|
كاتب الموضوع | سالم ابودجانه الموري | مشاركات | 2 | المشاهدات | 3817 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الاعتكاف فضله واحكامه
قال الشيخ ابو عاصم الصوان حفظه الله الاعتكاف تـعـريـفه في الموسوعة الفقهية : لُغَةً : الِافْتِعَالُ , مِنْ عَكَفَ عَلَى الشَّيْءِ عُكُوفًا وَعَكْفًا . مِنْ بَابَيْ : قَعَدَ , وَضَرَبَ . إذَا لَازَمَهُ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ , وَعَكَفْت الشَّيْءَ : حَبَسْته . وَمِنْهُ قوله تعالى : { هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } . وَعَكَفْته عَنْ حَاجَتِهِ : مَنَعْته . وَالِاعْتِكَافُ : حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الْعَادِيَّةِ . وَشَرْعًا : اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِنِيَّةٍ . حـكـمه قال العراقي في طرح التثريب :( اسْتِحْبَابُ الِاعْتِكَافِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ , وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَن ْأَصْحَابِهِمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي كُتُبِهِمْ : الِاعْتِكَافُ جَائِزٌ قَالَ وَهُوَ جَهْلٌ انْتَهَى . وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ وَلَا مِمَّنْ أَدْرَكْته اعْتَكَفَ إلَّا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَكِنْ لِشِدَّتِهِ وَأَنَّ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ سَوَاءٌ فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَفِيَ بِشُرُوطِهِ أَنْ يَعْتَكِفَ...) . الحكمة من مشروعيته قال ابن القيم فيزاد المعاد : ( وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى،وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه،بحيث يصير ذكره وحبه، والاقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهمّ كلّه به، والخطرات كلّها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم. ولما كان هذا المقصود إنما يتمّ مع الصوم، شرع الاعتكاف في أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان ) . الإعتكاف لا يشرع إلا في المساجد لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد )عن عائشة رضي الله عنها قالت :" السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع " . قال أبو داود: غير عبد الرحمن لا يقول فيه قالت السنة ، قال أبو داود جعله قول عائشة . قال الشيخ الألباني : حسن صحيح . وظاهر الآية وقول عائشة هنا الظاهر أنه في مسجد جامع والله أعلم . قال ابن تيمية :( والأماكن المفضلة هي المساجد ، وهي أحب البقاع إلى الله ؛ كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم. وفيها الإعتكاف، فلا يكون الاعتكاف إلا في المساجد باتفاق العلماء . من رأى أنه لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد عن عبد الرزاق عن الثوري عن واصل الأحدب عن إبراهيم قال جاء حذيفة إلى عبد الله فقال ألا أعجبك من ناس عكوف بين دارك ودار الأشعري قال عبد الله فلعلهم أصابوا وأخطأت فقال حذيفة ما أبالي أفيه أعتكف أو في بيوتكم هذه إنما الاعتكاف في هذه المساجد الثلاثة مسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى وكان الذين اعتكفوا فعاب عليهم حذيفة في مسجد الكوفة الأكبر و بهذا قال الألباني رحمه الله. ومن قال بجواز الاعتكاف في المسجد الجامع رد من وجهين 1-أن عبد الله بن مسعود قال لحذيفة هنا ما قال فدل على أنه لم يؤيده . 2-أن رواية عائشة صحت بمسجد جامع ويكون المساجد الثلاثة على الأفضلية والله أعلم . تفصيل أقوال العلماء الفقهية في المسألة قال العراقي في طرح التثريب : ( لاشَكَّ فِي أَنَّ اعْتِكَافَهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ فِي مَسْجِدِهِ وَكَذَا اعْتِكَافُ أَزْوَاجِهِ فَأُخِذَ مِنْهُ اخْتِصَاصُ الِاعْتِكَافِ بِالْمَسَاجِدِ وَأَنَّهُلَا يَجُوزُ فِي مَسْجِدِ الْبَيْتِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاة ِفِيهِ لَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ إذْ لَوْ جَازَ فِي الْبَيْتِ لَفَعَلُوهُ وَلَوْ مَرَّةً لِمَا فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَشَقَّةِ لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ النِّسَاءِ , وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ نَافِعٍ" وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُول ُاللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَالْجُمْهُورُ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ , وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ , وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيِّينَ مُطْلَقًا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا تَعْتَكِفُ إلَّا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَلَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ حَكَى عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهَا الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ زَوْجِهَا وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّة ِلِلرَّجُلِ أَيْضًا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى الْخَطَّابِيِّ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ اعْتِكَافَهُ فِي بَيْتِهِ غَيْرُ جَائِزٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ الْمُشْتَرِطُونَ لِلْمَسْجِدِ الْعَامِّ , فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُهُمْ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَصِحُّ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَصُّ بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَة ُالرَّاتِبَةُ إلَّا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَيَصِحُّ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَسْجِدٍ تُصَلَّى فِيهِ الصَّلَاةُ كُلُّهَا أَيْ فِيحَقِّ الرَّجُلِ , وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَآخَرُونَ يَخْتَصُّ بِالْجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَخْتَصُّ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ , وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ وَهُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ وَلِهَذَا جَعَلَهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلًا وَاحِدًا , وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَعْتَكِفُ إلَّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ) . شـروطـه 1-النية لحديث :" إنما الأعمال بالنيات " متفق عليه. قال ابن القيم :(أما العبادات فتأثير النيات في صحتها وفسادها أظهر من أن يحتاج إلى ذكره؛ فإن القربات كلها مَبْنَاها على النيات، ولا يكون الفعل عبادة إلا بالنية والقَصْد، ولهذا لو وقع في الماء ولم ينو الغسل أو دخل الحمام للتنظيف أو سَبَحَ للتبرد لم يكن غسله قربة ولا عبادة بالاتفاق، فإنه لم ينو العبادة فلم تحصل له، وإنما لامرىء ما نوى،ولو أمْسَك عن المُفْطِرات عادة واشتغالاً ولم ينو القربة لم يكن صائماً، ولو دار حول البيت يلتمس شيئاً سقط منه لم يكن طائفاً، ولو أعطى الفقير هبة أو هدية ولم ينو الزكاة لم يحسب زكاة، ولو جلس في المسجد ولم ينو الاعتكاف لم يحصل له ) إعلام الموقعين. 2- أن يكون في مسجد جامع (لظاهر الآية ولما صح عن عائشة) . قال العلماء والحكمة : لأئلا يضطره الخروج من المتعكف لأجل الجمعة مثلا . طهارة المعتكف قال ابن تيمية : ( والاعتكاف يستحب له طهارة الحدث،ولا يجب، فلو قعد المعتكف وهو محدث في المسجد لم يحرم، بخلاف ما إذا كان جنباً أو حائضاً، فإن هذا يمنعه منه الجمهور، كمنعهم الجنب والحائض من اللبث في المسجد لأن ذلك يبطل الاعتكاف؛ ولهذا إذا خرج المعتكف للاغتسال كان حكم اعتكافه عليه فيحال خروجه، فيحرم عليه مباشرة النساء في غير المسجد. ومن جوز له اللبث مع الوضوء،جوز للمعتكف أن يتوضأ و يلبث في المسجد، وهو قول أحمد بن حنبل وغيره ) . وقال أيضا : (وأما الاعتكاف فما علمت أحداً قال إنه يجب له الوضوء . تخصيص رجب وشعبان بالاعتكاف سئل ابن تيمية رحمه الله: عما ورد في ثواب صيام الثلاثة أشهر، وما تقول في الاعتكاف فيها، والصمت. هل هو من الأعمال الصالحات؟ أملا؟ فأجاب: ( أما تخصيص رجب وشعبان جميعاً بالصوم، أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلّم شيء، ولا عن أصحابه. ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في الصحيح. أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يصوم إلى شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم من شعبان، من أجل شهر رمضان ... وأما تخصيصها بالاعتكاف فلا أعلم فيه أمراً، بل كل من صام صوماً مشروعاً، وأراد أن يعتكف من صيامه كان ذلك جائزاً بلا ريب، وإن اعتكف بدون الصيام، ففيه قولان مشهوران، وهما روايتان عن أحمد : أحدهما: أنه لا اعتكاف إلا بصوم ، كمذهب أبي حنيفة، ومالك . والثاني: يصح الاعتكاف، بدون الصوم. كمذهب الشافعي . وأما الصمت عن الكلام مطلقاً في الصوم ، أو الاعتكاف، أو غيرهما، فبدعة مكروهة ، باتفاق أهل العلم . لكن هل ذلك محرم ، أو مكروه ؟ فيه قولان في مذهبه ، وغيره )مجموع الفتاوى. اعتكافه صلى الله عليه وعلى آله وسلم العشر الأواخر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه قال من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر قال أبو سعيد فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد فقال أبو سعيد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين " . رواه أبو دواد . وقال الشيخ الألباني : صحيح . عن الزهري عن عروة عن عائشة :" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده " . رواه أبو داود وصححه الألباني . قلت : وفيه جواز اعتكاف النساء. تـوضيح آخـر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الذي في وسط الشهر فإذا كان من حين يمضي عشرون ليلة ويستقبل إحدى وعشرين يرجع إلى مسكنه ويرجع من كان يجاور معه ثم أنه أقام في شهر جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها فخطب الناس فأمرهم بما شاء الله ثم قال إني كنت أجاور هذه العشر ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر وقد رأيتني أسجد في ماء وطين ، قال أبو سعيد مطرنا ليلة إحدى وعشرين فوكف المسجد في مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مبتل طينا وماء . رواه النسائي وهو صحيح. السنة للمعتكف الصوم عن عائشة رضي الله عنها قالت :( السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لا بد له منها ولا يعود مريضا ولا يمس امراته ولا يباشرها ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ) قال الألباني : رواه البيهقي بسند صحيح وأبو داود بسند حسن .