"الأجوبة النجمية على أسئلة أبي رواحة العقدية والفقهية" : من جديد رسائل والدي العلمية
http://upload.traidnt.net/upfiles/a7E65007.jpg الأجوبة النجمية عن أسئلة أبي رواحة العقدية والفقهية ( المجلس الأول والثاني) أعدَّ الأسئلة وقدَّمها وفرَّع مادتها ودوَّن حاشيتها: أبو رواحة عبد الله بن عيسى بن أبكر آل خمج اليماني أصلح الله ذريته أجاب عليها وراجعها وأذن بنشرها فضيلة الشيخ العلامة أحمد بن يحي النجمي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم إذن العلامة أحمد النجمي بطباعة هذه الرسالة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: فقد قرأ علي الشيخ عبد الله بن عيسى الموري أبو رواحة هذه الأسئلة وأجوبتها , وطلب مني الإذن له في طبعها ونشرها , فأذنت له في ذلك لتعم فائدتها لمن قرأها وسمعها , والله الموفق والمعين . بسم الله الرحمن الرحيم بين يدي الرسالة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد: فهذه بعض الأسئلة العقدية والفقهية كنت قد جمعتها في فترة سابقة ، فلما سنحت لي الفرصة قمت بإلقائها على صاحب الفضيلة شيخنا العلامة: أحمد بن يحيى النجمي - حفظه الله - مفتي جنوب المملكة وكان ذلك في لقاءين: اللقاء الأول : سجِّل بتاريخ يوم الثلاثاء لأربع خلت من شهر ذي الحجة من عام 1421هـ بالعزيزية – مكة المكرمة. اللقاء الثاني : سجِّل بتاريخ يوم السبت الموافق للتاسع من شهر ربيع الأول من عام 1424هـ بمنزله حفظه الله بقرية النجامية. ولما كان اللقاء الأول قد حضره صاحب الفضيلة الشيخ : زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله . فقد شارك في الإجابة على بعض الأسئلة وأضاف فوائد هامة يراها القارئ الكريم – إن شاء الله – مشاراً إليها في مواضعها. هذا وقد سجَّلت هذين اللقاءين في شريطين ، وكنت ساعتها يراودني أملٌ أن أفرِّغهما يوماً من الدهر في رسالة مستقلة ثم أعلِّق عليها وأوثِّق نصوصها لأقدِّمها للطبع بعد عرضها على أهل العلم لتعم فائدتها. وها هو قد جاء اليوم الذي ترى فيه هذه الرسالة النورَ بعد مرور فترة زمنية طويلة من حين ولادتها فلله الحمد والمنة. وبحمد الله تعالى أن هذا اللقاء هو واحد من جملة اللقاءات التي سجَّلتها مع أهل العلم الأكارم ضمْن رحلتي العلمية إلى بلاد الحرمين حرسها الله وقد قال الشافعي رحمه الله: تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى * * * وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرُّج هم واكتسـاب معيشـةٍ * * * وعلـمٌ وآداب وصحبةُ ماجـدِ فالرحلة في طلب العلم مهيع قد سلكه السلف ، وكنز موروث ينبغي أن يحافظ عليه الخلف. وختاماً : فإني قد توَّجت هذه الرسالة بترجمة مختصرة للعلامة أحمد بن يحي النجمي –شفاه الله- والله أسأل جل وعلا أن يتوِّج عملي هذا بالإخلاص والصلاح وأن يكلِّل عاقبته بالفوز والفلاح ، فهو حسبي ونعم الوكيل. وكتبــه: أبو رواحه عبد الله بن عيسى بن أبكر آل خمج الموري اليماني حُرِّر في مساء يوم الخميس الموافق للثامن من شهر الله المحرم عام 1426هـ بمحل إقامته في حي الصفا – جدة– السعودية ترجمة مختصرة للعلامة أحمد بن يحي النجمي حفظه الله * اسمه ونسبه : هو الشيخ العلامة .. والإمام الفهامة، مفتي الجنوب.. وحبيب القلوب، الزاهد الورع.. والشيخ المعمَّر ، نجم النجامية .. وأبو المحاسن المتوالية، ذو الأخلاق الرائعة .. والنصائح الجامعة .. والتآليف النافعة ، صاحب الفضيلة : أحمد بن يحي بن محمد بن شبير النجمي السني السلفي - حفظه الله , ومن كل بلاء عافاه - . * بلد نشأته وتاريخ مولده: كانت ولادته في آخر عام 1346هـ بقرية النجامية – إحدى قرى جازان – إذ بها نشأ وترعرع ، ودرس القرآن في الكتاتيب ثلاث مرات قبل مجيء شيخه عبد الله بن محمد القرعاوي رحمه الله . * تعلمه وتعليمه والمناصب التي أنيط بها كاهله : أ – فحين جاء شيخه القرعاوي كانت قد تأسست المدرسة السلفية بصامطة عام 1359هـ وكان قد تردد إليها غير أنه لم يستمر بها . ب-وفي عام1360هـ وتحديداً في شهر صفر دخل تلك المدرسة السلفية وواصل الدراسة بها . ج- وفي عام 1365هـ عيَِّنه الشيخ القرعاوي مدرساً بقريته ومسقط رأسه النجامية . بمسجده الذي بجانب بيته فكان يدرِّس فيه مع مواصلة الدراسة بالمدرسة السلفية . د- وفي عام 1372هـ عيِّن إماماً ومعلماً بمسجد أبي سبيله جهة العارضة مكث بها قدر سنتين . هـ - وعندما فتح المعهد العلمي بصامطة في مستهل عام 1374هـ عيِّن به مدرساً مع الشيخ حافظ بن أحمد حكمي والشيخ ناصر خلوفة وآخرين . فدرس بذلك المعهد عشر سنوات ثم استقال من التدريس به في 11/3/1384هـ و- وقد كانت نفس الشيخ النجمي تواقة إلى أن يلتحق بالجامعة الإسلامية مدرسا ًرغبة منه حفظه الله في الإتصال بالعلامة محمد ناصر الدين الألباني وسماحة الإمام عبد العزيز بن باز الذي كان رئيساً للجامعة الإسلامية ليأخذ عنهما رحمهما الله غير أنه لم يقدِّر الله له ذلك . ز- فالتحق بالدعوة والإرشاد فعيِّن واعظاً ومرشداً بعدة قرى ( صامطة والموسَّم والمسارحة وأبي عريش) فأخذ يتجول بين تلك المناطق للوعظ والإرشاد قرابة ثلاث سنوات . إلا أنه أرهقته الأسفار خلال هذه المدة فطلب الرجوع إلى المعاهد مرة أخرى . ح- فصدر قرار بإرجاعه إلى المعاهد مدرساً بها مرة أخرى غير أنه في أول السنة لم يتحصَّل على تعيين بصامطة فعيِّن بمعهد جازان فبقي به في العام الدراسي 1387- 1388 هـ ط – وبعد نهاية هذا العام الدراسي نُقل إلى معهد صامطة العلمي فلبث به إلى أن احُيل إلى التقاعد عام 1410هـ . ي- وبعد ذلك لم ينقطع حفظه الله عن التدريس والحمد لله فقد واصل فيه على طريقة الحلقات العلمية المقامة في المساجد ، والله أسأل أن يختم له بخير ما يختم لعباده الصالحين . اهـ بتصرف [1] تآليفه -حفظه الله -وآثاره العلمية : لم تكن جهود العلامة النجمي حفظه الله مقصورةً على التدريس والتعليم والوعظ والإرشاد , بل كانت له جهود مباركه في الكتابة والتأليف فمن ذلك : - المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال . - رد الجواب على من طلب مني عدم طبع الكتاب . - الرد الشرعي المعقول على المتصل المجهول . - تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام في ثلاثة أجزاء . ولم يكتمل الشرح بعد . - تنزيه الشريعة عن إباحة الأغاني الخليعة . - أوضح الإشارة في الرد على من أباح الممنوع من الزيارة . - الشرح الموجز الممهد لتوحيد الخالق الممجد الذي ألفه شيخ الإسلام محمد . - الفتاوى الجلية عن أسئلة المناهج الدعوية . - إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري . في حين أن هناك رسائل مطبوعة لم أعرِّج عليها ورسائل أخرى لم تطبع بعد أو لم يكتمل شرحها , وهناك رسائل ومؤلفات لم أطَّلع عليها ولكن فيما ذكرته الكفاية , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . [1] من ترجمته المختصرة التي نقلها عنه مباشرة حسن بن محمد بن منصور دغريري كما في مقدمة هدي الساري في شرح السنة للإمام البربهاري ص19 -ص23 |
يتبع بإذن الله وسيتم تنزيله على حلقات ,
وأرجو من إخواني الأعضاء الأفاضل أن يضيفوا كلام العلماء عند كل مسألة يمكن الوقوف عندها من مسائل هذه الرسالة التي سأقوم بإنزالها على مراحل كما ذكرتُ سابقاً حتى تعم الفائدة . والله الموفق |
جزاكم الله خيرا أخي رواحة.
