|
كاتب الموضوع | أم جمانة السلفية | مشاركات | 0 | المشاهدات | 1770 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
سَلَامَةُ الصَّدْرِ واللِّسَانِ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين سَلَامَةُ الصَّدْرِ واللِّسَانِ إنَّ من سمات المؤمنين العظيمة وصفاتهم الكريمة الدالة على كمال إيمانهم وتمام دينهم ونُبل أخلاقهم : سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين ؛ فليس في قلوبهم حسد أو غل أو بُغض أو ضغينة ، وليس في ألسنتهم غيبة أو نميمة أو كذب أو وقيعة ، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام ، ولا يتلفظون بألسنتهم إلا بالكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة . هؤلاء هم الذين قال الله فيهم : {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10] . فنعتهم ربهم بخصلتين عظيمتين وخلَّتين كريمتين ؛ إحداهما تتعلق باللسان ، فليس في ألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين إلا النصح والدعاء {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}، والخصلة الثانية متعلقة بالقلب ؛ فقلوبهم سليمة تجاه إخوانهم ، ليس فيها غل أو حسد أو حقد أو ضغينة أو نحو ذلك . إن سلامة الصدر واللسان هما من أوضح الدلائل وأصدق البراهين على تمام الإيمان وكماله ، وقد كان السلف رحمهم الله يعدُّون الأفضل فيهم من كان سليم الصدر سليم اللسان . قال إياس بن معاوية بن قرة : " كان أفضلهم عندهم – أي السلف – أسلَمهم صدوراً وأقلهم غيبة " . وقال سفيان بن دينار : " قلتُ لأبي بشر : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ، قال : كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيرا ، قلت : ولم ذاك ؟ قال لسلامة صدورهم " . لقد كان السبب الأعظم لسلامة صدور هؤلاء الأخيار وألسنتهم هو قوة صلتهم بالله وشدة رضاهم عنه ، كما قال ابن القيم رحمه الله : " إنه – أي الرضا عن الله – يفتح له باب السلامة فيجعل قلبه سليماً نقياً من الغش والدغل والغل ، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم . كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا ، وكلما كان العبد أشد رضًا كان قلبه أسلم ، فالخبثُ والدغل والغش: قرين السخط ، وسلامة القلب وبرُّه ونصحه: قرين الرضا ، وكذلك الحسدُ هو من ثمرات السخط ، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا " ا.هـ . وثمرات سلامة القلب الذي هو ثمرة من ثمرات الرضا لا تُعدُّ ولا تحصى ، فسلامة الصدر راحة في الدنيا وأنس وطمأنينة ، وثوابه في الآخرة من أحسن الثواب ، وغنيمته أكبر غنيمة . لما دُخِل على أبي دجانة رضي الله عنه وهو مريض كان وجهه يتهلَّل ، فقيل له : ما لوجهك يتهلل ؟ فقال : ما من عملِ شيء أوثقُ عندي من اثنتين : كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً . ومما يعينُ المسلمَ على سلامة صدره ولسانه تجاه إخوانه : اللجوء إلى الله عز وجل وسؤاله بصدق وإخلاص ، والنظر في العواقب الحميدة والنتائج المباركة في الدنيا والآخرة المترتبة على ذلك ، وكذلك النظر في العواقب السيئة والنتائج الوخيمة التي يجنيها ويحصِّلها من كان في قلبه غل أو حقد أو حسد أو نحو ذلك . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أدعية كثيرة أُثِرت عنه سؤال الله هداية القلب وسلامته وثباته ، فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ... اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ... اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ...)) [1]. وعن أنس رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : (( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ )) [2]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ... وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : (( اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا )) [3]. إلى غير ذلك من أدعيته الشريفة - صلوات الله وسلامه عليه - . والواجب على كل مسلم أن يجاهد نفسه مجاهدة تامة في استصلاح قلبه وتزكية فؤاده وتنقيته من الإرادات السافلة والشهوات الدنيئة والغايات المنحطَّة ، ويصبر على ذلك في حياته ليلقى الله بقلب سليم . ومن الأدعية العظيمة النافعة في باب سلامة الصدر واللسان : ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ ؟ قَالَ : (( قُلْ : اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ - وفي رواية أخرى : وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ - قَالَ : قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ )) [4]. فقد تضمن هذا الحديث العظيم الاستعاذة بالله من الشر وأسبابه وغايته ؛ فإن الشر كله إمَّا أن يصدر من النفس أو من الشيطان فاستعاذ بالله منهما في قوله : ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ )) . وغاية الشر إما أن تعود على العامل نفسه أو على أخيه المسلم ، وفي هذا الحديث الاستعاذة من ذلك : ((وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ )) . فتضمن هذا الحديث الاستعاذة من مصدري الشر اللذين يصدر عنهما ، وغايتيْه التين يصل إليهما ؛ فلله ما أكمله من دعاء وما أجمل مقاصده وأروع دلالته ، وما أجمل أن يوظفه المسلم في أذكار صباحه ومسائه وعند نومه كما أرشد إلى ذلك الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه . الشيخ د.عبد الرزاق ابن عبد المحسن البدر العباد المدرس بالمسجد النبوي الشريف م ن ق و ل
الموضوع الأصلي :
سَلَامَةُ الصَّدْرِ واللِّسَانِ
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
أم جمانة السلفية
__________________
عن قتادة -رحمه الله تعالى- قال: "قد رأينا والله أقواماً يُسرعون إلى الفتن، وينزعون فيها، وأمسك أقوامٌ عن ذلك هيبة لله ومخافة منه؛ فلما انكشفت: إذا الذين أمسكوا أطيبُ نفساً، وأثلج صدوراً، وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك: حزازات على قلوبهم كلما ذكروها. وأيم الله، لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير، والله ما بعثت فتنة قط إلا في شبهة وريبة إذا شبّت". كتاب حلية الأولياء، ج: (٢). ص: (٣٣٦-٣٣٧). التعديل الأخير تم بواسطة أم جمانة السلفية ; 09-29-2012 الساعة 05:17 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.