الحقائق السلفية في ضرْب ثُكَن السرورية
[1]
سلامٌ على المبعوث بالخير والسَّـعدِ * * * محمدٍ الهادي إلـي سبُل الرُّشْـدِ
كذا الآلِ والأصحابِ في كل منْزلٍ * * * فقد أظهروا التـوحيد للصَّمَد الفرْد
ومن سار يحـذو حذوهم مسترشدًا * * * بنهج رسول الله فـي القصْد والعمْد
رأيتُك يا شعـري تطوف مسـافرًا * * * فحـينًا (بدماج) وحينًا إلـى نجـدِ
وحينًا إلـى أرض (الحُديدة) قاصدًا * * * ومسجدَ شمسـانٍ أتيتَ على عمْـدِ
كذا قصةٌ شوهاءُ فـي أرض (باجلٍ) * * * ومسْرحُها في السَّبْك قد صار كالعقد
كذلك فـي (بيت الفقيه) حكـايةٌ * * * ستُذكَرُ في الأيام تَظْـهَر من بعدي
وحيناً إلى (أبْها) مـضيتَ مسافرًا * * * وعدتَ إلى (إبٍّ) لتُخرِج ما عـندي
وحينَا إلـى أرض (القصيم) تَهيَّأَتْ * * * مراكبُك الأسْمى كذا السِّند والهنْـدِ
إلى (مكةٍ) سافرتَ حـجًا وعمرةً * * * وتلك (تعزٌ) رحَّبتْ في ذُرا المجـد
إلى (عدنٍ) سافرتَ من بعد جُـدةٍ * * * وفي أرض (صنعاءٍ)وقفتَ على قصد
رأيتك يا شعري ووجهُك شاحبٌ * * * وقد ذبَل الجفنان من شدة الجهـد
سألتُك والأحزانُ في القلب مرتعٌ * * * وفي الناس ألوانٌ من الهجْر والصَّـدِّ
ألم تكتحل عيناك بالسـنة الـتي * * * مضتْ في دروب الحق منشورةَ الخد؟
فأقبلَ نحـوي مُـبديًا كلَّ ما رأى * * * وفـي قوله صِدقٌ تـكلَّلَ بالجِـدِّ
لقد عُدتُ مـن بعد المسير كُلِّها * * * وإني كسيـفُ البال منكسِرُ الزنْد
أيا صاحبيْ إنـي رأيـت مناهجًا * * * تخالف شـرْع الله تظهـر بالـودِّ
وقد مُلئِتْ حقداً على كل من مضى * * * يناصر دين الله فـي القرْب والبعْدِ
رأيت أناسًا يمنـحون نصيرهـم * * * بذا الدرب أمـوالاً تفوق عن العَدِّ
رأيت أناسًا يزعـمون بأنَّهـم * * * يريدون هدْي المصطفى في رُبا نجدِ
وقد لمزوا الشـيخَ ا لمجـدِّدَ عُنوةً * * * فليس له عـلمٌ بواقـع من يُرْدي[2]
عنيتُ به من حلَّ فـي نجدَ داعيًا * * * إلى نبذِ إشراكٍ بصاحب ذا اللَّحْدِ
فلو نشرَ التوحيدَ في الأرض حِقبةً * * * فليـس له وزنٌ[3] وإنْ قام بالجهْدِ
وفـي عصرنا طعنوا بأشأمِ خنجرِ * * * مشايخ مـا زالوا على سالف العهدِ[4]
فذاك ابنُ باز لم يع الـواقعَ الذي * * * أرادوا , فما فـي قوله ما غدا يُجدي
وذاك ربيعٌ قد غدا صاحبَ الهوى * * * على علمه إنه مـن مُخْـبِري الجنْد[5]
وذا مـقبلٌ أمـسى يناصـر ديننا * * * وليـس له إلا الحـميةُ فـي القصدِ
وذاك وصـابيٌّ تَغَّـيرَ بعـدمـا * * * أصيبَ بحمَّى يَثْـرِبٍ فـغدا يُعْدي
وصار الإمام اليـوم يُشْـبِهُ مقبلاً * * * بأفكـاره أضـحى يجابه فـي الردِّ
فقلت : أيا شعري تـوقَّف فإننـي * * * لفي عجَب مما ذكَـرتَ وما تُبدي
فمن هؤلاء الـقوم تذكرُ طعنَهم * * * بسيفٍ وما زال فـي داخل الغِمد؟
كأنَّهـمُ لم يعـرفوا قـطُّ منهـجاً * * * فما فـرَّقوا بين الضـلالة والرُّشْدِ
فقلت : أيا شعـري أجبْني فإنني * * * لفي دهشةٍ والهـمُّ يعصِفُ بالكَبْدِ
فأقبل نحـوي وجهُـه مـتغـيِّرٌ * * * وعيناه من عمْـق المصيبة كالوَقْد
وقال : أيا مـوريُّ فاسمـع فإنَّهم * * * أناسٌ لهم شـؤمٌ تردَّد في القصد
فمعتقدٌ قد صار في الزعْم صافياً * * * بمنهج إخـوانٍ فـفاق عـن الورد
مواجهة عـصْرية[6] قد مـضتْ به * * * فقد جمعوا بيـن النقـائض والضدِّ
