عدد الزوار : 5413 عدد : عدد الصفحات الفرعية : 0
الـكـلـمــة الإفـتـتـاحـيـَّة

الكلمة الافتتاحية للموقع

 

الحمد لله الذي امتن على ثلة من عباده بالفصاحة والبيان ، وأعطى بعض عباده نصيباً من الثناء عليه والمدْح باللسان , ومنح بعض عباده قدراً من الدفاع عن السنة والقرآن , الحمد لله الذي نزَّه كلامه عن هذِّ الشعر فقال : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ } [الحاقة : 41]. ونزَّه نبيه صلى الله عليه وسلم عن قول الشعر فقال سبحانه : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَه } [يس : 69]

 

والصلاة والسلام على القائل : (( إنَّ مِن الشِّعرِ حِكمةً ))[1] ، والقائل : ((جَاهِدُوا المُشرِكِينَ بِأَموَالِكُم وَأَيدِيكُم وَأَلسِنَتِكُم )) [2] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

 

أما بعد :

 

فلقد نَشَأتْ موهبة الشعر عندي - هبةً من الله – منذ السنة الحادية عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية ثم نَمت هذه الموهبة وترعرعت وبدأت تؤتي أُكُلَها كل حين بإذن ربِّها , فكان لزاماً عليَّ أن أسخرها في الدفاع عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله يقول : { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } [الأنعام : 141].

 

فعندما تحوَّلتُ إلى دماج لطلب العلم على يدي شيخي العلامة محدث الجزيرة العربية مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله فكان من أوائل ما قلته هناك :

 

في أرض دماج حل القلب والجسد * * * وكم أناسٍ لنبع العلم لم يَرِدوا

والخير يا شيخ في الأصقاع قاطبةً * * * لَكِنْ بدماج زاد الخير والرشد

 

فلحظ هذا الجانب عندي فلم يألُ جهداً في تقويته والعمل على تنميته ، وذلك بسؤاله عن شاعر تارة ... أو عن حال شاعر أخرى ... أو عن قائل بيت كذا ثالثة ... مما زادني ثقة بِعِظَم هذا الجانب ، وخاصةً عندما رأيت أمر النبي صلى الله عليه وسلم بِهجاء قريش حيث قال : (( اهجُوا قُرَيشاً فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيهَا مِن رَشقٍ بِالنَّبلِ )) فَأَرسَلَ إِلَى ابنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ : ((اهجُهُم )) فَهَجَاهُم ، فَلَم يُرضِ فأَرسَلَ إِلَى كَعبِ ابنِ مَالكٍ ، ثُمَّ أَرسَلَ إِلَى حَسَّانَ بنِ ثَابتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ قَالَ حَسَّانُ : قَد آنَ لَكُم أَن تُرسِلُوا إِلَى هَذَا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ، ثُمَّ أَدلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَقَالَ :وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لأَفرِيَنَّهُم بِلِسَاني فَريَ الأَدِيمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( لا تَعجَل فَإِنَّ أَبَا بَكرٍ أَعلَمُ قُرَيشٍ بِأَنسَابِهَا ، وَإِنَّ لي فِيهِم نَسبَاً حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي )) فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله قَد لَخَّصَ لي نَسَبَكَ ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنهُم كَمَا تُسَلُّ الشَّعرَةُ مِن العَجِينِ ، قَالَت عَائِشَةُ : فَسَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ : (( إِنَّ رُوحَ القُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيَّدُكَ مَا نَافَحتَ عَن اللهِ وَرَسُولِهِ ...)) الحديث [3] .

 

وهو يقول :

خلُّوا بني الكفار عن سبيله * * * اليوم نضربكم على تنْزيله

ضرباً يزيل الهام عن مقيله * * * ويذهل الخليل عن خليله

 

فقال عمر : وفي حرم الله وتقول الشعر ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((خَلّ عَنهُ يا عُمَر فَلَهُو أَسرَع فِيهِم مِن نَضحِ النَّبل )) [4] .

 

فازددت يقيناً بأهمية الشعر في حياة الأمة , وأنه واجبٌ قد ثَقُلت به كواهل الشعراء , وأمانة قد ارتدى ثوبَها البلغاء , والله يقول : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً } [الأحزاب : 72] .

