ما كنتُ أدري بأن الشعرَ قافلةٌ * * * يَمضـي بصاحبه كـي يجتني العنبا
ما كنتُ أدري بأن الشعر أغنيةٌ * * * للحْنها تجعـلُ الإنسانَ منْجذِبا
حتى سمعتُ أبا راكان يُنْشِـدُني * * * وكـم بإنشاده قـد زادني طرَبا
فكان إلقاؤه الأخَّاذ يُدْهشِني * * * مستملكاً كلَّ حِـسٍّ ناءَ أو قَـرُبا
سمعتُ ألفاظَه كالـدُّرِّ متَّصِلاً * * * كأن فـي سَبْكها قـد أصبحتْ ذهَبا
سمعتُه ينثـرُ الأشعارَ مبتسِماً * * * نثْـرَ الجمُان علـى خرِّيدة سُكِبا
سمعتُه يذكـرُ الأجـدادَ مفتخِراً * * * أبا ذؤيب ومَـنْ مِـنْ حـوضه شَرِبا
ويذكُر العـزَّ والأمجاد فـي زمَن * * * مضـتْ عليها قـرونٌ لم تـزَلْ شُهُبا
أبا ذؤيب ألا فاهنـأ فمـا فتِئتْ * * * بنـو هـذيلٍ تغطِّي السهلَ والحدَبا
فإنَّ مِن نَسْلِكَ الغُـرِّ الأُلى سلَكوا * * * هنـا خُطاك أبا راكـانَ والأُدَبا
ساروا على دربك المشهودِ تدفعُهم * * * أصالةُ الحـرْف سَـيراً يُتْحفُ العَرَبا
فهل سمعتَ قصيدَ "النأْي"من كثَب؟ * * * وهـل سمعتَ قصيـداً يبْعـث الطَّربا؟
محرِّكاً كل إحساسٍ وذاكـرةٍ * * * وكاشفاً عـن معالي مجْـده الحُجُبا
لو كان وسْط عكاظٍ قام مجْلسه * * * لأسمعَ الجـذْعَ والجلمودَ والنَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّقَبـا
بني هـذيلٍ خذوا مني مغلْغلةً * * * تفيضُ شِعراً فنبْعُ الشِّعْر ما نَضبَا
ثم الصلاة على المختار من مضَـرٍ * * * مَن ذِكْرُه سوف يُتلى في الورى حِقَبَا