فـذلكـم البـنَّا تـراه مجـدِّداً * * * على زعْمهم باقٍ على سالف العهدِ
وما عَلِموا أن المجـدِّد قـد غدا * * * مفوِّضَ وصْـفٍ للإله عـلى عَمْد[7]
وقد صار صـوفياً يزور قبورهم[8] * * * يخاطبُهم حتـى يعينـوا عـلى الجد
وقد زعموا أيضـاً بأنَّ ربوعـنا * * * ستحيا إذا مـاجا محـمد المهـدي
هو الشاعر المِعْـطاءُ وعْياً ونُصْرةً * * * ترى شعْرَه أمسـى ألذَّ مـن الشَّهد
وما علموا أن الغصونَ تكسَّرتْ * * * بمقْـدمه إذ صـار يخفِـق بالضِّـدِّ
وقد صيَّر الأبياتَ سيـلاً عرمْرماً * * * ليصْعق أهل العـلم إذ صار كالرَّعد
فمات بذاك السـيل موتاً معجَّلاً * * * وحاق به المكرُ الشـديدُ عـلى بُعد
فقلتُ : أيا شعري ذكرت صفاتهم * * * فمن أين قد جاؤا بذا الصارم الهندي ؟
أمِن لنـدنٍ جاؤا؟ فأقبـلَ باسمـاً * * * وقال: نعم , هـذا يـرجِّحُ ما عندي
سروريةٌ حـقاً تـطـاول زيفُـها * * * فجاءت لتغشى الأرضَ في القرْب والبعْد
بِهم نزعةٌ شاعتْ وطار شرارها * * * خروجٌ على الحكا م صار على قصد
فقد نَهجوا نَهـج البغـاة لأنهـم * * * أطلُّوا بسـيفٍ مُصْلتٍ قاطعِ الحدِّ
تقودهمُ تلك الحماسةُ فـي الألى * * * وقد تركوا قـولَ المشـايخ للمُرْد[9]
وعـاقبة الخـسْران أن مـشايخاً * * * يُزَجُّون في سجن فضاعَ أولوا الجدِّ
وكُممِّت الأفواهُ من بعد أن مضتْ * * * تناصحُ كلَّ الناس بالخـير والرُّشْدِ
لهم كتُـبٌ تبدو بـكل جـزيرةٍ * * * كذا صحُفٌ في الفكْر كانت على ودِّ
مجلة فـرْقان كـذاك وسـنة * * * ومن قبْل تلك الـمنتدى شرُّها مُردي
ومن لندنٍ جاء الـبيان[10]صراحـةً * * * بأنَّ لهم نَـهجًـا سيـَرفع بالعبـد
ألستَ تراهم كلَّ ما جئتَ معهداً * * * وقد أظهروا طعناً وهم من بني جِلدي؟
فقلت: بلـى والله إنـي أراهمُ * * * أما لك من حلٍّ فـتـُدْلي به عنـدي؟
فقال : دعِ الأيام يظْـهرُ أمرُهم[11] * * * ويأتيك بالأخبـار من ليـس ذا جند
فقلت: أيا شـعري وداعاً فإنـني * * * لأشكـرُ منك النصحَ إذ كنتَ ذا ودِّ
وصلِّ إلهـي كلَّمـا طار طائـرٌ * * * على أحمدَ المختار ذي الحق والرشـدِ
كتبت في دماج – صعدة
في يوم الثلاثاء ربيع الأول الموافق 29/3/1417هـ
بقلم الشاعر
أبي رواحة عبد الله بن عيسى بن أبكر الموري
وفقه الله
[1] الثاء والكاف والنون كلمة واحدة تدل على مجتمع الشيء ، والثكنة : السِّرب والجماعة والجمع ثُكَن
قال الأعشى : يسافع ورقاءَ جونيةً *** ليدر كَها في حَمامٍ ثُكَنْ
معحم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس ص (185)
[2] قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي :فإذا كان بعض أهل التحزب يدَّعي أنه يعرف فقه الواقع وما يدبَّر للمسلمين فلماذا تلوم السلفيين وتصفهم بالغفلة عن واقع الأمة ، وقد سقط عنهم هذا الواجب بقيام غيرهم به ؟ انظر ’’ مدارك النظر في السياسة ,,
[3] أي عند هؤلاء الطاعنين
[4] قال صاحب ’’ الطريق إلى الجماعة الأم ,, ص (8) : ووصفونا بأوصاف شتى منها : الجهل بالواقع ، ومنها أن دعوتنا كلام بلا عمل ، ومنها أصحاب فقه الأوراق ، ومنها حفظة الحواشي والمتون ، بل وصلوا إلى رمينا بعمالة السلاطين بل سموا منهجنا وأفكارنا
وعقيدتنا : (فلسفة باهتة) اهـ
