|
كاتب الموضوع | أبو عبد الرحمن محمد العكرمي | مشاركات | 11 | المشاهدات | 10953 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتحقيقا لطلب أخينا الفاضل العكرمي واستعجاله لي في إنزال تتمة النقل الذي تم إملاؤه منذ مدة ؛ وقد وعدت بإنزال التتمة ؛ والتي فيها بيان أن كلام المولدين ليس حجة في النحو ...... وذلك تحقيقا لما ينفي ما فهمه عني أخي الحبيب العكرمي الضرغام - زاده من فضله - : وهاهي : ( تتمة الكلام حول مراتب الاستشهاد النحوية ) (( المرتبة الثالثة: الأشعار و أما المرتبة الثالثة من مراتب الاستشهاد فتمثلت في الشعر العربي و كذلك النثر العربي، هذا الأخير لا يذكر غالبا عند ذكر شواهد النحو لغلبة الشعر عليه في روايات العرب و حفظها لكلامها، و ذلك ليسر حفظه و عُلوقه في الدهن دون تكلف أو مجاهدة، و إن كان النثر لا يستهان بالكم الذي وصلَنا منه من أشعار الجاهليين و من بعده ممن يستشهد بكلامهم كخطب قس بن ساعدة و صحابة رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم الكبار كأبي بكر وعمر عثمان و علي رضي الله عنهم و الحسن البصري و غيرهم من بلغاء العرب، و لكن إذا ما قايسنا ما وصلَنا من نثر مع ما وصلَنا من شعر، كان كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود، و بعرض الشعر على النثر يُعلم ناذر الكلام و مشهوره و ما وافق القياس و المسموع من كلام العرب وما خالفه لضرورة الشعر و لوازمه، و ذلك أن الشعر يجوز فيه ما لا يجوز في النثر و هو من كلام العرب المنقول إلينا، فبذلك يجوز لنا ما جاز لهم في شعرهم و ما جاز لهم في نثرهم. و لنتحدث الآن عن المرتبة الثالثة من مراتب الاستشهاد و هو كلام العرب من غير كلام المعصوم، و نركز على ذكر أقسام الشعر و النثر داخل فيها ضمنا لِما أسلفنا من مسألة التغليب. و أول أقسام الشعر: الشعر الجاهلي، و هو حجة باتفاق أهل الفن و لا التفات لمن طعن في عمومه لأنه معصوم باجتماعه و لا ننفي اللحن عن بعض أفراده و الذي قد يكون وجه في لغة العرب و بطونها، و هذا الذي نجد العلماء قد بحثوه و وجهوه و لله الحمد و المنة، فلم يتركوا شاردة و لا واردة إلا أوضحوها، فقطعوا السبيل على المشوشين المتهوكين المتتبعين لشواذ العبارات و التراكيب و ما نذر من الألفاظ و الأساليب و بنوْ في زعمهم بناء حكم عام يشمل جميع مناحي كلام العرب دون استقراء صحيح أو تتبع واضح صريح. و قد انقسم الناس في شأن الشعر الجاهلي و سلامته من اللحن أصنافا ثلاثة: - الصنف الأول: و هم أهل السنة و الجماعة (السلفيون)، ومذهبهم في الشعر الجاهلي هو ما أسلفنا ذكره. - الصنف الثاني: و يمثله المعتزلة (الضلال) و كل من أخذ بقولهم من غفلة المسلمين و مردة الشياطين من المستشرقين و أذنابهم، فادعوْ أن البلاغة في كلام العرب خاضرة و لا فرق بين الجاهلي منها و غيره، و أن القرآن لم يستمد قوته و بلاغته إلا لمّا صرف الله وجوه العرب و ألسنتهم عن محاكاة نظْمه و أساليبه حين كان ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم، فبذلك فبانقطاع زمن الوحي بوفاة الرسول و عصر التحدي قد يوجد من يحاكي في نظْمه و أسلوبه القرآن