|
بارك الله فيك أخانا رواحة,وجعل ما تنشره أزهارا فواحة.
|
أساتذتي الكرام أشكر لكم مروركم الطيب
|
المجلس الأول وكان في يوم الثلاثاء لأربع خلت من شهر ذي الحجة عام 1421هـ بالعزيزة - بمكة المكرمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد: فنحمد الله تعالى على هذا اللقاء المبارك مع شيخنا الفاضل أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله تعالى ، وعندنا بعض الأسئلة ومنها: السؤال الأول : حديث " إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس "([1]) فهل يؤخذ منه جواز التشاؤم في هذه الأشياء الثلاثة؟ الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالنبي r نهى عن التشاؤم وكان يحب الفأل([2]) صلوات الله وسلامه عليه, فينبغي للإنسان أن لا يتشاءم لأن الشؤم من صفات المشركين والخرافيين. وعلى المسلم أن يكون متوكِّلاً على الله عز وجل)وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (([3]) ، ) وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(([4]). وهذا هو الذي ينبغي للمسلم ، أما الفأل فالنبي r كان يتفاءل وتعجبه الكلمة الطيبة التي تدل على الخير([5]) ، (ولما جاء سهيل بن عمرو يوم الحديبية قال النبيr سهُل أمركم)([6]) فكان الأمر كذلك والحمد لله. السؤال الثاني: هل شرطية العدد بسبعة أشواط في طواف العمرة مستقر أيضاً في طواف النفل؟ الجواب: لا شك أن التطوع في الطواف لا بد أن يكون بسبعة أشواط ، ولا ينبغي أن يتنفل بأقل من ذلك ، بل الذي ينبغي للمسلم أنه إذا أراد أن يتطوع بطواف بالبيت الحرام فعليه أن يطوف سبعة أشواط ويصلي صلاة الطواف ركعتين ، ثم إذا أراد أن يعود مرة أخرى فعل كذلك. مُدَاَخَلَةٌ : فهل له أن يَرْمُل؟ الجواب: لا ، الرَّمَل إنما يكون في طواف القدوم فقط. السؤال الثالث: ما حكم قول الرجل : مالي بعد الله إلا أنت؟ وما الرد على من يقول : إن ذلك يتعارض مع قوله تعالى : ) لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (([7]). الجواب: قوله : ما لي بعد الله إلا أنت ، كونه يقول : بعد الله هذا نوعاً ما محتمل ، ولكن ينبغي أن يقول : ما لي إلا الله ثم أنت ، ليرتِّب بثم. السؤال الرابع: عبارة (إن الله على ما يشاء قدير). ينتقدها بعض أهل العلم لأنها توحي بعدم قدرة الله على الذي لا يشاؤه ، فإن كان ذلك صحيحاً فكيف يكون توجيه قوله تعالى :) وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ(؟ وقول النبي r في صحيح مسلم: (إني على ما أشاء لقادر) ؟ . الجواب: الله سبحانه وتعالى له القدرة التامة وله المشيئة النافذة ، فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وقد منح عباده شيئاً من القدرة ، وشيئاً من المشيئة ، فهم يستطيعون على ما منحهم ، ويمتنع عليهم ما لم يمنحهم ، والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا على لسان رسوله r أن (ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن)([8]).إذاً فالأمر مرتبط بمشيئة الله سبحانه وتعالى وقدرته([9]). مُدَاَخَلَةٌ : هل هناك فرق بين الإرادة والمشيئة؟ الجواب: الإرادة تشمل الإرادة الكونية والإرادة الشرعية ، والمشيئة قريبة منها. فالإرادة الشرعية والمشيئة الشرعية هي التي جاءت على ألسنة الرسل ، وأما الإرادة الكونية والمشيئة الكونية فهي التي كتبها الله في اللوح المحفوظ. يتبع بإذن الله الحواشي ([1]) خ/5772 كتاب الطب باب لا عدوى م/2225كتاب السلام باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم من حديث ابن عمر. ([2]) إشارة إلى مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً (لا عدوى ولا هامة ولا طيرة وأحب الفأل الصالح) م/2223 كتاب السلام باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم . , ([3])آل عمران : 122و إبراهيم 11و التوبة 51 ([4]) المائدة : 23 ([5]) فعن أنس قال قال رسول الله r : (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل قالوا : وما الفأل : قال (الكلمة الطيبة) ). خ/5776كتاب الطب باب لا عدوى م/2224كتاب السلام باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم . ([6]) إشارة إلى قصة يوم الحديبية وفيها قال معمر أخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي r : (قد سهل لكم من أمركم ..) خ/2731كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط. ([7]) سورة الروم آية (4) . ([8]) أخرجه أبو داود (5075) من طريق عبد الحميد مولى بني هاشم أن أمه حدثته وكانت تخدم بنات النبي r أن ابنة النبي r حدثتها عن النبي r .. الحديث ، وأم عبد الحميد مجهولة والحديث ضعَّفه الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود (1080) وفي التحقيق الثاني للمشكاة 2330 قال الشيخ الألباني عن عبد الحميد وأمه : وهما مجهولان ، كما قال الذهبي أهـ قلت : فإذا لم يصح إسناد هذا الحديث فالأمة على صحة معناه والعمل به . ([9]) كما قال تعالى : ) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( التكوير آية (29). |
رحم الله الامام النجمي وبارك الله في الشيخ أبي رواحة |
اللهم آمين شكرا لمرورك أخي فتحي |
ما شاء الله
رسالة ماتعة وفوائد طيبة رحم الله العلامة النجمي رحمة واسعة وجزى الله أبا رواحة خير الجزاء |
جزاك الله خيرا أخانا رواحة وبارك فيكم على هذا النقل
ورحم الله علامة الجنوب الإمام العلامة أحمد بن يحيى النجمي وغفر له وأسكنه فسيح جنانه وحفظ الله والدكم الشاعر أبا رواحة ووفقه لكل خير. وبناء على رغبتك في إضافة كلام العلماء على هذه المسائل فهذه فتوى لسماحة الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن السؤال الرابع. اقتباس:
