|
كاتب الموضوع | أبو أحمد ضياء التبسي | مشاركات | 3 | المشاهدات | 3896 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
مجموع مقالات: بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"
بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي" (الحلقة الأولى) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعـــد: فإن الذب عن دين الله الحق أمر مشروع بل واجب دل على ذلك آيات وأحاديث كثيرة. قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ). وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) . وما بعث الله الرسل إلا للقيام بهذا الواجب الذي يأتي على رأسه الأمر بأصل أصول الإسلام ألا وهو التوحيد والنهي عن أصل أصول الضلال ألا وهو الشرك وما اشتق منه وهو الابتداع في دين الله ثم سائر المنكرات. وقد لعن الله وذم الذين لا يتناهون عن المنكر فقال-جل شأنه-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ). وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثا، قالوا: لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)([1]). وعن قيس بن أبي حازم قال: قام أبو بكر -رضي الله عنه -، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه فقال: (أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول: (إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)([2]). وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ)([3]). ومن أصول أهل السنة بيان حال الرواة تعديلاً وجرحاً، كذباً كان هذا الجرح أو خطأ أو بدعة ونحو ذلك، وذلك واجب باتفاق المسلمين. ولهم في ذلك مؤلفات مثل: (التأريخ)للبخاري، و(الجرح والتعديل)لابن أبي حاتم، و(التأريخ)لابن معين، و(معرفة الرجال)له، رواية أبي العباس بن محرز وروايات غيرها عن ابن معين، وفي الجرح خاصة مثل(الضعفاء)للبخاري، و(الضعفاء والكذابين والمتروكين) لأبي زرعة الرازي، و(الضعفاء والمتروكين) للنسائي، و(الضعفاء)للدارقطني، و(الضعفاء)للحاكم وغيرها. ومن أصولهم الرد على أهل الأهواء والبدع وبيان أحوالهم والتحذير منهم، وذلك واجب باتفاق المسلمين. ولهم في ذلك مؤلفات مثل: (خلق أفعال العباد)للبخاري، و(السنة)لعبد الله بن أحمد، و(السنة)للخلال، و(شرح السنة)للبربهاري، و(الشريعة)للآجري، و(الإبانتين)لابن بطة، و(شرح أصول اعتقاد أهل السنة)للالكائي، و(الحجة في بيان المحجة)لأبي القاسم الأصفهاني، وغيرها. وكل ذلك من النصح الواجب لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. قال شيخ الإسلام-رحمه الله-في بيان هذين الأصلين: (وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيى بن سعيد سألت: مالكًا والثوري والليث بن سعد –أظنه- والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا، فقال له: إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟! ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء)([4]). وهذان الأصلان الجليلان المجمع عليهما من أعظم ما حفظ الله به دينه، وردّ به كيد الكائدين ومكر الماكرين. وأدلة هذين الأصلين كثيرة جداً من الكتاب والسنة، ومن مواقف الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ومن سار على نهجهم من علماء وأئمة الإسلام. ولقد ذمَّ الله وجرح الكافرين والمشركين والمنافقين واليهود والنصارى ولا سيما أحبارهم ورهبانهم المتأكلين بالدين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) . وفي الأصناف المذكورة آيات كثيرة يعرفها صغار طلاب العلم وصغار حفظة القرآن وأخطر هذه الأصناف المنافقون الذين يلبسون لباس الإسلام ليتمكنوا من ضربه من الداخل . فقد ذكرهم الله وبين خطورتهم في سورة البقرة في عدد من الآيات وفي سورة آل عمران وفي سورة النساء وفي سورة المائدة وفي سورة النور وفي سورة لقمان وفي سورة الحديد، وفي سورة المجادلة، وفي سورة الحشر، ثم سورة المنافقين لشدة خطورتهم على الإسلام والمسلمين ولشدة كفرهم وعداوتهم ومكايدهم للإسلام وإفسادهم في الأرض. قال-تعالى-مبيناً حقيقة حالهم وبيان إفسادهم وبعض صفاتهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ). فهم مع كفرهم ونفاقهم ينفون عن أنفسهم الإفساد في الأرض ولا يكتفون بذلك بل يدَّعون الإصلاح بأقوى الأساليب المؤكدة: (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) قال تعالى مُكذباً لهم تَكذيباً مؤكداً بأقوى أساليب التأكيد: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ). وعندهم دعاوى عريضة يطعنون بها في سادة المؤمنين ويسفهونهم ويوهمون الناس أن إيمانهم هو الصحيح والحق وأنه يختلف عن إيمان أصحاب محمد الذين يصفونهم بالسفه وأنهم سفهاء . قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ). فدافع الله عن أوليائه المؤمنين حقاً وبين حقيقة دعاوى المنافقين وأنهم هم السفهاء. ومن ألاعيبهم ومكرهم أيمانهم الفاجرة في تزكية أنفسهم قال-تعالى-فيهم: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)(سورة النساء/62-63)، فيصفون خبثهم وخيانتهم وعلاقتهم بالكافرين بالإحسان والتوفيق ويقسمون بالله على ذلك يخادعون بذلك المؤمنين. وقال-تعالى-فيهم في سورة المنافقين وعلاقتهم بالكافرين: (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(سورة المنافقون/ 2). وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(سورة المنافقون/4). ويوجد من هذه الأصناف كثير، لهم أجسام تعجب، وألسنة تخلب الأسماع. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)([5]). وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)([6]) . وفي حديث أبي هريرة من وجه آخر: (آية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)([7]). وعن حذيفة بن اليمان-رضي الله عنهما-قال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ) ([8]). فما أكثر من يوصف بهذه الصفات في عصرنا هذا وقبله ولكنهم اليوم أشد وهم أصناف ومِن أخطرهم مَن يلبسون لباس السلفية وفي الوقت نفسه يحاربون السلفية والسلفيين أشد الحرب([9]) . ويدافعون عن أهل البدع بأساليب وشبه وتأصيلات يعجز عنها عتاة أهل البدع، فهم يدافعون عن الإخوان المسلمين وهم خليط من الصوفية القبورية ومن الروافض والزيدية والخوارج والأشعرية، ورؤوسهم يدعون إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان والأتباع يعتزون بهم ويقدسونهم. وإذا بينت لهم هذه الضلالات لم يرتدعوا عن تقديسهم وموالاتهم بل يزدادوا ولاءً لهم وحرباً وعداوة لمن ينصح للإسلام والمسلمين ببيان حال شيوخهم الضالين. ويدافعون عن جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية وهي النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية، وكلها قائمة على الشركيات والحلول ووحدة الوجود. قال الإمام ابن بطة-رحمه الله-: (ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقاربه في جوارك. ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه وهجرانه والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذبّ عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة)([10]). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-فيمن يذب عن أهل وحدة الوجود أو يثني عليهم أو يتأول لهم أو يعتذر لهم أو يكره الكلام فيهم: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال إنه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله. فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية. ولهذا هم يريدون دولة التتار، ويختارون انتصارهم على المسلمين، إلا من كان عامياً من شيعهم وأتباعهم فإنه لا يكون عارفاً بحقيقة أمرهم. ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق([11])، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر، ومن كان محسناً للظن بهم-وادعى أنه لم يعرف حالهم-عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم. وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى، فمن لم يكفر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد. والله أعلم)([12]). وسئل الشيخ ابن باز-رحمه الله-حال شرحه لكتاب(فضل الإسلام)وذلك في شريط مسجّل بهذا الاسم عن من يثني على أهل البدع ويمدحهم: هل يأخذ حكمهم؟. فأجاب: (نعم، ما فيه شك، من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية). وكلام هؤلاء الأئمة وما جرى مجراه من كلام السلف يهدمان منهجكم الفاسد وأصولكم الباطلة التي تنطلقون منها إلى الدفاع عن أهل البدع والذب عنهم والثناء عليهم وإلى محاربة أهل السنة ومنهجهم وأصولهم. قد يقول بعضهم: نحن لا ندافع عن هؤلاء الذين ذكرتهم، فنقول لهم: أنتم مع من يدافعون عنهم قلباً وقالباً، وتحاربون السلفيين الذين ينتقدونهم، ثم أنتم تحاربون من ينتقد وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وتمجدون الدعاة إليها. ومن أصول هؤلاء الذين يلبسون لباس السلفية لحرب أهل السنة ومنهجهم: 1- (نصحح ولا نجرح)، يوهمون الناس أنهم أهل ورع وإنصاف وهم بهذا الأصل مخالفون لكتاب الله وسنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ومنهج السلف الصالح القائم على كتاب الله وسنة رسوله، ومناهضون لأهل الحديث والسنة وأصولهم في الجرح والتعديل من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا، والذين شحنت مؤلفاتهم في الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاصة بالجرح لأهل البدع وغيرهم من الكذابين والمتهمين. ومناهضون لدواوين أهل السنة في نقد أهل البدع وبيان عقائدهم من جهمية ومعتزلة وخوارج ومرجئة وصوفية وغيرهم ينقدون ويجرحون طوائفهم وأعيان كثير منهم خاصة دعاتهم. 2- ومن أصولهم: (المنهج الواسع الأفيح)، وهو كذلك مناهض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح، ومخالف لتحذير رسول الله-صلى الله عليه وسلم-من أهل الأهواء وحكمه على المحدثات بأنها شر الأمور. ومخالف لقوله-صلى الله عليه وسلم-: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ)([13]). ومخالف لقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إن أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وان هذه الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يعني الأَهْوَاءَ كُلُّهَا في النَّارِ إلا وَاحِدَةً وهي الْجَمَاعَةُ..)([14]). فهذا الأصل-أي المنهج الواسع-يستوعب هذه الفِرَق الهالكة من حيث التأصيل، ومن حيث تطبيق هذه الفئة. فجماعة الإخوان المسلمين وهي تضم شر الفرق أهل سنة عندهم. وجماعة التبليغ وهي تجمع طرقاً وفرقاً عندهم أهل سنة. وسواد الأمة سلفيون. ودعاة وحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان من أهل الإتباع. ومن يطعن في نبي الله موسى ويسخر منه ويطعن في الصحابة ومنهم عثمان-رضي الله عنهم جميعاً-، ويعطل صفات الله ويقول بالحلول ووحدة الوجود ويكفر الأمة من فجر تاريخها إلى الآن إلى ضلالات كبرى لا يجوز عندهم نقده وإطلاق البدعة عليه. ومن يذب عن السنة والتوحيد والأنبياء والصحابة والسلف عند أهل هذه الأصول غلاة وغثاء وأراذل وأقزام وشواذ ومنهجهم متآكل وهم مترصدون وغلاة وخوارج ومقلدون لفلان إلى أوصاف أخرى لا تصدر إلا من أمثال هذا الصنف. وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم غثاء فلا يعتبر سباً، ويضعون لذلك قاعدة أن هذه اللفظة(غثاء)إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً، ولا يسلم منتقده وناصحه من الطعن والشتم والاتهامات. ويزيد بعض رؤسائهم اشتراط الإجماع على اعتبارها سباً، وإلا فليست بسب، فيا لها من مغالطات وسفسطات. 3- ومن أصولهم لرد الحق والحجج والبراهين والثبات على الباطل أصل(لا يلزمني)الذي جعلوه جُنة يدفعون بها الحق، فمهما خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت, ومهما ساءت مواقفهم وأصولهم، ومهما دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل ومهما طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب ومهما يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين فلا يقبلونها بل يردونها بهذه(الجُنة)-لا يلزمني-. 4- ومن أصولهم(إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أُجرت)وهذا الأصل صنو أصل(نصحح ولا نجرح). 5- ومن أصولهم(حمل المجمل على المفصل)وهذا الأصل وضعه بعض العتاة للدفاع عن سيد قطب في الدرجة الأولى، وتبناه أبو الحسن وحزبه للدفاع عن سيد قطب وأمثاله واستمر عليه سنوات، ثم لما أحدث الفتنة العاصفة على أهل السنة قال: إن كان قائلها من أهل السنة ومن طلابهم وأنصارهم أو كما قال فيحمل المجمل على المفصل. وأتيناه بالأدلة وبأقوال جماهير العلماء أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، وأقوالهم هي الحق. وحكى الشوكاني الإجماع على أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، فلم يرتدعوا عن باطلهم، ثم هم لا يطبقون هذا الأصل إلا على أقوالهم المفصلة الواضحة يجعلونها مجملة. ولا يطبقونه على خصومهم، بل يجعلون كلام خصومهم الواضح في الحق باطلاً وظلماً وغلواً. وكتاباتهم مليئة بالظلم، ولا يرفعون رأساً بقول الله-تعالى-: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهيهات أن يلتزموا هذه الآية وغيرها في وجوب العدل ولو مع الكفار وهم ملتزمون بقاعدة(لا يلزمني). أقول: وكل ما سطرته هنا نملك عليه الأدلة والبراهين من أقوالهم ومؤلفاتهم. وقد هدم السلفيون هذه الأصول الباطلة بالأدلة والبراهين، ومع ذلك لا تزال هذه الفئة الضالة متشبثة بأصولها الباطلة. وهذه الفتن هم مثيروها ومطولوها ببغيهم وعدوانهم، وكلما انتهت فتنة من فتنتهم افتعلوا أخرى على امتداد سنوات. وهي فتن قد خططوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني-رحمهما الله-، وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط، وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة. ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين. وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحاً بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام. ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه. ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه. ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه. كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة. فما من واحد إلا وصبرت عليه سنوات أناصحه باللطف رجاء لعودته إلى الحق وحرصاً على جمع الكلمة فلم ينجع هذا الصبر الطويل والأمل العريض؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها. من ذلك ما سلف ذكره من تخطيط. ومنها- الدعم المالي من المؤسسات التي تشابههم في التخطيط والأهداف، وقبل ذلك وبعده الهوى والانحراف. ومن أذناب هذه العصابة من يسمى بـ(مختار طيباوي)وهذا الرجل كان قديماً ممن يتظاهر بالسلفية ويتصل عليَّ بواسطة أحد أصدقائه وهذا الصديق كان يصفه بالسلفية ففرحنا به وقدمنّا له من المعروف والدعم المعنوي ما نستطيعه. ثم لما ظهرت فتنة أبي الحسن ظهر على حقيقته فبرز مسانداً لأبي الحسن وفتنته فتجاهل السلفيون هذا الموقف منه لعله يتوب إلى رشده. ثم لما جاءت فتنة علي الحلبي وقف إلى جانبه وكتب عدة مقالات يؤصل فيها على طريقة سادته السابق ذكرهم وتأصيلهم ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً، والهدف فيما يبدو المنهج السلفي ولو كان عنده أدنى رضا واحترام لمنهج السلف وأهله لما تجشم هذه الحركات الظالمة ولما تجشم هذا التأصيل، ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها. وقد رد عليه بعض الشباب السلفي ردوداً نافعة ولو كان عنده شيء من احترام الحق ومنهج السلف لثاب إلى رشده إن كان عنده شيء من الرشد، وكفّ شره وفتنته عن السلفية والسلفيين، ولكن لا حياة لمن تنادي. وأخيراً كتب مقالاً بتأريخ: 22 من الشهر المحرم عام(1432هـ)، نشره في ما يسمى زورًا: ( بمنتديات كل السلفيين)تحت عنوان( حسم السجال حول مذهب الشيخ ربيع في الرجال). وهؤلاء الرجال هم العصابة الذين ألمحنا سلفاً إلى أعمالهم وأصولهم ودفاعهم عن أصحاب وحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان وحربهم الغاشمة على من ينتقد هذه الضلالات وغيرها من الضلالات. فمنهج الشيخ ربيع الذي ينتقد هؤلاء الضلال، عند هذا المختار، منهج يقوم على الجهل ويخالف منهج السلف، والذي يمثل منهج السلف هذا المختار وشيوخه ورجاله الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، بل يرون المعروف منكراً ولو كان ذبّاً عن التوحيد والسنة ورداً للضلالات الكبرى. ويرون أنكر المنكرات معروفاً مثل الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان والدعوة إلى إلزام الأمم جميعاً بقوانين الأمم المتحدة، وهذه الأمور عندهم شارحة لرسالة الإسلام وتمثل وسطية الإسلام. ومن يؤيد وحدة الأديان وأخواتها من غلاة الرفض وغلاة الصوفية والخوارج هم علماء الإسلام والثقات، ويا لها من تزكية، فهنيئًا لهذا الطيباوي الذي لا يرى هذه الموبقات تخالف المنهج السلفي، ويرى أن من ينكر هذه المنكرات وما دونها مخالفاً لمنهج السلف، وأنهم كذابون ومقلدون ...