ أَرَى ذَلِكَ , وَلاَ آمُرُ بِهِ أقول : فذاك قول الحسن في الخروج على الحجاج وقد علمت من حاله ما علمت ، وهذا قول أحمد في الخروج على من أجبر الناس على القول بخلق القرآن وهو قولٌ كفري ، والذين خرجوا على هذا وعلى ذاك ما أرادوا إلا إعلاء كلمة الله لم يريدوا ديمقراطية ولا غيرها من زبالات عقول الكفار . ثم يأتي اليوم حركي ضاقت به السبل في إثبات مشروعية الخروج على الحاكم المسلم ، فيزعم أن الخروج ( ضرورة ) ، وهذه من أسخف ما قد تقف عليه من الشبهات ، وهذا أيضاً من أصول الفقه الحركي ( توسيع باب الضرورة ) حتى تترامى أطرافه وتتسع لجميع الممارسات الحركية التي تريد الجماعة إباحتها ، وتقف النصوص الشرعية حائلاً دون ذلك ومن غلوهم في المصلحة و ( الضرورة ) ، اتباعهم لبعض الوسائل المحدثة الدعوية ، والوسائل المحدثة في نصح الولاة ، مع هجرانهم للوسائل الشرعية في هذا الباب وذاك ،و تجدهم يستدلون على صحة هذه الوسائل بما يترتب عليها من مصالح هم يرونها ، ولا يتنبهون إلى ما في هذه الوسائل من الإحداث في دين الله عز وجل ، وهجران للوسائل الشرعية المأثورة عن السلف وكفى بذلك مفسدة فهذا شيخ الإسلام لما عرض عليه شيخ يتوب العصاة بالتغبير لم يلتفت شيخ الإسلام إلى كون أولئك العصاة تركوا المعصية ، بل تنبه إلى أن ذلك الشيخ قد ابتدع في دين الله عز وجل . فقال الشيخ كما في مجموع الفتاوى (11/624) : فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ لَيْسَ فِي الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ مَا يَتُوبُ بِهِ الْعُصَاةُ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ وَالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ قَدْ تَابَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ مَنْ لَا يُحْصِيه إلَّا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأُمَمِ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا ذُكِرَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ الْبِدْعِيِّ.اهـ وكذلك لا يجوز أن يقال أنه ليس في الطرق الشرعية ما يدعى به الناس ، أو يناصح به الولاة حتى نلجأ للوسائل المستوردة من الغرب كالتمثيل والمظاهرات . وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد في باب من الشرك الاستعاذة بغير الله وقول الله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) فقال في المسائل المستفادة : الخامسة: أن كون الشيء يحصل به مصلحة دنيوية من كف شر أو جلب نفع - لا يدل على أنه ليس من الشرك .اهـ وكذلك لا يدل أنه ليس ببدعة ولا محرم بل وتجد بعضهم يعتبر مصالح ما جاء الشرع باعتبارها مثل ( الحرية ) و ( الوحدة الوطنية ) ومن ذلك غلوهم ب( المصالح المرسلة ) دون مراعاة لتعريفها فضلاً عن ضوابطها ، فالمصلحة المرسلة عند الأصوليين هي التي لم يأتِ نص شرعي باعتبارها ولا إهدارها ، ولم يقم داعيها في عصر الصحابة وقام داعيها في زمننا ، وكانت مندرجةً تحت مقاصد الشريعة العامة وعلى هذا كل ما كان تشبهاً بالكفار كالتمثيل والمظاهرات وغيره لا يكون مصلحةً مرسلة لمخالفته للنصوص الناهية عن مشابهة الكفار وكل ما كان فيه منازعة لولي الأمر كالمظاهرات والإمارة الدعوية لا يكون مصلحةً مرسلة ، لمخالفته للنصوص الناهية عن منازعة ولاة الأمور والداعية للصبر على أذاهم الأصل الرابع : القياس الفاسد أو ( التوسع في القياس ) يتفنن الحركيون بالاستدلالات الغريبة على إثبات مشروعية الأمور التي يستوردونها من دول الكفر ، ويجعلونها بديلاً للوسائل الشرعية الصحيحة فمن ذلك استدلال بعضهم بقصة الرجل الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء متاعه في الطريق لما آذاه جاره على جواز المظاهرات ! واستدلال البعض الآخر بقصة النساء اللواتي شكون ضرب أزواجهن لهن عند النبي صلى الله عليه وسلم على جواز المظاهرات ولا أريد مناقشة الدليل من جهة السند ودلالاتها اللغوية على المراد ، فإن بابنا هنا أصول الفقه ، ولا شك أن هذه الاستدلالات من باب قياس الجار على الحاكم ، والزوج على الحاكم ، إذ أنها ليست نصاً في المسألة فاستدلالهم من جهة القياس وهذا قياس فاسد الاعتبار لمصادمته للنصوص والإجماع والنظر الصحيح أما النصوص فكثيرة قال مسلم [4888]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا نَبِي اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ . وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ. وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ. وَقَالَ: فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ. وقال البخاري [7055]: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ أقول : والتظلم العلني ينافي الصبر ، فضلاً عن مطالبته بالتنحي فهذا مصادمٌ للأمر النبوي مصادمةً صريحة وأما مخالفته للإجماع فقال الصنعاني في سبل السلام (5/464 ) : قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَمَّا ذُكِرَ إذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ ، إلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ .اهـ والسلطان ليس كغيره إجماعاً ، وهذا يدل عليه النظر الصحيح فإن شكاية الجار والزوج لا يترتب عليه سفك دماء وفوضى في الغالب بخلاف الخروج على الحاكم المسلم ومن أقيستهم الفاسدة استدلالهم باستشارة عبد الرحمن بن عوف لنساء الأنصار في أمر الخلافة حتى العذارى في خدورهن على خروج النساء في المظاهرات ومشاركتهن في العملية السياسية ( الانتخابات ) وهذا مع عدم صحة القصة ، إلى أنه لا يدل على مقصودهم فالرواية تقول ( العذارى في خدورهن ) ، ولم يقل أنهن خرجن مزاحمات للرجال الكتف بالكتف ، وربما ما هو أكبر من ذلك والله المستعان ولم تكن الاستشارة - إن صحت - للفاسقات والفاجرات ، ولم يخيرهن بين ( سني ) و ( رافضي ) أو ( مسلم ) و ( نصراني ) ولها حرية الاختيار بل إنما خير بين رجلين هما خير الناس بعد الأنبياء وأبي بكر وعمر ، فأين هذا من ذاك يا أولي الحجى وأقسيتهم الفاسدة كثيرة وليس هذا مقام استقصاءها ، وإن كان هذا أمرٌ شركهم فيه عدد من فقهاء الإسلام ، ولكن لا يعرف في تاريخ الإسلام فقيهٌ استخدم القياس الفاسد لإباحة الديمقراطية أو بعض مظاهر الانحلال وعند الكلام على علم الجرح والتعديل تتلاشى جميع أصول الفقه الحركي فتجد منهم من يمنع منه مع كثرة أدلته وفوائده لئلا ينفر الناس من حوله ، وهذا تطبيق فاسد لفقه سد الذريعة إذ أن الداعية إذا تنازل عن ثوابته لئلا ينفر الناس منه لا يلبث حتى يجد نفسه لا يدعو لشيء إلا لنفسه وبعض المشتركات التي لا يخالفه فيها حتى الرافضة قال أحمد في الزهد 916: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ قَالَتْ : مَنْ أَسْخَطَ النَّاسَ بِرِضَا اللَّهِ كَفَاهُ النَّاسَ ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ. ( وهذا هو الصواب موقوف على عائشة ) وتجد منهم من يزعم أن علم الجرح والتعديل خاص بزمن الرواية ، وهنا يرتدي الحركيون عباءة الظاهرية ، فإن الجرح والتعديل في باب الرواية إنما كان لحفظ الدين ، وبهذه العلة يكون في الأبواب الأخرى ، وهذا قياسٌ صحيح تام الأركان فانظر إلى كثرة استعمالهم للقياس الفاسد ، وإنكارهم لهذا القياس الصحيح ، وإن كان لا كبير حاجة له فإن علم الجرح والتعديل قد ثبتت مشروعيته بأدلةٍ مستقلة وينكرون علم الجرح والتعديل ، وعلى من خاض فيه ولو بفتاوى العلماء وينتفع بعضهم من هذا العلم فينبهه السلفيون على بعض أغلاطه ، فيرجع عنها ، ومع ذلك تجده يذم الكلام في الناس مطلقاً فأين ذهب ( فقه المصلحة ) ، والسكوت على أخطاء الناس عموماً الناس وأهل البدع خصوصاً يترتب عليه من المفاسد الشيء الكبير قال الشاطبي في الاعتصام ص202 : فَإِنَّ تَوْقِيرَ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ مَظِنَّةٌ لِمَفْسَدَتَيْنِ تَعُودَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالْهَدْمِ: إِحْدَاهُمَا: الْتِفَاتُ الْجُهَّالِ وَالْعَامَّةِ إِلَى ذَلِكَ التَّوْقِيرِ، فَيَعْتَقِدُونَ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ، وَأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِهِ عَلَى بِدْعَتِهِ دُونَ اتِّبَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى سُنَّتِهِمْ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِذَا وُقِّرَ مِنْ أَجْلِ بِدْعَتِهِ صَارَ ذَلِكَ كَالْحَادِي الْمُحَرِّضِ لَهُ عَلَى إِنْشَاءِ الِابْتِدَاعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَحْيَا الْبِدَعُ، وَتَمُوتُ السُّنَنُ، وَهُوَ هَدْمُ الْإِسْلَامِ بِعَيْنِهِ.اهـ والأمر في شرح حال القوم ، وتلاعبهم بأديان الناس وأموالهم ودمائهم وأعراضهم يطول وأرجو أن أكون قد وفيت ببعض المطلوب في هذه الكتابة المتواضعة ، سائلاً المولى عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الموضوع الأصلي :
أصول الفقه الحركي !
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
عبدالله الخليفي
|
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيك أخي الخليفي
كلام متين وتحرير قوي رزين رفعك الله في الدارين وفرج همك
__________________
وربيـعُنا ندعـو له في صـحة * وَسَعـَادة والفـوز بالرّضْـوَان هو حبُّنا في الله أنبتَ غُصْنَه * ثَمَـــــرَاً يَوانع يَمّهُنّ الجَـاني |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.