فأجاب بقوله : هذا لا ينبغي لوجوه : الأول: أن الله – تعالى – إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله – تعالى-:"ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير" وقوله:" ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير" وقوله : " ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض " فعمم في القدرة كما عمم في الملك وقوله :" ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير " فعمم في الملك والقدرة ، وخص الخلق بالمشيئة ، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه ، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في ذلك كثيرة . الثاني : أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم،وأتباعه فقد قال الله عنهم : " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير " ولم يقولوا (إنك على ما تشاء قدير ) ، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً . الثالث : أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله – تعالى – فقط ، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقاً حيث يقال: (على ما يشاء قدير) وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة ، وإذا خصت قدرة الله – تعالى – بما يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها فتكون قدرة الله – تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه ، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله – تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشأه ، لكن ما شأه فلابد من وقوعه ، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه . فإذا تبين أن وصف الله – تعالى – بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله – تعالى – لنفسه فإن ذلك لا يعارضه قول الله – تعالى - : " وهو على جمعهم إذا يشاء قدير" فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذي قال الله – تعالى – عنهم :" وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ، قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من البعث ، بين الله – تعالى – أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله – تعالى - : " زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن " والحاصل أن قوله – تعالى - : " وهو على جمعهم إذا يشاء قدير" . لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع . وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب(الإيمان ) في (باب آخر أهل النار خروجاً ) من حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر من يدخل رجل ) فذكر الحديث وفيه أن الله – تعالى – قال للرجل : " إني لا استهزئ منك ولكني على ما شاء قادر " وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقدير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة ، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله – تعالى – أزلا وأبدلاً ، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل ( قادر) دون الصفة المشبهة ( قدير ) . على هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا قادر على ما يشاء ، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله – تعالى – فلا تقيد بالمشيئة ، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة ، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة ، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقدير وقوعه ، والله – سبحانه – أعلم . اهـ والفتوى في كتاب المناهي اللفظية. وبنحو هذا قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله في شرحه للعقيدة الطحاوية وبارك الله فيكم |
جزاك الله خيرا أخانا رواحة ورفع الله قدر شاعر أهل السنة
ورحم الله العلامة أحمد النجمي وأسكنه الفردوس الأعلى ويا حبّذا لو يتم رفع الملف الصوتي |
أخي زكريا بارك الله فيك , وأشكر لك مرورك الطيب أخي أكرم بارك الله فيك وأشكرك على الإفادة والمرور أخي السبداوي اشكر لك مرورك الكريم السؤال الخامس: حديث (سبعة يظلهم الله في ظله) ما المراد بالظل؟ الجواب: نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى يظلهم في ظله ، والظل معروف في لغة العرب ، ومعلوم أن الشمس تقرب من رؤوس الناس يوم القيامة وأنها تصهرهم بالحرارة وبالعرق حتى إن الإنسان ليصل في عرقه إلى شحمة أذنه، وإلى حلقه ، وإلى إبطه ، وإلى ثدييه، وإلى صدره ، وإلى بطنه ، وإلى حقويه([1]) ...الخ. إذاً فهؤلاء الذين أخبر الرسول r أن الله يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، يظلهم الله في ظلٍ منه سبحانه وتعالى ، يجعله لهم سبحانه وتعالى. ولا نقول : كيف هذا الظل ؟ فالظل معروف والله سبحانه يعطيهم ظلاً ، كما أن القبر معروف أنه قبر ما يتسع إلا لجسم الإنسان ، ولكن ثبت في النصوص الشرعية النبوية أن الله سبحانه وتعالى يوسِّعه على المؤمن سبعين ذراعاً هكذا وهكذا وهكذا([2]). مُدَاَخَلَةٌ: ورواية تفسير الظل : " بظل العرش". الجواب : يمكن أن يكون في ظل العرش ويمكن أن يكون في غيره بأن يكون في ظل يخلقه الله عز وجل لهم , والله سبحانه وتعالى هو القادر. مداخلة من الشيخ زيد المدخلي حفظه الله: الذي أعرف أن هذه الرواية ضعيفة (في ظل العرش)([3]) وأما الرواية التي ذكرتها هي الرواية الصحيحة. وما هناك شئ مشكل فإن الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء فينشئ لهم ظلاً يظلهم([4]) كما ذكر الشيخ من حرارة الشمس التي تدنو من الرؤوس ، قدر ميل أو ميلين والظل هذا يظلل الجميع فهو نعمة وإفضال من الله وإحسان لمن يستحقه ولمن أتى بأسبابه. مُدَاَخَلَةٌ: هل أفهم من هذا أن المراد بالظل أمران : الأمر الأول : أنه ظل حقيقي. الأمر الثاني : أنه ظل مخلوق ينشئه الله ويتفضل به . فقال الشيخ أحمد حفظه الله: الحقيقة أن الشمس هي تكون دون العرش ، لا بد أن تكون تحت العرش ، وحرارتها ملامسة لبني آدم والله سبحانه وتعالى يظل الإنسان في أي شيء من عمله ، صدقة تظله قد يكون (إن الله يتقبَّل صدقة العبد إذا كانت من الطيب ، يتقبلها بيمينه وكلتا يدي ربي يمين ، فيربِّيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوَّه ، حتى تكون اللقمة أعظم من جبل أحد أو قال مثل جبل أحد)([5]). الحواشي ([1]) إشارة إلى حديث المقداد قال سمعت رسول الله r يقول : ( تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل) قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين ؟! فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه . ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً) وأشار رسول الله r إلى فيه. أخرجه مسلم برقم (2864) كتاب : الجنة وصفة نعيمها وأهلها , باب : في صفة يوم القيامة . قال العلامة النجمي حفظه الله معلقاً على هذا الحديث :يمتنع كونه بمقدار ميل المكحلة لأن الناس يتفاوتون في الطول والقصر , فإذا كان يعتبر بميل المكحلة في أطوالهم فإنه سيكون التفاوت بين الناس في قدر القامات وينتفي أن يكون بالنسبة لكل واحد منهم على هذا القدر وبالله التوفيق . ([2]) إشارة إلى مثل حديث أبي هريرة في عذاب القبر ونعيمه وفيه (ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ثم ينور له فيه) أخرجه الترمذي (1071) , قال الألباني في الصحيحة 1391 : إسناده جيد. ([3])أي أن الزيادة المذكورة في حديث السبعة " في ظل العرش" لا تثبت . قلت : فهذه الزيادة وإن كانت لا تثبت في حديث السبعة إلا أنه قد وردت عدة أحاديث صحيحة في أن المراد بالظل هو ظل العرش منها:حديث أبي قتادة (من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة ) أخرجه أحمد (22181) والدارمي (2588) وهو في صحيح الجامع (6576 ) ، وحديث أبي هريرة (من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) أخرجه أحمد (8647) والترمذي (1303) وهو في صحيح الجامع (6107) وحديث ابن عباس (لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش .. ) الحديث أخرجه أحمد (2392) قلت : وعلى ذلك أقوال أئمة السلف, وقد سمعت شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله - يجنح إلى القول بأن المراد بالظل هو ظل العرش لصحة الرواية في ذلك وله في ذلك رسالة نفيسة بعنوان (القول الواضح المبين في المراد بظل الله الذي وعد به المؤمنين العاملين ) حشر فيها الأدلة من النصوص الشرعية وأقوال العلماء المروية المؤكدة في أن المراد بالظل هو ظل العرش والحمد لله . ([4]) قال العلامة العثيمين - رحمه الله - : قوله : "لا ظل إلا ظله" يعني الظل الذي يخلقه وليس كما توهم بعض الناس إنه ظل ذات الرب عز وجل ، فإن هذا باطل لأنه يستلزم أن تكون الشمس حينئذ فوق الله عز وجل ، ففي الدنيا نبني الظل لنا لكن يوم القيامة لا ظل إلا الظل الذي يخلقه سبحانه وتعالى ليستظل من شاء من عباده (شرح الواسطية [2/136]) وقال العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله - موضحاً مقالة العثيمين رحمه الله ودافعاً كيد الخائينين : ونحن نقول : إن هذا الظل لاشك أنه مخلوق لله فالله خالقه وخالق كل شيء ونأخذ عليه أنه لم يضفه إلى العرش كما ورد في الأحاديث الصحيحة .... إلى أن قال: وابن عثيمين رحمه الله فيما اعتقد أنه لو بلغته أحاديث ظل العرش الصحيحة لسلك مسلك أهل السنة في النصوص القرآنية والنبوية ولصدع بأن هذا الظل هو ظل العرش وحيث لم تبلغه هذه الأحاديث الصحيحة فإنه كما اعتقد فيه أنه اجتهد في ضوء قاعدة السلف في تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين في ذواتهم وصفاتهم ، والظلال إنما هي مخلوقة ومن صفات المخلوقين ينزَّه الله عنها ... إلى أن قال: وموقف الشيخ النجمي يوافق موقف الشيخ ابن عثيمين وينطلق من القاعدة التي انطلق منها ابن عثيمين اهـ من دفع بهت وكيد الخائنين عن العلامة ابن عثيمين رحمه الله 47 ([5]) إشارة إلى حديث أبي هريرة مرفوعاً (من تصدَّق بعدْل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوَّه حتى تكون مثل الجبل) . خ/1410 كتاب : الزكاة , باب : الصدقة من كسب طيب م/1014كتاب : الزكاة , باب : قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها . |
السؤال السادس: هل يجوز إطلاق الرحمة على كل مما يلي: أ) من اتهمه أهل العلم بالزندقة ؟ كابن سينا وابن الراوندي وغيرهما ؟. الجواب: مثل هؤلاء لا يترحَّم عليهم لأن من مات على الكفر هذا لا ينبغي أن يترحم عليه ولا يُدعى له بالرحمة ، فالله سبحانه وتعالى منعنا من الاستغفار للمشركين فكيف بالملحدين والزنادقة. ب) من كان كافراً ولا نعلم حاله عند وفاته؟ الجواب: من كان كافراً ولا نعلم حاله عند وفاته لا يجوز أن نترحَّم عليه إذا علمنا كفره[1]. ج ) من عاش يقارف البدع وربما كان بعضها مكفراً غير أنه في مجتمع جاهلٍ عامي؟ الجواب: هذا إن كانت بدعته مكفِّرة فلا يجوز أن نترحم عليه ، وفي البدعة المفسقة يجوز الترحُّم عليه ، فصاحب البدعة المفسِّقة حاله كحال أصحاب الكبائر. د) من اعتقد أو قرر أصولاً تناقض أصول أهل السنة ومات على ذلك؟ الجواب: هذا قد يكون مبتدعاً بدعة مفسقة ، لأننا ما نقْدر أن نحكم على كل من ابتدع أصولاً تخالف السنة أو أصولَ أهل السنة أننا نحكم عليه بالكفر ، هذا شيء ما ينبغي حتى ننظر في هذه البدعة ، إن رأينا أنها مكفِّرة حكمنا عليه بما كان معروفاً عنه ، وإن رأينا أنها مفسِّقة فيجوز الاستغفار له ، والله سبحانه وتعالى يقول : ) مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ( ([1]). مُدَاَخَلَةٌ: إذاً الأمر ينضبط بعد الحكم على الشخص من حيث النظر إلى ذلك الأصل الذي أصَّله إنْ كان كفراً أو فسقاً ؟ فقال الشيخ حفظه الله : نعم. يتبع بإذن الله ([1]) سورة التوبة من آية رقم ( 113-114) [1] قال تعالى :)مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ( . التوبة113 |
بارك الله لكم في جهودكم وجزاكم الله خيرا أخانا رواحه و شاعرنا أبارواحه ورحم الله العلامه أحمد بن يحي النجمي وأسكنه الله فسيح جناته |
وأنت بارك الله فيك أخي أبا أنس , وأشكرك على مرورك الكريم السؤال السابع: كيف تعرف الملائكة معاصي بني آدم التي هي من عمل القلب مثل الهم بالمعصية والغل والعُجْب وغيرها؟ الجواب: الله سبحانه وتعالى الذي أوجدهم وأوجدنا وجعلهم معنا ونحن لا نراهم فكما قدر على ذلك فهو قادر على أن يُطلعهم على ما في قلوبنا. وإذا كان الشيطان يُشمُّ قلب ابن آدم ويعرف رغبته[1] ، وإلى أي شيء يميل، وما هي التي يُمكن أنها تكون سبباً في إضلاله ، إذا كان الشيطان مكَّنه الله من هذا فالملك من باب أولى. مُدَاَخَلَةٌ: والذي يفصِّل فيقول : هناك حَفَظةٌ وهناك كَتَبةٌ فهذا الأمر جعله الله عز وجل للكتبة؟ فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً : الحفظة هم الكتبة {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ}([2]) وصْفاً لهم. السؤال الثامن: هل الأنبياء يحتلمون ويتثاءبون وغير ذلك من الأفعال التي تكون من قبل الشيطان؟ الجواب: الأنبياء لا يحتلمون ، أما كونهم يتثاءبون فما أدري ولا أعرف في هذا شيئاً. فقال الشيخ زيد حفظه الله : أقول بأن التثاؤب من الشيطان([3]) وهم معصومون عصمهم الله كما قال النبيr: (كل إنسان معه شيطان قالوا وأنت يا رسول الله قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير)([4]). يظهر من هذا أنهم لا يتسلطون على الرسل والأنبياء لعصمتهم. فقال الشيح أحمد حفظه الله : أقول : التثاؤب يكون أحياناً من الشيطان وأحياناً يكون بسبب التعب والنوم فمن هذه الحيثية لا أدري. فقال الشيخ زيد حفظه الله : التوقف طيب التوقف طيب. مُدَاَخَلَةٌ: في الخصائص للسيوطي ذكر أن الرسول r لا يتثاءب في حديث أسنده إلى ابن عساكر.