الخ، ولا يسعنا إلا أن نقول: (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(الحج/46). فإذا قال أنا لست معهم في كل شيء، قلنا له: أنت من مؤيديهم وأنصارهم والذابين عنهم فأنت منهم وتحارب من ينكر أباطيلهم، فماذا بعد الحق إلا الضلال. وتذكر قول الله تعالى : (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)(المائدة/79). وتذكر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ... )(النساء/135) الآية. هذا إن كان عندك ذاكرة تسعفك بهذين النصين وغيرهما، تلك النصوص التي تغرس في نفس المؤمن الصادق خشية الله وتقواه ومراقبته وتغرس في نفسه احترام الإسلام وعقائده وأصوله ومناهجه وتغرس في نفسه الغيرة على الإسلام وعقائده ومناهجه فيدعو إليها ويذب عنها بكل ما يستطيع ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يغريه مال ولا جاه. وتغرس في نفسه بغض الكفر والنفاق والبدع والمعاصي، فينكرها أشد الإنكار، ويحذر منها كما هو شأن الأنبياء والأتقياء، لا الأدعياء. أولاً: قال مختار بعد العنوان السالف الذكر: (حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال)، وهو لا يحسم السجال عند الرجال بل يورث الخبال . قال بعده: (الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وبعد... لقد اختلفتأحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، ولم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض،أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع، فهذا ما سنبحثه بتفصيل في هذا المقال، ونُقيم الأدلة على بطلان مذهب الشيخ ربيع النَّقدي في الرجال، و أنه سوء فهم كبيرلمنهج أهل السنة). أقول: قولك: (لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض،أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع). أقول: 1- اختلاف أهل السنة مع أبي الحسن المصري المأربي وعدنان عرعور وعلي حسن الحلبي ومن دار في فلكهم ليس مجرد اختلاف في رجال، بل هو اختلاف في المناهج وفي الأصول، وفي دفاعهم عن ضلالات وبدع كبرى وعن أهلها، وفي فتن عاصفة تثيرها هذه العصابة بغياً وعدواناً على السنة وأهلها، ولا يوجد اختلاف بين السلف الصالح في مثل هذه الدواهي والطامات، فدع عنك التلبيس والمغالطات. 2- كان السلف الصالح على عِلم صحيح بكتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-وكان عندهم من الإخلاص لله والعبادة والزهد والورع والغيرة على دين الله ما يعرفه لهم أهل الفضل. وكانوا على منهج واحد، وكانوا إذا بدع أحدهم شخصًا لا يهب آخرون لمعارضته وتكذيبه والطعن فيه، بل كان في غالب الأوقات يؤيده إخوانه في تبديع هذا المبتدع مائة في المائة، وفي أندر من النادر قد يخالفه أحد إخوانه من العلماء المعروفين بالتقوى والورع لشبهة تعرض له، بينما باقي الجماعة سوى هذا لا يجد منهم الناقد إلا التأييد والموقف الصحيح. فلم نجدهم اختلفوا في جهم بن صفوان ومن سار على منهجه من الجهمية ولا في عمرو بن عبيد ومن سار على نهجه من المعتزلة، وقبل ذلك لم يختلفوا في معبد الجهني ومن تبعه من القدرية، وفي عهد الإمام أحمد لما تلكأ بعض العلماء في الصدع بالقول أن القرآن كلام الله والرد على من قال القرآن مخلوق هجرهم الإمام أحمد مع أنهم من أبرز أهل السنة والحديث ومع اعتذارهم بالخوف من بطش السلطان وسطوته لم ينبر أحد للإمام أحمد يحاربه ويؤلب عليه، ويؤصل الأصول المناهضة لمنهج السلف ومنهم الإمام أحمد. ولما ألّف الإمام أحمد الرد على الجهمية، ونقدهم فيه النقد الشديد، بل كفرهم، لم ينبر فرد ولا جماعة يستنكرون على الإمام أحمد تأليف هذا الكتاب وشدة الجرح فيه. ولم يقم أحد بتأصيل الأصول للدفاع عن الجهمية والمعتزلة مثل: (نصحح ولا نجرح)و(المنهج الواسع الأفيح)، ولو كان الجهمية هم الحكام، بل كل أهل السنة تلقوا هذا الكتاب بكل احترام. ولما أَلَّف الإمام عثمان بن سعيد كتابيه: (الرد على الجهمية)وكتاب (النقض على بشر المريسي)، وتناول في الكتابين الجهمية وأتباعهم بالنقد والتكفير والطعون الشديدة تلقاه أهل السنة بالترحيب وبصدور رحبة إلى يومنا هذا، ولم ينـزعج منه إلا الكوثري وأمثاله من سابقيه ولاحقيه ممن يعظم أهل البدع ويدافع عنهم، كما تفعل هذه العصابة الآن. وكذلك لما ألّف عبد الله بن الإمام أحمد كتابه (السنة)، وتلاه الخلال بكتاب(السنة)، والبربهاري بـِ(شرح كتاب السنة)، والآجرى بكتاب(الشريعة)، وابن بطة بـِ(الإبانتين الكبرى والصغرى)، واللالكائي بكتاب(شرح أصول اعتقاد أهل السنة)، والصابوني بكتاب(عقيدة السلف أصحاب الحديث)، وغيرهم وغيرهم ممن ألّف في بيان عقائد ومناهج أهل السنة وبيان عقائد ومناهج أهل الضلال وفيها مئات النصوص عن علماء السنة في الطعن على أهل البدع على اختلاف عقائدهم ومناهجهم. لما ألّف هؤلاء العلماء هذه الكتب، لم يهب أفراد ولا جماعات لاستنكار هذه المؤلفات ورمي مؤلفيها بالغلو والشدة مع أنهم أشد على أهل البدع من ربيع وإخوانه بمراحل. ولما بدَّع الإمام أحمد مثل الحارث المحاسبي والكرابيسي ويعقوب بن شيبة، وهم كانوا من أبرز أهل السنة والحديث؛ لأن بعضهم قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وبعضهم توقف، فلم يقل القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق، مع أنهم يقولون: القرآن كلام الله، فلم يهب لمعارضة الإمام أحمد مثل الحلبي وعرعور والمأربي ومن دار في فلكهم؛ لأن علماء زمانهم وطلاب العلم كانوا يحترمون السنة وأهلها، ويبغضون البدع وأهلها؛ ولأنهم أهل صدق وأمانة وأخلاق إسلامية. فلا يجوز لك يا مختار أو يا محتار أن تحيد عن منهج السلف بما يخالف واقعهم ولا يجوز لك أن تشمر عن ساعد الجد في البحث عن الحالات النادرة الشاذة، ثم تخرج بها على الناس رافعاً عقيرتك بأن هذا هو منهج السلف كما فعلت في هذا المقال الظالم المظلم الذي تدافع فيه عن أهل الباطل وتشوه ما تزعم أنه منهج ربيع الذي يسير على منهج السلف، يؤيده واقعه وواقع كتبه، وأيده أهل السنة الشرفاء وعلماؤهم الكبراء. أقوال العلماء في من يتتبع الشواذ من زلات أهل العلم نقل الخلال بإسناده إلى إبراهيم بن أدهم، قال : (من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا)([15]). وقال سليمان التيمي: (إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله)، قال أبو عمر ابن عبد البر: (هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً )([16]). وقال الأوزاعي: (من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام)([17]). وعن ابن المبارك أخبرني المعتمر بن سليمان قال: (رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني لا تنشد الشعر، فقلت له: يا أبت كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد، فقال لي: أي بني، إن أخذت بشر ما في الحسن، وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله)([18]). وقال الإمام أحمد: (لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع(يعني الغناء)وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا)([19]). وروى البيهقي بإسناد صحيح عن إسماعيل القاضي أنه قال: (دخلت على المعتضد، فدفع إليَّ كتابا نظرت فيه، وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث، قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب)([20]). وقال ابن الصلاح: (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد)([21]). وقال الشاطبي: (فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيه هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه)([22]). على أن الشواذ التي تتبعها هذا الرجل وسردها خلال مقاله لا يصح تعلقه بها، إما لأنها لا تثبت عن من نسبت إليهم، أو أنه أساء فهمها، فخرج من الجميع بخفي حنين، هذا بالإضافة إلى ما يلحقه من اللوم في تتبعه للشواذ. 3- أقول: إن من منهج القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح وجوب بيان الحق ورد الباطل، وقد أخذ الله على عباده الميثاق أن يقوموا بهذا البيان قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)(آل عمران/187)، وفرض عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تقدمت الآيات في ذلك، فإذا قام ربيع بهذا الواجب وشجعه علماء السنة بحق هب أمثال عدنان عرعور لمعارضة هذا الحق وذهب يؤلب الرعاع على من يقوم بهذا الواجب، ويؤصل الأصول لرد الحق والذب عن الباطل وأهله. وهذا الباطل منه: الطعن في نبي الله موسى والطعن في الصحابة الكرام والقول بوحدة الوجود والحلول وتعطيل الصفات و..و... إلى آخر الضلالات التي تضمنتها كتب سيد قطب، وبينتها في عدد من كتبي مثل كتاب(أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره)، وكتاب(مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-)و(العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم). بدأ عدنان بالفتن والشغب منذ صدر كتاب(أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره)، وطلبت منه بحضور بعض الإخوة الاعتذار عن هذه الفتنة التي أثارها، فوعدني بالاعتذار ومكث يماطل، ويطلب منه غيري الاعتذار فيعدهم به، ثم لم نفاجأ إلا بضد ما كنَّا ننتظره منه. 1- وذلك أنه أصدر عدداً من المؤلفات يشيد فيها بسيد قطب ويقرنه بشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب في بيان التوحيد ويشيد بأصول سيد قطب ومنهجه. 2- يشيد بسيد قطب ويدعي أنه ما أحد بيّن مثله قضايا المنهج. 3- أكثر جداً من النقول في كتبه عن سيد قطب وهو يعترف بذلك. 4- يشيد بمؤلفات سيد قطب. ومنها: (في ظلال القرآن)الذي ملأه سيد قطب بالتكفير وحتى أنه يكفر بالجزيئة، وفيه تعطيل صفات الله وفيه القول بالحلول ووحدة الوجود وعقيدة الجبر، وغير ذلك من الضلالات. ومنها: (خصائص التصور الإسلامي)وفيه قطعاً ضلالات، ومن مزاعم عدنان أنه رد فيه على الطوائف وهذا من كيس عدنان. ومنها: كتاب(لماذا أعدموني)ويدّعي عدنان أن سيد قطب بيّن فيه المنهج. وفي هذا الكتاب التربية على صنع المتفجرات، وفيه مؤامرة على نسف القناطر المصرية وبعض المؤسسات وفيه التربية على الاغتيالات. وعدنان يشيد بهذا الكتاب وأن سيد قطب بيّن فيه المنهج الصحيح، وهذا منه في غاية المكر. ومنها كتاب(معالم في الطريق)الذي يُكفر فيه المجتمعات الإسلامية لا من أجل فساد عقائدها ولكن من أجل أنها أعطت على زعمه الحكام حق التشريع. ومعظم المجتمعات لا يريدون التشريعات الغربية التي يتبناها كثير من الحكام لأنها ترهقهم بالضرائب وكثير من التشريعات الباطلة. وإشادة عدنان بسيد قطب وكتبه ومنهجه وأنه ما أحد وضح المنهج مثله غش للشباب السلفي ومحاولة ماكرة منه لربط الشباب السلفي بسيد قطب ومنهجه الضال الذي دمر كثيراً من الشباب وملأ أدمغتهم بالتكفير والإرهاب والتفجير. وفي كتاباته طعن شديد في السلفيين، انظر (ص/87)من(التيه والمخرج)، حيث قال: (وأما أهل زماننا ... وما أدراك ما أهل زماننا!! فترى معظم المسلمين-وربما يكون بعضهم من المشايخ والدعاة والمتدينين-سيماهم العبوس، وخُلُقُهم التكبر والاحتقار، وشيمتهم الفظاظة وسوء الخلق، وخليقتهم التعنُّت وسوء الظن. ويا ويل من ابتسم في درسه! أو ألقى دعابة في حلقته! أو راجعه في حكم! أو ناقشه في فتوى وعلم! وكأن ديننا دين العبوس والتكبر على الخلق!!. ولقد شهدت بعض المجالس التي يطرد منها الشاب اللطيف، لمجرد مراجعة أبداها، أو ابتسامة أظهرها، أو فكاهة ألقاها). وهذا التشويه من أكذب الكذب والمقصود به السلفيون وعلماؤهم. وكم له من الطوام. ثانياً: قال مختار في (ص1): (كلمة عن العداوة: قد لا يفهم كثير من الناس أسباب العداوة بين العلماء وطلبة العلم المنتمين إلى نفس الاتجاه، ولا أثر هذه العداوات في سوق التزكيات بالمحاباة، والتجريحات الباطلة، وأن أكثرها نبع من العداوة سلبا أو إيجابا. والحقيقة هذه العداوة التي يسقُط بها عند أهل العلم: التجريح قبل التعديل لها سببان واضحان لمن رزقه له([23]) بصيرة، و خبر أحوال أهل العلم و مقالاتهم. الأول: نقد مذهب الكبير-بحق أو بباطل-في قومه أو أتباعه نقدا يبطل مذهبه، فهذا جالب لعداوة شديدة لا تنضبط بضابط، ولا حد، وقد شاهدنا مثلها في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد عبد الوهاب، والشيخ الألباني، وقبلهم العداوة للإمام أحمد، وعداوة بعض المالكية المصريين للشافعي). أقول: لقد حصر هذا الرجل أسباب العداوة بين العلماء وطلاب العلم في سببين وأسقط بهذين السببين أموراً مهمة، منها: 1- جهاد أهل الحق في نصرة دين الله وتطهيره من أقذار الأهواء التي ينسبها إليه أهل الأهواء. وهذا الجهاد أثار عداوة وبغي عدنان والمأربي وأمثالهما على أهل السنة. 2- تزكيات علماء المنهج السلفي لمن هو أهل للتزكيات وجدير بها لأن أعماله تزكيه قبل تزكيات العلماء، وهذه التزكيات أثارت حقد وعداوة عدنان والمأربي والحلبي للشيخ ربيع في الدرجة الأولى ولإخوانه السلفيين. ويريد هذا الرجل الذي استولى الهوى والحقد على عقله أن يسقط تزكيات علماء السنة وأئمتها وعلى رأسهم ابن باز والألباني وابن عثيمين للشيخ ربيع وإخوانه، وتزكيات كبار العلماء لا تسقط بتهويشات أهل الأهواء الحاقدين، ولو بلغوا في تعالمهم عنان السماء. 3- جرح علماء السنة لعدنان عرعور وأبي الحسن والمغراوي وأمثالهم بسبب ما عندهم من الضلال، وهذا أيضاً مما ضاعف عداوة وبغض هذه العصابة لأهل السنة. ويريد هذا المحتار أن يضحك على الناس فيشبه أهل الباطل والفتن والشغب على أهل السنة بأئمة الإسلام كأحمد بن حنبل والشافعي وابن تيمية وابن عبد الوهاب والألباني، وهذا من أكذب الأقيسة وأفسدها، فقياس من يحارب أهل السنة ويدافع عن البدع الكبرى وأهلها ويؤصل الأصول الباطلة لهذه الحرب الظالمة قياس هؤلاء على هؤلاء الجبال من أئمة السنة الذين جاهدوا وناضلوا وواجهوا الأهوال لرفع راية السنة وتنكيس أعلام ورايات البدع وأهلها وقمعها وقمعهم هذا من الجمع بين المتباينات أو المتضادات وكفى بصاحبه جهلاً وسفسطة ومغالطات. ولو كان عند هذا الرجل أدنى حد من العدل والإنصاف لأدان هؤلاء الأقزام المتأكلين بدينهم ولنصر أصحاب الحق الذين بيّنوا أباطيلهم وضلالاتهم ولكن هيهات هيهات، وفي المثل: (إنك لا تجني من الشوك العنب). لقد نَصَّب هذا(الطفيلي)نفسه الجاهلة الظالمة في منصب أئمة الإسلام وأئمة الجرح والتعديل ليسقط جهاد أهل السنة ويسقط علماءهم وتزكياتهم، وهيهات هيهات فنقيق الضفادع وطنين الذباب لا يسقط الجبال ولا يهزها، ويصدق عليه المثل الآتي: (قالوا: إن بعوضة نامت على شجرة فلما أصبحت قالت للشجرة استمسكي إني أريد أن أطير، فقالت لها الشجرة أنا لم أشعر بك حين وقعت عليّ فكيف أشعر بطيرانك). هذا مثل يضرب به للتافهين حينما يريدون أن يصولوا على الرجال الأقوياء الشرفاء. ثالثاً: قال مختار في(ص1-2): (قال الرازي-رحمه الله-في( المحصول)( (114/5)): (وأيضا فإن الرجل العظيم إذا أختار مذهبا فلو أن غيره أبطل ذلك المذهب عليه فإنه يشق عليه غاية المشقة، ويصير ذلك سببا للعداوة الشديدة). فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، و للشيخ أبي الحارث الحلبي، و كذلك للشيخ المغراوي، و لعدنان عرور-أحسن الله إليهم جميعًا-هي من هذا باب([24])،ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم. وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم([25]) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم. الثاني: كل رجل يدعو في بلده إلى اتّباع الدليل ،و ينابذ المذهبية الباطلة في أصحابه وجماعته بانتقاد شيوخ الجماعة يلقى عداوة عظيمة، بحيث يبغضه المنتمون إلى جماعته أكثر من بغضهم للجهمية و الرافضة، وربما الكفار). أقول: استشهد بكلام الرازي ليوهم الناس أن العداوة بظلم وبغي إنما هي من ربيع حيث قال: (فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، وللشيخ أبي الحارث الحلبي، وكذلكللشيخ المغراوي، ولعدنان عرور-أحسن الله إليهم جميعًا-هي من هذا باب([26])، ذلك أنهمرفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة وأهل العلم. وعداوتهلبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم([27]) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهمأعظم). أقول: هكذا يصور هذا الغاوي الشيخ ربيعاً ظالماً معادياً لمن سماهم سابقاً، وهم عنده أهل الحق الأتقياء الأبرياء، الذين رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد. ولم يضرب لنا الأمثلة لهذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد. أما أنا فسأعطي نموذجاً موجزاً عن ظلم وبغي عدنان عرعور والمغراوي وأبي الحسن والحلبي، الأمور التي تدل على بغيهم وعداوتهم وعدوانهم وزيف سلفيتهم وضلال منهجهم وبعدهم عن المنهج السلفي الشريف. وأن ربيعاً وإخوانه إنما جرحوهم بحق وعدل، هذا مع العلم أن ربيعاً وإخوانه طال انتظارهم على مدى سنوات فيئة هؤلاء ورجوعهم إلى جادة الحق والصواب، لكن مع الأسف كانوا لا يزدادون على مر الأيام والسنين إلا تمادياً في الباطل وتمرداً على الحق وأهله. نموذج موجز عن عدنان عرعور وفتنته وفتنة مشجعه الحلبي أولاً: جاءت ثورة عدنان عرعور على المنهج السلفي وأهله، ولتمجيد سيد قطب الطاعن في نبي الله موسى والطاعن في أصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-ولمدح منهجه ومؤلفاته التكفيرية والمتضمنة للاشتراكية والحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله والقول بأزلية الروح والدندنة حول إنكار معجزات الرسول-صلى الله عليه وسلم-غير القرآن إلى ضلالات أخرى. وإلى جانب هذا يؤصل أصولاً لحماية أهل البدع ولضرب أصول أهل السنة. وإليكم بعض هذه الأصول مع إبطال العلامة ابن عثيمين لها. قال السائل لابن عثيمين: 1- ما قيل في أخطاء أهل البدع: (نصحح ولا نجرّح). فأجاب الشيخ-حفظه الله-: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق. 2- (من حَكَمَ حُكِمَ عليه). فأجاب-حفظه الله-: هذه قواعد مداهنة. 