بسم الله الرحمن الرحيم
المعارضة العلمية الظريفة
لقصيدة الأعرابي (تزوجت...أربعاً) الطريفة
وقد تقمصتُ فيها ثيابَ العزوبة , وقاسيتُ منها ما يقاسيه الأعزب , فلم أجد فيها راحة , بل لقيتُ في ظل ذلك العيش أنواعَ المعاناة مع مخالفة ما أباحه الله من الإرشاد بالتحصن بالزواج , ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج , فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ..)
فكانت هذه القصيدة :
تجرَّعـتُ همِّي أعــزباً أتلجلجُ * * * أقـول لعلي بالعــزوبة
[2] أبهجُ
فآليتُ لا انفكُّ راضٍ بوحـدتي * * * قنوعــاً بحالي ذا فلا أتـزوَّجُ
فإنْ قابلـوني بالـزواج قليتُهم * * * وقلتُ : دعـوني هكذا ليَ اخـرجُ
فإنَّ له مستلـزمـاتٍ كثـيرةً * * * ينـوءُ بها حِمْلي وفيها التحـرُّجُ
وفي عشرة النسوان همٌّ مضاعَفٌ * * * وفي كيدهم ما لا يُطيـق المـزوَّجُ
فعشتُ وحيداً لا يؤانس وحدتي * * * نـديمٌ ولا يطـوي همومي مفلَّـجُ[3]
فإنْ شئتُ غسلاً للثياب وجدتني * * * أغسِّلها بالكفِّ والظهـر أعـوجُ
وإنْ جُعتُ يوماً لم أجد من يمدُّني * * * بأكْل ولم يطبخْ طعـامي مغنَّـجُ
وإنْ رمتُ عوناً في العلوم فلا أرى * * * خليـلاً يوافيني وبالعلـم يلهـجُ
وإن أنا في يوم أصبتُ بوعكـة * * * فمن ذا يواسيـني وللصـدر يثْلج
فأبصرت أنـي في الحيـاة مضيَّعٌ * * * ولم يكُ في عيش العـزوبة
وخالفتُ شرع الله فيما أباحـه * * * وصدَّقْتُ ما قال الغـويُّ المهـرِّجُ
وذلك أني لم أجد فيـه راحـة * * * وما أحد في وطْـأة العشـق يبهج
ففي عيشة العزاب صبوةُ عاجـز * * * وتكدير صفوٍ كم به كنتُ أحْرَجُ
فأقبلتُ أحيي سنة الشرع جهرةً * * * وفي مسلك التزواج أعلو وأعـرُجُ
تزوجتُ من أولى فكانت سعادتي * * * وولَّتْ همومي والذي كان يزعـج
فثنَّيتُ بالأخرى فصـرتُ مملَّكا * * * على منزلَي عدْلٍ بمـا كنتُ أنهجُ
فثلَّثتُ بالأخرى فزادت قِوامـتي * * * وزاد اتسـاعُ الملْك والعيش أبهجُ
فربَّعتُ والتـربيع عيشـة راتـعٍ * * * بأنعـم عُـشٍّ للعُـلى يتـدرَّجُ
فواحـدة كم تتقـي اللهَ ربَّهـا * * * قـد اتصفتْ بالذِّكْـر لله تلهـج
وثانيـة جـاءت تجدِّد ما مضى * * * بحُسْـنَ تبعُّلهـا وفيهـا تغنُّـج
وثالثـة تهـوى العلـوم ونشْرَها * * * وتبقـى بعقْـر الـدار لا تتبرَّجُ
ورابعة أعطتْ كـريم خصـالهـا * * * تؤانسني حقـاً وللصَّـدر تُثلِـجُ
فهـنَّ حـلالٌ كلُّهـنَّ أطـايبٌ * * * بهنَّ يطيبُ العيشُ والقلـب ُيبهجُ
رزقتُ من الأبنـاء منهن جُملـة * * * فكانوا عمـاداً لي بهم حين ألـهجُ
فساهمتُ في تكثـير أمَّـة أحمـد ٍ* * * وإنَّ التبـاهي بالذي نحـن ننتـجُ
وصاهرتُ أنساباً كرامـاً وجدتُهم * * * فعُظِّـمَ جـاهي في الألى حين أَخرُج
وقلَّلتُ فـي عَقْـدي بأربع نسـوةٍ * * * من الشـر إذ أنَّ العنـوسة بهرَجُ
فتلك دروب الشرْع تبدو جليـةً * * * وتسفـرُ شمسُ الحـقِّ والصبْحُ أبلجُ
ثلاثـون بيتـاً بالذي قد بدأتـها * * * سأختمها مـا فـي العزوبـة مخرَجُ
كان الفراغ منها في مساء يوم الخميس
الموافق 24/1/1432هـ
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبد الله بن عيسى الموري
وفقه الله
بحي الفيصلية – جدة
الحواشي
فقد جاء في بهجة المجالسلابن عبدالبر :
أن أعرابيا دخل على الحجاج فسمعه يقول: لا تكمل النعمة على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربعنسوة، فلم توافقه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاء رعناء، والثانية متبرجة، والثالثة فارك أو قال فروك، والرابعة مذكرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاما أردت أن تتم لي به قرة عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوة، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعرا، فاسمع مني، قال: قل. فقال:
تزوجت أبغي قـرة العين أربعـا * * * فياليت أنـى لم أكن أتــزوجُ
ويـاليتنى أعمى أصم ولم أكـن * * * تزوجت بل ياليت أنى مـخـدَّجُ
فواحـدة ما تعـرف الله ربـها * * * ولا ما التقى تدري ولا ماالتحرجُ
وثانيـة مـا إن تقـرببيتهـا * * * مـذكـرة مـشهـورةتـتـبرجُ
وثالثة حمقاء رعنـا سخيفـة * * * فكل الذي تأتي من الأمــر أعـوجُ
ورابعـة مفـروكة ذات شـرة * * * فليست بها نفسي مدى الدهر تبهجُ
فهن طـلاق كلـهن بوائـن* * * ثلاثا ثلاثا فاشهـدوا لا تلجلجـُوا