الكريم لغياب السبب المانع من حصول ذلك أفوله مع تحقيق المراد. و هذا الكلام، النظر اليسير فيه يبين بطلانه، كيف و قد قال الله تعالى: { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } [سورة النساء: الآية 82]. - الصنف الثالث: و هم الأشاعرة و من سار على ركبهم ممن اغتر ببهرجتهم(1) من بني الإسلام و من تبوأ مقعدها و تولوْ كِبرها من المستشرقين المحرفين و أذنابهم المخرفين من بني جلدتنا ممن يزعمون أنهم ينافحون عن الإسلام و هم معاول هدم لا بناء، استنفرهم شيطان الغرب من أعداء الإسلام لحرب الإسلام و أهله و الكيد لهم في لغة دينهم و كتابهم و سنة نبيهم صلى الله عليه و على آله و سلم، ومذهبهم (زعموا) جاء ردا على مسألة الصِرْفَة عند المعتزلة و كانت زلة الفاضل الباقِلاّني في تقويضه لادعاءات القاضي و أصحابه من أساطين المعتزلة حول مسألة الصِرْفَة، فعقد فصلا فكك فيه قصيدة من أبلغ قصائد العرب، هي قصيدة امرؤ القيس، إحدى المعلقات السبع الشهيرات و التي مطلعها (قفا نبكي لذكرى حبيب و موئل)، فبين بزعمه عوَّارها و أوقف على أوهام الشاعر في معانيه و الركاكة في بناء ألفاظه و سجامة(2) الترابط بين عباراته و أساليبه، ثم جعل ذلك منطلقا للطعن في كل كلام العرب و أن الضعف ملازم له فوقع بذلك في شبيه ما حصل مع المعتزلة و ذلك أن كلامه فتح مدخلا للطعن في عصمة كلام العرب بمجموعه، فيكون في رتبة لا تخوِّله أن يرتقي إلى مصّاف التحدي. ----------------------------------------------------------- (1): قيل: البهرجة أن تعدل بالشيء عن الجادة القاصدة إلى غيرها. ---------------------------------------------------------------------------------- --------------------------------------------------------------------------------- و كما هو معلوم أن الضعيف لا عبرة بعجزه عن مجابهة من هو أقوى منه، و معنى ذلك أن الأقوى ليست له مَزية على من هو أضعف منه إلا كعرض ضعيف على أضعف، فكان هذا الكلام مدخلا لشر وبيل و هو أن القرآن ليس له قوة مستمدة من داخله، بل هي قوة مستمدة من الخارج و التي يعبر عنها بالقوة النسبية و التي تخالف الكمال المطلق و القوة المطلقة، و هذا الذي ترده أصول الإسلام و نصوص الوحيين المحكمة كقوله تعالى: { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت:42]. و بهذا تبين لنا و تجلى بوضوح أصل عظيم وهو أن أهل السنة لا يغترون بردود أهل الباطل على بعضهم البعض، و ذلك لقلة السلامة في أساليب الاحتجاج لديهم لاعتمادهم الغالب أو الكلي على العقل الخالص (كما يزعمون)، و الحقيقة أن اعتمادهم هو على كلام الفلاسفة الملاحدة أصول المَناطِقة الزنادقة من سفهوا أنفسهم و انتكبوا عن طريق الهدى و سبل الوحي إلى مدلهمّات(1) الشعب، اذ العقل الصريح الخالص من أدران الشك و الجهل الملازمة للشبهة و الشهوة ليس له إلا موافقة النصوص الصحيحة كما هو معلوم مشاهد. و مما سبق نعلم وسطية أهل السنة في تقرير مسائل الدين من معتقد و أحكام و أخلاق، فهم لا يعتقدون العصمة لأفراد العرب المستشهد بكلامهم بل يعتقدون العصمة لعمومهم في الجملة، فقد يهمون في