بل صح عن عائشة: ( لا اعتكاف إلا بصوم) . قال الألباني في الثمر المستطاب : ( ولم يذكر سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم ولا فعله إلا مع الصوم فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ) . قلت : وفيه ذكر ما لا يجوز للمعكتف فعله . قال ابن القيم في زاد المعاد :( ولم ينقل عن النبـي ، أنه اعتكف مفطراً قطّ ، بل قد قالت عائشة: لا اعتكاف إلا بصوم. ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم ، ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم . فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف: أن الصوم شرطٌ في الاعتكاف ، وهو الذي كان يرجحه شيخ الاسلام أبو العباس بن تيمية ) . ومنهم من قال لا يجب الصوم ، قال ابن القيم :( واحتجوا على عدم شرط الصوم في الاعتكاف بالحديث الصحيح عن عمر أنه نَذَرَ في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفي بنذره )إعلام الموقعين . ورد عليهم فقال :( وقد احتج به مَنْ يرى جواز الاعتكاف عن غير صوم، ولا حجة فيه؛ لأن في بعض ألفاظ الحديث :" أن أعتكف يوماً أو ليلة " ولم يأمره بالصوم إذ الاعتكاف المشروع إنما هو اعتكاف الصائم ، فيحمل اللفظ المطلق عَلَى المشروع . جواز الإعتكاف في الأخبية عائشة - رضي الله عنها – :"كانت تضرب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خباء إذا اعتكف وكان ذلك بأمره - صلى الله عليه وسلم - " رواه الشيخان . قال الألباني : الخباء أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ولا يكون من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة . " نهاية " . قـضـاء الإعـتكاف عن أبي رافع عن أبي بن كعب :" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، فلم يعتكف عاماً فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة " . رواه أبو داود وصححه الألباني . عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف كل عام عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً ، وكان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين . عن أنس - رضي الله عنه - قال :" كان إذا كان مقيماً اعتكف العشر الأواخر من رمضان وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين " . وقال الألباني :( صحيح ) انظر حديث رقم:( 4775 ) في صحيح الجامع. ومن حديث أنس بن مالك :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، فلم يعتكف عاما ًفلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين " . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب واختلف أهل العلم في المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى فقال بعض أهل العلم إذا نقض اعتكافه وجب عليه القضاء واحتجوا بالحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – " خرج من اعتكافه فاعتكف عشراً من شوال " ، وهو قول مالك وقال بعضهم إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه وكان متطوعاً فخرج فليس عليه أن يقضي إلا أن يحب ذلك اختياراً منه ولا يجب ذلك عليه وهو قول الشافعي ، قال الشافعي : فكل عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة. جـواز اعتكاف النساء حديث عائشة " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده " متفق عليه . قلت : وإن كانت المرأة على مسافة قصر فلا بد أن يكون معها محرم لأنه لا يجوز السفر إلا بمحرم. قال الألباني في الثمر المستطاب :" قلت : ... جواز اعتكاف النساء أيضا ولا شك أن ذلك مقيد بإذن أوليائهن بذلك وأمن الفتنة والخلوة مع الرجال للأدلة الكثيرة في ذلك والقاعدة الفقهية : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " . قال مالك في المرأة إنها إذا اعتكفت ثم حاضت في اعتكافها: إنها ترجع إلى بيتها فإذا طهرت رجعت إلى المسجد أية ساعة طهرت ثم تبنى على ما مضى من اعتكافها.الموطأ. وقال ابن القيم : ولو حاضت المعتكفة خرجت من المسجد إلى فنائه فأتمت اعتكافها ولم يبطل. إعلام الموقعين. جواز اعتكاف المستحاضة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – " اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم وزعم أن عائشة رأت ماء العصفر فقالت : كان هذا شيء كانت فلانة تجده " رواه البخاري . متى يدخل معتكفه ؟ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه قالت : وإنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان قالت فأمر ببنائه فضرب فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب قالت وأمر غيري من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ببنائه فضرب فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال ما هذه آلبر تردن قالت فأمر ببنائه فقوض وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول يعني من شوال " . قال أبو داود : رواه بن إسحاق والأوزاعي عن يحيى بن سعيد نحوه ، ورواه مالك عن يحيى بن سعيد قال :" اعتكف عشرين من شوال ".وصححه الألباني . قال ابن تيمية :( ثبت في الصحيح أنه أراد أن يعتكف مرة، فطلب نساؤه الاعتكاف معه ، فرأى أن مقصود بعضهن المباهاة، فأمر بالخيام فقوضت ، وترك الاعتكاف ذلك العام، حتى قضاه من شوال) . قلت : 1- وفيه اعتكافه من شوال. 2- جواز ضرب الأبنية بالمسجد. 3- وفيه جواز قضاء الإعتكاف. ما يجوز للمعتكف فعله بالمعتكف عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " . رواه أبو دواد وصححه الألباني. قال الترمذي : إذا اعتكف الرجل أن لا يخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان واجتمعوا على هذا أنه يخرج لقضاء حاجته للغائط والبول ، ثم اختلف أهل العلم في عيادة المريض وشهود الجمعة والجنازة للمعتكف فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم أن يعود المريض ويشيع الجنازة ويشهد الجمعة إذا اشترط ذلك وهو قول سفيان الثوري وبن المبارك وقال بعضهم ليس له أن يفعل شيئاً من هذا ورأوا للمعتكف إذا كان في مصر يجمع فيه أن لا يعتكف إلا في مسجد الجامع لأنهم كرهوا الخروج له من معتكفه إلى الجمعة ولم يروا له أن يترك الجمعة فقالوا لا يعتكف إلا في مسجد الجامع حتى لا يحتاج أن يخرج من معتكفه لغير قضاء حاجة الإنسان لأن خروجه لغير حاجة الإنسان قطع عندهم للاعتكاف وهو قول مالك والشافعي وقال أحمدلا يعود المريض ولا يتبع الجنازة على حديث عائشة وقال إسحاق إن اشترط ذلك فله أن يتبع الجنازة ويعود المريض. وقال ابن تيمية :( والاعتكاف عبادة شرعية، وليس للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لما لا بد منه والمشروع له أن لا يشتغل إلا بقربة إلى الله...) . من نذر الإعتكاف فإنه يوفي به وبيان أقله عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن عمر - رضي الله عنه - جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوماً عند الكعبة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : اعتكف وصم. وفيه: 1- وجوب الوفاء بالنذر ولو كان في الجاهلية. 2- وفيه أن مدته يوم وليلة بدليل ذكره مرة ليلة ومرة يوم. 3- وفيه أن يعتكف مع الصوم. جواز مكالمة الناس للمعتكف عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري :" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس " . متفق عليه ورواه ابن ماجة . قال النووي في شرحه على مسلم : قوله :( قبة تركية ) أى قبة صغيرة من لبود . وقال القرطبي : هي التي لها باب واحد على سدتها أي بابها. شرح السيوطي على مسلم . قال ابن خزيمة : حدثنا أحمد بن نصر حدثنا مالك بن سعير حدثنا بن أبي ليلى عن صدقة وهو بن يسار عن عبد الله بن عمر قال : بني لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - بيت من سعف اعتكف في رمضان حتى إذا كان ليلة أخرج رأسه فسمعهم يقرؤون فقال إن المصلي إذا صلى يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجيه يجهر بعضكم على بعض يريد إنكار الجهر بعضهم على بعض ". وفي ابن خزيمة :قال حسن لغيره. ما يبطل الاعتكاف الجماع مبطل له والدليل قوله تعالى ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد ) . قال الجصاص ( فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُبَاشَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ , وَذَلِكَ يَحْرُمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ مُلْتَزِمُونَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ مُعْتَقِدُونَ لَهُ ،فَهُوَ إذَا خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ , وَهُوَ مُلْتَزِمٌ لِلِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ مُعْتَقِدٌ لَهُ رَخَّصَ لَهُ فِي حَاجَةِ الْإِنْسَانِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ , وَبَقِيَ سَائِرُ أَفْعَالِ الِاعْتِكَافِ كُلِّهَا عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ) . مقال الشيخ ابو عاصم الصوان
الموضوع الأصلي :
الاعتكاف فضله واحكامه
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
سالم ابودجانه الموري
|
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراً أخي سالم
وحفظ الله الشيخ صوان |
#3
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيكم علي ما تقوم به من جهود في نشر العلم الشرعي ونحن آلان في العشر الأواخر فلنجتهد في العبادة في هذا الشهر الفضيل اللهم إنك عفوا تحب العفوا فعفوا عنا اللهم آمين |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.