[5] فقال الشيخ أحمد حفظه الله : خيراً إن شاء الله نراجعه. الحواشي ([1] ) يشير إلى ما أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي قال : حدثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمَارة، حدثنا زياد النّميري، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر خَنَس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس" .مسند أبي يعلى (7/278،279) وذكره ابن كثير في تفسير سورة الناس وقال : غريب . وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/742): "إسناده ضعيف"؛ وذلك لضعف زياد النميري والكلام في عدي بن أبي عمارة. ([2]) سورة الانفطار آية رقم (10-11) ([3]) إشارة إلى حديث أبي هريرة مرفوعاً (التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال : ها ، ضحك الشيطان). أخرجه البخاري 6223 كتاب : الأدب , باب : ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب , ومسلم 2994 كتاب : الزهد والرقائق , باب : تشميت العاطس وكراهية التثاؤب . ([4]) إشارة إلى حديث عبد الله بن مسعود مرفوعاً : ما منكم ممن أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) م/2814 كتاب : صفات المنافقين وأحكامهم , باب : تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قريناً . ([5]) لم أقف عليه , ولكن وقفت على ما ذكره الحافظ ابن حجر في آخر كتاب الأدب من فتح الباري حين قال : ومن الخصائص النبوية ما أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في "التاريخ " من مرسل يزيد بن الأصم قال: (ما تثاءب النبى صلى الله عليه وسلم قط ) وأخرج الخطابي من طريق مسلمة بن عبد الملك بن مروان قال : ( ما تثاءب نبي قط ) ومسلمة أدرك بعض الصحابة وهو صدوق .ويؤيد ذلك ما ثبت أن التثاؤب من الشيطان .وقع في "الشفاء لابن سبع " أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتمطى ، لأنه من الشيطان ، والله أعلم . |
السؤال التاسع : هل شرع من قبلنا شرع لنا؟ الجواب: الظاهر أن شرع من قبلنا لا يكون شرعاً لنا إلا إذا كان شرعنا يقره ، أما إذا كان شرعنا لا يقره فلا. فقال الشيخ زيد حفظه الله : هو كما فصَّلت إن كان شرع من قبلنا يخالف شرعنا فيُطَّرح ويُترك ، وإن كان يوافق شرعنا فيؤخذ به ، وإن كان لا يوافق ولا يخالف فهو ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)([1]). السؤال العاشر : هل قول الصحابي أو فعله أو فهمه يكون حجةً يجب العمل به؟ الجواب: الظاهر هذا ، إذا لم يعارضه قول صحابي آخر ، فإن عارضه قول صحابي آخر أو أكثر من صحابي فهنا ينظر في القولين. فقال الشيخ زيد حفظه الله : ينظر في قول الصحابي هل يعارض نصاً من نصوص الكتاب والسنة أو لا يعارضه فإن عارض نصاً قد خفي عليه فهمه فيقدَّم النص على قول الصحابي وهذا قليل نادر ، وإن لم يعارض نصاً فينظر هل يعارضه قول صحابي آخر أو لا يعارضه , فإن كان لا يعارضه قول صحابي آخر فيؤخذ به لأنهم أعلم بالتنزيل وأعلم بمعاني الكتاب والسنة ، وإن عارضه قول صحابي آخر فينظر إلى القولين وأيهما أقرب إلى الدليل فيؤخذ به ويترك الآخر مع الاعتذار لقائله والترضِّي عنه والترحُّم عليه. السؤال الحادي عشر : وردت بعض الأدلة في ذكر أسماء لله سبحانه وتعالى مثل : الجميل والوتر والمسعِّر والدهر وغيرها , فما هو الضابط في كون هذا الاسم اسماً لله وعلماً عليه وأنه ينبغي أن يتعبد بالتسمية له به ؟ الجواب: السلف رحمهم الله قد أخذوا من بعض الأشياء أسماء لله عز وجل وبعضها لم يأخذوا منها أسماء ، والظاهر أن هذا يتوقف على أن ما أشعر بمدح أو كان فيه صفةُ مدْحٍ لله عاليةٌ فهنا يؤخذ منه) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا([2] ، ولكن ما لم يكن كذلك مثل : (لا شخص أغير من الله)([3]) ومثل شيء )قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ ( [الأنعام : 19] وما أشبه ذلك فيما يظهر أن السلف لم يأخذوا منها أسماء ، كذلك المسعِّر لم يأخذوا منها اسماً لأنها ما تشعر بمدح. مُدَاَخَلَةٌ: لكن يا شيخ الأخ قال : الدهر من أسماء الله فهل هو من أسماء الله؟ فأجاب الشيخ أحمد قائلاً: الدهر ورد في الحديث عن النبي r قال قال الله عز وجل : (يسبُّني ابن آدم يشتمني ابن آدم يسبُّ الدهرَ وأنا الدهرُ أقلِّبُ الدهرَ كيف أشاء)([4]). فقوله وأنا الدهر : بمعنى أنه هو المتصرِّف فيه وأن الدهر لا يصرِّف نفسه. فمن سب الدهر فقد سب مصرِّفَه ، إذاً فلا يجوز أن نسب الدهر ، وقوله : أنا الدهر بمعنى أني أنا المتصرِّف فيه. الحواشي ([1]) إشارة إلى حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً : (بلغوا عني ولوا آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولاحرج . ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) خ/3461 كتاب : أحاديث الأنبياء , باب : ما ذكر عن بني إسرائيل . قال العلامة العثيمين رحمه الله : مسألة هل شرع من قبلنا شرع لنا ؟ والجواب : وذلك أن ما سبق من الشرائع إما أن يوافق شريعتنا فهو حق نتبعه وهذا بالإجماع ، وإما أن يخالف شريعتنا فلا نعمل به بالاتفاق لأنه منسوخ ، وما لم يرد في شرعنا مخالفته ولا موافقته فهذا محل الخلاف ، فمن أهل العلم من قال إنه شرع لنا ، ومنهم قال إنه ليس بشرع لنا ولكل دليل وتفصيل ذلك في أصول الفقه اهـ بتصرف من شرح الأربعين. ([2]) الأعراف 180 ([3]) أخرجه مسلم 1499كتاب اللعان من حديث المغيرة بن شعبة في قصة سعد بن عبادة , وأخرجه أحمد (17826) (4) إشارة إلى حديث أبي هريرة عن النبي r قال قال الله تعالى : ( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) خ/4826 باب 45 سورة الجاثية م/2246كتاب : الألفاظ من الأدب وغيرها , باب : النهي عن سب الدهر, وفي رواية : (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) م/2246. |
بارك الله فيك أخانا رواحة الجميل وأحسن اليك |
اللهم بارك جمع علماؤنا بين دقة الفهم وقوة العلم وصلاح النفس وكبير الورع
وأنت جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا الكريم ولك مثلها أخي رواحة الحبيب على ما تنزله هنا من غرر الدرر |
