|
كاتب الموضوع | الشاعر أبو رواحة الموري | مشاركات | 0 | المشاهدات | 4497 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
وسطـيــة الإســلام : للعلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
وسطـيــة الإســلام ( بمقدمة جديدة ) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :مقدمة فإننا معشر السلفيين ندين الله بالتوسط والاعتدال في الأمور كلِّها في العقائد والعبادات والأخلاق والمناهج وقد حاربنا الغلو ولا نزال نحاربه بكل أشكاله في العقائد والعبادات والأشخاص ,فمن الظلم والإفك أن نرمى به من أناس لا ناقة لهم ولا جمل في حربه . ونحارب الجفاء والتمييع بكل أشكاله في العقائد والعبادات والأخلاق والأشخاص والجماعات ولا نزال نحاربه . فمن الظلم والإفك أن نرمى به أيضاً . نقوم بكل ذلك –أي التوسط والاعتدال ومحاربة ما يناقضه- انطلاقا من كتاب الله تعالى ومن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ومن منهج السَّلف الصالح إلى ذلك ندعو دائماً وعلى ذلك نربي . ومن نسب إلينا غير هذا المنهج فقد كذب وافترى علينا إفكاً عظيماً . والميزانُ للتوسط أو الغلو والجفاء والتمييع : كتابُ الله تعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلَّم ومنهج السلف الصالح ،لا أهل الأهواء ولا مناهجهم الفاسدة المرتبطة بالمصالح الدنيوية. وإننا ابتلينا في هذه الأيام بمن يرمي السلفيين الصادقين بالغلو والتشدد في الجرح والتعديل وغيرهما ويحاربهم أشد الحرب ويسالم أهل البدع والأهواء ويكيل لهم المدح والثناء .وهو يجمع بين التمييع تجاه أهل البدع وبين الغلو المُهلك في حرب أهل السنَّة والحقِّ . ونقول لهؤلاء : " حنانيكم " فأنتم ممن لا يعرف منهج السلف ولم تقر به عينه ,ويحرص على حطام الدنيا وإرضاء أهلها ولا يبالي برضا الله وسخطه ! ولا يبالي بمخالفة السلف وفهمهم ! . وإنَّما رضاه وسخطه لما يهواه ولمن يهواه من أهل المال والدنيا ! وهذا شيء معروف ملموس مهما تستروا ومهما غالطوا ولمَّعوا أنفسهم بالعبارات الطنَّانة المُجَنِّحَة . هذا وأوصي السلفيين الصادقين بالثبات على الحقِّ والصبر على أذى أهل الأهواء . وأوصيهم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة . وتفصيل مواطن الغلو والتوسط في هذا الكتيب الذي مهدتُ له بهذه المقدمة المُوجزة . أسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم . حررت هذه المقدمة بمكة المكرمة في 23 محرَّم لعام 1430 من هجرة المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم وسطـيــة الإســلام ( كلمة مفرَّغة ) ألقاها شيخنا العلاَّمة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- بتاريخ 26/محرَّم/1426 هـ إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله ) يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلاّ و أنتم مسلمون ( ( آل عمران 102) ) يا أيّها النّاس اتّقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتّقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا ( ( النساء 1) ) يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما ( (الأحزاب 70-71) أمّا بعد : فإنّ أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد r و شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أمّا بعد : فمرحبا بكم أيّها الإخوة و الأبناء الكرام المنتمين إلى المنهج السلفيّ و الذي أرجو أن نكون جميعا صادقين فيه و مخلصين لله فيه , و العنوان كما بلغني ( وسطيّة الإسلام ) أليس كذلك ؟ من ميزات الإسلام من ميزات الإسلام التي لا تعد و لا تحصى التوسط والاعتدال في كل شأن من الشؤون ومن مزاياه الرحمة و الحكمة والصبر و سائر الأخلاق الكريمة التي بُعث محمدr لإكمالها وهي موجودة في الرسالات جميعا , قال r ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ([1]). الإسلام فيه اعتدال و فيه توسط , في عقائده و مناهجه و شرائعه و أحكامه وما رسمه من أخلاق , و قد وعاه صحابة محمد r الذين حظوا بتلك التزكية و تلك التربية العظيمة التي امتنّ الله تبارك و تعالى بها على هذه الأمّة ) هو الذي بعث في الأمييّن رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة ( ( الجمعة 2) .يدخل في هذه التزكية و في حفظ الكتاب و في هذه الحكمة التوسط والاعتدال و يتضمن ذلك نبذ الغلوّ و نبذ الجفاء , فالتوسط هو بين طرفين , طرف الغلو و الإفراط و طرف التفريط و الجفاء , و ما من قضية يتأمّلها المسلم في عقائد الإسلام أو من قضايا العقائد و العبادات و الأحكام إلاّ و يرى العدل فيها و التوسط فيها , بعيدة عن الإفراط و التفريط و الله تبارك و تعالى يقول في الإشـادة بهذه الأمة و منزلتها عند الله تبارك وتعــالى ) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً( ( البقرة 143) هكذا زكّى الله هذه الأمة و اختارها وشهد لها بأنّها الوسط ,و الوسط الخيار والوسط الاعتدال وجعلها شاهدة على الأمم كلها ,مقبولة الشهادة عند الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة و هذه لمن التزم بتعاليم الإسلام و التزم بهذه الوسطية ,وتجد في المنحرفين عن هذه الوسطية من الغلو و الجفاء في نفس الوقت ما يخالف هذه الميزة التي امتازت بها هذه الشريعة المحمدية و امتازت بها الأمة التي التزمت هذه الشريعة . وقال الله تعالى : ) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ( الآية ( الحج 78) . فالله اجتبى هذه الأمة و اختارها و نفى عن دينها الحرج و هو الضيق و الشدة التي تنشأ عن الغلو , فنفى هذه الصفة الدنيئة , نفى الحرج و الضيق و الشدة و ربط هذه الأمة بأبيها إبراهيم إمام الحنفاء rو أبي الأنبياء - منّة من الله تبارك و تعالى - و مقتضى هذا الاختيار و هذا الاجتباء أن نقوم بشرائع الله عزّ وجل ذات الاعتدال و السعة والسماحة و الرحمة . من مقتضيات هذه الشريعة التي أثنى الله عليها و نفى الحرج فيها أن نقوم بها ومن أهمها الصلاة و الزكاة و الاعتصام بالله تبارك وتعالى والرضى به ربّا نتوكل عليه و نستنصر به فينصرنا و يحفظنا ويرعانا و لا يضيعنا - سبحانه وتعالى - إذا نحن التزمنا هذا المنهج العظيم و ما حواه من عقائد و شرائع . كان الرسول r يربي أمّته على هذا الاعتدال ويبعدهم عن الشدة و الشطط في كل شأن من الشؤون وخاصة في العبادات بل في المعاملات و غيرها . نبذة عن التوسُّط عن أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال : " جاء ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النبي e يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبي e فلما أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا : " وَأَيْنَ نَحْنُ من النبي e قد غُفِرَ الله له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ ؟! " قال أَحَدُهُمْ : " أَمَّا أنا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا " وقال آخَرُ : " أنا أَصُومُ الدَّهْرَ ولا أُفْطِرُ " وقال آخَرُ : " أنا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا " فَجَاءَ رسول اللَّهِ e فقال : " أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا والله إني لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ له لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي " ([2]). فاعتبر r الشدة خلاف سنته و اعتبر عدم الاعتدال و التشدد رغبة عن سنته و تبرأ ممن يرغب عن سنته , فلينتبه الغلاة إلى مثل هذه البراءة . أما صحابة رسول الله rالذين علّمهم و أعطاهم هذا الدرس العظيم فقد استفادوا , وأمّا أهل الأهواء و أهل البدع فقد لا تنفعهم مثل هذه الدروس نسأل الله العافية. و بلغ رسول الله r أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لأقومنّ الليل و لأصومنّ النّهار , قال: " أنت تقول هذا ؟ " قال نعم بأبي أنت و أمي يا رسول الله . فقال r : ( صم من كل شهر ثلاثة أيام ,قال إنّي أطيق أكثر من ذلك قال: صم يوما و أفطر يومين , قال إنّي أطيق أكثر من ذلك قال: صم يوما وأفطر يوما و هذا أعدل الصيام ) ([3]) . قال : أعدل و هذا في رواية يعني وسط و أفضل وهو صيام داود عليه الصلاة و السلام , لأنّه ليس فيه شدّة و كما علّمه رسول الله rوعلّم غيره فقال : ( إنّ لنفسك عليك حقّا و لزورك عليك حقا و لزوجك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ) ([4] ) . ,فالذين يتشدّدون في الأمور لا يُوّفون هذه المطالب حقّها , يضيّعون كثيرا من الحقوق على أبنائهم و أسرهم و على أمّتهم بل قد يضيّعون كثيرا من حقوق الله عزّ و جلّ , فربّى النبيّ صلّى الله عليه و سلّم أمّته على الاعتدال و التوسط في كلّ شأن و من أهمّها العبادات . الغلو في الأشخاص وهو قديم وجديد في الأمم هذه نبذة عن التوسط , ونلفت النظر إلى أنّ الغلوّ قديم في الأمم و قد يمتدّ إلى يوم القيامة فأوّل غلوّ حصل في قوم نوح - عليه السلام - غلوا في قوم صالحين فقادهم الشيطان بهذه النزعة , نزعة الغلوّ إلى أن ينصبوا لهم أنصابا أوثانا فنصبوا لهم أنصابا , و لمّا هلك ذلك الجيل جاء جيل بعدهم أو أجيال فعبدوا هذه الأصنام , فجاء نوح عليه السلام يدعوهم إلى الله تبارك و تعالى وإلى عبادته وحده , ويجتهد في صرفهم عن هذا الغلوّ و هذه العبادة الوثنية التي جرّهم إليها الغلوّ , دعاهم ألف سنة إلاّ خمسين عاما فأبوا و استكبروا وعاندوا , و يدخل ضمن غلوّهم , الغلوّ فيما كان عليه آباؤهم )قالوا ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين( ( المؤمنون 24 ) وهم يقدّسون آباءهم و ما ورثوه عن آبائهم ,الغلوّ في التراث من أمجاد يزعمونها خلّفها لهم آباؤهم , ولو كانت في حضيض الأخلاق و العقائد يعتبرونها أمجادا و يعتزّون بها و يكذّبون الرّسل و يقذفونهم بالتّهم , ما الّذي حملهم على هذا ؟ على هذا العناد الذي امتدّ إلى قرابة ألف سنة )ألف سنة إلاّ خمسين عاما( ( العنكبوت 14 ) ما ذلك إلا لغلوّهم في تلك الأوثان و الغلوّ فيما وجدوا عليه آباءهم من وثنيّة ومن ضلالات أخرى . و هكذا قوم هود و قوم صالح و سائر الأمم التي ضلّت وانحرفت بعث الله إليها الرسل لتحارب انحرافاتها و غلوّها في أوثانها وشخصياتها وغلوّها في تقاليد وعادات آبائها )إنّ وجدنا آباءنا على أمّة و إنّا على آثارهم مهتدون ( ( الزخرف 22 ) غلوّ واعتزاز أهوج بما وجدوه من تراث عفن من تراث آبائهم من وثنية مهلكة وأخلاق مردية يواجهون بها الرسل ويتشبثون بها ويقولون وجدنا آباءنا على كذا وكذا و إنّا على آثارهم مقتدون و إنّا على آثارهم مهتدون ) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) ( ( الزخرف 