3- (لا علاقة للنية بالعمل لا من قريب ولا من بعيد). فأجاب-حفطه الله-: هذا كذب، لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات). 4- (يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت). فأجاب-حفظه الله-: هذا ليس بصحيح. 5- (يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء، وقال: من خالف هذا فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين). فأجاب-حفظه الله-: هذا غلط. 6- (أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم). فأجاب-حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي. قال السائل: (حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟). فأجاب-حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!! انتهى كلامه حفظه الله([28]). ومن ثمار هذه الثورة والتأصيل ما يأتي: 1- السلفية أمر نسبي. 2- الطوائف كلها وحدة لا تتجزأ. قال عدنان في إحدى محاضراته: (إن السلفية أمر نسبي 90%، 70 %، 60 %، 50 %، 15%، 1% ). أقول أنا ربيع: كيف تعرف هذه النسب وكلها أو جلها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله. فمَن مِن الفرق كلها على ضلالها أفرادا وجماعات لا يكون سلفيا على تأصيل عدنان؟. ومن هنا يرى عدنان أن الخلافات بين الجماعات الإسلامية ليست في العقيدة ولا في المنهج، ولو رأينا ذلك لأخرجناهم من الإسلام. ومن عجائب عدنان أنه يرى أن فرق الضلال كلها من الطائفة المنصورة. فقد سئل: (هل الطائفة المنصورة هي جماعة بعينها أو أفراد ملتزمون بمواصفات الجماعة في أوساط الناس والجماعات؟، وهل أنا محاسب على إتباع الجماعة أم الالتزام بشرع الله؟، وهل إذا كنت فعلا مع جماعة تنطبق عليها الجماعة المنصورة سيكون ذلك شفيعا لي عند الله؟). فأجاب: (هذا سؤال من أهم الأسئلة ووددت لو أني خرجت منه، لقاعدتي أو للقاعدة التي قلناها: (إذا حاكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت)، الأصل في هذه الطائفة أن تكون جماعة متجمعة، والواجب على المسلمين جميعاً أن يكونوا معها، بل لا أقول: أن يكونوا معها، لأنهم منها، لا أقول معها، وأنا أراجع كلامي، لا أقول: يجب أن يكونوا مع الطائفة المنصورة، لأنهم ولدوا فيها، أقول: لا تخرجوا منها)([29]). فهو يجاري أهل البدع الغليظة الذين لا يرفعون رأسًا بحديث: ( افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة). أيا عدنان حتى الجهمية والروافض والخوارج وصوفية القبور والحلول ووحدة الوجود من الطائفة المنصورة؟!! فترى أن عدنان قد وسع دائرة الطائفة المنصورة ليدخل فيها كل الفِرَق بحيث لا تخرج منها أي فرقة، وهذا من تطبيق المنهج الواسع الأفيح. فما كان من علماء المنهج السلفي وطلاب العلم إلا التصدي لثورة عدنان ومنهجه وتأصيلاته بالإدانة وبيان ضلالاته وإبطال أصوله ومكره، فأسقطهم عدنان وسخر منهم، ومن سخرياته بهم قوله: إنهم شعب الله المختار الذين ولدوا من دبر آدم، أي يشبههم باليهود، ويقول عنهم: إنهم ولدوا..الخ، هذا بالإضافة إلى الطعن في أخلاقهم. فشكل الحلبي جبهة معارضة لأهل السنة يقاومهم ويحمي عدنان وأصوله ومنهجه الباطل بأسلوب ماكر مميع لا يلحق فيه، ينصر به الباطل والضلال، ويخذل به الحق وأهله، بل يحاربهم به. نموذج موجز عن فتنة المغراوي ومشجعه الحلبي ثانياً: وجاء المغراوي يهذي بالتكفير في محاضراته ودروسه في التفسير وغيره بأسلوب لا يجرؤ عليه غلاة التكفير. ورمى الأمة بأنهم عباد أصنام وعباد عجول ومنافقون عن بكرة أبيهم، وأُلِّفت ثلاثة كتب موثقة في بيان منهجه التكفيري الأهوج الذي لا زمام له ولا خطام. ونصحه العلماء بالرجوع عن هذا المذهب التدميري، فما كان منه إلا العناد والمكابرة وإنكار الحقائق الواضحة كالشمس. ثم الكر على العلماء بالطعن والإسقاط ورمي من ينكر منكراته من السلفيين بالردة والزندقة. يسانده في هذا الظلم والبغي علي حسن الحلبي وحزبه وعدنان عرعور وأبو الحسن المأربي. وهذا من العجائب، والعجب الأشد من الحلبي الذي يحارب التكفير كيف ينصر أشد الناس تكفيراً لا بد من وجود أسرار وراء الكواليس. نموذج موجز عن فتنة أبي الحسن ومشجعه الحلبي ثالثاً: جاءت ثورة أبي الحسن على المنهج السلفي وأهله على طريقة عدنان عرعور، وتتضمن نفس أهداف عدنان. حرب على المنهج السلفي وأهله، ودفاع مستميت عن سيد قطب وعن أهل البدع الكبرى، مع زيادة أصول تهدم المنهج السلفي، وتلمع أهل البدع، وتحميهم، وتذب عنهم، وتجعلهم من أهل السنة مع أنهم خليط من جماعات تضم الروافض والخوارج وغلاة الصوفية من أهل وحدة الوجود والحلول والشركيات. في الوقت الذي يرمي فيه أهل السنة بأنهم الغلاة وأهل الشذوذ وأنهم غثاء وأراذل وأقزام بل وخوارج..الخ ومن أصوله الكثيرة: 1- (المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها)، ولكنه لا يسع السلفيين وعلماءهم. 2- (نصحح ولا نهدم)، أي لا يجوز مس أهل البدع ولا التحذير منهم، لأن ذلك هدم. وله أصول أخرى لمعارضة أصول أهل السنة وللدفاع عن أهل البدع. وقد ألّفتُ في بيان فساد منهجه وأصوله مؤلفات، ومن تلك المؤلفات(أبو الحسن يدافع بالباطل والعدوان عن الإخوان ودعاة حرية ووحدة الأديان). فما هو موقف الحلبي من هذا المنهج الباطل الهدام، وهذه الأصول الهدامة والحرب المدمرة على أهل السنة؟. إنه الاستمرار في مقاومة أهل السنة ومعارضاتهم والدفاع عن أبي الحسن وعدنان بأساليب ومراوغات وحيل ماكرة ينصر بها الباطل وأهله ويخذل الحق وأهله. ألا يدل هذا على الرضا عنهم وعن مناهجهم وبغيهم وعدوانهم على أهل السنة والحق؟. نموذج موجز عن فتنة علي الحلبي بعد فتنه السابقة رابعاً: وجاءت ثورة الحلبي امتداداً لسلسلة هذه الثورات على المنهج السلفي، إضافة إلى مساندته القوية للثورات السابقة. فأصدر شريطاً ملأه بالهذيان بالباطل، ومن أباطيله العجيبة قوله في هذا الشريط: (إن الجرح والتعديل ليس له أدلة من الكتاب والسنة). ثم ألّف كتاباً سماه(منهج السلف الصالح)، وليس كذلك، شحنه بالأباطيل والتمويهات، لا أستثني إلا ما ابتزه من كلامي وبعض الكلام لغيري ليسخره لنصرة أباطيله، وصدرت ردود على ما حواه هذا الكتاب من عدد من السلفيين الصادقين الثابتين على الحق، دمغوا في ردودهم هذه أباطيله وتمويهاته وتأصيلاته الباطلة. ومنها: تلاعبه بالجرح المفسر ومخالفته فيه لمنهج السلف. ومنها: دعواه الباطلة أنه لا يبدع الشخص إلا إذا تم الإجماع على تبديعه. ولم يتراجع عن شيء من أصوله الباطلة وانحرافاته الواضحة. ويرمي السلفيين بالغلو مع غمز ولمز وشتائم سوقية. ورد عليه أحد السلفيين بكتاب بيّن فيه جهل الحلبي وتمويهاته فلم يتراجع. وأخيرا يفضحه الله بمدحه لرسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان ومؤاخاة وموادة أهل الأديان ومساواة الأديان، وإسقاط جهاد الطلب، ودعوة الدول كلها إلى تطبيق وتنفيذ قوانين الأمم المتحدة، فهبّ يدافع عن نفسه وعنها بالأباطيل والتمويهات ويمدح مضامينها، ويرمي من انتقدها بالغلو، وبأن دعاواهم على مضامين هذه الرسالة كفرية وتكفيرية. وكان قد سبقه حزبه إلى الدفاع عن هذه الرسالة ومَدْحِها بل وشَرْحِها، ووصْفِها بالمباركة، والطعن فيمن ينتقدها نصحاً للإسلام والمسلمين، ورميهم بأنهم غلاة وخوارج. والحلبي يؤيدهم ويمدحهم، ويمدح كتاباتهم، ويرى أنها حق وأن مخالفيهم على باطل. هذه صورة مصغرة جداً من بوائق الحلبي الظاهرة فضلاً عن الخفية. ومع ذلك يتساءل حزبه عن أسباب تبديع الحلبي ويقول: إن هذا التبديع مجمل، فيا له من عمى(إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (سورة الحج : 46). الحق شمس والعيون نواظر......... لكنها تخفى على العميان وقول المحتار عن حزبه: (ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم. وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم). أقول: لم يعين لنا بعض الدعاة وأهل العلم الذين صب عليهم ربيع هذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد. وأنا أعيِّن له هؤلاء الدعاة وأهل العلم الذين تهرب من ذكرهم، والذين هب للدفاع عنهم: عدنان عرعور وأبو الحسن، ويشجعهما علي حسن الحلبي: 1- سيد قطب الذي سخر من نبي الله موسى مرات، وطعن في عثمان والصحابة والتابعين في عهده وعهد عَلِي وحكم على الجيل في عهد علي ومعاوية بالردة وقال بالحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله تعالى ونادى بالاشتراكية الغالية، وكفر الأمة الإسلامية من فجر تأريخها إلى عهده وزعم أن نصوص القرآن تشتمل على الموسيقى والمسرحيات والتمثيليات إلى ضلالات أخرى، ومعروف أن التمثيليات لا تقوم إلا على الكذب. فناقشه ربيع مناقشات علمية أيدها علماء المنهج السلفي واغتاظ من هذه المناقشات أهل البدع وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، واغتاظ عدنان أشد منهم، فهب للدفاع عن سيد قطب وتمجيده وتمجيد منهجه ومؤلفاته. 2- من هؤلاء الدعاة عبد الرحمن عبد الخالق الإخواني المحترق الذي طعن في علماء المنهج السلفي أخبث أنواع الطعن وشوههم وأسقطهم وطعن في سلفيتهم وقال : إنها سلفية تقليدية لا تساوي شيئاً وكان يمدح الجماعات الحزبية ويطريهم، ولا سيما الذين يدرسون منهم في الغرب. هذا وكنت أنا بحكم زمالتي له أناصحه في انحرافاته على امتداد اثني عشر عاماً كتابة ومشافهة في لقاءاتي له فما كان منه إلا التمادي في باطله وبعد هذه المناصحات الطويلة وبعد تماديه في الباطل ناقشت أباطيله في كتابين، أحدهما(جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات)لأن من انحرافاته دعوته إلى تعدد الحزبيات، فردَّ عليَّ بالباطل، فرددتُ باطله في كتاب ثان سمتيه (النصر العزيز)، وأيَّد كتابيّ هذين علماء السنة، وأغاظ أهل البدع، والظاهر أن منهم عدنان عرعور وأبا الحسن والمغراوي بحكم ارتباطهم بجمعية التراث التي ربّى أفرادها وقادتها عبد الرحمن عبد الخالق، وهذه الجمعية وفروعها من أقوى الممولين والمستخدمين لعدنان والمغراوي وأبي الحسن وأهل مركز الألباني وعلى رأسهم علي الحلبي. 3- ومن هؤلاء الدعاة محمد قطب وسفر وسلمان فرد عليَّ سلمان ردا موجزًا ومؤدبًا، ولم يرد عليَّ سفر ومحمد قطب لأنهما يريان أن سكوتهما أفضل لهما من الرد بالباطل والمكابرة كما يفعل عدنان والمغراوي وأبو الحسن وعلي حسن. بل هؤلاء هم يبدؤون بالحروب والفتن والشغب في مقابل صبر ربيع عليهم ومناصحته الطويلة لهم على امتداد سنين. والآن نضيف ونبين بحق بعض أسباب عداوة هذه الزمرة لربيع والسلفيين السائرين على منهج السلف الصالح في مواجهة أهل الباطل والبدعك 1- لقد ضاقت هذه الزمرة ذرعًا بالمنهج السلفي وأهله ولاسيما مواجهة البدع وأهلها. 2- البغي والحقد والاستكبار على المنهج السلفي وأهله. 3- أنهم أهل مطامع دنيوية ولهث قوي على جمع الأموال وهم لا يجدون من يحقق لهم رغباتهم الجامحة ومطامعهم إلا خصوم المنهج السلفي وأهله فانحازوا إليهم والتصقوا بهم فجندهم هؤلاء الخصوم لحرب المنهج السلفي وأهله لاسيما والمنهج السلفي لا يقبل المتأكلين بدينهم عباد الدينار والدرهم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً. 4- قادتهم هذه المطامع الدنيوية والضيق بالمنهج السلفي وأهله والأمراض الأخرى إلى وضع أصول فاجرة لمقاومة المنهج السلفي وإسقاط علمائه الذين ينتقدون أهل البدع ويبينون ضلالاتهم وخطر بدعهم ومن هذه الأصول التي تحقق أهدافهم(نصحح ولا نهدم أو لا نجرح)و(المنهج الواسع الأفيح)و(إذا حكمت حوكمت)وغيرها. و(لا يقبل التبديع إلا إذا أجمع العلماء عليه). وقصدهم أنه إذا اتفق أهل السنة على تبديع شخص ما بالحجج والبراهين وخالفتهم هذه الزمرة أو واحد منهم لا يقبل هذا التبديع الذي خالف فيه هؤلاء أو أحدهم. لأن أصولهم ولاسيما المنهج الواسع الأفيح يأبى هذا التبديع، وشرعوا في تطبيق هذه الأصول وإسقاط العلماء وأصولهم السلفية. شرعوا في تطبيق هذه الأصول الباطلة بكل جرأة ووقاحة مع دعاواهم العريضة أنهم هم السلفيون حقا وأنهم أهل العدل والإنصاف. ومن هذا المنطلق ومن هذه الأصول دافع عدنان والمأربي عن سيد قطب وعن جماعة الإخوان المسلمين الجامعة لفرق الضلال بما فيهم الروافض، ويشجعهما علي الحلبي ويتعصب لهما. ويضيف المأربي الدفاع عن جماعة التبليغ الجامعة لعدد من الطرق التي تشتمل على وحدة الوجود والشرك والضلال، واعتبر هاتين الطائفتين من أهل السنة، والحلبي والباقون يشجعونه، ثم تمادوا في باطلهم حتى وصل بهم الأمر إلى الدفاع عن أهل وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان...الخ. 5- لشدة عداوة هذه الزمرة وفساد فطرها وما قام بها من الحسد الشيطاني والكبر الشيطاني بدؤوا ربيعا وإخوانه بالحرب الظالمة المحاربة للحق وأهله والمدافعة عن الضلال والباطل وأهلهما، مع صبر ربيع ومناصحته لكل واحد منهم سنوات ولاسيما الحلبي الذي صبر عليه ربيع وإخوانه حوالي عشر سنوات، يدعم الحلبي فيها هذه الزمرة ويرى أنها زمرة سلفية مهما ارتكبوا من الكذب والفجور مهما ارتكبوا من الضلالات ومهما دافعوا عن أهل الباطل. ولما جاءت نوبته قام بهجوم كاسح على أصول المنهج السلفي في الجرح والتعديل وعلى ربيع ودبج مقالات ظالمة فتح لها ولأنصاره موقعًا، همه الأول والأخير الحرب على ربيع وإخوانه والدفاع عن أباطيل علي حسن والدفاع عن رسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة أهل الأديان وموادة أهل الأديان وإسقاط جهاد الطلب والدعوة إلى إلزام الدول بقوانين الأمم المتحدة. بل هذه الرسالة مدحها علي الحلبي وبالغ في مدحها وزعم أنها شارحة للإسلام وتمثل وسطية الإسلام. ولم يقف عند هذا الحد بل مدح من أيدها من الروافض والخوارج والصوفية وادعى أنهم علماء ثقات. ومدح من يدافع عنها من أنصاره ومدح هذا الدفاع القائم على الكذب والغش وتمجيد أضل الضلال. ومع هذه الطوام والفواقر المدمرة يُعيّر الطيباوي أهل السنة بأنهم يبغضون هذه الزمرة ونسي ظلمها وبغضها وعداوتها لأهل الحق والسنة وولاءها لأهل البدع الكبرى وذبها عنها وعنهم. كتبه: الشيخ ربيع بن هادي المدخلي 22/2/1432للهجرة النبوية الشريفة. ولمن أراد الملف منسقًا: من هنا: (بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال) [1]- أخرجه مسلم حديث (55)، وأحمد (4/102)، وأبو داود حديث (4944). [2]- أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (1/5)، وأبو داود في "سننه" حديث (4338) وابن ماجه في "سننه" في الفتن حديث(4005)، وأخرجه غيرهم من الأئمة. [3]- أخرجه البخاري في "صحيحه"، في الشهادات حديث (2686)، والإمام أحمد في "مسنده" ( 4/ 268، 269)، والترمذي في "الفتن" حديث (2173)، وابن حبان كما في "الإحسان" (297، 298). [4]- "مجموع الفتاوى" (28/231-232). [5]- متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (34) ومسلم في "الإيمان"، رقم (58). [6]- متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (33) ومسلم في "الإيمان"، رقم (59). [7]- أخرجه مسلم في كتاب "الإيمان" باب (خصال المنافق) رقم (59). [8]- أخرجه البخاري في كتاب "الفتن"، باب (إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه) رقم (7113) وأبو داود الطيالسي في "مسنده" حديث (410) والبيهقي في السنن الكبرى حديث (17299). [9]- وهؤلاء لا نشك أن فيهم خصال المنافقين، ومع ذلك لا نكفرهم، مع أنه قد يكون فيهم من هو منافق خالص. [10]- "الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة" (ص309). [11]- كما يفعل اليوم دعاة حرية الأديان وأخوة الأديان ووحدة الأديان وأنصارهم . ومن يثني عليهم ويذب عن ضلالاتهم من أدعياء العلم قد يلحقون بهم كما يفيده كلام شيخ الإسلام بل هو نص عليه. [12]- "مجموع الفتاوى" (2/132-133). [13]- أخرجه البخاري حديث (7320)، ومسلم حديث (2669). [14]- أخرجه أحمد (4/102)، وأبو داود في "سننه" حديث (4597). [15]- "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر الخلال (1/210). [16]- "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2/ 92) ، و"الإحكام" لابن حزم (6 / 317) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 198)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (3/ 32) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 /151)، و"تهذيب الكمال" (12 / 11) ، و"إعلام الموقعين" (3/285) . [17]- "سنن البيهقي الكبرى" رقم ( 20707 ) (10 / 211) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/ 180)، و"تأريخ الإسلام" للذهبي (9/491)، (7 / 125) ، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص454). [18]- "الموافقات" للشاطبي (4/169). [19]- "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر بن الخلال رقم ( 171 )، (ص 206) ، و"إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للشوكاني (ص 161) ، و"عون المعبود" (13 / 187). [20]- "السنن الكبرى" (10/211). [21]- ""فتاوى ابن الصلاح" (2/500) ونقله عنه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/247). [22]- "الموافقات" للشاطبي (2 / 386 – 387) . [23]- كذا، وقصده: لمن رزقه الله بصيرة. [24]- كذا، يريد: من هذا الباب. [25]- هكذا. [26]- كذا، يريد: من هذا الباب. [27]- هكذا! ([28]) مفرّغ من شريط مسجل بصوته. ([29]) شريط الطائفة المنصورة ( رقم 2 ).