اللهم بارك جمع علماؤنا بين دقة الفهم وقوة العلم وصلاح النفس وكبير الورع آمين... آمين... آمين وأنت جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا الكريم ولك مثلها أخي رواحة الحبيب على ما تنزله هنا من غرر الدرر |
أساتذتي الكرام
رشيد ويونسي وأسامة أشكر لكم مروركم الكريم وكلامك الجميل وبارك الله فيكم |
السؤال الثاني عشر: يقول بعض أهل العلم : إذا تحلل الحاج التحلل الأول أبيح له ما كان ممنوعاً منه بالإحرام من اللباس والطيب.. الخ وقالوا : إذا تحلل استحب له أن يطوف بالبيت غير أنه لا يرمل ولا يضطبع. والسؤال : إذا أحل للحاج اللباس بعد التحلل الأول فكيف يشترط عليه أهل العلم أن لا يضطبع وقد جاز له لبس المخيط؟ الجواب: يعني أنه لا يتوهم كونه جاء من عرفة أنه مثل مجيئه أولاً ، فلا يُسن له الاضطباع ولا يسن له الرمل, علماً بأن الاضطباع والرمل خاص بطواف القدوم ولا يجوز أن نفعله في غيره . مُدَاَخَلَةٌ: أما يكون له وجه من ناحية حديث أم سلمة ( أن النبي r أمر من رمى جمرة العقبة ثم لم يطف طواف الإفاضة فدخل عليه المساء أن يرجع إلى إحرامه)([1]). فأجاب الشيخ أحمد حفظه الله قائلاً : هذا ضعيف وإن كان قال به الألباني رحمه الله لكنه عند الجمهور ضعيف . فقال الشيخ زيد حفظه الله : وعلى فرض صحته يا شيخ فهو شاذ لأنه يعارض الأحاديث الصحيحة وقد صححه كثير من العلماء فعلى الصحة يعتبر شاذاً يقابله المحفوظ الذي هو رواية الصحيحين من حديث عائشة (طيبت النبيr لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)([2]) فهذا تحلل ولم تذكر أنه عاد محرماً لأن الرسول r طاف في يومه ذلك. فقال الشيخ النجمي حفظه الله : هم ما قالوا : ضعيف إلا لأنه شاذ ، وأيضاً أن عدم الشذوذ هو من شروط الصحة فحينما يكون شاذاً فهو لا يعتبر صحيحاً لأنه ناقص شرطاً من شروط الصحة. السؤال الثالث عشر: من كان مكيا ًأو في حكم المكي وحج مفرداً هل عليه الطواف والسعي معاً ؟ الجواب : نعم يكون عليه طواف الإفاضة وسعي الحج. السؤال الرابع عشر: ما حكم الأخذ من حصى الجمرات المتساقط من الأرض والرمي بها ؟ الجواب: إن لم يكن من الحوض فلا مانع من أخذه على الأصح . مُدَاخلة: وإن كان عائداً من الشاخص؟ فقال الشيخ النجمي حفظه الله : ما ندري أهو عائد من الشاخص أو أنه تساقطَ من أيدي الناس, والمشروع أننا نرمي بسبع حصيات فإن نقصت عليك حصاة وأردت أن تأخذ من الأرض فلا يمكن أن نقول : لا , لأننا ليس عندنا دليل على ذلك . السؤال الخامس عشر : هل يلزم الحاجَّ أضحيةٌ ؟ الجواب: لا ، لا يلزمه ذلك ، والذي أعرف أن المالكية هم الذين يقولون بأنها مشروعة للحاج ولكن الجمهور على خلاف ذلك. مُدَاَخَلَةٌ: يا شيخ إذا كان عنده أضحية في البيت؟ فأجاب الشيخ النجمي قائلاً : وهي في البيت هذا ما فيه خلاف. مُدَاَخَلَةٌ: وهل حلْقُه يكون بعد ذبح الأضحية أم بعد التحلل؟ فأجاب الشيخ النجمي قائلاً: ما هو بلازم. المهم أنه إذا ذهب وقت صلاة العيد صلى الإمام عند ذلك يجوز له. السؤال السادس عشر: من كان عاجزاً فوكَّلَ غيره بالرمي عنه فهل يكون الرمي عن هذا العاجز بعد أن يرمي الموكَّل عن نفسه عند كل جمرة ؟ أم بعد الجمار كلها؟ الجواب: لا بل في كل جمرة يرمي عن نفسه في الجمرة الأولى مثلاً ثم يرمي عن صاحبه وهكذا لأن ذلك فيه مشقة على الإنسان. ([1]) إشارة إلى حديث أم سلمة قالت كانت ليلتي التي يصير إليَّ فيها رسول الله r مساء يوم النحر ، فصار إليَّ ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمِّصين فقال رسول الله r لوهب هل أفضت أبا عبد الله ؟ قال : لا والله يا رسول الله قال r : " انزع عنك القميص قال فنزعه من رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال : ولم يا رسول الله قال : إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء ، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة ، حتى تطوفوا به) أخرجه أبو داود برقم 1999 وقد صححه الألباني في مناسك الحج والعمرة ص 32 ([2]) إشارة إلى حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (طيبت رسول الله r بيدي هاتين حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف) وبسطتْ يديها . خ /1754 كتاب : الحج , باب: الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة م/1189 كتاب : الحج , باب : الطيب للمحرم عند الإحرام . |
السؤال السابع عشر: هل دعاء الاستفتاح يقال في سائر الصلوات حتى في صلاة الجنازة؟ الجواب: ما أعرف أن صلاة الجنازة يقال فيها دعاء استفتاح لأن الأئمة غالباً يستعجلون فيها ، فإذا كان مثلاً الإنسان جاء في وقت متأخر ولو في الصلوات المفروضة ويخشى أنه لو اشتغل بالاستفتاح تفوته قراءة الفاتحة ففي هذه الحالة ينبغي له أن يشتغل بقراءة الفاتحة ويترك الاستفتاح. السؤال الثامن عشر: مس عورة الطفل هل تنقض الوضوء؟ الجواب: هذا محل نظر والأحوط أن لا يفعل. السؤال التاسع عشر: هل يصح العمل بدلالة الاقتران على اتحاد الحكم؟ الجواب: دلالة الاقتران ضعيفة عند الجمهور من أهل الأصول. وإن كان الحنفية قالوا بها. فجمهور أهل الأصول قالوا: إن دلالة الاقتران ضعيفة ولهذا فإن الحنفية حرموا لحم الخيل لاقترانها بالحُمر([1]). تم تسجيل هذا المجلس في مساء يوم الثلاثاء لأربع خلت من شهر ذي الحجة لعام 1421هـ بالعزيزية - مكة المكرمة. وبهذا انتهى المجلس الأول ولله الحمد ويليه المجلس الثاني ([1]) أي الحمر الأنسية فإنها حرام لحديث جابر (أن النبي r نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل )خ/5524 كتاب الذبائح والصيد باب : لحوم الحمر الإنسية , م/1941كتاب الصيد والذبائح باب في أكل لحوم الخيل . وأما الحمر الوحشية فحلال لحديث أبي قتادة أنه رأى حماراً وحشياً في طريق مكة فقتله فأكل منه بعض أصحاب النبي r وأبى بعضهم لأنهم محرمون فأتوا رسول الله r فقال لهم : (إنما هي طعمة أطعمكموها الله) خ / 5490 كتاب :الذبائح والصيد , باب : ما جاء في التصيد , م/1196كتاب: الحج , باب , تحريم الصيد للمحرم. |
ما شاء الله تبارك
زادك الله توفيقا ياولدي وأفاض عليك من فضله واصل وصلك الله بلطفه وأصلح لك عملك أبوك المحب |
اللهم آمين شكر الله لك يا والدي متابعتك ومتَّعنا بصحتك وطول عمرك في طاعته وإليكم المجلس الثاني وكان بتاريخ التاسع من يوم السبت الموافق للشهر الثالث من عام 1424 هجرية وذلك بمنزله بقرية النجامية |