24 ) )وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ( ( البقرة 170 ) فالتشبث بالعقائد الفاسدة و الأخلاق الرّذيلة عادات قديمة تداولتها الأمم الهالكة و واجهت بها الرّسل عليهم الصلاة والسلام فأهلكهم الله تبارك وتعالى بهذا الغلوّ و هذا الانحراف الناشئ عن الغلوّ في الأشخاص وفي العادات وفي العقائد وفيما وجدوا عليه آباءهم ,أهلكهم الله تبارك وتعالى وجعلهم عبرة للمعتبرين ولكن الغلاة لا يعتبرون في كلّ زمان ومكان مهما رأوا و سمعوا ,مهما شاهدوا بأعينهم العقوبات التي تحيق بأولئك الغلاة , مثل الطوفان الذي أهلك الله به قوم نوح و مثل الرّيح التي دمّرت قوم هود و مثل الصّيحة التي أهلكت قوم صالح , و سائر أنواع المثلات التي حاقت بالأمم فترى الغلاة الغارقين في هذا الغلوّ لا يستيقظون ولا ينتبهون ولا يعتبرون - والعياذ بالله – و الذي يستعرض القرآن يجد ما لقي الرّسل فيه من أقوامهم الغلاة في الباطل و المتشبثون بالوراثات الفاسدة , و هكذا يجد في النّصارى , في اليهود , في المجوس في الهندوك , و في غيرهم غلوّا شنيعاً في أقذر الأشياء و أوسخها و أحطّها فتأريخ الوثنيات قذر وسخ , حتّى تجد في حياة الهنود وعقائدهم عبادة القرود و الخنازير و الحيّات والفروج وثنيّة منحطّة إلى أبعد الحدود , يتعصّبون لها و يحاربون من أجلها الإسلام , فيسفكون الدماء و ينتهكون الأعراض و يدمّرون الأسر و البيوت و الأموال من أجل هذه الوثنيّة المنحطّة , ما الذي دفعهم إليها ؟ دفعهم إليها الغلوّ الأهوج - و العياذ بالله - وقل مثل ذلك في اليهـود و النّصارى. صور من الغلو على كل حالّ هذه لمحة عن الغلّو في الماضي و في الأمم التي تحيط بهذه الأمّة , اليهود غلوا في عزير و قالوا إنّه ابن الله و أصيبوا بداء الجفاء فقتلوا الأنبياء وقتلوا الذين يأمرون الناّس بالقسط و هذا من الجفاء و كذّبوا عيسى عليه السلام و كذّبوا محمدا r وما جاء به , و هم يعرفون أنّه رسول الله حقّا عليه الصلاة و السلام , يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , ومع ذلك دعاهم الجفاء و الغلوّ في آن واحد إلى تكذيب الرسول و محاربته و جحود الحقّ الذي يعلمونه قال تعالى عنهم )يعرفونه كما يعرفون أبناءهم( ( البقرة 146 ). و النصارى كذلك غلوا في عيسى و عبدوه وقالوا إنّه ابن الله و ثالث ثلاثة و قالوا فيه هو الله , و بيّن الله تبارك و تعالى أنّ عيسى عبد من عباد الله و أنّه رسول و أمّه صدّيقة كانا يأكلان الطعام , بيّنه الإسلام غاية البيان , و العقول تدرك هذا و تدرك ما وقع فيه النصارى من السّخف و الضلال , و لهذا سمّاهم الله تبارك تعالى الضّالين , وعلّمنا الاستعاذة من هذه الصفة , صفة الضلال في كلّ صلاة نصليها )إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضاّلين( (الفاتحة 6-7) المغضوب عليهم هم اليهود لأنّهم يعلمون الحقّ و يجحدونه ويعاندون فيه ( والضّالين ) النّصارى . والدّافع لهذا الضلال هو الغلوّ الموجب لغضب الله تعالى و لعناته هو الغلوّ و الجفاء فالغلوّ والجفاء من الصفات الذميمة , و الاعتدال هو الصفة المحمودة عند الله عزّ و جلّ وهو من صفات هذه الشّريعة التي جاء بها محمد r وقوع الغلو في هذه الأمَّة و لقد حصل هذا الغلوّ في هذه الأمّة رغم أنّ القرآن حذّر من ذلك و السنّة حذّر فيها رسول الله r من الغلوّ , قال الله تعالى : )يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلاّ الحقّ( ( النساء 171 ) وهذا نداء لأهل الكتاب وهو يتناول المسلمين , فإذا كان ينهى أهل الكتاب عن الغلوّ فهذه الأمّة من باب أولى )ولا تقولوا على الله إلاّ الحقّ( لأنّ الغلوّ ضدّ الحقّ و المؤمن المعتدل يقول الحقّ فلا يغلوا ولا يجفو . تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من الغلو وقال r : ( إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) ([1]]) فحذّر الرّسول r من الغلو أشدّ التّحذير , حتّى إنّه في حجّة الوداع في رجوعه من عرفات إلى مزدلفة طلب من الفضل أن يناوله حصيات ليرمي بها الجمرة ,قال : فالتُقِطتُ له الحصيات فرفع واحدة منها و قال : ( بمثل هذه فارموا و إيّاكم و الغلوّ فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ ) حتّى الحصاة هذه لابدّ أن تعتدل فيها وتتبع فيها محمدا r فلا تتقدّم بين يديه في شيء فتزيد أو تنقص , النقص جفاء والزيادة غلوّ . الاعتدال ودين الله الحق القرآن يربّي على الاعتدال و السنة كذلك و سيرة الرسول rتربّي على ذلك وكذا سيرة السلف الصالح ,ولكنّه دبّ إلى الفرق الضّالة داء الأمم الهالكة ووقع في مراتع الغلوّ , أناس مفرّطون و أناس مُفْرِطون .و المنهج السّلفي من بين المناهج الموجودة هو المنهج الوسط المعتدل لمن فقهه حقّ الفقه , لا للأدعياء فمن فقه هذا المنهج من كتاب الله و سنّة رسوله r ومن سيرته ومن سيرة السّلف الصالح يعرف أنّ المنهج السلفي هو دين الله الحقّ القائم على الاعتدال و القائم على الصراط المستقيم و القائد إلى الحقّ في عقيدته و منهجه و تربيته و دعوته , بينما تجد في المناهج الأخرى التّأرجح بين الإفراط و التّفريط , المنهج السّلفي وسط في هذه الفرق كوسطية الإسلام بين الأديان و الملل السّابقة . فأهل السنّة و الجماعة في عقيدتهم وسط في عدد من المناهج , فهم وسط بين الجهميّة المعطلة و المشبهة المنحرفة , المعطلة غلوا في التّنزيه فأدّاهم هذا الغلو ّإلى تعطيل صفات الله عزّ وجلّ , و المشبّهة غلوا في الإثبات فأدّاهم هذا الغلو إلى أن يشبهوا الله تعالى بخلقه في أسمائه وصفاته فتعالى الله عماّ يقول الظاّلمون علوّا كبيرا . توسُّط أهل السنَّة في الصفات و توسط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين المعطلة و المشبهة فأثبتوا صفات الله تعالى صفات جلاله و نعوت كماله ,أثبتوها من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف و لا تعطيل توسّطوا بين الطّائفتين المنحرفتين , إثبات بلا تعطيل , ننـزه الله تعالى عن المشابهة و ننزهه تبارك وتعالى عن التّعطيل فلا نشابه المعطلة فنغلوا في التنزيه حتّى يُخرِج هذا الغلوّ من وقع فيه إلى التّعطيل ,ولا نشارك المشبهة في الغلوّ في الإثبات حتّى لا يخرجنا ذلك إلى التّشبيه . وهم وسط في باب الأفعال بين الجبرية و القدريّة , الجبريّة ترى أنّ العباد مسلوبيّ الإرادة و القدرة و حركاتهم اضطراريّة كحركة أوراق الشجر تحركها الرّياح , و كحركة الجمادات المسخّرة لا اختيار لهم و لا قدرة ولا إرادة - و العياذ بالله - . و القدريّة يرون أنّ العبد مستقّل بمشيئته و إرادته يفعل ما يشاء و لا ارتباط بين إرادته و فعله و مشيئته و بين مشيئة الله و إرادته و تقديره للأشياء , و هدى الله أهل السنّة فتوسّطوا بين هاتين الطّائفتين , أثبتوا للعبد أفعالا و قدرة وإرادة و اختيارا لكنّها تابعة لمشيئة الله تبارك و تعالى , فالعبد عنده عقل وكلّفه الله تبارك وتعالى لوجود هذا العقل و منحه القدرة و الاختيار , و أعطاه التّمييز بين الحقّ و الضلال و الحقّ و الباطل و أعطاه قدرة و اختيارا و إرادة و كلّ ذلك مربوط بمشيئة الله تعالى , و العبد فعّال , هو المصلّي , هو المزكّي , هو الصّائم , و هو الزّاني , و هو السّارق , وهو...