صياغة بعض التراكيب في الدلالة على بعض المعاني، و من أذناب الأشاعرة في هذه المسألة: مرجليوث المستشرق النصراني و طه حسين المتهوِّك و سفلة من اغتر بفهمه و أشاد باختلاقه و تمويهه، و قد جعل عصارة نتنه و زبالة فكره في كتاب سمّاه (محاضرات في الشعر الجاهلي)، و قد صدى لتخريفه و بان عن جهله و فادح تخرسه أئمة أفداد و على رأسهم الإمام العلامة محمد الخضر حسين في كتابه العَلََم (نقضُ كتابٍ في الشعر الجاهلي). القسم الثاني: شعر المخضرمين و نثرهم، و نقول فيه ما قلنا في الشعر الجاهلي. القسم الثالث: شعر الاسلامين، و الراجح فيه الاستشهاد بغالبه مع عدم الاستشهاد ببعضه و الذي نبه العلماء على عُجمة قائله أو تلبُّسِه باللحن بسبب الاختلاط بالأعاجم و ما شاب اللسان العربي آنذاك من طنطنة(2) الفرنجة(3) الطماطم(4). -------------------------------------------------------------------------------------------------- (1): يقال ليلة مدلهمة مظلمة وفلاة مدلهمة لا أعلام فيها (2): كثرة الكلام (3): الكفار من أهل الكتاب والمشركين (4): رجلٌ طِمْطِمٌ بالكسر، أي في لسانه عُجمة لا يفصح. ومنه قول الشاعر: حَزِقٌ يمانيةٌ لأعْجَمَ طِمْطِمِ ----------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------------------------------------------- القسم الرابع: شعر المولَّدين، و الراجح الصحيح في شأنه أن غالبه ليس بحجة إلا نذر منه و الناذر لا حكم له، فالشاذ يحفظ و لا يقاس عليه، فلا يعمم و لا يؤخذ مطية للاستشهاد بغيره من شعر المولدين. و الذي نخلص إليه أن ما سبق تفصيله أغلبه يرجع إلى أمور نسبية، و لا أدل على ذلك أن نجد بعد انقراض عصر الاستشهاد أو قريبا من انقراض آخر الأقسام (قسم المولدين) أمثال الشافعي المطَّلبي الهاشمي القرشي، و الذي عُدَّ كلامه في كتبه حجة في لسان العرب و أنه مما يستشهد به في تقرير قواعد اللغة العربية بما يقرب من الاتفاق بين أهل الشأن على هذا الأمر، و مثله الإمام الطبري(1) و الذي اتفق العلماء على أن تفسيره خِلْوٌ عن اللحن في اللغة العربية، وكما هو معلوم أن الطبري متوفى في مطلع القرن الرابع الهجري، ونفس الحال مع غيرهما من بلغاء العرب. و تحديد الحقبة التي يمتد فيها شعر المولدين هو إلى أيام الناس هذه و إلى أن يشاء الله من وجود البلغاء ممن لم تفسد فطرهم محافظين على سليقتهم العربية، و إن كان تقرير القواعد قد انتهى مع مطلع القرن الرابع فيكون بذلك ما نذر من كلام البلغاء في القرن الثالث و ما بعده مما يؤنس به و تحرر به القواعد و توجه على ضوئه بعض الشواهد دون أن يرتقي إلى رتبة الاستشهاد به و جعله حاكما على غيره. و فوق كل هذا كلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه و على آله و سلم خير شاهد و أعدل حكم، و قد أسلفنا بيان هذا الأصل العظيم فليُراجع. )) ولعل هذا يكون مجليا لبعض ما عتبه علينا أخونا الفاضل العكرمي وموضحا له .......... يتبع إن شاء الله... |
#12
|
|||
|
|||
بورك فيك و رحم الله والديك أخي بلال
و الحمد لله أننا متفقان لا مختلفان |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.