وقال صاحب ’’ مدارك النظر في السياسة ,, ص (82) : ولا يخفى على من جرَّب الجماعات المعاصرة ما في منهج الإخوان من ازدراء بأهل العلم ، وإلا فخبِّروني من أول من نبزهم بعلماء الحيض والنفاس ، وبعلماء القشور ، وبعلماء البلاط وبالذين يعيشون القرون ، الوسطى ، وبعلماء الكتب الصفراء ، وبعلماء البدو ؟
[5] إن من أعظم افتراء المتحزبة على الله أن يُتهم أهل السنة بأنَّهم مخابرات للحكومات ، أو أنَّهم يطلبون الدنيا عند أبواب السلاطين ,
والحق الذي لا مرية فيه أن المتحزبة هم المتملقون عند أبواب السلاطين , فإن أعطوا من دنياهم رضوا ، وإن لم يُعطَوا إذا هم يسخطون،
وكما قال الشيخ علي بن حسن الأثري في أحد أشرطته : من لم يُقنَعه الدليل فليقنعه الواقع الحزبي الذليل اهـ .
[6] قال عبد العزيز الجليل في كتابه ’’ وقفات تربوية ,, ص (116) : أي أننا نريد منهجًا دعويًا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة 0
[7] قال البنا في رسالته ’’العقائد,, ص (74): وإن البحث في مثل الشأن مهما طال فيه القول لا يؤدي في النهاية إلا إلى نتيجة واحدة هي التفويض لله تبارك وتعالى 0 وانظر ما كتبه أحمد الشحي في رسالته القيمة ’’حوار هادئ مع إخواني ,, في كلامه على ما اتَّهم به حسنُ البنا السلفَ من التفويض .
[8] قال البنا في مذكراته ص (33) : وكنا أحيانًا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيخ سيد سنجر من خواض رجال الطريقة الصوفية اهـ وقال أيضًا ص (27) : نزلت دمنهور مشبعًا بالفكرة الحصافية ، ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول اهـ .
[9] أردت بذلك بعض الدعاة مثل : سفر بن عبدالرحمن الحوالي وسلمان بن فهد العودة ومن جرى مجراهما من الذين خالفوا طريقة كبار العلماء كالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وشيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله فـنَـدُّوا بآرائهم مما نجم عن ذلك اتصداعُ الدعوة وضرْبُها في مهدها ، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) رواه البخاري برقم (100). ومسلم (8/60).
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ومن أكابرهم , فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا. ’’أضواء البيان‘‘ (ج1 ص67). وقال الشعبي رحمه الله: ما جاءك من أصحاب محمدr فخذه ودع عنك ما يقول هؤلاء الصعافقة, قيل ما الصعافقة ؟ قال : الذين يدخلون السوق بلا رأس مال, أراد الذين لا علم لهم. ’’شرح السنة‘‘ للبغوي (ج1 ص308). وانظر ’’مدارك النظر في السياسة‘‘ص(115). وروى الطبراني عن أبي أمية الجمحي مرفوعاً: ((من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)). ’’الصحيحة‘‘ رقم (665) قال الشاعر:
إن الأمور إذا الأحداث دبَّرها *** دون الشيوخ ترى في سيرها الخللا
وانظر كتاب ’’التعالم‘‘ للشيخ بكر بن عبدالله أبي زيد ص(23-24).
[10] فيه إشارة إلى مجلة البيان مع إرادة المعنى.
[11] قلت: قال سفيان بن عيينة: إذا هم الرجل وهو في الليل أن يكذب على رسول الله r فلا يأتي الفجر إلا وقد عرف الناس على وجهه أنه كذاب, أو كما قال رحمه الله .
الحقائق السلفية في ضرب ثكن السرورية
بصوت الشاعر أبي رواحة الموري
http://www.salafi-poetry.com/vb/showthread.php?t=41
|