|
كاتب الموضوع | أبو عبد الله يوسف الزاكوري | مشاركات | 4 | المشاهدات | 1241 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
المقدمة العقدية لكتاب الجامع في السنن لابن أبي زيد القيرواني
باب ذكر السنن التي خلافها البدع وذكر الاقتداء و الاتباع و شيء من فضل الصحابة و مجانبة أهل البدع بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما باب ذكر السنن التي خلافها البدع وذكر الاقتداء و الاتباع و شيء من فضل الصحابة و مجانبة أهل البدع . الحمد لله الذي شمل الخلق بنعمته ، و بعث محمدا في أعقاب المرسلين برحمته ، بشيرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا فهدى الله به - عز وجل - من أحب هداه بمبعثه ، و كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم به ، فقام العباد بحق الله عليه حتى قبضه الله عز وجل إليه ، حميدا فقيرا - صلوات الله و بركاته عليه - بعد أن أكمل الله به دينه وبلغ رسالة ربه ، و أوضح كل مشكلة و كشف كل معضلة و أبقى كتاب الله عز وجل لأمته نورا مبينا و سنته حصنا حصينا ، و أصحابه حبلا مبينا . قال الرسول صلى الله عليه و سلم :( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله و سنة نبيه ) و قال عليه الصلاة والسلام ( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ من بعدي ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) و حذر عليه السلام من الفتن و الأهواء و البدع و من زلة العالم و قال عليه السلام :( لتركبن سنن من قبلكم ) و وصف عليه السلام الخوارج فجعلهم ببدعتهم مارقين من الدين و تتابعت الآثار في الخوارج و في القدرية و المرجئة و فرقة ...فعن هؤلاء تفرقت الأصناف الاثنان و سبعون فرقة التي حذر الرسول صلى الله عليه و سلم منها و ذكر أن في أمته من تتفرق عليها .
- فمما اجتمعت عليه الأمة من أمور الديانة و من السنن التي خلافها بدعة وضلالة أن الله تبارك وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى لم يزل بجميع صفاته وهو سبحانه و تعالى موصوف بأن له علما وقدرة وإرادة ومشيئة لم يزل بجميع صفاته له الأسماء الحسنى و الصفات العلى أحاط علما بجميع ما برأ قبل كونه وفطر الأشياء بإرادته و قوله ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) - وأن كلامه صفة من صفاته ليس بمخلوق فيبيد ولا صفة لمخلوق فينفد، وأن الله سبحانه كلم موسى عليه الصلاة والسلام بذاته وأسمعه كلامه لا كلاما قام في غيره، وأنه يسمع ويرى ويقبض ويبسط، وأن يديه مبسوطتان، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، وأن يديه غير نعمتيه في ذلك وفي قوله سبحانه { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}. وأنه يجيء يوم القيامة بعد أن لم يكن جائيا والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها فيغفر لمن يشاء من المذنبين ويعذب منهم من يشاء وأنه يرضى عن الطائعين ويحب التوابين ويسخط على من كفر به ويغضب، فلا يقوم شيء لغضبه، وأنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه، وأن له كرسيا كما قال سبحانه : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وكما جاءت به الأحاديث أن الله سبحانه يضع كرسيه يوم القيامة لفصل القضاء ". و قال مجاهد: (كانوا يقولون ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة في فلاة ) - وأن الله سبحانه يراه أولياؤه في المعاد بأبصار وجوههم لا يضامون في رؤيته كما قال الله عز وجل في كتابه وعلى لسان نبيه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم في قول الله سبحانه { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال : الجسنى : الجنة و الزيادة : النظر إلى وجه الله تعالى وأنه سبحانه يكلم العبد يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، وأن الجنة والنار قد خلقتا، أعدت الجنة للمتقين، والنار للكافرين لا تفنيان ولا تبيدان والإيمان بالقدر خيره وشره، وكل ذلك قد قدره ربنا سبحانه وتعالى وأحصاه علمه. - وأن مقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، تفضل على من أطاعه فوفقه وحبب الإيمان إليه فيسره له وشرح به صدره فهداه، و(من يهد الله فما له من مضل ) وخذل من عصاه وكفر به فأسلمه ويسره لذلك فحجبه وأضله، (ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا ) وكل ينتهي إلى سابق عمله لا محيص لأحد عنه . - وأن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية نقصا عن حقائق الكمال لا محبطا للإيمان . ولا قول إلا بعمل ، ولا قول و عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة . وأنه لا يُكفَّر أحد من أهل القبلة بذنب وإن كان كبيرا، ولا يحبط الإيمان غير الشرك بالله تعالى كما قال سبحانه { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.