الموضوع الأصلي :
مجموع مقالات: بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
أبو أحمد ضياء التبسي
__________________
|
#2
|
|||||||||
|
|||||||||
[الحلقة الثانية] مختار طيباوي يُجَهِّل أهل الحديث ويحط من شأنهم قال المحتار بعد ادعائه أن من أهل السنة من يدافعون عن أهل البدع ومنهم من يمدحهم، ولا يمتحن بعضهم بعضًا، وبعد استخراجه منهج الموازنات من كلام منسوب للإمام أحمد-رحمه الله-، قال: (قلت: هذا مذهب أهل السنة في الرجال ، وأقول أهل السنة، و لا أقول أهل الحديث لأفرق كما فعل عبد الرحمان بن مهدي بين الإمامة في السنة والإمامة في الحديث ولأبيّن أن أئمة السنة أئمة في العلم الشرعي، و ليس في الحديث فقط، في القرآن واللغة، والحديث، وأصول الفقه، و الفقه وغير ذلك، يبنون مذاهبهم في أصول الدين، ويطردونها في غيرها من العلوم، فقواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب ، ويفرقون بين الأصول وبين الفروع، وما هو في مجراها). أقول: هذا ما توصل إليه هذا الرجل من مذهب أهل السنة على زعمه، والواقع أن أهل السنة وأهل الحديث إنما هم جماعة واحدة، منهجهم واحد وأصولهم لا تختلف، ومواقفهم من أهل الأهواء موحدة، وإنما يسير هذا الرجل على مذهب الإخوان المسلمين الذي يجمع ويؤاخي بين أهل السنة والروافض والخوارج والصوفية وفيه الدفاع عن الروافض وعن غيرهم من أهل الضلال. وعلى مذهب أبي الحسن المصري المأربي الذي يتولى أهل البدع ويشهد لهم بأنهم من أهل السنة، ويدافع عن أهل وحدة الوجود والحلول ووحدة الأديان وأخوة الأديان، ويؤيده الحلبي وزمرته في هذه الضلالات ويدافعون عنه، ويدّعون له بأنه سلفي. هذا مع تزكية الحلبي لغلاة الروافض وغلاة الصوفية والعلمانيين والشهادة لهم بأنهم علماء ثقات. وتنـزيه أهل هذه المذاهب من التطرف(أي الغلو)وعدهم من أهل الوسطية، في الوقت الذي يرمون فيه أهل السنة هم والمأربي بالغلو والشذوذ إلى غير ذلك من الطعن والتشويه لهم ولمنهجهم الذي هو منهج أهل السنة. لقد توصل هذا المحتار إلى أن أهل السنة الذين اخترعهم قد أسقطوا منهج الولاء والبراء الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة وطبقوه فعلاً حق التطبيق، فأي تزوير لواقع أهل السنة والحديث وتأريخهم الناصع يلحق هذا التزوير والمسخ ، قاتل الله أهل الأهواء أي عظائم يرتكبون. وانظر إليه كيف يُفرِّق بين أهل السنة وأهل الحديث ليسقط منهج أهل الحديث ومكانتهم ويذكر لأهل السنة صفات عظيمة كما ترى ليكسبهم إلى صفه ومنهجه، ويدَّعي أنه على طريقة عبد الرحمن بن مهدي في هذا التفريق ونزه الله ابن مهدي وأهل السنة أن يكونوا على شيء من أهداف وضلالات هذا الرجل وزمرته. هذا الرجل إنما يسير على طريقة أهل الأهواء في انتقاص أهل الحديث من أمثال: عمرو بن عبيد، والجاحظ، والنظام، وأبي الهذيل العلاف، ومن سار على نهجهم من أهل الأهواء والضلال. إن مؤدى كلامه هذا: 1- أن أهل الحديث من أهل البدع؛ لأنهم ليسوا من أهل السنة. 2- ومؤدى كلامه أن من عَلِمَ الأصول والقواعد والعربية ...الخ يكون من أهل السنة، مهما كانت عقيدته ومنهجه صوفياً أو رافضياً أو خارجياً أو...أو...ويقبل جرحهم في أهل الحديث، ولا يقبل جرح أهل الحديث فيهم؛ لأنهم ليس عندهم ما عند أهل السنة على اصطلاحه من العلوم والقواعد والأصول. 3- ومؤدى كلامه أن أهل الحديث عنده ليسوا من أئمة العلم الشرعي، فليسوا من أهل العلم بالقرآن، واللغة، وأصول الفقه، والفقه، وغير ذلك. ولا يبنون مذاهبهم في أصول الدين، ويطردونها في غيرها من العلوم، ولا قواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب، ولا يفرقون بين الأصول والفروع وما هو في مجراها، فهذا حال أهل الحديث عنده، فهم في بعد سحيق عن أهل السنة الذين أضفى عليهم هذه الصفات والمزايا الكثيرة لأهداف قبيحة. وأهل الحديث لغبائهم وجهلهم عنده بهذه العلوم وغيرها أي المنطق والفلسفة ليس عندهم أصول يبنون عليها مذاهبهم كما هو حال أهل السنة حسب تعريفه لأهل السنة، وليس عندهم قواعد كلية مطردة في كل الأبواب، ولذا نجد عندهم الاضطرابات والتناقضات التي لا توجد عند أهل السنة. ولا يفرقون لشدة جهلهم بين الأصول وبين الفروع وما جرى مجراها. بينما أهل السنة يفرقون بين الأصول والفروع وما جرى مجراهــا. والظاهر أنه يدخل في أهل السنة أهل الكلام والفلسفة، فضلاً عن رؤوس الأشاعرة والماتريدية والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ. وإذا كان هذا هو حال أهل الحديث، فلا يُقبل منهم جرح ولا تعديل ولا كلام في أهل البدع وهذا هو النهاية في احتقار أهل الحديث وعداوتهم وإسقاط أحكامهم وإسقاط مكانتهم ومنهجهم. شهادات أئمة الإسلام لأهل الحديث بأنهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وأنهم أنصار دين الله وحماته لكن أئمة الإسلام على خلاف منهج هذا الرجل وأسلافه المذكورين آنفًا. فقد دافع الإمام ابن قتيبة عن أهل الحديث وبيَّن مزاياهم العظيمة، وهتك أستار أعدائهم، وكشف عوارهم وضلالاتهم. وعمل مثله الخطيب في كتاب: (شرف أصحاب الحديث)، بيّن مزاياهم العظيمة ومكانتهم في الإسلام. وكنتُ قد كتبتُ رسالة باسم: (مكانة أهل الحديث ومآثرهم الحميدة في الدين)، قبل ما يقرب من عشرين عامًا، بيّنتُ فيها جهودهم العظيمة في خدمة السنة النبوية ومؤلفاتهم الكثيرة جدًا فيها، ومؤلفاتهم الكثيرة في العقيدة السلفية والذب عنها والدعوة إليها. وكتبتُ رسالة أخرى بعدها باسم: (أهل الحديث هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة)رداً على من فرّق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لأهداف سياسية. واليوم يأتينا من يفرِّق بين أهل السنة وأهل الحديث لأهداف عقدية بدعية. والآن أسوق للقارئ اللبيب بعض ثناء وشهادات أئمة الإسلام لأهل الحديث وبيان مكانتهم التي احتلوها: قال الخطيب البغدادي: قرأت على أحمد بن محمد بن غالب الفقيه عن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، قال: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة، يقول: سمعت يونس يعني ابن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: (إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- حيًا)([1]). وقال البيهقي: أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ، أبنا أبو بكر محمد ابن جعفر البغدادي الحافظ، قال: سمعت محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، قال: سمعت سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، يقول: سمعت الشافعي-رحمه الله-يقول: (كلما رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأنما رأيت رجلا من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-)([2]). وقال الفضيل بن عياض: (إذا رأيت رجلًا من أهل السنة فكأنما أرى رجلًا من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وإذا رأيت رجلًا من أهل البدع فكأنما أرى رجلًا من المنافقين)([3]). شهادة ابن قتيبة: ألف فقيه الأدباء وأديب الفقهاء الإمام أبو عبد الله بن مسلم بن قتيبة(المتوفى سنة 276ه)كتابـًا سماه: (تأويل مختلف الحديث)دفاعـًا عن سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وعن حملتها وناقليها وحفاظها أهل الحديث. قال في مطلع الكتاب: (أما بعد: أسعدك الله-تعالى-بطاعته، وحاطك بكلاءته، ووفقك للحق برحمته، وجعلك من أهله؛ فإنك كتبت إليّ تعلمني ما وقفت عليه من ثلب أهلِ الكلام أهلَ الحديث وامتهانهم وإسهابهم في الكتب بذمهم ورميِهم بحمل الكذب ورواية المتناقض حتى وقع الاختلاف، وكثرت النحل، وتقطعت العصم، وتعادى المسلمون، وأكفر بعضهم بعضـًا، وتعلّق كل فريقٍ منهم لمذهبه بجنس من الحديث). ثم ذكر الخوارج وما تعلقت به من الأحاديث في تأييد مذهبها، والمرجئة وما تعلقت به كذلك، والمفوضة وما تعلقت به من الأحاديث، والرافضة وما تعلقت به من الأحاديث في ضلالها وتكفيرها الصحابة، ومفضِّلوا الفقر وما تعلقوا به؛ ثم ذكر طعون الزنادقة في أهل الحديث. ثم قال: (باب ذكر أصحاب الكلام وأصحاب الرأي)، فقال: (وقد تدبرت-رحمك الله-مقالة أهل الكلام فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون، ويفتنون الناس بما يأتون، ويبصرون القذى في عيون الناس وعيونهم تطرف على الأجذاع، ويتهمون غيرَهم في النقل ولا يتهمون آراءهم في التأويل ومعاني الكتاب والحديث وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة لا يدرك بالطفرة، والتولد، والعرض، والجوهر، والكيفية، والكميّة، والأينية. ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما وضح لهم المنهج واتسع لهم المخرج؛ ولكن يمنع من ذلك طلب الرياسة وحب الأتباع واعتقاد الإخوان بالمقالات؛ والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضـًا، ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الأنبياء، أو من يدعي الربوبية لوجد على ذلك أتباعـًا وأشياعـًا([4]). وقد كان يجب-مع ما يدّعونه من معرفة القياس وإعداد آلات النظر-أن لا يختلفوا كما لا يختلف الحُسّاب والمسّاح والمهندسون؛ لأن آلتهم لا تدل إلا على عدد واحد وإلا على شكل واحد؛ وكما لا يختلف حذّاق الأطباء في الماء وفي نبض العروق لأن الأوائل قد وقفوهم من ذلك على أمرٍ واحد، فما بالهم أكثر الناس اختلافـًا لا يجتمع اثنان من رؤسائهم على أمرٍ واحد في الدين؟). ثم ذكر تضارب الآراء، واختلاف الأهواء والاتجاهات بين زعماء أهل الكلام، وانتقدهم أشد النقد. ثم قال: (ذكر أصحاب الحديث: فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقرّبوا من الله تعالى بإتباعهم سنن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وطلبهم لآثاره وأخباره برًّا وبحرًا وشرقـًا وغربـًا، يرحل الواحدُ منهم راجلاً مقويـًّا في طلب الخبر الواحد أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة. ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها حتى فهموا صحيحَها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي، فنبّهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافيـًا، وبسق بعد أن كان دارسـًا، واجتمع بعد أن كان متفرِّقـًا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضـًا، وتنبّه لها من كان عنها غافلاً، وحكم بقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن يحكم بقول فلان وفلان وإن كان فيه خلاف عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم. وقد يعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيف، وطلبهم الغرائب، وفي الغريب الداء؛ ولم يحملوا الضعيف والغريب لأنهم رأوهما حقـًّا، بل جمعوا الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم، ليميزوا بينهما، ويدلوا عليهما، وقد فعلوا ذلك). ثم ذكر طائفة من الأحاديث الموضوعة، وذكر نقد المحدثين لها، وتزييفهم إياها وفضح واضعيها. رحمه الله وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا. شهادة الإمام ابن حبان: قال الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سعيد التميمي(المتوفى سنة: 354ه)في مقدمة(صحيحه)-انظر: (الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان): (1/20 ـ 23). بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهلُه: (ثم اختار طائفة لصفوته، وهداهم للزوم طاعته من إتباع سبل الأبرار في لزوم السنن والآثار؛ فزيّن قلوبَهم بالإيمان، وأنطق ألسنتهم بالبيان، من كشف أعلام دينه وإتباع سنن نبيه بالدؤوب في الرحل والأسفار وفراق الأهل والأوطار في جمع السنن، ورفض الأهواء، والتفقه فيها بترك الآراء، فتجرّد القوم للحديث وطلبوه، ورحلوا فيه وكتبوه، وسألوا عنه وأحكموه، وذاكروا به ونشروه، وتفقهوا فيه وأصلوه، وفرعوا عليه وبذلوه، وبينوا المرسل من المتصل، والموقوف من المنفصل، والناسخ من المنسوخ، والمحكم من المفسوخ، والمفسر من المجمل، والمستعمل من المهمل، والمختصر من المتقصي، والملزوق من المتفصي، والعموم من الخصوص، والدليل من المنصوص، والمباح من المزجور، والغريب من المشهور، والفرض من الإرشاد، والحتم من الإيعاد، والعدول من المجروحين، والضعفاء من المتروكين، وكيفية المعمول والكشف عن المجهول، وما حُرِّف عن المخزول، وقلب عن المنحول من مخايل التدليس وما فيه التلبيس؛ حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين، وصانه من ثلب القادحين، جعلهم عند التنازع أئمة الهدى، وفي النوازل مصابيح الدجى؛ فهم ورثة الأنبياء ومأنس الأصفياء)[5]. ثم بعد الشهادة لرسول الله بالرسالة والبلاغ المبين والجهاد وآثار ذلك قال: (وإن في لزوم سنته تمام السلامة وجماع الكرامة لا تطفأ سرجها، ولا تدحض حججها؛ مَن لزمها عصم، ومن خالفها ندم؛ إذْ هي الحصن الحصين، والركن الركين الذي بان فضله، ومَتُن حبله، من تمسّك به ساد، ومن رام خلافه باد؛ فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل، والمغبوطون بين الأنام في العاجل). وقال(1/105): (وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم). ثم ذكر حديث العرباض بن سارية وفيه: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافـًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة). ثم قال: (في قوله-صلى الله عليه وسلم-: (فعليكم بسنتي) عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح، أن من واظب على السنن وقال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء من الفرقة الناجية في القيامة ـ جعلنا الله منهم بمنه). ثم قال في(1/107): (ذكر البيان بأن من أحب الله-عز وجل-وصفيه-صلى الله عليه وسلم-بإيثار أمرهما وابتغاء مرضاتهما على رضا سواهما يكون في الجنة مع المصطفى-صلى الله عليه وسلم-). ثم قال في(1/151): (كتاب العلم: ذكر إثبات النصرة لأصحاب الحديث إلى قيام الساعة). ثم أورد حديث معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم خذلان من خذلهم حتى تقوم الساعة). شهادة الخطيب البغدادي: وألّف الإمام الكبير أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي(المتوفى سنة 463ه)كتابًا أسماه: (شرف أصحاب الحديث)قال في مقدمته بعد أن ذكر أقوال العلماء في ذم الرأي(من ص: 3/5): (ولو أن صاحب الرأي المذموم، شغل نفسَه بما ينفعه من العلوم، وطلب سنن رسول رب العالمين، واقتفى آثار الفقهاء والمحدِّثين، لوجد في ذلك ما يغنيه عما سواه، واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه؛ لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد، وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين، والإخبار عن صفات الجنة والنار، وما أعد الله تعالى فيها للمتقين والفجار وما خلق الله في الأرضين والسموات، من صنوف العجائب وعظيم الآيات، وذكر الملائكة المقرَّبين ونعت الصافين والمسبحين. إلى أن يقول: (وقد جعل الله-تعالى-أهله أركان الشريعة وهدم بهم كل بدعة شنيعة([6])؛ فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة؛ وكلُّ فئة تتحيّز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيـًا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث فإن الكتاب عدتهم والسنة حجتهم والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يتلفتون إلى الآراء. يقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول المسموع؛ ومنهم كلّ عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلته، ومخصوص بفضيلته، وقارئ متقن، وخطيب محسن؛ وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر([7])، وعلى الإفصاح بغير مذهبهم لا يتجاسر؛ من كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، ولا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالشر إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير). ثم ساق إسناده إلى علي بن المديني قال في حديث النبي-صلى الله عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم). قال-أي: ابن المديني-: (هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ويذبون عن العلم، لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئـًا من السنن؛ فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حرّاس الدين ([8])، وصرف عنهم كيد المعاندين لتمسّكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين؛ فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى؛ قبلوا شريعته قولاً وفعلاً، وحرسوا سنته حفظـًا ونقلاً، حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحقَّ بها وأهلَها؛ فكم من ملحد يروم أن يخلط في الشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها؛ فهم دونها يناضلون: (...أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)([9])(المجادلة/22). ثم قال(في ص 6): (قال الخطيب: قد ذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه المؤلف في تأويل مختلف الحديث ما يتعلّق به أهل البدع من الطعن على أصحاب الحديث، ثم ذكر من فساد ما تعلقوا به ما فيه مقنع لمن وفقه الله لرشده ورزقه السداد في قصده. وأنا أذكر في كتابي هذا إن شاء الله-تعالى-ما روي عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في الحث على التبليغ عنه، وفضل النقل لما سمع منه، ثم ما روي عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء الخالفين، في شرف أصحاب الحديث، وفضلهم، وعلو مرتبتهم ونبلهم، ومحاسنهم المذكورة، ومعالمهم المأثورة. نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بمحبتهم، ويحيينا على سنتهم، ويميتنا على ملتهم، ويحشرنا في زمرتهم إنه بنا خبير بصير؛ وهو على كل شيء قدير). ثم واصل ذكر محاسنهم والثناء عليهم إلى آخر كتابه –رحمه الله-. شهادة الإمام ابن تيمية: وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية-رحمه الله-: (المتوفى 728ه(في (فتاواه): (4/9- 11): (من المعلوم: أن أهل الحديث يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال، ويمتازون عنهم بما ليس عندهم؛ فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقـًا أخرى، مثل المعقول، والقياس، والرأي، والكلام، والنظر، والاستدلال، والمحاجة، والمجادلة، والمكاشفة، والمخاطبة، والوجد، والذوق، ونحو ذلك. وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها؛ فهم أكمل الناس عقلاً، وأعدلهم قياسـًا، وأصوبهم رأيـًا، وأسدّهم كلامـًا، وأصحهم نظرًا، وأهداهم استدلالاً، وأقومهم جدلاً، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهامـًا، وأحدهم بصراً ومكاشفة([10]) وأصوبهم سمعاً ومخاطبةً، وأعظمهم وأحسنهم وجدًا وذوقـًا؛ وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل. فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدّ وأسدّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرُهم في قرون وأجيال؛ وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين؛ وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه: قال تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى...)