الخ . هذه أفعاله فعلها باختياره و إرادته و قدرته ومع ذلك هي مربوطة بمشيئة الله عزّ وجلّ فالله خالق للعبد وأفعاله والعبد فاعل فعلاً حقيقياً ينسب إليه , أتاه بقدرته و إرادته و اختياره و ليس مجبورا على ذلك كما تقول الجبريّة - بارك الله فيكم - . وهم وسط في باب الوعد و الوعيد بين المرجئة و بين الخوارج و المعتزلة , فالخوارج و المعتزلة يتعلقون بنصوص الوعيد , و المرجئة يتعلّقون بنصوص الوعد , و أهل السنّة وسط بين الطّائفتين , يؤمنون بنصوص الوعيد وأنّها تلحق بمشيئة الله العصاة , فالزّاني و السّارق و القاتل معرّض للوعيد إلاَّ أن يرحمه الله ,و عند المرجئة تعلّقٌ بنصوص الوعد و إهمال لنصوص الوعيد فأهل الذنوب عندهم مؤمنون كاملوا الإيمان , لا تُنقِص المعاصي من إيمانهم شيئا و غلاتهم يرون أنّه لا يضرّ مع الإيمان ذنب , فإذا لقي الله موحِّداً غير مشرك فلا عقوبة عليه و لا تنطبق عليه نصوص الوعيد وهو مؤمن كامل الإيمان و لو كان من أفجر النّاس و أفسقهم إيمانه مثل إيمان جبريل و محمد عليهما الصلاة و السلام , اشتطّوا و غلوا في التّعلق بنصوص الوعد و اشتطّ الخوارج في التعلق بنصوص الوعيد , فكفّروا العصاة و حكموا عليهم بالخلود في النّار , و غلاة المرجئة قالوا بنجاة الموحدّين و لا عقاب عليه و لا عذاب و هم مؤمنون كاملوا الإيمان . و أهل السنّة توسّطوا فقالوا : إنّ الذنوب لا تخرج بأصحابها من الإيمان إلى الكفر كما يقول الخوارج وكما يقول المعتزلة يخرج من دائرة الإيمان إلى منزلة بين المنزلتين ثمّ يلتقي الخوارج و المعتزلة في الحكم على المصرّين على الكبائر , الذين ماتوا مصرّين على الكبائر أنّهم خالدون مخلّدون في النّار و قال أهل السنّة : إنّ هؤلاء الذين ماتوا وهم مصرين على المعاصي هم فسّاق و ناقصوا الإيمان , نقول مؤمن ناقص الإيمان و نقول مؤمن فاسق , ولا نقول كافر و نقول إنّه معرّض للعقوبة إن لم تتداركه رحمة الله عزّ و جلّ لأنّ من مات وهو غير مشرك فهو تحت مشيئة الله ) إنّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( ( النساء 116) إلى نصوص أخرى و أحاديث تبيّن أنّ العصاة يخرجون من النّار , يعذّبون , يعذّب الله من شاء منهم ثمّ يخرجهم الله بشفاعة الشفعاء , شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم و شفاعة غيره من الأنبياء و المرسلين و شفاعة الملائكة و شفاعة المؤمنين , ثمّ يبقى منهم من يخرجه الله تبارك وتعالى بفضل رحمته عزّ و جلّ . غلو الخوارج من الغلوّ الذي ابتلي به المسلمون غلوّ الخوارج , الذي بدأ من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأبه ذو الخويصرة الذي انطلق - و الله أعلم - من فكرة المساواة التي يدندن بها الديمقراطيّون , الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين قسّم الغنائم و فضّل بعض الزعماء لمصلحة عظيمة , فضّلهم في العطاء , أعطى لهذا مائة من الإبل و أعطى لهذا مائة من الإبل و... و.... ولم يعط الآخرين مثلهم لمصلحة الإسلام , لأنّه لمّا يعطي هذا الزعيم يطمئن إلى الإسلام فيؤمن و يستقر على الإسلام فتتبعه عشيرته و قبيلته , الرّسول بعيد النّظر , و هو أعدل النّاس - عليه الصلاة و السلام - قسّم هذه القسمة و فضّل فيها فقال ذو الخويصرة : و الله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله أو ما عُدل فيها , فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- و