و{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وأن على العباد حَفَظَةً يكتبون أعمالهم كما قال ربنا تبارك و تعالى في كتابه العزيز : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَاماً كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} وقال تعالى { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} و لا يسقط شيء من ذلك عن علمه . - وأن ملك الموت يقبض الأرواح كلها بإذن الله تعالى كما قال تعالى { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} وأن الخلق ميتون بآجالهم، فأرواح أهل السعادة باقية منعمة إلى يوم يبعثون ، وأرواح أهل الشقاء في سجين معذبة إلى يوم الدين ، وأن الشهداء (أحياء عند ربهم يرزقون) ، وأن عذاب القبر حق وأن المؤمنين يفتنون في قبورهم ويضغطون ويسألون، ويثبت الله منطق من أحب تثبيته، وأنه يُنفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، كما بدأهم يعودون حفاة عراة غرلا، وأن الأجساد التي أطاعت أو عصت هي التي تبعث يوم القيامة لتجازى والجلود التي كانت في الدنيا والألسنة والأيدي والأرجل هي التي تشهد عليهم يوم القيامة على من يشهد عليهم منهم. - وتنصب الموازين لوزن أعمال العباد فأفلح من ثقلت موازينه، وخاب وخسر من خفت موازينه، ويؤتون صحائفهم: فمن أوتي كتابه بيمينه حوسب حسابا يسيرا، ومن أوتيه بشماله فأولئك يصلون سعيرا وأن الصراط جسر مورود يجوزه العباد بقدر أعمالهم، فناجون متفاوتون في سرعة النجاة عليه من نار جهنم، وقوم أوبقتهم أعمالهم فيها يتساقطون، وأنه يخرج من النار من في قلبه شيء من الإيمان،. - وأن الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين، ويخرج من النار بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من أمته بعد أن صاروا فيها حمما فيطرحون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل. والإيمان بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ترده أمته لا يظمأ من شرب منه، ويذاد عنه من غير وبدل. - والإيمان بما جاء من خبر الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات على ما صحت به الروايات، وأنه صلى الله عليه وسلم رأى من آيات ربه الكبرى، وبما ثبت من خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام و قتله إياه ،وبالآيات التي بين يدي الساعة من طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، وغير ذلك مما صحت به الروايات. - ونصدق بما جاءنا عن الله تعالى في كتابه و بما ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم من أخباره نوجب العمل بمحكمه، ونقر بنص مشكله ومتشابهه، ونكل ما غاب عنا من حقيقة تفسيره إلى الله سبحانه ، والله يعلم تأويل المتشابه من كتابه ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) ، وقال بعض الناس " الراسخون في العلم يعلمون مشكله" ولكن الأول قول أهل المدينة وعليه يدل الكتاب . - وأن خير القرون قرن الصحابة رضي الله عنهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وأن أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم علي، وقيل ثم عثمان وعلي، ونكف عن التفضيل بينهما، روي ذلك عن مالك وقال: " ما أدركت أحدا اقتدى به يفضل أحدهما على صاحبه فرأى الكف عنهما أولى " . وروي عنه القول الأول و عن سفيان و غيره وهو قول أهل الحديث ، ثم بقية العشرة ثم أهل بدر من المهاجرين ومن الأنصار. ومن جميع أصحابه على قدر الهجرة والسابقة والفضيلة، وكل من صحبه ولو ساعة أو رآه ولو مرة فهو بذلك أفضل من التابعين، والكف عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخير ما يُذكرون به، فإنهم أحق أن تُنشر محاسنهم ويُلتمس لهم أفضل المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " لا تؤذوني في أصحابي فو الذي الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه ". و قال صلى الله عليه وسلم " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " قال أهل العلم : " يعني لا يذكرون إلا بأحسن ذكر " . - والسمع والطاعة لأئمة المسلمين وكل من ولي أمر المسلمين عن رضى أو عن غلبة واشتدت وطأته من بر أو فاجر فلا يخرج عليه، جار أو عدل، ويُغزى معه العدو ويُحج معه البيت ودفع الصدقات إليهم مجزية إذا طلبوها، وتُصلى خلفهم الجمعة والعيدان . قاله غير واحد من العلماء. وقال مالك :" لا يُصلى خلف المبتدع منهم إلا أن يخافه فيصل " . واختلف في الإعادة. - ولا بأس بقتال من دافعك من الخوارج واللصوص من المسلمين وأهل الذمة عن نفسك ومالك والتسليم للسنن لا تعارض برأي ولا تدافع بقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه وما عملوا به عملناه وما تركوه تركناه ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي بهم فيما استنبطوه ورأوه في الحوادث، ولا نخرج من جماعتهم فيما اختلفوا فيه أو في تأويله، وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث على ما بيناه . - وكله قول مالك، فمنه منصوص من قوله، ومنه معلوم من مذهبه. - قال مالك: " قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذُ بها تصديق لكتاب الله تعالى واستكمال لطاعته وقوة على دين الله تعالى ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها ولا النظر فيما خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها نُصر، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا . - قال مالك " وأعجبني عزم عمر رضي الله عنه في ذلك ". يتبع ... بقي منها أقل من النصف منقول من كتاب :" الجامع في السنن و الآداب و الحكم و المغازي و التاريخ و غير ذلك " لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير . من الصفحة 137 إلى 158 تحقيق عبد المجيد التركي . الطبعة الثانية لدار الغرب الإسلامي سنة 1900 ميلادي
الموضوع الأصلي :
المقدمة العقدية لكتاب الجامع في السنن لابن أبي زيد القيرواني
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
أبو عبد الله يوسف الزاكوري
|
#2
|
|||
|
|||
لقد نقل شيئا من هذه المقدمة الإمامُ ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ، فاستعنت بنقله لضبط نصها، على أن فيما نقله رحمه الله بعض الاختلاف الطفيف جدا عما جاء في المطبوع من كتاب السنن .
كما أن هذه المقدمة تزيد على مقدمة الرسالة بنحو ثلاثة أضعاف . التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله يوسف الزاكوري ; 10-11-2009 الساعة 05:55 AM. |
#3
|
||||
|
||||
إن لله على خلقه نعما كثيرة وإن من نعم الله علينا في هذا المنتدى مشاركة إخوة أفاضل سلفيين
نتقرب إلى الله بحبهم منهم الزاكوري وفقه الله ,الذي عرف بإثرائه العلمي ونشاطه الفعال فحياك الله أخي أبا عبد الله بين إخوانك ومحبيك التعديل الأخير تم بواسطة الشاعر أبو رواحة الموري ; 10-08-2009 الساعة 06:33 AM. |
#4
|
|||
|
|||
أحبكم الله يا شيخ عبد الله
و نسأله سبحانه أن يبارك فيكم و في أهليكم . |
#5
|
|||
|
|||
قال مالك : "و العمل أثبت من الأحاديث . قال من أقتدي به :" إنه لضعيف أن يقال في مثل ذلك : حدثني فلان عن فلان . و كان رجال من التابعين يبلغهم عن غيرهم الأحاديث فيقولون : ما نجهل هذا و لكن مضى العمل على غيره " .
- قال مالك : و كان محمد بن أبي بكر بن حزم ربما قال له أخوه :" لم لم تقض بحديث كذا ؟" فيقول:" لم أجد الناس عليه". قال النخعي :" لو كانت الصحابة يتوضأون إلى الكوعين لتوضأت كذلك و أنا أقرأها :" إلى المرافق" . - و ذلك لأنهم لا يُتهمون في ترك السنن و هم أرباب العلم و أحرص خلق الله على اتباع سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لا يظنن بهم ذلك أحد إلا ذو ريبة في دينه . قال عبد الرحمن بن مهدي :" و السنة المتقدمة من سنة أهل المدينة خير من الحديث " . قال ابن عيينة :" الحديث مضلة إلا للفقهاء " يريد أن غيرهم قد يحمل شيئا على ظاهره و له تأويل من حديث غيره أو دليل يخفى عليه أو متروك أوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به إلا من استبحر و تفقه . قال ابن وهب :" كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضال و لولا أن الله أنقذنا بمالك و الليث لضللنا " . - و روي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ " ....يتبع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.