 

في حين أن أناساً قد اتكست فِطَرُهم فضيعوا تلك الأمانة , ولم يؤدوا ذلك الواجب على وجهه الصحيح , فكيف لو انتقلت إلى عصرنا المرير لرأيت طُغمة من شعراء الانحراف ، ومأجوري الأقلام ، الذين إذا سال لعاب الدنيا جرى مدادهم في المدح لمترئِّسي المواكب شرقاً وغرباً ، وفي الإشادة بكل فكر دخيل أو آراء شاذة ، وخدموا مناهجهم الفكرية الضالة ، فجعلوا الأدب مطيةً لإيصال الانحراف إلى قلوب الناس عبر تيارات الشبهات والشهوات وإن دعا داعي الإسلام والسنة فيهم لم يجر مدادهم وأخلد إلى الجمود ، فإلى الله المشتكى .

 

ولهذا فقد عملت جاهداً في تجنب تلك الاتجاهات المناهضة للأدب العربي الأصيل , مع السعي الحثيث في بيان عوار المناهج الدعوية القديمة والحديثة والتي من شأنها مناهضة المنهج الحق وتقويض أركان الشريعة , فركزتُ في شعري على دحر فلول تلك التيارات المضللة والمناهج المخالفة , ونصر منهاج السنة والدعوة السلفية الحقة ,

 

من خلال ما سطرته من قصائد في ديواني " النهر العريض في الذب عن أهل السنة بالقريض" , ولم يقف الامر عند هذا الحد حتى قام بعض الأخوة الأفاضل بفتح هذا الموقع باسم : الموقع الرسمي لشاعر السنة أبي رواحة عبد الله بن عيسى الموري

 

حرصاً منهم وفقهم الله على استمرار عجلة الدفاع عن السنة وعن أهلها وبيان سبيل المبطلين , فشكر الله لكل من ساهم في إخراج هذا الموقع بثوبه القشيب .

 

هذا وقد ينتقد عليَّ القارئ الكريم ما يراه من شدة في بعض القصائد ، ولو نظر إلى كلام السلف لكان ما يقرؤه في هذا الموقع بردا وسلاماً ، فانظر إلى ما قاله الإمام أحمد بن حنبل في حماد بن سلمة : إذا رأيت الرجل ينتقص حماداً فاتَّهمه على الإسلام ، فقيل له : لماذا ؟ قال : لأنه كان شديداً على أهل البدع [5].

 

وفي الختام أفسح لك المجال أخي القارئ لتقرأ في صفحات هذا الموقع نَصْر الحق ، وقمع الباطل ، متكئاً على الرؤية السلفية الصحيحة .

 

فإذا رأيت به خطأً أو مخالفة للصواب ، فاعلم أنه من نفسي والشيطان ، والله بريء منه ورسولُه ، وكما قلت في نونيتي المورية الكبرى :

فـإذا وقعتُ بزلـة أو هفوةٍ * * * فمردُّهـا للنفس والشيطـان

أرجوا بذا الديوان نصرة ديننا * * * وكذاك نصر الحق والإيمـان

 

وعليك أن تغض الطرف عن ذلك مع مناصحتي مشافهة أو مكاتبة , وإني عائد عنه بإذن الله ، وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى ، والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل .

 

وكتبه أخوكم الشاعر :

أبو رواحة عبد الله بن عيسى الموري

وفقه الله

صاحب ديوان النهر العريض

والمشرف العام

على منتديات الشعر السلفي

بتاريخ الأحد 8/رمضان/1432 هـ



 

[1] أخرجه البخاري كتاب الأدب رقم (6145) من حديث أبي بن كعب .

[2] أخرجه النسائي برقم (3096) ، وأبو داود برقم (2501) إلا أنه قال : وأنفسكم ، بدل : وأيديكم ، من حديث أنس كما في "صحيح الجامع " رقم (3090) .

[3] أخرجه مسلم كتاب فضائل الصحابة رقم (2345) .

[4] أخرجه النسائي في الحج رقم (2873) ، والترمذي في الأدب برقم (2847) وهو في ’’الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ‘‘ لشيخنا أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي (ج1ص81) .


[5] كما في السير 7/452.

 

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

تسجيل الدخول للموقع
البحث في الموقع
البحث في
خدمات الموقع