بسم الله الرحمن الرحيم فهذه بعض الأسئلة نلقيها على فضيلة الشيخ العلامة : أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله وعافاه , وذلك في يوم السبت الموافق للتاسع من الشهر الثالث لعام 1424هـ. السؤال الأول : متى تعتدُّ المتوفَّى عنها زوجها؟ وهل يكون ذلك من حين الوفاة أو من حين وصول الخبر إليها؟ الجواب: تعتدُّ من حين الوفاة ، فإذا بلغها الخبر بعد الوفاة بشهر اعتدت ثلاثة أشهر وعشراً. مُدَاَخَلَةٌ: يعني حتى ولو خفي عليها الخبر وتأخر وصوله؟ فأجاب الشيخ حفظه الله : نعم لأن ترك الزينة والطيب وما أشبه ذلك هذا واجب وليس شرطاً في العدة. مُدَاَخَلَةٌ: ماذا لو علمتْ بعد انتهاء العدة؟ فأجاب الشيخ حفظه الله : لو علمتْ بعد انتهاء العدة لم يجب عليها شيء. مُدَاَخَلَةٌ : يعني كلامكم فيما دون زمن العدة؟ فأجاب الشيخ حفظه الله: فيما دون زمن العدة إذا علمت ما دون زمن العدة فهي تعتد باقي العدة ، وإن لم تعلم إلا بعد مضي زمن العدة فلا يلزمها العدة . السؤال الثاني: معلوم أن عقيدة أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص فهل الأمر كذلك في الإسلام والإحسان أنهما يزيدان وينقصان؟ الجواب: الإسلام يختلف عن الإيمان ، لأن الإيمان معناه التصديق والعمل ، وهذا يتفاوت. بينما الإسلام يطلق على كل مسلم سواء كان براً أو فاجراً وسواء كان مطيعاً لله أو فاسقاً فهو ما دام مسلماً يقال له مسلم ولا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر والعياذ بالله - نسأل الله العفو والعافية - , والله سبحانه وتعالى قد أنكر على الأعراب الذين قالوا : آمنا ولم يقولوا : أسلمنا , فأنكر الله عليهم بقوله : ) قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (([1]) فأخبر بأن الإيمان إلى الآن ما دخل في قلوبكم , فالإسلام ليس مثل الإيمان بل إنه لا يخرج منه العبد إلا إلى الكفر. مُدَاَخَلَةٌ: يشكل علينا حديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). فأجاب الشيخ حفظه الله : المراد به المسلم الكامل. مُدَاَخَلَةٌ: معناه أن هنالك من إسلامه ناقص فهل هذا يعتبر تفاضلاً في المراتب ؟ فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً: لا شك لا شك , لكنه لا يخرجه عن مسمى الإسلام. فمثلاً قول الله عز وجل : ) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(إلى أن قال:) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ(([2]). كذلك : ) فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ...(([3]) وذلك في الدية مثلا. كذلك عندما سمع النبي r رجلاً يقول للذي جيء به وهو سكران وضُرِب قال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به فقالr :(لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم)([4]) وسماه أخاً. إذاً فهو مسلم لا يزال متسمياً بالإسلام ومتحلياً به ولا يجوز أن يطلق عليه الكفر بل يقال إنه فاسق . لكن هذا يتفاضل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمن الناس بوائقه)([5]) يعني المسلم الحق الكامل الإسلام. والنبي r لما قال لأصحابه : (إن أهل الجنة ليتراءون أصحاب الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب الغابر في الأفق الشرقي أو الغربي ، قالوا : تلك منازل الأنبياء يا رسول الله : فقال بلى والذي نفسي بيده : قوم آمنوا بالله وصدقوا المرسلين)([6]), فدل على أن الإيمان درجات والإسلام درجات. مُدَاَخَلَةٌ: يعني الذي نخلص به على أن الإسلام يتفاضل وأنه مراتب ولكن هل يزيد وينقص كالإيمان؟ فأجاب الشيخ حفظه الله : نعم بلا شك أيضا ًيزيد وينقص. مُدَاَخَلَةٌ: وهكذا الإحسان؟ فأجاب الشيخ حفظه الله : الإحسان هو النهاية؟ السؤال الثالث: ذكر السعدي رحمه الله عند تفسير آية طه{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}([7]) "أن الله استوى على العرش واحتوى على الملك " فهل يصح منه رحمه الله التعبير بالاحتواء؟ أم على أي شيء يوجَّه كلامه رحمه الله؟ الجواب: هذا الكلام يعتبر خطأ منه - رحمه الله - لم ينتبه لعله أخذها عن بعض الناس الذين عندهم تأثُّر ، فلم ينتبه لهذا الأمر وإلا فالحقيقة أن الملْك هو لله عز وجل قبل استوائه على العرش وبعد استوائه على العرش. السؤال الرابع: لقد انتقد بعضُ أهل العلم كتابَ ابن القيم (تغيُّر الفتوى) فهل يسلَّم لذلك الانتقاد ؟ أم أن في المسألة تفصيلاً؟ الجواب: قول ابن القيم : إن الفتوى قد تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والأعراف وما أشبه ذلك. هذا في الحقيقة فيه نظر ، الفتوى هي تقوم على كلام الله وكلام رسوله r , والأعراف والأشياء ليس لها دخل فيها ، فيما أرى أن هذا الانتقاد في محله. مُدَاَخَلَةٌ: الذي يقول : إن كلام ابن القيم محمول على المجتهد الذي قد يرى رأياً آخر غير الذي كان عليه من قبل بخلاف من دونه فهل ذلك صحيح؟ فأجاب الشيخ حفظه الله: هذا قد يُعتذَر به لابن القيم , وإلا فالحقيقة إذا رجعنا إلى كلام ابن القيم وعرفناه نقدر بعد ذلك أن نقول : ما يكون مناسباً. مُدَاَخَلَةٌ: يعني إن قيل : إن كان في المسائل الاجتهادية فنعم وإن كان في مسائل الأحكام وغيرها فلا؟ فأجاب الشيخ حفظه الله: حتى المسائل الاجتهادية ينبغي أن تكون تابعة للدليل, ولا يجوز لأحد من المفتين أن يترك النص مع وضوحه ويذهب إلى غيره , وقد قال الشافعي : ( إذا وجدتم الدليل ووجدتم قولي يخالفه فخذوا بالدليل واضربوا بقولي عرض الحائط )[8] ([1]) سورة الحجرات آية رقم (14) ([2]) سورة الحجرات الآيات (9-10) ([3]) سورة البقرة آية 178 ([4]) إشارة إلى حديث أبي هريرة قال : (أتي النبي r بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل : ما له أخزاه الله فقال رسول الله r : لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) خ/6781كتاب الحدود باب ما بكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج من الملة . ([5]) أخرجه خ/10 كتاب : الإيمان , باب : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده م /40 كتاب : الإيمان , باب , تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما, وجاء من حديث جابر رضي الله عنه انفرد به مسلم برقم 41. ([6]) أخرجه البخاري 3256كتاب بدء الخلق باب ماجاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة , ومسلم 2831كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف كما يرى الكواكب في السماء , من حديث أبي سعيد. ([7]) سورة طه الآية (5) [8]يشير إلى قول الإمام الشافعي رحمه الله "إذا خالف قولي قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا بقول رسول الله واضربوا بقولي عرْض الحائط". |