قال : ( من يعدل إذا لم أعدل , خبت و خسرت إن لم أعدل ) و استأذنه عمر في قتله , فقال : ( لا إنّه يصلّي ) ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم و قراءتكم إلى قراءتهم و صيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرمية ) ([6]) . غلوّهم في الدّين و غلوّهم في طلب المساواة أوقعهم في هذا الهلاك الذي أهلكوا به أنفسهم وأهلكوا به الأمّة و خرج من ضئضئه قوم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام , و قاتلوا عليّا و الصحابة , لا حكم إلاّ لله , غلوا في الحاكمية و جهلوا معنى الحاكمية و خرجوا على عليّ رضي الله عنه , و أرسل عبد الله بن عباس يناظرهم فناظرهم , فرجع منهم الكثير و الباقون ثبتوا على غلوّهم في الدّين و في الحاكمية التي جهلوها فسفكوا الدّماء فاضطرّ عليّ إلى قتالهم فاستأصل شأفتهم و بقي منهم من بقي و توارثوا هذا الغلوّ إلى يومنا هذا , غلوٌّ في السياسة , غلوٌّ في الحاكمية و إهمالٌ للعقيدة و إهمال للمنهج و إهمال لجوانب عظيمة , فانتبهوا لهذا . من آثار الغلاة ومن آثار و بقايا هؤلاء الغلاة ما يعيشه المسلمون الآن من خراب و دمار في مشارق الأرض و مغاربها , و منابع هذا الغلوّ في التّكفير و التدمير و التّفجير , من أهمّ منابعه التي يغالط أتباعه فيها هذه الأمّة و يبحثون عن أسباب بعيدة كلّ البعد عن منابع الفساد الحقيقية و هي التراث القطبي الذي ورّثه السيّد قطب في كتابه الظلال المشحون بالتّكفير تكفير الأمّة , و المشحون بضلالات خطيرة جدّا كالحلول و وحدة الوجود و تعطيل الصفات و ما شاكل ذلك , و في كتابه * المعالم * المشحون بالتّكفير و شحن الشباب , هذا الغلوّ أهلك الأمّة في الجزائر و في أفغانستان و في البلاد العربيّة و الإسلاميّة و تعاني الأمّة الآن منهم من الهلاك ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ و جلّ , فعلى الأمّة أن تعرف هذه المنابع لهذا الدّاء العضال , ألا و هي كتب سيّد قطب و الكتب التي تفرّعت عنها مثل كتب صلاح الصّاوي و كتب أبو بصير و حركات أبي حمزة و أسامة بن لادن و أمثالهم , هؤلاء المخربون الخوارج إنّما تربّوا على كتب سيّد قطب و لا تنسوا أيمن الظواهري و جماعة الجهاد والتكفير , هؤلاء أوقعهم في هذا البلاء كتب سيّد قطب المشحونة بالغلوّ في التّكفير , فهو يكفر حتى بالجزئية , لو أطاع إنسان غيره في جزئية فقد ارتّد عن الإسلام , وهذا و الله أشدّ من تكفير الخوارج الأوّلين , و يتربون على هذه الكتب و صاحبها إمام مقدّس و لو طعن في الأنبياء و لو طعن في الصحابة الكرام و لو دمّر أصول الإسلام و عقائده , حلول ووحدة وجود , تعطيل الصفات , هذه لا تضر و لا تنال من قداسة هذا الرجل شيئا و لا تحطّ من كرامة هذه الكتب مع الأسف الشديد , ما الذي جعل كثيراً من النّاس ينزلون سيّد قطب هذه المنزلة و هو في حضيض الضلال و ينزلون كتبه هذه المنزلة و هي من كتب الضلال و الدمار , ما الذي جعل كثيرا من شباب الأمّة , يعني يقعون في هذه المهالك و يوقعون فيها الأمّة ؟ ما منشأ ذلك إلاّ الغلوّ المناهض لمنهج محمد صلى الله عليه و سلم و شريعته , المناهض لعقائد القرآن و أحكامه و عقائد السنّة و أحكامها و عقائد الصحابة و السلف الصالح , ومع الأسف الشديد هذا الصنف من النّاس يرى نفسه أنّه هو المسلم و لهذا ترى في مواقعهم أنا المسلم و تسمع من كلماتهم : إلى الجحيم خالدا فيها مخلدا يا ابن عثيميين, و ترى فيها التّكفير و ترى فيها الطعن للمعتدلين الثابتين على منهج الإسلام , منهج الرّسول صلى الله عليه وسلم و منهج القرآن الكريم , فعلى شباب الأمّة في مشارق الأرض و مغاربها أن يتّجه إلى كتاب الله و سنّة نبيّه r اللذان تربّى عليهما خير أمّة أخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يؤمنون بالله و أسعدَ الله بهم أمما فأنقذ الله بهم و بما جاءوا به أمما من الضلال و الكفر و الشّرك و أنقذهم الله بهذه الرّسالة أمما و شعوبا من النّار , و قد كانوا على شفا حفرة من النّار فأنقذهم منها تبارك و تعالى بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم و بما نشره صحابته الكرام من تعاليم و عقائد و أخلاق منبثقة من كتاب الله و سنّة رسوله - صلى الله عليه و سلم - فتبوءوا القمم العالية من العزّة و الكرامة , لأنّهم أمّة وسط و لأنّهم خير أمّة أخرجت للنّاس , و ترى ما يلحق النّاس من الغلوّ إلاّ الهلاك و الدّمار فهذه النّوعيات الغالية لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا و دماراً و خزياً و عاراً .الإخوان المسلمون إلى أين ؟ منذ نشأ الإخوان المسلمون و هم يقولون جهاد , جهاد , الدولة الإسلامية , الخلافة الإسلامية , و المسلمون في انحطاط على أيديهم و في تقهقر إلى الوراء و الوراء على أيديهم , مع الأسف الشّديد و هم يزعمون أنّهم دعاة الإسلام و المجاهدون باسم الإسلام ومع الأسف الشّديد لا يزيدون الأمّة إلاّ هلاكا , و يقدمون شباب الأمّة هدايا على أطباق من الذهب كما يقال للأمريكان و للرّوس يذبحونهم كما يذبحون الفراريج و الدّجاج , يقدّمونهم هكذا لا عدّة من عقيدة و لا عدّة من مادّة و سلاح . الله تبارك و تعالى شرع الجهاد في هذه الأمّة إذا كانت أمّة حقّا مؤهلة للجهاد بعقيدتها و برجالها و بأخلاقها و بعدّتها المادية والعسكرية فهؤلاء لا عقيدة صحيحة و لا منهج صحيح و لا عدّة مادية ! ويقولون : " الجهاد , الجهاد " أهلكوا الأمّة و هم و الله يتمتّعون و يتلذذون بالمناصب و بالأموال و المآكل و المشارب و يذهب ضحيّة هذه الشعارات الفاسدة و هذا الصراخ المفتعل , يذهب ضحايا كثيرة من أبناء المسلمين بهذه الشعارات و النّداءات الفارغة , فعلى الأمّة أن ترجع إلى كتاب ربّها و سنّة نبيّها لتكون أمّة وسطا كما أخبر الله و كما وصف الله تبارك و تعالى , و لتكون خير أمّة أخرجت للنّاس و بهذه العودة و باستعادة هذه المكانة عند الله عزّ و جلّ تعود العزّة و الكرامة للأمّة ووالله لن تنفع هذه الشعارات هذه الأمّة أبدا بل ما تزيدها إلاّ انحطاطا و دمارا و ذلاً و هوانا . ألا فليدرك المسلمون مصدر عزّهم و مصدر هلاكهم فيجتنبوا مصادر الهلاك و منها هذا الغلوّ و كثير من هذا الغلوّ مفتعل و الله أعلم و مصطنع , و تعرف مصدر عزّها فتهرع إليه و تعظّ عليه بالنّواجذ و تربّي أنفسها و أجيالها عليه ليحقق الله لهم ما حقّقه لأسلافهم الكرام . أسأل الله أن يهيئ لهذه الأمّة دعاة صادقين مخلصين يعودون بهم إلى مصدر عزّتهم وكرامتهم وسعادتهم ,كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي فيه كلّ الكمال و منه التّوسط والاعتدال . أسأل الله أن يحقق ذلك و صلّى الله على نبيّنا محمد
و على آله و صحبه و سلم . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الموضوع الأصلي :
وسطـيــة الإســلام : للعلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
الشاعر أبو رواحة الموري
التعديل الأخير تم بواسطة الشاعر أبو رواحة الموري ; 06-30-2009 الساعة 09:25 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.