(محمد/17)، وقال: (...وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)(النساء). وهذا يُعلم تارة بموارد النـزاع بينهم وبين غيرهم؛ فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا وقد تبين أن الحق معهم، وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم، أو بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل، وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض، وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى، وتشهد بالضلال على كل من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم. فأما شهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض: فهذا أمرٌ ظاهر معلوم بالحس والتواتر لكل من سمع كلام المسلمين، لا تجد في الأمة عظم أحد تعظيمـًا أعظم مما عظموا به، ولا تجد غيرهم يعظم إلا بقدر ما وافقهم فيه، كما لا ينقص إلاّ بقدر ما خالفهم. حتى إنك تجد المخالفين لهم كلهم وقت الحقيقة يقرّ بذلك، كما قال الإمام أحمد: (آية ما بيننا وبينهم يوم الجنائز)؛ فإن الحياة بسبب اشتراك الناس في المعاش يعظم الرجل طائفته، فأما وقت الموت فلا بد من الاعتراف بالحق من عموم الخلْق؛ ولهذا لم يعرف في الإسلام مثل جنازته، مسح المتوكل موضع الصلاة عليه فوجد ألف ألفْ وستمائة ألف سوى من صلى في الخانات والبيوت. وكذلك الشافعي، وإسحاق، وغيرهما إنما نبلوا في الإسلام بإتباع أهل الحديث والسنة، وكذلك البخاري وأمثاله إنما نبلوا بذلك، وكذلك مالك والأزواعي، والثوري، وأبو حنيفة، وغيرهم إنما نبلوا في عموم الأمة وقُبل قولهم لما وافقوا فيه الحديث والسنة([11])، وما تكلم فيمن تكلم فيه منهم إلا بسبب المواضع التي لم يتفق له متابعتها من الحديث والسنة إما لعدم بلاغها إياه، أو لاعتقاده ضعف دلالتها، أو رجحان غيرها عليها). وقال أيضًا في(مجموع الفتاوى)(4/23): (وما يوجد من إقرار أئمة الكلام والفلسفة وشهادتهم على أنفسهم وعلى بني جنسهم بالضلال([12]) ومن شهادة أئمة الكلام والفلسفة بعضهم على بعض([13]) كذلك فأكثر من أن يحتمله هذا الموضع، وكذلك ما يوجد من رجوع أئمتهم إلى مذهب عموم أهل السنة وعجائزهم كثير، وأئمة السنة والحديث لا يرجع منهم أحد لأن الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد. وكذلك ما يوجد من شهادتهم لأهل الحديث بالسلامة والخلاص من أنواع الضلال وهم لا يشهدون لأهل البدع إلا بالضلال وهذا باب واسع كما قدمناه. وجميع الطوائف المتقابلة من أهل الأهواء تشهد لهم بأنهم أصلح من الآخرين وأقرب إلى الحق فنجد كلام أهل النحل فيهم وحالهم معهم بمنزلة كلام أهل الملل مع المسلمين وحالهم معهم). وقال في(مجموع الفتاوى)(4/91-92)أثناء مناقشته للمتفلسفة وأهل الضلال: (وإن قلتم: يمكن الخطاب بها مع خاصة الناس دون عامتهم، وهذا قولهم. فمن المعلوم أن علم الرسل يكون عند خاصتهم كما يكون علمكم عند خاصتكم، ومن المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله وبواطن أموره وظواهرها أعلم وهو بذلك أقوم، كان أحق بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلم الأمة وأخصها بعلم الرسول وعلم خاصته مثل الخلفاء الراشدين، وسائر العشرة. ومثل أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ ابن جبل، وعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان. ومثل سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة، وعباد بن بشر، وسالم مولى أبي حذيفة، وغير هؤلاء ممن كان أخص الناس بالرسول وأعلمهم بباطن أموره وأتبعهم لذلك. فعلماء الحديث أعلم الناس بهؤلاء وببواطن أمورهم وأتبعهم لذلك فيكون عندهم العلم علم خاصة الرسول وبطانته كما أن خواص الفلاسفة يعلمون علم أئمتهم وخواص المتكلمين يعلمون علم أئمتهم وخواص القرامطة والباطنية يعلمون علم أئمتهم وكذلك أئمة الإسلام مثل أئمة العلماء فإن خاصة كل إمام أعلم بباطن أموره). وقال-رحمه الله-في (4/95-97) من(المجموع): (ومن المعلوم أن المعظمين للفلسفة والكلام المعتقدين لمضمونهما هم أبعد عن معرفة الحديث وأبعد عن إتباعه من هؤلاء هذا أمر محسوس بل إذا كشفت أحوالهم وجدتهم من أجهل الناس بأقواله صلى الله عليه وسلم وأحواله وبواطن أموره وظواهرها حتى لتجد كثيرا من العامة أعلم بذلك منهم ولتجدهم لا يميزون بين ما قاله الرسول وما لم يقله، بل قد لا يفرقون بين حديث متواتر عنه وحديث مكذوب موضوع عليه. وإنما يعتمدون في موافقته على ما يوافق قولهم سواء كان موضوعًا أو غير موضوع فيعدلون إلى أحاديث يعلم خاصة الرسول بالضرورة اليقينية أنها مكذوبة عليه عن أحاديث يعلم خاصته بالضرورة اليقينية أنها قوله وهم لا يعلمون مراده بل غالب هؤلاء لا يعلمون معاني القرآن فضلاً عن الحديث، بل كثير منهم لا يحفظون القرآن أصلاً، فمن لا يحفظ القرآن ولا يعرف معانيه ولا يعرف الحديث ولا معانيه من أين يكون عارفاً بالحقائق المأخوذة عن الرسول. وإذا تدبر العاقل وجد الطوائف كلها كلما كانت الطائفة إلى الله ورسوله أقرب كانت بالقرآن والحديث أعرف وأعظم عناية وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعد كانت عنهما أنأى حتى تجد في أئمة علماء هؤلاء من لا يميز بين القرآن وغيره بل ربما ذكرت عنده آية فقال لا نسلم صحة الحديث وربما قال: لقوله عليه السلام كذا، وتكون آية من كتاب الله. وقد بلغنا من ذلك عجائب وما لم يبلغنا أكثر. وحدثني ثقة: أنه تولى مدرسة مشهد الحسين بمصر بعض أئمة المتكلمين رجل يسمى شمس الدين الأصبهاني شيخ الأيكي فأعطوه جزءاً من الربعة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم المص حتى قيل له: ألف لام ميم صاد. فتأمل هذه الحكومة العادلة ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة فقال: قوم سوء، فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته، فإنه عرف مغزاه. وعيب المنافقين للعلماء بما جاء به الرسول قديم من زمن المنافقين الذين كانوا على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-. وأما أهل العلم فكانوا يقولون: هم الأبدال؛ لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه: هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعاً. وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم. وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا). وقال أيضًا في((مجموع الفتاوى)(4/139-140): (فدل الكتاب والسنة: على أن الله يؤتي أتباع هذا الرسول من فضله ما لم يؤته لأهل الكتابين قبلهم فكيف بمن هو دونهم من الصابئة دع مبتدعة الصابئة من المتفلسفة ونحوهم. ومن المعلوم أن أهل الحديث والسنة أخص بالرسول وإتباعه، فلهم من فضل الله وتخصيصه إياهم بالعلم والحلم وتضعيف الأجر ما ليس لغيرهم كما قال بعض السلف: (أهل السنة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل). فهذا الكلام تنبيه على ما يظنّه أهل الجهالة والضلالة من نقص الصحابة في العلم والبيان أو اليد والسنان وبسط هذا لا يتحمله هذا المقام. والمقصود التنبيه على أن كل من زعم بلسان حاله أو مقاله: أن طائفةً غير أهل الحديث أدركوا من حقائق الأمور الباطنة الغيبية في أمر الخلق والبعث والمبدأ والمعاد وأمر الإيمان بالله واليوم الآخر وتعرف واجب الوجود والنفس الناطقة والعلوم والأخلاق التي تزكوا بها النفوس وتصلح وتكمل دون أهل الحديث، فهو إن كان من المؤمنين بالرسل فهو جاهل، فيه شعبة قوية من شعب النفاق، وإلا فهو منافق خالص من الذين(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ)(البقرة/13). وقد يكون من(الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ)(غافر/35)، ومن(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ)(الشورى/16). ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام كثير في الثناء على أهل الحديث ينتشر ذلك في كتبه وفتاويه. شهادة الإمام ابن القيم: قال شيخ الإسلام أبو عبـد الله محمـد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت751هـ)في قصيدة العديمة النظير الموسومة بـ(الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية)(ص:320-322)، مادحًا أهل الحديث وذامّاً من يبغضهم ويذمهم: (فصل: في أنَّ أهل الحديث هم أنصار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وخاصّته ولا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر: يا مبغضًا أهل الحديــث وشاتمــًا...... أبشـر بعقد ولاية الشيطان أو ما علمت بأنهـم أنصـار ديــ ...... ـن الله والإيمـان والقـرآن أو ما علمت بأن أنصـار الرســو ...... ل هـم بلا شـك ولا نكران هل يبغض الأنصار عبـد مؤمــن ...... أو مدرك لروائـح الإيمــان شهد الرسول بذاك وهي شهــادة ...... من أصدق الثقلــين بالبرهان أو ما علمــت بأن خزرج دينـه ...... والأوس هم أبدا بكل زمــان ما ذنبهم إذ خالفــوك لقولــه ...... ما خالفــوه لأجل قول فلان لو وافقوك وخالفـوه كنت تشـ ...... ـهد أنهم حقا أولو الإيمــان لما تحيّزتـم إلى الأشيــاخ وانـ ...... ـحازوا إلى المبعـوث بالقرآن نسبوا إليـــه دون كل مقالـة ...... أو حالـــة أو قائل ومكان هذا انتساب أولي التفرق نسبــة ...... من أربــع معلومة التبيــان فلذا غضبتم حينما انتسبوا إلــى ...... خبر الرسول بنسبـة الإحسـان هم يشهدونكم علــى بطلانهـا ....... أفتشهدونهــم على البطـلان ما ضرهم والله بغضكــم لهــم ...... إذ وافقوا حقا رضـا الرحمــن يا من يعاديهم لأجــل مآكــل ...... ومناصب وريــاسة الإخـوان تهنيك هاتيك العداوة كــم بهـا ...... من حسرة ومذلــة وهــوان ولسوف تجني غيهـا والله عــن ...... قرب وتذكر صدق ذي الإيمـان فإذا تقطعت الوسائـل وانتهــت ...... تلـك المآكل في سريع زمــان هناك تقرع سن ندمان علـى التـ ...... ـفريط وقت السير و الإمكـان وهناك تعلم ما بضاعتــك الـتي ...... حصلتهـــا في سالف الأزمان إلا الوبال عليـك والحسرات والـ ....... خسران عند الوضع في الميـزان قيل وقال ما لــه من حاصــل ...... إلا العنـــاء وكد ذي الأذهان والله ما يجدي عليك هنالــك إلا ...... ذا الذي جـاءت به الوحيــان والله ما ينجيك من سجن الجحيـ ...... ـم سوى الحديث ومحكم القرآن والله ليـس الناس إلا أهلـــه ...... وسواهــم من جملة الحيـوان ولسوف تذكر بر ذي الأيمان عن ...... قرب وتقرع ناجـذ الندمــان رفعوا به رأسا ولم يرفـــع به ...... أهل الكــلام ومنطق اليونـان فهذا قليل من كثير في حال أهل الحديث وواقعهم وما قيل من مدح بحق وشهادة بصدق؛ نقلتُ هذا لمن كان على نهجهم في إتباع الكتاب والسنة ليزداد إيمانـًا وثباتـًا، ولمن خدع من المنتسبين إلى السنة بمغالطات وتلبيسات أهل الأهواء وشبهاتهم وضلالاتهم ليعود إلى أصله ويأوي إلى عرينه، فيلزم عرين أهل الحديث، ويكون في ركبهم ويتبع حاديهم. أهل الحديث همو أهل النبي وإن.....لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحـبوا *** ديـــن النبي محمد أخبار.....نعم المطيـة للفتى آثــار لا ترغبن عن الحديث وأهله......فالرأيُ ليلٌ والحديث نهـار ولربما غلط الفتى سبل الهدى.....والشمس بازغـة لها أنـوار (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70))(النساء). جعلنا الله وإياكم من أتباع أهل الحديث والسلف الصالح، إنه سميعُ الدعاء. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1]- (شرف أصحاب الحديث)، (1/46). [2] - "المدخل إلى السنن الكبرى" (1/391)، و"مفتاح الجنة" للسيوطي (1/51). [3] - "شرح السنة" للبربهاري (ص126)، رقم (172). [4] - كما يفعل الرعاع اليوم يتبعون كل ناعق ضال، ويتحزبون له ولضلالاته، ويردون الحق، ويحاربون أهله. [5]فما هو رأي الطيباوي وحزبه في هذه الصفات العظيمة التي يتحلى بها أهل الحديث ويشهد لهم بها فحول العلماء وما رأي العقلاء ؟ أيؤخذ بقول العلماء الفحول العدول أم بهراء الطيباوي الجهول؟ [6] - وأهل الأهواء الجدد يجزعون من هدم البدع، ووضعوا لحمايتها أصولاً منها: "نصحح ولا نجرح"، وبعضهم يقول: ولا نهدم. [7] - كما يفعل اليوم بعض الأحزاب الماكرون، ولا سيما الحزب الجديد. [8] - اللهم اجعلنا منهم. [9] - جعلنا الله من هؤلاء المفلحين المناضلين القوامين بهدي وسنة خير المرسلين. [10] - يريد بالمكاشفة: الفراسة. [11] - تأمل هذا الكلام من هذا الإمام الذي عرف مكانة أهل الحديث وقدرهم وتقريره أن هؤلاء الأئمة الكبار إنما نبلوا في الإسلام باتباعهم لأهل الحديث، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ألوا الفضل، فلا تلتفت إلى أهل الغباء والحقد والجهل. [12] ، 13- مع الأسف الشديد كان من أهل الكلام والفلسفة من يشهدون على أنفسهم وبني جنسهم بالضلال، ويشهد بعضهم على بعض بالضلال، وهذا يتضمن شهادتهم لأهل السنة بأنهم على الحق والهدى، ولا نجد اليوم من أدعياء السلفية من يعترف بخطئه وضلاله ولا بأخطاء أهل حزبه وضلالهم مهما كان هذا الخطأ والضلال ، ولا يشهد لأهل السنة بالحق، فاعجب لهؤلاء الأدعياء.
__________________
|
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أبا أحمد
وحفظ الله العلامة الكبير و العالم النحرير حامل لواء السنة في هذه الأزمان أبا محمد ربيع بن هادي المدخلي آمين آمين آمين |
#4
|
|||||||||
|
|||||||||
هدم أباطيل وتعصب وجهالات الطيباوي وبيان بعض تناقضاته الشنيعة
رابعًا: قال المحتار في(ص 2-3): (...وقد أوضح الشيخ صالح الفلاني هذا الأمر بصورة واضحة و جلية في كتابه: (إيقاظ همم أولي الأبصار للإقتداء بسيد المهاجرين والأنصار)(1/28) حيث قال: (مما قاله أبو السمح: فلقد طفت من أقصى المغرب، ومن أقصى السودان إلى الحرمين الشريفين فلم ألق أحدا يسأل عن نازلة فيرجع إلى كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين، وآثار الصحابة والتابعين إلا ثلاثة رجال. وكل واحد منهم مقموع محسود يبغضه جميع من في بلده من المتفقهين، وغالب من فيه من العوام والمتسمين بسيم الصالحين، وموجب العداوة والحسد: تمسكهم بالكتاب، وسنة إمام المتقين-صلى الله عليه وسلم-، ورفضهم كلام الطائفة العصبية والمقلدين...). ثم ضرب أمثلة، وقال: (...فترى كل واحد منهم يعظم إمامه المجتهد تعظيمًا لا يبلغ به أحدًا من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-، وإذا وجد حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم، وإن وجد حديثًا صحيحًا سالِمًا من النسخ والمعارض مؤيدًا لمذهب غير إمامه فتح له باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لمذهب إمامه أوجهًا من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح. وإن شرح كتاباً من كتب الحديث حرف كل حديث خالف رأيه الحديث وإن عجز عن ذلك كله ادعى النسخ بلا دليل، أو الخصوصية، أو عدم العمل به أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل. وإن عجز عن ذلك كله ادعى أن إمامه اطلع على كل مروي أو جله فما ترك هذا الحديث الشريف إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف، فيتخذ علماء مذهبه أربابًا، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبوابًا، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صوابًا، وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوًا، ولو كانوا قبل ذلك أحبابًا. وإن وجد كتابًا من كتب مذهب إمامه المشهورة قد تضمن نصحه، وذم الرأي والتقليد، وحرض على إتَّباع الأحاديث المشهورة نبذه وراء ظهره، وأعرض عن نهيه وأمره، واعتقده حجرًا محجورًا، وجعل مختصرات المتأخرين سعيًا مشكورًا لتركهم الدليل، وتعصبهم للتقليد، واعتقادهم أنه الرأي السديد. وشاهد ذلك كله أن تتأمل مذهب مالك فترى كتب علمائهم المتقدمين قد ملئت بالأدلة، وحشيت بذم المقلدين، كـ(المبسوط)للقاضي إسماعيل، و(المجموعة)لابن عبدوس، و(التمهيد)لابن عبد البر، و(الطراز)لسند بن عنان. وقد نبذها المتأخرون وراء ظهورهم، وأقبلوا كل الإقبال على ما ابتدعه المتأخرون من حذف الدليل في مختصراتهم، وأولعوا بالتقليد بلا دليل لاعتقادهم أن الاشتغال به عناء وتطويل، إنا لله وإنا إليه راجعون...). قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدًا في باطنهم ، وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي، بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: (الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية)والحديث قياس. وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء واختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية والمسالك المذهبية. ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول، والعتيبي، والظفيري وبعض أذنابهم، ويغذونه، ويشجعون عليه، ويبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، وإن سمّوا زورا طلبة علم. وعندما ننظر بعين العلم و العدل نجد أكثر تجريحات الشيخ ربيع قائمة في حقيقتها على العداوة لمخالفيه، وكذلك تزكياته جلّها ناجمة عن العصبية أو الحمية، ولا علاقة لها بأصول التعديل،كما بيّنته في مقال خاص-يبدو أن هذا المقال قد هيّج القوم، فقد قام نائمهم ونام قائمهم، و بين النوم والقيام تجري الأيام، أصلح الله حالهم، وبدل جهلهم علمًا، وردهم إلى الصواب بلطف وحكمة إنه لطيف خبير-...). أقول: استشهد المحتار: بكلام العلامة الشيخ صالح الفلاني ونَقْلِهِ عن أبي السمح في ذم المقلدين المتعصبين الذين أعرضوا عن الكتاب والسنة وغلوا في أئمتهم وعظّموهم تعظيمًا لا يبلغ به أحدًا من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-، وردهم للأحاديث الصحيحة إذا خالفت مذاهبهم، إلى تفاصيل أخرى في ذم هؤلاء المقلدين المتعصبين. استشهد هذا المحتار: بهذا الكلام الذي تضمن بحق ذم المتعصبين المقلدين للأئمة المجتهدين ليتوصل به إلى ذم أهل الحق المتمسكين بكتاب ربهم وسنة نبيهم ومنهج سلفهم الصالح . وأقول له: إنك لترمي زورًا أهل السنة والحق المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-بتقليد ربيع، وهذا من أعظم أنواع الظلم والإفك، وهذا والله داؤكم: (رمتني بدائها وانسلت). ما هو التقليد؟. التقليد هو قبول قول الغير بغير حجة. والسلفيون لا يقبلون الأقـوال إلا إذا قامـت علــى الحجج والبراهيــن. وإنكم لتسمون الأشياء بغير أسمائهــا، وترمـون الأبرياء بأدوائكم المهلكة. فما هي أدلة الحلبي على رد الحق والإشادة بالضلالات الكبـرى المعروفــة؟ وهل من يتابعه يكون من المجتهدين أو المتبعين للحق، أو يكون من شر أنواع المتعصبين المقلدين؟ إني لا أعرف تقليدًا أعمى شرًا من تقليد أتباع رؤوس هذه الزمرة، التي أطلت برؤوسها الجاهلة المتعالمة من غير دور العلم والعلماء، فلا شيوخ لهم، ولا جامعات تخرجوا منها، ولا ندري في أي الأوكار والشوارع تعلموا، ولا سيما الأخلاق. ومنها الكذب والخيانة والغش في الدين والتطاول على أهل السنة والحق من علماء وطلاب علم شرفاء، والخنوع والانقياد والتبعية الدنيئة لأهل الضلال، والاستماتة في الذب عنهم. أيها المحتار: أنت ومن معك في التبعية العمياء من شر أنواع المقلدين في أسوء الضلالات والأباطيل. فمهما سقط رؤساؤكم، ومهما انحدروا سقطتم وانحدرتم وراءهم، وإذا نعقوا بأي باطل قلدتموهم تقليد الببغاوات. فكم هي المسافات والمفاوز بينكم وبين المقلدين الذين انتقدهم الفلاني، وأبو السمح، وأبو شامة، وابن تيمية، وابن القيم، وابن الوزير، والصنعاني، ومحمد بن عبد الوهاب ومدرسته. كم هي الفروق بين من يقلد العلماء، وبين من يقلد الأوغاد المتعالمين البائعين لدينهم، المحاربين للحق وأهله والمناضلين عن الباطل وأهله. وهل أنت وأمثالك تُصَدَّقون في محاربتكم للتقليد، وأنتم في حَضيضْ حضيض التقليد المخزي؟. وأقول: هذه كتابات ربيع وإخوانه تزخر بالحجج والبراهين في الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-، ومحاربة الهوى والتعصب والبدع والتقليد الأعمى. ومن يقول: إنهم مقلدون لربيع، فإنه والله من أكذب الكذابين، ولا سيما شيخك أبو الحسن الذي تقلده تقليد الببغاوات، فأنتم ممن يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا، فالمعروف عندكم منكر، والمنكر معروف، والحق باطل، والباطل حق، وأنكر المنكرات لا تنكرونها، بل تدافعون عنها. وإذا رأيتم أهل السنة يحترمون الحق ويحترمون الحجج والبراهين ويتعاونون على البر والتقوى ونصرة الحق ورد الأباطيل والضلالات، رميتموهم بالتقليد والغلو والشذوذ و..و... لقد نسي هذا المسكين أنه وأمثاله من المقلدين للسفلة الساقطين المتاجرين بدينهم والمدافعين عن الضلالات الكبرى أحق بهذا الذم الذي ذم به أبو السمح والفلاني مقلدة الأئمة المجتهدين. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إننا لا نعرف عن إخواننا إلا الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة، والتمسك بمنهج السلف الصالح، ومحاربة التعصب والتقليد الأعمى، والأخذ بقاعدة السلف: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-)، ويحاربون الغلو حتى في الصحابة وأهل البيت، بل حتى في الرسول-صلى الله عليه وسلم-وسائر الأنبياء وأدلتهم نصوص الكتاب والسنة. قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً)(سورة النساء/171). وقال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ)(سورة المائدة/77). وقوله-صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)([1])، ونحوه من الأحاديث الناهية عن الغلو في العبادات والأشخاص. ولا أسفه وأشد غلوًا وأقبح تعصبًا ممن يعظم المهازيل المدافعين عن الضلالات الكبرى وأهلها. ويدافع عن الخرافيين والقبوريين ويعدهم من أهل السنة. ويحارب أهل السنة ويصفهم بالأوصاف القبيحة ومنها التعصب والتقليد والغلو، وهذا من هذه الزمرة ومقلديها من أفجر الفجور وقول الزور. وأذكرك بمدح شيخك للمذاهب: ومنها مذهب الروافض والخوارج وغلاة الصوفية، فهل أحد من هذه العصابة أنكر عليه هذا المدح وهذه الشهادة، التي هي من أعظم شهادات الزور، بل هل أنكرت أنت عليه ذلك، وما هو أسوأ منه؟ ثم أقول: إنه بعد أن نقل هذا المحتار كلام الفلاني في ذم المقلدين وكشْفِ تعصبهم لمذاهبهم وردهم لنصوص الكتاب والسنة ونبذهم لهذه النصوص وراء ظهورهم ...الخ قال هذا المحتار: (...قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدًا في باطنهم، وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي، بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: (الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية)والحديث قياس. وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية والمسالك المذهبية. ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول، والعتيبي، والظفيري، وبعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، وإن سمّوا زورًا طلبة علم...). أقول: 1- هات الأدلة والبراهين من أعمال ومواقف من تسميهم زورًا بأتباع ربيع على أنهم يردون نصوص الكتاب والسنة وينبذونها وراء ظهورهم. وسق لنا عددًا من النصوص التي ردوها في العقائد والمناهج والعبادات وغيرها، وإلا فأنت من أهل الإفك المفترين. 2- وانظر إلى قوله: (...وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء واختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية والمسالك المذهبية...). أي أنه وزمرته ارتقوا إلى هذا المستوى الرفيع، وأما ربيع وإخوانه فجهال لا يعرفون شيئًا مما ذكر، وأقول له ولأمثاله المثل المشهور: (رمتني بدائها وانسلت)، وأتمثل بقول الشاعر: يشمــر للج عــن ساقــه......ويغمــره الموج في الساحــل فهل يعقل أن يرتفع إلى هذا المستوى من لا يُدرى من أي الأوكار والشوارع تخرجوا. ولا يصل إليه من درسوا الشريعة الإسلامية ولغتها وآلاتها من المراحل الابتدائية، ثم المتوسطة، ثم الثانوية، ثم الجامعية، ثم الدراسات العليا وحَمْل شهادتها العليا عن طريق كبار العلماء. أي استكبار وحقد يحمله هذا الرجل على علماء المنهج السلفي؟. أليــس الكــِبــر غمــط النــاس ورد الحــق؟. فهو يرى هؤلاء النخبة التي أفنت حياتها في طلب العلم من مناهله جهلة ومقلدين. ويرى نفسه في قمة المجتهدين، وهو في أحط دركات المقلدين للفاشلين، خريجي الأوكار والشوارع، ولذا فهو يحقد على أهل العلم الصحيح والمنهج الصحيح. فهو وأمثاله من أشباه من قال الله فيهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ)(سورة الأحقاف/11). فالكفار ينتقصون المؤمنين وينتقصون القرآن منبع العلوم. وهؤلاء ينتقصون العلماء وعلمهم بالكتاب والسنة، فيرمونهم بالجهل وبالتقليد. ويضرب الناس لهذا الصنف مثلًا، وهو: (أن قردًا أراد أن يتناول عنقودًا من العنب، فعجز عنه ولم يلحقه، فقال: إنه حامض). خامسًا: قال مختار في (ص:3): (...قال السرخسي في أصوله(2/11): (وأما الطعن المفسر بما يكون موجبًا للجرح، فإن حصل ممن هو معروف بالتعصب أو متهم به لظهور سبب باعث له على العداوة، فإنه لا يوجب الجرح، وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة، وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي-رحمه الله-في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة...). قال هذا المحتار معلقًا على كلام السرخسي: (...وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحًا مفسرًا أو مشروحًا بمئات المجلدات، وأقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، وقد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة وأقبلوا على الكذب والإشاعة وتشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم، فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، وقولهم في شعرة لا يسوى بعرة!...). أقول: 1- لقد بلغت نهاية العناد والاستكبار، وتجاوزت حدود الشرع والحق في الاستعلاء ورفض الحق. 2- إن السرخسي من كبار الأحناف وهم معروفون بالتعصب لأقوال أبي حنيفة. وقوله: (...وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة...). هذا حق، فلا يقبل طعن الملاحدة والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة. وأما قوله: (...وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي-رحمه الله-في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة...). فهذا القول فيه نظر، لأن فيه تعصبًا على الشافعية، ولو كان متجردًا من التعصب لبدأ بمتعصبي الحنفية، فإنهم أشد تعصبًا سابقًا ولاحقًا أكثر من الشافعية وغيرهم وأكثر مخالفة للنصوص من سائر أهل المذاهب المنتسبة إلى السنة، فلو كان متجردًا لمثَّل بهم للتعصب الأعمى. حتى لقد قال قائلهم: فلعنة ربنا أعــداد رمل على.....من رد قول أبي حنيفــة وقال شاعر آخر متعصب: إن الذين بجهلهم لم يقتدوا.....بمحمد بن كرام غـــير كرام الفقه فقه أبي حنيفة وحده.....والدين دين محمــد بن كرام وكثير من الأحناف إن لم يقلها بلسانه يقولها بلسان حاله. فلماذا يرمي السرخسي الشافعية وحدهم بالتعصب ويرد طعنهم في زعمه ولا يعرج على من هو أشد منهم تعصبًا وردًا للنصوص، وكتبهم تشهد بذلك؟. 3- وتنـزيلك كلام السرخسي على السلفيين وطعنك فيهم ومبالغتك في إسقاطهم وإسقاط أقوالهم يشبه طعن الملاحدة في أهل السنة، وأما التهمة بالهوى فإليك وإلى زمرتك المنتهى في الهوى والكذب والغش والتدليس وقلب الحقائق وجعل الباطل حقًا والحق باطلًا، فأنتم من أحق الناس أن ينـزل عليكم هذا الكلام. ويذكرنا موقف هذا الحاقد المنطوي على الكذب والتعصب الأعمى للباطل وأهله بقول أئمة السنة: (من علامات أهل البدع الطعن في أهل السنة)، وأقوال شديدة لأهل السنة فيمن طعن في أهل السنة، وما رأيت في أهل الأهواء أشد عداوة وطعنًا في أهل السنة وفي منهجهم من هذه الزمرة. ومن أساسيات أهل السنة الولاء والبراء الذي منه الحب في الله والبغض فيه ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه. وهذه الزمرة تتولى أهل البدع الكبرى وتدافع عن بدعهم بكل حماس، وتؤصل الأصول الباطلة للذب عنهم ولحرب أهل السنة فبأي ميزان يكونون من أهل السنة؟ 4- وقولك: (...وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحًا مفسرًا أو مشروحًا بمئات المجلدات، وأقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، و قد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة و أقبلوا على الكذب والإشاعة وتشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم، فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، و قولهم في شعرة لا يسوى بعرة!...). أقول: أ- إن هذا الكلام قد تجاوز نهايات الكذب والفجور والمكابرة. فأهل السنة ما تكلموا في هذه العصابة الباغية المأجورة المتأكلة بدينها إلا بالأدلة والبراهين التي تدل على بطلان أصولهم الفاسدة، ودفاعهم الباطل عن الضلالات الكبرى، وعن ضلال مرتكبيها. وكل منصف وصاحب دين وخلق يعترف بصدق أهل السنة وأمانتهم، ويعترف بصحة استدلالهم، ويعترف ببطلان دفاع هؤلاء المأجورين الأفاكين وتلبيساتهم وسوء سلوكهم في مقاومة الحق والصدق وردهما. ب- لا يحتاج الذكي المنصف في كشف ضلالهم إلى مئات المجلدات، ولا إلى الأيمان المغلظة، فالذكي يستفيد من المثال الواحد ما لا يستفيده الغبي من ألف شاهد. وما أشبه تكذيبك للحق وأهله بمن قال الله فيهم: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)(الأنعام/111). فهؤلاء كذبوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وكذبوا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد. فلا يستغرب أن يكون لهم أشباه ونظراء يكذبون بالحق والصدق وأدلته وبراهينه، ولو بلغ-على حد قوله-: (مئات المجلدات). وإذا كان بغض أهل الحق لأهل الأهواء يبطل أقوالهم وحججهم، فيلزمك أن تبطل أقوال الرسل في أقوامهم المكذبين لهم، وتبطل حججهم، ولا سيما إبراهيم ومن معه، الذين قالوا لأعدائهم: (إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..)(الممتحنة/4). ويلزمك أن تبطل حجج أهل السنة على الروافض وغيرهم من أهل الأهواء، ويلزمك إبطال كل ما نسبوه إلى هؤلاء الضلال من عقائد باطلة وأقوال فاجرة، وإبطال حججهم وبراهينهم. وهكذا يفعل الهوى بأهله يهوي بهم إلى أحط الدركات. ج- إن عداوة وبغض أهل الحق لأهل الباطل والمنكرات لأمر مشروع، ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه. وعداوة أهل البغي والباطل للحق وأهله من أعظم الجرائم، ومن أوضح علامات أهل الزيغ والهوى. سادسًا: قال مختار في (ص:4): (...من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طردالأصول، أو عن الوهم والنسيان، أو عن التزام القواعد العلمية الباطلة. والتناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين، ومع ذلك فهو أيسر على أهلالعلم من مخالفة الضرورة، والتناقض قد يكون سائغًا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض،ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل والبغي، وشدة العداوة. وممن لا يعقلنظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير. ومعلوم أنه لا يوجد بشر غير نبي يسلم من التناقض، ولذلك كان دفع التناقض عن الشرع ضرورة بالنسبة لأهل العلم، بخلاف تناقض أهل العلم فإننا لسنا ملزمين بدفعه، وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع([2]) بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية. ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض والفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، ولذلك استحال دفعه عنه-عند حاشيته-إلا بالكذب، وإنكار الحقائق الثابتة...). التعليق على هذا الكلام: 1- يفتري هذا الرجل ما يدعيه من تناقض ربيع، فأوقعه الله في الحفرة التي حفرها للأبرياء وعاقبه بنقيض قصده. قال: (...لذلك كان دفع التناقض عن الشرع...). وهذا تعبير رديء، فالشرع ليس فيه تناقض أبدًا، قال-تعالى-: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً)(النساء/82). وإنما يتوهم التناقض فيه أهل الضلال والإلحاد فيدفع توهمَهم وإيهامَهم وتشكيكَهم العلماء الربانيون بالحجج والبراهين، فلو كان هذا الرجل يفهم لقال: (...لذلك كان دفع توهم وإيهام التناقض عن الشرع ضرورة ...الخ). وقال: (...من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طرد الأصول، أو عن الوهم والنسيان، أو عن التزام القواعد العلمية الباطلة...). ثم صرّح بقوله: (فإننا لسنا ملزمين بدفعه)، أي التناقض. ثم هدم هذا كله بقوله: (...وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع([3]) بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية...). أقول: أليس هذا الاضطراب الشنيع من هذا الرجل تنــاقضًا؟. فمرة ينفي وجوب دفع التناقــض عن كلام العلمـاء. ومرة أخرى يوجب دفع التناقض عن كلام العلماء بقوله: (...وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض....). فالعدل واجب، قال-تعالى-: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الحجرات/9). وقال-تعالى-: (إنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل/90). وقال-تعالى-: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(المائدة/8). فالعدل واجب مع القريب والبعيد والصديق والعدو ولو كان كافرًا، فإذا كنت تعتقد وجوب حمل كلام العلماء المجمل على مفصله، فلماذا تقول: فإننا لسنا ملزمين بدفع تناقضهم؟. فالرجل متناقض جدًا، لقد مشى مع الحق والفطرة في تقرير وجود التناقض في كلام البشر، ومنهم العلماء، وأنه لا يلزم دفع تناقض كلام العلماء. ثم نكص على عقبيه، فقال هادمًا ما بناه: (...وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعـض...). فاعجبوا لهذا التناقض الشنيع. 2- ما نسبه إلى ربيع فيه مبالغة في الكذب والتشويه، ومبالغة في البغي والعدوان؛ الأمور التي لا تصدر إلا من قلب قد أنهكه الهوى والبغي والحقد الأسود والبغض للحق وأهله. 3- لم يمثل المحتار لتناقض ربيع، وهذا من أوضح الأدلة أنه قد بلغ نهاية الكذب والبهت. وتوضيحًا لكلامه نقول: معلوم أن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات، فإذا قال العالم مرة في لباس المرأة الذهب المحلَّق: إنه حلال، وفي مناسبة أخرى قال: إنه حرام، كان هذا منه تناقضًا؛ لأنه تارة يثبت أنه حلال، وتارة ينفي هذا الحكم وهو الحِلِّية. أو قال في النبيذ تارة: إنه حلال، وتارة قال: إنه حرام، صار متناقضًا، أو قال في الجهمية مرة: إنهم مسلمون، وقال مرة أخرى: إنهم كفار، فهذا تناقض؛ لأنه تارة يثبت إسلامهم، وتارة ينفيه. ومن الهوى والجنون أن يحمل كلام من يقع في هذا التناقض بعضه على بعض، بل يقال هذا القول صواب وذاك خطأ. ثم إن هذا الرجل ينسب ربيعًا إلى التناقض الذي: (...فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، ولذلك استحال دفعه عنه-عند حاشيته-إلا بالكذب، وإنكار الحقائق الثابتة...). أقول: ولا أدري ما هو تناقضي هذا الذي يستحيل دفعه في العقائد أو في المنهج أو في غيرهما؟. وهل أنا معذور عند الله في هذا التناقض أو غير معــذور؟. وبعبارة أخرى هل ربيع من أهل الأهواء فلا يعذر في تناقضه؟. لأنه صدر عن هوى، ومن كان كذلك فإن صاحبه مأزور غير مأجور ولا معذور. وهذا الرجل لم يسلك مسالك أهل العلم والنصح في نصحه وجرحه فهو يسوق التهم جزافًا ويبالغ في هذه المجازفة والطعن والتجهيل، فتراه يقول : (...والتناقض قد يكون سائغًا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض، ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل والبغي، وشدة العداوة، وممن لا يعقل نظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير...). ويؤكد هذا الاتهام، فيقول: (...ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض والفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، ولذلك استحال دفعه عنه-عند حاشيته-إلا بالكذب، وإنكار الحقائق الثابتة...). وبهذا القول الفاجر يكون ربيع قد فاق في التناقض عتاة أهل البدع، بل لعله فاق أهل الكفر. ولا أدري هل هذا الرجل قد أدرك واستوعب بنفسه هذه التناقضات أو أخذها من عالم الخيال أو من فجور أبي الحسن في إلزاماته الباطلة لربيع، فإذا ساق ربيع نصوص سادة أبي الحسن من القائلين بوحدة الوجود، أو الدعاة إلى وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان، ألزمه بمجرد سوقه لنصوص كلامهم بالتكفير ويقول إما أن تكفرهم وإلا فأنت متناقض. هذا بالإضافة إلى خياناته فيما ينقله من كلام ربيع، وعلى كل حال أنا لا أدعي العصمة لنفسي ولا لكبار العلماء من الوقوع في التناقض والخطأ. فقد يكون للعالم المخلص المريد للحق المتجرد من الهوى اجتهاد في مسألة أو مسائل مما يسوغ الاجتهاد فيه، فيقع منه تناقض أو خطأ في اجتهاداته، فمثل هذا العالم المخلص يؤجر فيما أصاب فيه أجران وفيما أخطأ فيه أجر واحد في مقابل اجتهاده، ويعذر في خطئه. وأما أهل الأهواء فلا يعذرون في أخطائهم ولا في تناقضاتهم؛ لأنهم إنما يتبعون أهواءهم. وأنا أطلب من كل عالم مخلص أو طالب علم مدرك ومخلص إذا وجدوا لي أخطاء أو تناقضات في مؤلفاتي وأشرطتي أن يقدموها لي حتى أتراجع عن هذه الأخطاء والتناقضات قبل أن يتوفاني الله، وأسأل الله الثبات على الحق وأن يحسن خاتمتي، وأرفض أراجيف وافتعالات هذا المحتار. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التناقض وأقسام أهله وأحكامهم: (...وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلم قد يسمى تناقضًا أيضًا، لأن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات، فإذا كان في وقت قد قال: إن هذا حرام، وقال في وقت آخر فيه أو في مثله: إنه ليس بحرام، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام فقد تناقض قولاه، وهو مصيب في كليهما عند من يقول: كل مجتهد مصيب، وأنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده. وأما الجمهور الذين يقولون: إن لله حكمًا في الباطن، علمه في إحدى المقالتين ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه، ولهذا يشبه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء، مع الفرق بينهما بأن كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطنًا وظاهرًا، بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين. هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله، مع علمه بتقواه، وسلوكه الطريق الراشد. وأما أهل الأهواء والخصومات فهم مذمومون في مناقضاتهم لأنهم يتكلمون بغير علم، ولا حسن قصد لما يجب قصده. وعلى هذا فلازم قول الإنسان نوعان: أحدهما: لازم قوله الحق، فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه، فإن لازم الحق حق، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره، وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب. والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق، فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض، وقد بينتُ أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين، ثم إن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه، وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه، لكونه قد قال ما يلزمه، وهو لم يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه. وهذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب: هل هو مذهب أو ليس بمذهب؟، هو أجود من إطلاق أحدهما، فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد وضوحه له فهو قوله، وما لا يرضاه فليس قوله، وإن كان متناقضًا، وهو الفرق بين اللازم الذي يجب التزامه مع لزوم اللازم الذي يجب ترك الملزوم للزومه، فإذا عرف هذا عرف الفرق بين الواجب من المقالات والواقع منها، وهذا متوجه في اللوازم التي لم يصرح هو بعدم لزومها. فأما إذا نفى هو اللزوم لم يجز أن يضاف إليه اللازم بحال، وإلا لأضيف إلى كل عالم ما اعتقدنا أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قاله، لكونه ملتزمًا لرسالته، فلما لم يضف إليه ما نفاه عن الرسول، وإن كان لازما له ظهر الفرق بين اللازم الذي لم ينفه واللازم الذي نفاه، ولا يلزم من كونه نص على الحكم نفيه للزوم ما يلزمه لأنه قد يكون عن اجتهادين في وقتين. وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء-مع وجود الاختلاف في قول كل منهما-: أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد، وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله، وإن لم يكن مطابقًا، لكن اعتقادًا ليس بيقيني، كما يؤمر الحاكم بتصديق الشاهدين ذوي العدل، وإن كانا في الباطن قد أخطآ أو كذبا، وكما يؤمر المفتي بتصديق المخبر العدل الضابط، أو بإتباع الظاهر، فيعتقد ما دل عليه ذلك، وإن لم يكن ذلك الاعتقاد مطابقًا، فالاعتقاد المطلوب هو الذي يغلب على الظن مما يؤمر به العباد، وإن كان قد يكون غير مطابق، وإن لم يكونوا مأمورين في الباطن باعتقاد غير مطابق قط. فإذا اعتقد العالم اعتقادين متناقضين في قضية أو قضيتين، مع قصده للحق وإتباعه لما أمر بإتباعه من الكتاب والحكمة عذر بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا، بخلاف أصحاب الأهواء فإنهم(إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس)، ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوى جزمًا لا يقبل النقيض، مع عدم العلم بجزمه، فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده، لا باطنًا ولا ظاهرًا، ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده ويجتهدون اجتهادًا لم يؤمروا به، فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه، فكانوا ظالمين، شبيهًا بالمغضوب عليهم، أو جاهلين شبيهًا بالضالين. فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق، وقد سلك طريقه، وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه. وثم قسم آخر-وهم غالب الناس-وهو أن يكون له هوى، وله في الأمر الذي قصد إليه شبهة، فتجتمع الشهوة والشبهة، ولهذا جاء في حديث مرسل عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات). فالمجتهد المحض مغفور له، أو مأجور، وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب، وأما المجتهد الاجتهاد المركب على شبهة وهوى فهو مسيء، وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية. وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك...)([4]). هذا هو كلام أهل العلم المنصفين الواعين، لا كلام أهل الجهـــل المتخبطين. لقد جعل هذا الإمام المتناقضين أصنافاً كما ترى، ولا أرى زمرة هذا المحتار إلا من أصحاب الهوى المحض. وأعود إلى شيء من كلام هذا الرجل لأبين تناقضه: فقد صرح بقوله: (...والتناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين...). فقد صرَّح ببطلان أحد القولين المتناقضين. ثم قال بعد قليل: (...وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية...). أليس هذا تناقضًا في سياق واحد؟. ثم أقول: فإذا قال الشخص كلامًا باطلًا تارة، وكلامًا حقًا تارة أخرى فهل يجوز أن نحمل الباطل على الحق حتى يصيرا أمرًا واحدًا وحقًا في الوقت نفسه، أليس هذا قولًا باطلًا؟. فإذا أصدر هذا العالم فتوى بأن الحلف بغير الله جائز ثم أصدر فتوى أخرى بأن الحلف بغير الله لا يجوز وأنه شرك بالله وساق الأدلة على ذلك فقد وقع هذا العالم في التناقض في هذه المسألة. فهل من العدل أن نحمل كلام هذا المفتي بعضه مع بعــض كمـا يقـول؟. أو نقول: إن فتواه الأولى بجواز الحلف بغير الله باطلة والثانية حق وما بعد الحق إلا الضلال. أليس هذا الخبط من هذا الرجل يدل على أنه جاهل وصاحب هوى؟. وسلوك العلماء من مختلف المذاهب هو أنه إذا كان للمجتهد قولان مختلفان في المسألة أن يرجحوا أحد القولين على الآخر، وهذا الترجيح إنما يقوم على الأدلة، فكم للإمام أحمد، والإمام الشافعي وغيرهما من الأقوال المختلفة، ومعالجة هذا الاختلاف عند العلماء المنصفين إنما تكون بتقديم وترجيح ما قام عليه الدليل، ولا يجوز عندهم العمل بالقول المرجوح، ولا يسلكون مسلك أهل الأهواء في حمل بعض الأقوال المتناقضة على بعض، كما ينادي أهل الأهواء بحمل المجمل على المفصل، ومنهم هذا الرجل. فإذا قال إنسان بالحلول أو وحدة الوجود أو بتعطيل صفات الله أو قال بخلق القرآن وحملنا مجمله على مفصله، وادعينا أنه عالم وداعية ويؤمن بالله وهذا مفصله فلا يمكن تبديع أحد ولا تخطئة أحد، ويصير الناس بهذا المنهج معصومين من الكبائر والصغائر، وهذا المنهج مخالف لكتاب الله وسنة رسوله ومنهج أهل السنة والجماعة، أن الناس غير الأنبياء من البشر-ومنهم العلماء-غير معصومين من الأخطاء وغير معصومين من المعاصي كبائرها وصغائرها. عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني قال: أدركت أبا الدرداء ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس ووعيت عنه، وأدركت عبادة بن الصامت ووعيت عنه، وفاتني معاذ بن جبل، فأخبرني يزيد بن عميرة أنه كان يقول في كل مجلس يجلسه: (...فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة، اتقوا زيغة الحكيم، فإن الشيطان يُلقي على في الحكيم الضلالة وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لمعاذ: وما يدرينا يرحمك الله أن المنافق يلقي كلمة الحق؟، وأن الشيطان يلقي على في الحكيم الضلالة؟، قال: اجتنبوا من كلام الحكيم كل متشابه، الذي إذا سمعته قلت: ما هذا؟، ولا يثنيك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتَلَقَّ الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورا)([5]). وقد قدمنا سلفًا قاعدة السلف: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-). سابعًا: قال مختار في(ص4-5): (...وإن كان التناقض اختلاف القضيتين بالسلب والإيجاب على وجه يلزم من صدق أحدهما كذب الأخرى، وإن العكس جعل الموضوع محمولًا والمحمول موضوعًا مع بقاء الصدق، كيف نعمل مع مذهب الشيخ ربيع في الموازنة، والجرح المفسر فإنه من أشد أنواع التناقض؟!. فالشيخ ربيع أولًا لا يعرف ما هو التناقض والتضاد، ولذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرًا، فمثلًا عندما قال في شريط(ندوة وقفات في المنهج): (...وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-أننا نحب أهل البدع، يعني نحب منهم على قدر ما فيهم من الخير، ونكرههم بقدر ما فيهم من الشر، هذا الكلام لشيخ الإسلام-رحمه الله-، وجدنا في كلام السلف ما يخالفه، فقد نقل البغوي-رحمه الله-أن السلف اتفقوا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع وهجرانهم ومنابذتهم، عرفتم هذا، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحًا في وجه من يدعو إلى السنة...). فالشيخ ربيع بغض النظر عن عدم تحريره النقل عن ابن تيمية، فضلًا عن فهم كلامه، ونقله ما لم يقله البغوي كما ستجده في المقال القادم عن الموازنة مشكلته في التناقض...). التعليق: 1- أيها المجازف إن صغار طلاب العلم ليفهمون كلام شيخ الإسلام وكلام الإمام البغوي، فدع الأراجيف. 2- قولك: (...فالشيخ ربيع أولًا لا يعرف ما هو التناقض والتضاد، ولذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرًا...). أقول: ما أجرأك على الكذب وقول الزور. لقد عرفتُ التناقض والتضاد والتباين من دراستي في المرحلة الثانوية أي قبل ما يربو على خمسين عامًا، ولعله قبل أن يولد هذا المحتار، ولا أبني أحكامي في النقد والجرح والتعديل إلا على كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-ومنهج السلف الصالح، وأتحرى في ذلك الصدق والعدل. 3- أن السلف الصالح من الصحابة فمن بعدهم بنوا نقدهم وجرحهم للرواة وأهل البدع على نصوص الكتاب والسنة ولغتهما العربية لا على المصطلحات الكلامية والمنطقية. فكتاب الله وسنة رسوله هما الميزان للخير والشر والهدى والضلال والسنة والبدعة، الأمور التي يجهلها هذا المحتار وأمثاله الذين يتمردون على منهج السلف بجهلهم وأهوائهم وسفسطاتهم ودورانهم في فلك أهل الأهواء. قال-تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)الآية. فمن يتبع هدى الله يحفظه الله من الضلال والشقاء ومن يعرض عن ذكر الله ينزل به هذا الوعيد الشديد. وقال-تعالى-: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) . فمن يخالف سبيل المؤمنين والصحابة ومن اتبعهم بإحسان توعده الله بجهنم. وقال-تعالى-: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ). (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَالِمون). (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الفاسِقون). والأحكام في العقائد والعبادات والمعاملات والجرح والتعديل والسياسات على الأفراد والجماعات لابد أن تنطلق من الكتاب والسنة، ومن ينطلق في أحكامه من المنطق والفلسفة والكلام وغيرها من الضلالات فهو ضال مضل، ومن يرى أن أحكام أهل العلم بالكتاب والسنة لا تقبل منهم إلا أن يعتمدوا على تعريفات وحدود أهل الكلام والمنطق فهو محادٌّ لله غير مقتنع بالأحكام الشرعية القائمة على الكتاب والسنة وفقه السلف ومنهجهم. 4- أن هذا الطعن والتجهيل لربيع بدعوى أنه لا يعرف التناقض والتضاد إنما يتوجه إلى السلف الصالح الذين حاربوا الكلام والمنطق وضللوا أهلهما ولم يبنوا أحكامهم في المجالات كلها على الحدود المنطقية والكلامية التي ينطلق منها هذا الحائر ويُجهِّل من لا ينطلق منها. 5- لقد أجمع السلف على تحريم علم الكلام وذموه وأهله أشد الذم، ومن أقوال الإمام الشافعي: (لأن ألقى الله بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إليّ من أن ألقاه بعلم الكلام)، وأما علم المنطق فقد كان يذمه حتى أهل الكلام حتى جاء الغزالي وأدخله في علم الأصول. وألّف شيخ الإسلام كتابه(الرد على المنطقيين)هدم فيه أصول المنطق وبدد فروعه ومن كلامه في علم المنطق أنه(لا يحتاجه الذكي ولا يستفيد منه البليد). قال شيخ الإسلام في نقد الحدود المنطقية وغيرها: (....الثالث إن الأمم جميعهم من أهل العلم والمقالات وأهل العمل والصناعات يعرفون الأمور التي يحتاجون إلى معرفتها ويحققون ما يعانونه من العلوم والأعمال من غير تكلم بحد منطقي، ولا نجد أحدًا من أئمة العلوم يتكلم بهذه الحدود، لا أئمة الفقه، ولا النحو، ولا الطب، ولا الحساب، ولا أهل الصناعات، مع أنهم يتصورون مفردات علمهم فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود. الرابع أنه إلى الساعة لا يُعلم للناس حد مستقيم على أصلهم بل أظهر الأشياء الإنسان وحده بـِ(الحيوان الناطق)عليه الاعتراضات المشهورة، وكذلك حد الشمس وأمثال ذلك، حتى إن النحاة لما دخل متأخروهم في الحدود ذكروا لـِ(الاسم)بضعة وعشرين حدًّا، وكلها معترض عليها على أصلهم. وقيل إنهم ذكروا لـِ(الاسم)سبعين حدًّا لم يصح منها شيء، كما ذكر ذلك ابن الأنباري المتأخر، والأصوليون ذكروا لـِ(القياس)بضعة وعشرين حدًّا، وكلها معترض على أصلهم، وعامة الحدود المذكورة في كتب الفلاسفة والأطباء والنحاة والأصوليين والمتكلمة معترضة على أصلهم؛ وإن قيل بسلامة بعضها كان قليلًا، بل منتفيًا، فلو كان تصور الأشياء موقوفًا على الحدود لم يكن إلى الساعة قد تصور الناس شيئًا من هذه الأمور؛ والتصديق موقوف على التصور، فإذا لم يحصل تصور لم يحصل تصديق: فلا يكون عند بني آدم علم في عامة علومهم وهذا من أعظم السفسطة...)([6]). فدع السفسطة، واستح منها بدل أن تصول وتتطاول بها على أهل القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح. قال المختار الجاهل بمنهج السلف بل بالكتاب والسنة والبعيد عن آداب السلف وأخلاقهم ومنها توقير الكبار ومنها العدل والصدق. قال: (...فالشيخ ربيع أولًا لا يعرف ما هو التناقض والتضاد، و لذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرًا، فمثلًا عندما قال في شريط(ندوة وقفات في المنهج): (...وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-أننا نحب أهل البدع، يعني نحب منهم على قدر ما فيهم من الخير، ونكرههم بقدر ما فيهم من الشر، هذا الكلام لشيخ الإسلام-رحمه الله-، وجدنا في كلام السلف ما يخالفه. فقد نقل البغوي-رحمه الله-أن السلف اتفقوا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع وهجرانهم ومنابذتهم، عرفتم هذا، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحًا في وجه من يدعوا إلى السنة...). فالشيخ ربيع بغض النظر عن عدم تحريره النقل عن ابن تيمية، فضلًا عن فهم كلامه، ونقله ما لم يقله البغوي كما ستجده في المقال القادم عن الموازنة مشكلته في التناقض...). التعليق: 1- الرجل يدندن حول المجمل والمفصل ومنهج الموازنات ويوسع دائرتهما لتشمل كل طوائف الضلال من الروافض والخوارج وأهل وحدة الوجود، وهذا الأصل الذي يقرره لم يسبقه إليه إلا سادته الإخوان المسلمون وزمرته البائسة. أو قل أحد أفاكي الإخوان المسلمين ولد منهج الموازنات وحمل المحمل على المفصل في أوائل القرن الخامس عشر الهجري على يد من أشرنا إليه. وكل الفرق الإسلامية المنحرفة لم تعرف هذين المنهجين لرد هجمات أهل السنة على أباطيلهم وجماعاتهم ورؤسائهم ولرد حجج أهل السنة وبراهينهم بدون موازنات بين الحسنات والسيئات للأشخاص والكتب والجماعات، ولا حمل المجملات على المفصلات، حتى جاء هذا الإخواني فاكتشف حمل المجمل على المفصل ومنهج الموازنات لأننا في عصر الاكتشافات. ونسي دعاة الإخوان المسلمين حمل المجمل على المفصل وتشبثوا بمنهج الموازنات، فتصدى لهم ربيع بن هادي فدَّك بنيانهم القائم على الشبهات والمجازفات والتحريفات، دكها بالحجج والبراهين النيرة من كتاب الله ومن سنة رسول-الله صلى الله عليه وسلم-في نقد الأفراد وفرق الضلال من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين من أول كتاب الله إلى آخره، ومن سنة رسول الله من أولها إلى آخرها لا تجد فيها للموازنات بين الحسنات والسيئات خبرًا ولا ذكرًا. وتلا كتاب الله وسنة رسوله الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان لا تجد في نقدهم وجرحهم للأفراد والفئات عينًا ولا أثرًا لا للموازنات ولا لحمل المجمل على المفصل، وتلاهم أهل الحديث والسنة والفقه، وهم الطائفة المنصورة المشهود لهم بأنهم على الحق إلى أن يأتي أمر الله لا تجد في نقدهم وجرحهم للأفراد والفئات الضالة أي أثر للموازنات لا في كتب العقائد ولا في كتب الجرح والتعديل العام ولا في كتب الجرح الخاص، قام بذلك ربيع ودونه في كتابين هما: أ- كتاب: (منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف). ب- وكتاب: (المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء). جمعتُ فيها عشرات الأدلة والبراهين ومنها تطبيقات أئمة السنة وأئمة الجرح والتعديل بما يكفي اللبيب الناصح بعضُ بعضِه، وأرسلت هذين الكتابين إلى علماء السنة في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها فاستقبلوهما بكل تقدير واحترام، وأيدوا مضمونهما وصرحوا بهذه التأييدات في إجاباتهم على أسئلة السائلين، وعلى رأس هؤلاء: 1- ابـن بــاز. 2- والألبـــاني. 3- والفـــوزان. 4- وعبد العزيز السلمان. 5- والنـجمــي. 6- ومحمد أمــان. فما كان بعد هذا وذاك إلا أن تراجع المؤلفون والدعاة إلى القول بعدم وجوب الموازنات، وأعلنوا هذه التراجعات، وانطفأت بحمد الله هذه الفتنة على امتداد سنوات وسنوات. ومع أن الإخوان المسلمين أعرضوا عن حمل المجمل على المفصل فقد رفع رايته أحد المتربصين المدسوسين على المنهج السلفي والمرتزقة المتأكلين بدينهم ألا وهو: (أبو الفتن المصري المأربي)فشفى بذلك غيظ ساداته ومستأجريه من أهل البدع والأهواء، فرددت على تلفيقاته وشبهاته ومجازفاته التي برع فيها، وكانت هذه الفتنة منه بعد موت العلماء الذين كان ينتظر فرصة موتهم هو وزمرته وبعد انتقالهم إلى رحمة الله-كما نرجو الله لهم-، وثب هو وزمرته لتحطيم أقوى الأسلحة التي يواجه بها أهل السنة على مر التاريخ أهل الأهواء والضلال. فرددتُ على شبهاته وتلفيقاته في بحث سميته: (إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل)، يجده القارئ في كتابي: (المجموع الحسن لمؤلفات ومقالات الشيخ ربيع المدخلي في رد منهج وأصول المصري أبي الحسن)([7])(ط دار الفلاح/من: ص101-154)، وأنصح أهل السنة وغيرهم بقراءة هذا المجموع الذي دفع بالحق والصدق ضلالات أبي الحسن وأصوله الباطلة. واستدل هذا المحتار بحديثين على مشروعية الموازنات لكل فرق الضلال بما فيهم الروافض والخوارج والصوفية وأهل وحدة الوجود: أولهما: قوله-صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِىَ آخَرَ)[8]. وهذا النص ليس فيه أي دلالة على منهج الموازنات والرسول-صلى الله عليه وسلم-قال هذا الكلام نهيًا للمؤمن عن بغض زوجته المؤمنة، ولم يقله لتشريع الموازنات، ومن قال هذا فإنه يرد عشرات الآيات وعشرات الأحاديث الصحيحة التي فيها الجرح بدون موازنات . وهذه النصيحة في الحديث ليست داخلة في أبواب الجرح والتعديل بل هي من باب الآداب والأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها الرجل في عشرته لزوجته، ولو كان في هذا الحديث دلالة على الموازنات لوجدت الاستدلال به على الموازنات في تراجم رجال الحديث في دواوين السنة، ولوجدته في كتب العقائد التي امتلأت بنقد وجرح أهل البدع بدون موازنات. فالاستدلال به على وجوب الموازنات من الترهات، ومن أنكر المحدثات وشر الأمور محدثاتها كما قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. وقال-صلى الله عليه وسلم-موعظته البليغة: (...فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)([9])، وفي رواية(وكل ضلالة في النار). فلو كان في هذا النص دلالة خفية أو واضحة على الموازنات لما تأخر عن تطبيقه والاحتجاج به الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون. ولما تأخر عن الاحتجاج به وتطبيقه الصحابة والتابعون وأئمة الهدى من بعدهم إلى عصرنا هذا. وثانيهما: (...الحديث المشهور: لما اقتتلت فارس والروم وانتصرت الفرس، ففرح بذلك المشركون؛ لأنهم من جنسهم ليس لهم كتاب، واستبشر بذلك أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-لكون النصارى أقرب إليهم؛ لأن لهم كتابًا، وأنزل الله-تعالى-: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم). فهؤلاء النصارى الذين فرح المسلمون بنصرهم، هو فرح من وجه واحد يعارضه غضب وبغض منهم من أوجه كثيرة، وأهم من هذا. فهل يلزم من هذا الفرح ترك عداوتهم المتعيّنة أم هذا هو عين الموازنة([10])، فهكذا تفهم المسألة، فعندما تفاضل بين البيهقي والرازي، وبين الجويني والأشعري، وبين الأشاعرة والمعتزلة فما هو موجب المفاضلة إلا الحب و البغض...). أقول: هذه القصة ليس فيها مشروعية الموازنات التي طالب بها مخترعو هذا المنهج، وهي: أنك إذا انتقدت شخصًا أو جماعة وبينت مساوئه أو مساوئهم نصحًا وتحذيرًا للمسلمين من شرهم وضررهم وبدعهم، فلا بد أن تذكر محاسن هذا الشخص أو هذه الفئة، فإن لم تفعل هذا فأنت عندهم ظالم؛ لأنك ذكرت نصف الحقيقة وكتمت النصف الآخر، ولابد من ذكر ما في الكفتين حتى يعتدل الميزان، كما قاله أحد كبار دعاة منهج الموازنات سابقًا. وشيء آخر وهو: أن هذه الحادثة حصلت في العهد المكي، حينما كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-والمؤمنون يأملون ويطمعون في أن يقبل النصارى الإسلام ويدخلوا فيه. وحينما كان المهاجرون من المسلمين إلى الحبشة قد آواهم النجاشي وبعض القساوسة واحترموهم، بل أسلم النجاشي وبعض القساوسة، فهذا أطمع المؤمنين في أن يدخل النصارى في الإسلام. ثم لما هاجر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه، وقامت دولة الإسلام، وكاتب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم كسرى وقيصر، فلم يستجيبا لهذه الدعوة، بل جيّش قيصر جيوشه وحشدهم على حدود الشام لقتال الرسول-صلى الله عليه وسلم-والمؤمنين، وأصر النصارى على كفرهم وعنادهم. أنزل الله فيهم آيات كثيرة تبين كفرهم وشركهم بدون موازنات، كقوله-تعالى-: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ...)(المائدة/17). وكقوله- تعالى-: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(المائدة/73). وقال تعالى: (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)(التوبة/29). وقال-تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(المائدة/51). وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول في مرض موته: (لَعْنَةُ اللَّهِ على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)([11]). وعن عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها-أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فيها تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ-صلى اله عليه وسلم-فقال: (إِنَّ أُولَئِكَ إذا كان فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا على قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فيه تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يوم الْقِيَامَةِ)([12]). وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: (قَاتَلَ الله الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)، ومن طريق آخر: (لَعَنَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)([13]). وعن عُبَيْد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ وابن عَبَّاسٍ-رضي الله عَنْهُمْ-قالا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً على وَجْهِهِ فإذا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عن وَجْهِهِ فقال وهو كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا)([14]). فأين الموازنات في هذه الآيات المحكمات الواضحات، والأحاديث الصحيحة النيرات؟. أعتقد أنك تجهلها لاشتغالك عن القرآن والسنة بالسفسطات التي تجرك إلى حضيض الجهل بالبديهيات، في الوقت الذي يخيل لك شيطانك أنك في قمة العلم، وغيرك من أهل السنة والعلم في حضيض الجهل. قال-تعالى-في أسلافك من الفلاسفة: (فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)(غافر/83). فعلمهم علم فاسد يدفعهم إلى تكذيب الرسل ورد ما عندهم من الآيات الباهرات، وأنا لا أُكفرك، ولكن أُبين أن فيك مشابهة لهم لأنك أخذت نصيبًا من حالهم. ثامنًا: قال مختار في(ص:5): (...والتناقض هو: إثبات صفة لموصوف، ونفيها عنه في نفس الوقت، ومن نفس الجهة، بحيث لا تجتمع هاتان الصفتان معًا في الموصوف، ولا ترتفعان عنه معا([15])، فالحب و البغض ليس من هذا النوع، لأنهما يتبعضان، ويتفاضلان...). وساق الحديث: (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِيَ آخَرَ). أقول: إن هذا الرجل لما كان يجادل بالباطل، ولم يجد الأدلة الواضحة على دعاواه، لجأ إلى حدود وتعريفات المناطقة وأهل الكلام الضالين في دينهم وتعريفاتهم وحدودهم للأشياء. وغطى هذا بحديثين لا دلالة فيهما على إثبات منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات لأهل الباطل. وقوله: (...فالحب والبغض ليس من هذا النوع، لأنهما يتبعضان، ويتفاضلان...). أما قوله: (يتبعضان)، فلا، وأما قوله: (ويتفاضلان)، فنعم. ومن الأدلة على تفاضل الحب: قوله-صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يُؤْمِنُ أحدكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه من وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)([16]). فزيادة حب المؤمن لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-على نفسه وولده ووالده تدل على تفاضل الحب وتفاوته، ولا تدل على تبعضه. ولا يقتضي قصور حبه لولده ووالده عن حب الرسول على أنه يحبهم من جهة ويبغضهم من جهة أخرى. وسأل عمرو بن العاص رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّ الناس أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: عَائِشَةُ، فقلت: من الرِّجَالِ؟، فقال: أَبُوهَا، قلت: ثُمَّ من؟، قال: عُمَرُ بن الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا)([17]). فكونه-صلى الله عليه وسلم-يحب عائشة أكثر من حبه لأبي بكر وسائر الصحابة، لا يدل قصور حبهم عن حبها أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يحبهم من جهة ويبغضهم من جهة أخرى، وإنما يدل فقط على تفاوت الحب. وكونه يحب أبا بكر وعمر أكثر من سائر الصحابة لا يدل قصور حبه-صلى الله عليه وسلم-لهم عن حب أبي بكر وعمر على أنه يحب بقية الصحابة من جهة ويبغضهم من جهة أخرى. وقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (ولو كنت مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا)([18]). يدل على عظيم حبه لأبي بكر، ولا يقتضي زيادة حب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لأبي بكر، وقصور حبه لعمر وسائر الصحابة على أنه يبغض باقي الصحابة من وجه ويحبهم من وجه. تاسعًا: قال مختار في(ص:5): (...أما المبتدع المسلم فقد خلط عملًا صالحًا بآخر فاسد فكيف نبغضه كله([19]) كما نبغض الكافر، هذا لا يقوله مسلم...). أقول: إن البغض أيضًا يتفاضل ويتفاوت فبغض من عنده بدع كثيرة وكبيرة أشد من بغض من عنده بدعة واحدة كبيرة أو صغيرة. أ- وبغض الرافضي أشد من بغض الجهمي والمعتزلي. ب- وبغض الجهمي والمعتزلي أشد من بغض القدري. ت- وبغض القدري أشد من بغض المرجئ غير الغالي. وهذا الرجل يريد أن يخالف العقل والفطرة وما يجده الناس في أنفسهم، وأشد من ذلك أنه يخالف السلف الذين لا يوازنون بين حب المبتدع وبغضه ولا بين حسناته وسيئاته على امتداد تأريخهم، فهم ظالمون عنده. قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في كتابه(عقيدة السلف أصحاب الحديث/ص:114-115)خلال بيانه لصفات أهل الحديث وآدابهم: (...ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين. ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم، ويَرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضَرَّت وجَرَّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرَّت، وفيه أنزل الله-عز وجل-قوله: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)(الأنعام/68)...). وقال الإمام البغوي-رحمه الله-في كتابه(شرح السنة/1/224)بعد أن أورد عددًا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية في مجانبة أهل الأهواء: (...قد أخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته، وسنة أصحابه-رضي الله عنهم-، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلًا يتعاطى شيئًا من الأهواء والبدع معتقدًا، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حيًا وميتًا، فلا يسلم عليه إذا لقيه، ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته، ويُراجِع الحق. والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا...). وقال-رحمه الله-في(شرح السنة/1/226-227)خلال شرحه لحديث كعب ابن مالك-رضي الله عنه-في تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك، ومنهم كعب-رضي الله عنه-: (...وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد، وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه، فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله-صلى الله عليه وسلم-براءتهم، وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم...). فهذا هو واقع الصحابة والسلف، وهذا إجماعهم على بغض أهل البدع وهجرانهم، فأين هو منهج الموازنات أيها المحاربون لمنهج السلف؟. عاشرًا: قال مختار في(ص:6): (...وهنا مسألة أخرى لم ينتبه إليها الشيخ ربيع وأتباعه، وهي مسألة تناقض مواقف أهل العلم مع بعضهم البعض، وأقصد بالتناقض هنا اختلاف أحكامهم في الرجال ومواقفهم منهم. ولذلك تجد أتباع الشيخ ربيع نظرا لهذا المنهج لم يفهموا تعدد مواقف أهل العلم في الرجال، فيعتبرونها تناقضًا، فإذا خالف أحدهم موقف الشيخ الألباني في رجل اعتبروا ذلك تناقضا منه، إذ في عقولهم يلزم إن كان على منهج الألباني أن يوافقه في كل مواقفه من أهل العلم و الدعاة، وهذا خلط فاحش لا تجده إلا عند أتباع الشيخ ربيع. ومنتدياتهم مملوءة به، وعندما يظفرون بمثال منه تجدهم قد أقاموا الأفراح كأنهم اكتشفوا حديثًا نسيه البخاري-رحمه الله-في مسودة يذم ذاك الرجل!. فهم يعتبرون مواقف شيخهم أو غيره من بعض العلماء من ثوابت الشريعة، ومن المسلمات عند أهل العلم!. ومشكل الشيخ ربيع أنه إما محاط بأتباع كسالى في العلم لا يبحثون، ولا يناقشونه فيطور مواقفه ويحسنها، وإما هو ضيق الخاطر لا يتحمل المخالفة. نعم مواقف أهل العلم من بعضهم البعض محترمة، ومفهومة الأسباب و العلل ولكنها قابلة للنقاش، وأكثر من ذلك لا تلزمهم إلا هم ومن يقلدهم. و أهل العلم يبنون مواقفهم بناء على علمهم، وليس على علم غيرهم. وعليه، فإن الاجتهاد يكون في الأدلة والقواعد الشرعية ليس في مواقف أهل العلم، وليس شرطًا أن يصيب العالم في كل شيء ليكون سنيًا، فلا نقابل موقف ابن جبرين بموقف الألباني أو باز([20])-رحمهم الله-ثم نزعم أننا أقمنا دليلًا أو أبطلنا قول المخالف، بل نقابل بين أدلتهم الشرعية، و إلا كنا مستحسنين الاستحسان الباطل...). أقول: هذا الكلام فيه ذم للشيخ ربيع ومن يسميهم أتباعه، وطعن في منهجهم، وكله تمويه وغمغمة. فكم هي المسائل التي خالف فيها ابن جبرين العلامة ابن باز، والعلامة الألباني، وغيرهما من العلماء كالشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد الله الغديان، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ أحمد بن يحيى النجمي، والشيخ زيد بن محمد هادي، وكل السلفيين في كل مكان؟، الجواب: لم يذكر شيئًا، وهذا من تمويهاته وكتمانه للحق!. وأقول: من ذلك دفاع ابن جبرين عن جماعة التبليغ وجماعة الإخوان المسلمين المخالفين للكتاب والسنة، والمخالفين لعقائد السلف، ودفاعه عن سيد قطب والقطبيين وابن لادن، وطعنه وشدته على السلفيين، كل هذا عند هذا الرجل من اختلاف العلماء الذي يجب أن يُحترم فلا يُفرق بين حقه وباطله. فالذين يؤيدون موقف ابن باز والألباني وغيرهما من أعيان السلف في الدنيا كلها في تضليل هذه الأصناف إنما ينطلقون من الجهل، وليس لديهم أدلة شرعية، ولم يقابلوا بين الأدلة الشرعية بين المختلفين فما هي الأدلة الشرعية لمن يدافع عن هذه الجماعات وضلالاتهم؟. الظاهر أن هذا الرجل يرى أن جماعة التبليغ القائمة على أربع طرق صوفية فيها الحلول ووحدة الوجود والشركيات. وجماعة الإخوان المسلمين القائم تنظيمهم على الصوفية المدمرة وعلى الرفض المهلك بل على بعض النصارى. وإلى جانب ذلك يتحالفون مع الاشتراكيين والبعثيين والناصريين، وأحيانًا مع الشيوعيين، ويقيمون مؤتمرات لوحدة الأديان. ويقرر زعماؤهم في كتاباتهم وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان. فالظاهر أن هذا الرجل يرى أن هاتين الجماعتين على حق وسنة، وأن انتقاد السلفيين لهم قائم على الجهل، لا يستغرب هذا ممن يقلد أبا الحسن المأربي، فيصدق عليه وعلى أمثاله قول الشاعر: ومن يكن الغراب له دليـــلاً.....يمر به على جيـف الكــــلاب وكذلك لم يذكر المسائل التي اختلف فيها ربيع وإخوانه مع الحلبي وزمرته التي ينصرها في كل باطل، وهم ينصرونه كذلك. فهل التعاون على الإثم والعدوان عند المختار يعد اختلافًا معتبرًا من اختلاف علماء السنة المجتهدين، للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد؟. وهل من يقول في الصحابة: إنهم غثاء وأصاغر، والأصاغر تحت الأقدام. وهل من يحارب أهل السنة ويكيل لهم الطعون والشتائم في الوقت الذي يعتبر أهل الأهواء الغليظة من أهل السنة، فهل هذا النوع من الناس يعتبر في ميزان الله من العلماء المجتهدين المحترمين؟، وهل هو من أهل الاجتهاد في ميزان السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم كمالك، والأوزاعي، والثوري، والحمادين، والشافعي، وأحمد، والبخاري، وعلماء المقادسة، وابن تيمية، وابن القيم، وابن عبد الوهاب ومدرسته. هل هذا الصنف في ميزانهم من العلماء ومن أهل السنة؟، وهل ضلالاتهم محترمة في ميزان الله؟. إن مخالفات هؤلاء لا تعد من مخالفات العلماء، بل من مخالفات أهل البدع والأهواء، فالبون شاسع جدًا بين منهج السلف وبين منهج هؤلاء، والبون شاسع بينهم وبين النبلاء المجتهدين وبين أهل السنة الصادقين من السابقين واللاحقين. سارت مشرقـة وسرت مغربًــا.....شتـــان بين مشرق ومغـرب إن هذا المحتار: لا يطيق أقوال السلف ولا مواقفهم من أهل البدع، ولا يرضى بأقوالهم العادلة في أهل البدع، ولهذا لا ينقل منها شيئًا، إمعانًا منه في الكتمان والتمويه والتضليل. [1] - أخرجه البخاري في "أحاديث الأنبياء" حديث (3445)، وأحمد في "مسنده" (1/23). [2] - كذا. [3] - كذا. [4] - "القواعد النورانية" (ص149-152). [5] - أخرجه عبد الرزاق في"مصنفه" حديث (20750)، و أبو داود بنحوه في "سننه"، "كتاب السنة" حديث (4611) بإسناد صحيح. [6] - "الرد على المنطقيين" (ص8). [7] - جمع هذه الردود الأخ الأستاذ أحمد بن يحيى الزهراني في مجلد واحد، جزاه الله خيراً. [8] (مسلم (2/091)، وأحمد (2/329)،وغيرهما). [9] - أخرجه أحمد (4/126)، وأبو داود حديث (4609)، والترمذي حديث (2676). [10] - عجباً لهذا الرجل حيث يرى حب النصارى من بعض الوجوه بفضل منهج الموازنات. [11] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (435، 436)، ومسلم في "المساجد"حديث (531). [12] - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (427)، وفي مواضع أخر، ومسلم في "المساجد" حديث (528). [13] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (437)، ومسلم في "المساجد" حديث (530)و (531). [14] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (435). [15] - في كلامه هذا تخبط، فهو يقول: " والتناقض هو: إثبات صفة لموصوف، ونفيها عنه في نفس الوقت" ، ثم يقول: بحيث لا تجتمع هاتان الصفتان معا" ، فالصفة أصبحت صفتين ..الخ [16] - أخرجه البخاري في "الإيمان"،حديث (15)، ومسلم في "الإيمان" حديث (44). [17] - أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة"، حديث (3662)، ومسلم في "فضائل الصحابة"حديث (2384). [18] - أخرجه البخاري في "مناقب الأنصار" حديث (3904)، ومسلم في "فضائل الصحابة" حديث (2382). [19] - هذا تعبير ركيك، والظاهر أنه يريد: فكيف نبغضه بغضاً كاملاً. [20] - كذا، يقصد العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، فلعل الرجل لا يعرف اسم هذا الإمام.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.