السؤال الخامس: هل يصح القول بأن الآية قد تكون شاهدة للحديث إذا كان ضعيفاً مثل حديث (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان). مع قوله تعالى )إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ...( التوبة : 18, وزيادة {ومغفرته} مع قوله تعالى ) فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا ..([النساء : 86] ؟ الجواب: الحديث الضعيف لا يجوز أن ينسب إلى النبي r فلا يقال : إن الرسول r قال : (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان)([1]). ولكن هذا يجعلنا إذا رأينا الرجل يواظب على صلاة الجماعة نقول : إنه عنده إيمان وهذا الإيمان هو الذي دفعه إلى هذه المواظبة بدليل قول الله تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ...}([2]). مُدَاَخَلَةٌ: يعني تقوية للمعنى أما العمل بالحديث فلا يصح نسبته إلى النبي r ؟ فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً : نعم ولكن نسبة الحديث إلى النبي r لا تجوز. السؤال السادس: إذا قال الحافظ في الراوي : " مختلَف في صحبته" فكيف يكون الحكم عليه؟ الجواب: إذا كان مختلفاً في صحبته فإنه لا يثبت له حكم الصحبة إلا بالقطع في ذلك , ومن حكم الصحبة عدالة الصحابة رضوان الله عليهم وما أشبه ذلك . الحاشية ([1]) أخرجه الترمذي برقم 3092 والحاكم 1/212 وصححه من حديث أبي سعيد الخدري وهو من رواية دراج أبي السمح عن أبي الهيثم وقد تعقب الذهبي الحاكم بقوله : دراج كثير المناكير أهـ قلت : فكيف وقد انضاف إلى ذلك ضعف رواية دراج عن أبي الهيثم كما هو الحال هنا.؟! ([2]) سورة التوبة الآية (18) |
السؤال السابع: إن أصحاب محلات الذهب يجعلون ما تشتريه منهم – ولو كان في نفس الوقت – يجعلونه ذهباً مستعملاً ما دام قد خرج صاحبه من المحل , فهل على ذلك أثارة من علم ؟ أم أن ذلك يعتبر بيعاً محرماً؟ الجواب: الحقيقة أن هذا التقرير قرروه لأنفسهم ولمصلحتهم , فهم إذا أراد البائع أن يبيع منهم قالوا : هذا ذهب ملبوس ولا بد من أن ننزل في قيمته فكونهم قالوا هذا الحكم وقرروه لأنفسهم ومصلحتهم , فلا يقال : إن له أصلاً ، فلا نعرف له أصلاً. مُدَاَخَلَةٌ : يعني يخاف أن يكون بيعاً محرماً؟ فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً: لا , فمسألة البيع مبنيةٌ على الرِّضا ، إذا لم يكن فيه ربا مبنية على الرضا ( إنما البيع عن تراض)([1]). مُدَاَخَلَةٌ : أصلاً بالنسبة للمشتري يعتبر كما قيل (مكْرهٌ أخاك لا بطل) سيضطر أنه يرضى لأن هذه صورة ثابتة ومستقرة عند جميع أصحاب الذهب. فقال الشيخ حفظه الله : نعم . الشكوى على الله. السؤال الثامن : هل الشهرة تكفي في صحة نسبة كتابٍ ما إلى مؤلفه ؟ أو في صحة قصةٍ ما ؟ أم لا بد من الوقوف على الإسناد؟ الجواب: الشهرة قد يكون أنها تكفي إذا كانت لا نزاع فيها في نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه. أما القصص فالأمر في ذلك مبني على العدالة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...}([2]) فهنا ينبغي أن نتوقف على العدالة فإن كان المخبر بها عدلاً حافظاً أخذ بها ، وإن كان عدلاً ولكن من ناحية حفظه فيه ضعف أو لا يستطيع أن يستوعب الكلام تماماً ففيه نظر من أجل هذا. مُدَاَخَلَةٌ : يعني في القصة يشترط معرفة الإسناد إلى القائل؟ أم يشترط في القائل نفسه أن يعرف حاله؟ فأجاب الشيخ قائلاً: أعني الذي نقل هذه القصة. مُدَاَخَلَةٌ : أنا لا أتكلم عن القصص العصرية إنما أعني القصص الحديثية القديمة مثلاً قصة خالد القسري في قتله للجعد بن درهم فبعض أهل العلم يقولون : تكفي فيها شهرتها ، وهي مشهورة متداولة في كتب العقيدة. مع أنك لو نظرت إليها من حيث إسنادها تجد أنها كما قال الذهبي بأنها مسلسلة بالمجاهيل. فأجاب الشيخ حفظه الله : إذا كانت مشهورة على ألسنة المتقدمين والمتأخرين على حد سواء فقد تكون تكفي شهرتها. السؤال التاسع : هل محبة النبي r تعتبر ركناً من أركان الإسلام إذا قلنا إن من مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله محبة النبي عليه الصلاة والسلام ؟ الجواب: على كل حال ، الإيمان به هو الأصل ، والمحبة كمالها من كمال الإيمان ونقصها يكون في الإيمان شيء من النقص. لما قال عمر بن الخطاب للنبي r : ( إنك أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي) فقال له النبي r : (حتى من نفسك يا عمر) فقال عمر : (إنك الآن أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي)([3]) أو نحو هذا. إذاً فالمحبة الكاملة ليست شرطاً في صحة الإسلام ولكن الشرط في صحة الإسلام هو الإيمان – التصديق – ، أما المحبة فهي من كمال الإيمان([4]). وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين . الحواشي ([1]) أخرجه ابن ماجة برقم 2248 من طريق داود بن صالح المدني عن أبيه صالح بن دينار يرويه عن أبي سعيد. فأما داود فقد قال عنه الإمام أحمد : لا أعلم به بأساً ، وأما أبوه صالح فقد قال عنه الإمام النسائي: ثقة كما في تهذيب التهذيب ، إلا أن صالح بن دينار لم يرو عنه إلا ابنه داود ولأنه قد وثقه معتبر فحديثه حسن , وقد حسَّن هذا الحديث شيخنا الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند1/280. ([2]) سورة الحجرات آية (6) ([3]) إشارة إلى حديث عبد الله بن هشام أنه كان مع النبي r وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي r لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك؟ فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي فقال النبي r الآن يا عمر) أخرجه البخاري 6632 / كتاب : الأيمان والنذور , باب : كيف كانت يمين النبي r ([4]) وبهذا تمت مادة هذه الرسالة والتعليق عليها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . كتبه أبو رواحة عبد الله بن عيسى بن أبكر اليماني بحي الصفا – جدة - المملكة العربية السعودية – حرر في 10/محرم/1426هـ |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 02:23 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي